كلمة في تأبين شهداء حزب الله
التاريخ: 1415-6-26 هـ الموافق: 1995-00-00م الساعة: 00:00:00
التاريخ: 1415-6-26 هـ الموافق: 1995-00-00م الساعة: 00:00:00
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه
السادة العلماء الإخوة المجاهدون
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه
السادة العلماء الإخوة المجاهدون
نلتقي اليوم لنؤبن كوكبة عظيمة من الشهداء الذين نزفت دماؤهم وقتلوا في سبيل الله دفاعا عن العقيدة والأمة والوطن.
الشهادة هي المعادل الموضوعي للحياة،ونحن أمة لا تاريخ لها خارج الدم وخارج مسيرة الشهادة، بل وخارج المذابح والمجازر.
ورغم ذلك لا ننكسر ولا نستسلم ولا نساوم وتبقى رايات جهادنا مشروعة.الشهادة هي المعادل الموضوعي للحياة،والشهداء هم عنوان الحياة لأنهم لا يموتون ، بل ينزرعون في الأرض، يورقون ويثمرون وتخضر بهم حياتنا، تصوروا تاريخنا بلا شهداء لا تجدون سوى العدم، إذ لا تاريخ بدونهم، لا أمة بدونهم ولا عزة ولا كرامة، دمهم شريان الحياة لشجرة المقاومة وشجرة الحرية، يجعل لكلماتنا معنى ويدل على حيوية أمة لا تموت ولا تركع، وسيبقى هذا الدم يسفح حتى ينتصر على السيف ، سيف بني إسرائيل وحلفائهم وأتباعهم وأدواتهم.
ماذا يعني أن تستشهد هذه الثلة من الشباب المؤمن المقاوم؟ وهي تمثل جدار الأمة الأخير في معركة المصير، ماذا يعني أن تستهدف المقاومة الإسلامية ، أن يستهدف حزب الله؟
ماذا يعني أن تسكت العواصم العربية وهي تلوك طعم دمنا بالمذلة وبعضها يلوكه بالشماتة، وكل منها يستمر في غفوته وضياعه واستلابه وتبعيته.
ماذا يعني أن يرتكب العدو مذابحه ومجازره في نفس الوقت الذي يجلس فيه على طاولات التفاوض، إلا إن كانت الحقيقة تقول أننا لم نعد شيئا واحدا بل أشياء وفسيفساء متعددة ليس من جامع أو رابط بيننا، بعضنا مكسور مهزوم ذاهب بل غارق في الاستسلام يلقى الرضا والقبول الدولي، وبعضنا رافض ذاهب للدفاع عن حقه ووطنه ، تصب عليه اللعنات ، مطاردات في وطنه مكشوف الظهر بلا سند، إرهابي على الجميع أن يحاصروه.
ماذا يعني أن ترفع الولايات المتحدة الأمريكية يدها فور الغارة الصهيونية الوحشية تباركها وتدعمها وقد نفذت بسلاحها المتطور، وفي نفس الوقت تكمم فم الضحية تمنعها من أي صراخ او شكوى ، جاعلة من مجلس الأمن العوبة أمريكية دوره محاربة العرب والمسلمين ومحاصرتهم، ومع ذلك تنفرد أمريكا على قمة الدنيا وحيدة بفضل بطشها وإرهابها وغطرسة القوة لديها وتحت عناوين موهومة ومزعومة حول مبادئ وقيم الحرية. وحقوق الإنسان.
إنهم يريدون اعادة تشكيل العالم والمنطقة خاصة على صورتهم ولا يتورعون في سبيل ذلك عن ارتكاب كل اشكال الإرهاب والابتزاز والضغوط ، حتى بتنا غير قادرين على شق طريق بين عاصمة وعاصمة إلا برضاهم وموافقتهم وإلا انصبت علينا الحمم أو حاصرتنا المؤامرات.
حتى الاستسلام الجماعي لم يعد من حقنا، إذ علينا أن نستسلم فرادى ، أن نؤكل فراداى واحد إثر آخر. وصيغة مدريد الفاضحة لم تعد كافية، لم تعد تلبي جشعهم وطموحهم وساديتهم وعلى الجميع ان يتنقل إلى صيغة غزة ـ أريحا حيث يتحول ياسر عرفات إلى مجرد شرطي والملك الأردني إلى شرطي وبقية العرب يتراوح دورهم المرسوم من سوق ومرتع إلى سمسار إلى شاهد زور ، أو هكذا يريدون.
في غزة ـ أريحا حقق الصهاينة صفقة العمر بشروطهم الذهبية والتاريخية، بشروطهم الحلم ولذا لم يبالوا من سيوقع على الطرف الاخر ما دام سيوقع على برنامجهم هم ومع أنفسهم.
إنها الصفقة الأسوء من وعد بلفور بلا شك ، لقد قال لهم ياسر عرفات خذوا ما شئتم ، افعلوا ما شئتم إن قبلتم أن أكون الشريك الآخر ، وبدا كأنه أيضا يقول : أن احكم ولو ذاتيا ولو في غزة أولى عندي من أن يحكم فلسطيني غيري كل فلسطين !! وهكذا دفعت الأمة ثمنا غاليا غاليا عندما سكتت عن أن يكون عرفات هو الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ، وعندما كنا نرفض هذا المنطق وندرك خطأه ومخاطره كانوا يقولون لنا بديماغوجية وإسفاف هذا شبيه بموقف الكيان الصهيوني أيضاً!!
اليوم يتضح أن هذا الممثل الشرعي كان ممثلا للإسرائيليين وليس للشعب الفلسطيني ، حررهم من غزة وجحيمها دون أن يتسلمها حقيقة ودون أن يسلمها للشعب الفلسطيني ، لقد أنقذ الكيان الصهيوني من مرض مستعص كاد أن يفتك بهذا الكيان أخلاقيا وسياسيا وامنيا،ولم يقبض عرفات سوى أن يدخل شخصيا إلى غزة ليطفئ جحيمها ويصفي ثورتها وانتفاضتها ويفتح أبواب معتقلاتها للمجاهدين ، إنه يدرك جيداً أن أمن العدو هو الشرط الأساسي كي يستمر هو على المسرح. والأسوأ أنه منذ اتفاق غزة ـ أريحا شهدت المنطقة وفي شهور محدودة من التداعيات والانهيارات ما لم تشهده في ربع قرن وبات حلم العدو بشرق أوسط جديد يهيمن عليه أقرب إلى التحقق والواقع ، وتكشّف الفسيفساء العربي عن إمارات ودويلات وقبائل لا رابط بينها سوى الحبل الذي يشدها بالكيان الصهيوني.
حتى المناضلون الشرفاء ،ومنهم من دخل مرحلة انعدام الوزن، بدأوا يستعدون لمقاومة ما سمي بالتطبيع بدلا من مقاومة الاحتلال. وكأن الاحتلال بات أمرا واقعا لا جدوى من محاربته بالسيف أو مواجهته بالرصاص وعلينا مواجهة تأثيراته السلبية بالمقاطعة.
إن كل يوم يمر يؤكد أن غزة ـ أريحا هي الاسم الحركي لمشروع تصفية الصراع مع العدو الصهيوني وإنهاء مرحلة كاملة عاشتها المنطقة منذ بدايات هذا القرن، الاسم الحركي للنظام الشرق الاوسطي الجديد حيث يفرض الحكم الذاتي ليس فقط على غزة وأريحا وإنما على كل المنطقة التي لن يجرؤ حكامها على تجاوز كونهم ولاة معينين من قبل الباب العالي في واشنطن أو نائب ووكيل الباب العالي في تل ابيب.
غزة ـ أريحا هي كلمة السر التي يحملها بنو إسرائيل ليمروا عبر هذا الليل العربي الدامس إلى كل العواصم في سهولة ويسر. إنه اتفاق على كل المنطقة بمياهها ونفطها وطرق مواصلاتها. إنه مشروع لإعادة إنتاج وتجديد الالتحاق وليس مشروعا للاستقلال، وعلى الاصوات المعارضة والرافضة والثائرة أن تصمت. الشرطي الجديد في غزة وأريحا سيواجه حماس والجهاد الإسلامي وكل القوى الوطنية المناضلة. وهذا سيطلق يد الكيان الصهيوني في لبنان لمواجهة المقاومة الإسلامية ، لمواجهة حزب الله الذي شرفه الله بحمل راية الجهاد في جبل عامل وعلى امتداد هذا الساحل.
في هذا السياق تجيء المجزرة التي ارتكبها العدو الصهيوني ويجيء اختطاف الحاج مصطفى الديراني ، إنهم يحاولون فرض طقس غزة ـ أريحا على كل المنطقة.
ولكننا ونحن نودع شهداءنا نؤكد للعالم أننا سنواجه منطق القوة والغطرسة بمنطق العدالة الذي نحمله وتحمله شعوبنا وقضيتنا. نعم إنه منطق القوة والإرهاب.
والسلام عليكم ورحمة الله
المصدر : القيت في الحفل التأبيني لشهداء حزب الله ـ عين كوكب / شرق بعلبك
المصدر : القيت في الحفل التأبيني لشهداء حزب الله ـ عين كوكب / شرق بعلبك
تعليق