كتاب الحل الإسلامي والبديل
الفصل الثاني
أ. خالد سيف الدين
بدأ الشقاقي الفصل الثاني من كتاب "الخميني.. الحل الإسلامي والبديل"، بالحديث عن الكاشاني ـ أستاذ ومعلم الخميني ـ، لما للأول من تأثير كبير وفعّال على الثاني في فكره وثورته. أي وكأن الشقاقي يريد أن يقول، أن الخميني لم يخرج من رحم أمه لينادي بالثورة ضد نظام حكم "الشاه" الطاغية، ولم يأت الخميني فجأة لينادي بالتخلص من نظام حكم الشاه، إنما كانت هناك مقدمات، وعوامل ساعدت وساهمت في تشكيل نضج ووعي الخميني ودفعته ليعلن الثورة ويقود الجماهير الشيعية ـ الإيرانية للتخلص من الظلم والقهر الذي كانوا يعانوا منه. وممن كان لهم الفضل على الخميني وتأثر به للسعي نحو الثورة هو (الكاشاني).
وقد تحدث الشقاقي في السطور الأولى عن جهد ودور الكاشاني في التصدي لجبروت وظلم طاغية إيران هذا من جهة، ومن جهة ثانية دور الكاشاني وجهده في التقريب بين الفرق الإسلامية (سنة وشيعة). أي أن جهد الكاشاني لم يكن جهدا محليا محصورا في إيران، ولم يكن جهدا مذهبيا محصور في المذهب الشيعي.
ويستشهد الشقاقي بقول أحد كتّاب الغرب (الكاتب الأمريكي روبير جاكسون) عن جهود الكاشاني في التقريب بين المذاهب الإسلامية. إذ يقول: "لو طال عمر هذا الرجل [يقصد حسن البنا] لكان يمكن أن يتحقق الكثير لهذه البلاد، خاصة لو اتفق حسن البنا وآية الله الكاشاني الزعيم الإيراني على أن يزيلا الخلاف بين الشيعة والسنة، ولقد التقى الرجلان في الحجاز 1948، ويبدو أنهما تفاهما ووصلا إلى نقطة رئيسية لولا عوجل حسن البنا بالاغتيال".
وحول هذه النقطة يمكن الإضافة، بأن الرجلين (البنا والكاشاني) كان لهما جهد كبير في التقريب بين المذاهب الإسلامية (سنة وشيعة)، وكان ثمرة هذه الجهود، أن اتفقا على وضع ميثاق شرف للتقريب بين المذهبين الإسلاميين الكبيرين، يتم التوقيع عليه في موسم الحج في الحرم المكي، حسن البنا عن المذهب السني، والكاشاني عن المذهب الشيعي. إلا أن يد زبانية فاروق طالت البنا وقتل قبل أن يخرج هذا الاتفاق إلى النور، ولم يكن في جماعة الإخوان المسلمين من يملك نفس بصيرة وسعة ثقافة وإطلاع وبعد نظر البنا ليكمل المشوار ويسلك نفس الدرب.
ويرد أحد أبناء الإخوان المقربين من البنا، ردا على تعليق جاكسون بقوله: "فما باله لو أدرك عن قرب دوره [البنا] في هذا المجال (التقريب).. مما لا يتسع لذكره مقام!!".
أي أن ما ذكره جاكسون ما هو إلا قشور فيما يتعلق بجهد البنا في السير نحو التقريب بين المذاهب.
وفي هذا رد على بعض الإخوان المنغلقين فكريا، والذين لم يدركوا التغيرات من حولهم، ويناصبوا العداء لكل من هم خارج دائرة ومدرسة الإخوان.
بعد ذلك ينتقل الشقاقي للحديث عن الخميني كمفكر ومناضل، وبيّن أن الشيعة يتبعون لتيارين كبيرين:
*الأول/ هو تيار ديني متحرك ـ مرن، يستطيع التكيف مع المتغيرات الاجتماعية، باعتبار أن الإسلام لديه القدرة على معالجة كل مشكلات العالم المعاصر، وذلك من خلال إقامة الحكم الإسلامي. وهذا الاتجاه يمثله الخميني، الذي يتبعه أغلبية شيعة: (إيران، الهند، باكستان، أفغانستان).
*الثاني/ تيار ديني محافظ، يريد الابتعاد عن المعارك السياسية، واقتصر دوره في الحوزات العلمية ودور العباد، وانتظار عودة الإمام الغائب!!. ويمثل هذا الاتجاه المرجع الشيعي العراقي أبو القاسم الخوئي.
والدكتور الشقاقي أعطى أهمية كبيرة للاتجاه الأول عن الاتجاه الثاني، لأن محور الحديث عن الخميني كون أنه يمثل التيار الإسلامي المتجدد "في الفكر الشيعي"، وعرض الشقاقي صور التجديد الفكري والاجتهاد الديني عند الخميني، باعتباره نموذجا للعلماء المجددين، الذين يفهمون الإسلام بصورة شمولية ـ كاملة، وليس بصورة مجتزئة ـ مبتورة. أي الذين يطبقون الإسلام في نظام الأسرة (الزواج والطلاق والنفقة)، والعلاقات الاجتماعية. ويبتعدون عن تطبيق الإسلام في نظم السياسة والاقتصاد والتعليم.
وقد هاجم الخميني العلماء الذين اقتصر دورهم على قضايا (الحيض والنفاس)، ولم يكن لهم أي جهد أو دور ملموس في القضايا الفكرية والسياسية والاجتماعية التي تحصل من حولهم في المجتمع. بل اعتبرهم أعداء المجتمع لأنهم يوجهون أكبر لطمة للإسلام.
ودعا إلى تخليص وتنقية المراكز والمؤسسات الدينية من شيوخ ووعاظ السلاطين ـ كما وصفهم ـ، حيث قال: "هؤلاء ليسوا بفقهاء.. وقسم منهم قد ألبستهم دوائر الأمن والاستخبارات العمائم كي يدعوا الله للسلطان ويستنزلوا عليه بركاته ورحماته".
وطالب الخميني بضرورة فضح هؤلاء العلماء لأنهم خطر على الإسلام، ويوجهوا ضربات داخلية قوية للإسلام، وأنهم قصروا عن نصرة قضايا المسلمين. وطالب وعاظ المساجد والأئمة والخطباء أن يقوموا بدورهم في توعية وتثقيف الجماهير.
الفصل الأول من الكتاب .. الحركة الإسلامية والتحدي
http://www.alaqsagate.net/vb/showthread.php?t=47778
تعليق