إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفأر الذي زأر في (غزة )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفأر الذي زأر في (غزة )

    الفأر الذي زأر في (غزة )




    بقلم: نداف هعتسني- معاريف

    عزيز الامريكيين والاسرائيليين، الشريك الأعلى محمد دحلان، ينزل اليوم فندق غراند بارك الفخم في رام الله منتوف الريش. لكن اذا أردنا الحكم على حسب انتباه الحركة لتعزيز أبو مازن، فقد يعود في القريب الى تبادل الأسرار مع رؤساء جهاز الأمن في الفنادق الفخمة والغنى على حساب مخيمات اللاجئين.

    في السنين الأخيرة بنى الامريكيون والاسرائيليون تصورا كاملا مع دحلان. اعتمدت خطة الجنرال الامريكي كيت دايتون عليه كمن سيبني "حرسا رئاسيا" ويحطم حماس. صبّت واشنطن على دحلان نحوا من مائة مليون دولار في السنة الأخيرة فقط. بنوا مقر قيادته في غزة، ودربوا رجاله وزودوه بقافلة من السيارات سارت مسرعة بترفع في شوارع غزة.

    نُقلت عشرات آلاف البنادق، والرشاشات والمدرعات الى القوات الفولاذية التي بناها دحلان في المدة الأخيرة فقط. ذاب الفولاذ مع أول شمس اسلامية والسلاح الامريكي موجود الآن في مستودعات حماس. إهتم الشريك الكبير دحلان بأن لا يكون في غزة ساحة الحسم، وهرب ضباطه، يتلقون المساعدة منا، وكيف لا. كيف ذاب ثلاثة آلاف من مُجندي الحرس الفلسطيني؟ كيف تكمشوا بازاء قوات حماس الأقل منهم عددا وربما عتادا؟.

    هناك من يزعم في بلاط أبو مازن في رام الله أن كثيرين من طوابير دحلان وسائر اجهزة السلطة تعاونوا مع حماس. لهذا يحظى مسؤولو اجهزة الأمن الفلسطينيون الكبار الذين خلصتهم اسرائيل من غزة ونزلوا الى رام الله بعلاقة متحفظة جدا. كيف يمكن أن ينهار من دُربوا ورُعوا وسُلحوا على هذا النحو، بلا قتال تقريبا، يسألون هناك. وهم يُسمون من وراء ظهورهم "لاجئي فنادق خمسة نجوم".

    الحقيقة هي أن محمد دحلان وطوابيره مثال متميز لشخصية الشريك الذي نعززه منذ اوسلو، وهو طراز ومثال للفشل. ما الذي لم يقولوه لنا عن دحلان، "أقوى رجل في غزة"، منذ انضم في أواخر 1993 الى رؤوس "الشباك" والجيش الاسرائيلي اعتُبر أهلا للتعزيز المتميز. في هذا الاسبوع هدم أناس حماس قصره في غزة، مُطلقين أدلة عن مشاركته في اعمال ارهابية مضادة لاسرائيليين وعن براهين على اسلوب حياة مترفة. زعموا من جملة ما زعموا أنهم وجدوا في بيته بطاقة هوية لنسيم طوليدانو، رجل جهاز الأمن من اللد الذي قُتل قبل سنين. هذا الكشف مقلق لكنه غير مفاجىء حقا. من المفهوم أن عدسات تصوير حماس وقفت عند كل علامات الترف في الدار الفخمة، التي قامت قريبا جدا من مخيمات لاجئي القطاع. وهي دار بُنيت بأموال كان يُفترض أن تُخلص الجماهير من الضائقة الاقتصادية العميقة وأشارت الى الضد الخالص – الغُربة التي اتخذها ثوريو فتح لأنفسهم مع مجيئهم في 1994، فورا.

    في صور الترف التي حرصت حماس على تأكيدها يكمن جزء مهم من تفسير ما حدث في الاسبوع الماضي. يثير حكم فتح في يهودا، والسامرة وغزة اشمئزازا عميقا، زاد بازاء صور الفساتين الفخمة لسهى عرفات والقصور المذهلة لمسؤولي أبو مازن الكبار. أثبتت الصور فقط ما يعلمونه في خانيونس وفي جنين منذ سنين – الفساد وعدم اكتراث قيادة فتح. من هذه الجهة لا يجوز الهرب من الحقيقة: يفضل فلسطينيون كثير حماس لانها غير غارقة في الفساد على الأقل. القصص في هذه القضية معروفة لكل ولد في مخيمات اللاجئين، وهي التي وهبت لحماس نصرها الكاسح في الانتخابات في يهودا والسامرة ايضا. نقول في هذا المقام إن الحقد على الفاسدين الكبار الذين يُرون متعاونين مع واشنطن والقدس أسس لشكل من اشكال التعاون بين رجال فتح وحماس في يهودا والسامرة ايضا. واذا ما صُرفت المليارات التي ستُصب الآن على أبو مازن في تلك المسارات المرفوضة التي تدفقت عليها منذ 1993 فستعود حماس الى التقوي في يهودا والسامرة ايضا.

    حقيبة الأكاذيب

    نعود الى محمد دحلان. إن الفأر الذي زأر سنين كثيرة كان صديقا لعدد من الصحفيين الرئيسين الاسرائيليين وأمدنا بواسطتهم، بكثير من حقائب الأكاذيب. فقد حدّثونا عن رجال حماس الذين يلتهمهم في فطوره ويحلق لحاهم على العشاء. لكن الحقيقة هي أن دحلان عندما لم يُرسل مخربين علينا خبأ مخربي قيادة وتأكد من أننا لن نعتقلهم.

    إن من كان نائب دحلان، رئيسا لجهاز "الأمن الوقائي" في غزة، رشيد أبو شباك، ينزل هو الآن ايضا فندقا في رام الله. لكن في الماضي، تحت قيادة دحلان، قاد سلسلة من العمليات الأشد فظاعة علينا. انه مسؤول عن وضع الشحنات الناسفة التي فجرت دباباتنا في القطاع، وعن عملية تفجير حافلة الاولاد في غوش قطيف وغير ذلك. لكن هذه الحقيقة لم تسلبه ولم تسلب مسؤولين كبار فلسطينيين آخرين منزلة الشريك المستحق للتعزيز. وقد مدت اليه اسرائيل ايضا المساعدة بعد أن هرب من غزة، بعد أن تم القضاء على حراسه الشخصيين الستة واحتلت حماس داره. والى جانبه حظي بالحماية ايضا مسؤولون كبار آخرون أرسلوا الخلايا علينا، مثل توفيق الطيراوي، رئيس "الاستخبارات العامة" في يهودا والسامرة.

    وهنا، في هذا الاسبوع، بعد الفشل النهائي خاصة لمعسكر فتح، تفشى من جديد الداء الذي يُسمى "تعزيز أبو مازن". بلغ داء تعزيز الشريك ذروته مع الدعوات الى اطلاق مروان البرغوثي من السجن. جسد البرغوثي في الماضي الأمل الأكبر لمعسكر اليسار. لقد شارك في منتديات عن السلام في معهد فان لير، وكل ما صدر عنه اقوال جميلة تدعو الى التعايش، وهو يُعتبر الشريك المتفرد.

    بيد أنه تحت القشة كُشف وجهه الحقيقي، مع وجه معسكر فتح كله. على رغم أنه حصل على تأييد من اسرائيل، قاد البرغوثي شبكة من قتلة اسرائيليين بتفويض من السلطة الفلسطينية وبأموالها. وقد اعتُقل هو نفسه وحُكم عليه بخمسة اعمال قتل، وجهها شخصيا. في هذه الاثناء، في السجن، جعلته اسرائيل نجما كبيرا، ويريدون الآن جعله شريكا مرة ثانية. لا يوجد لعب بالألفاظ أكثر إحراجا من هذا، لان من كان يتولى عمل الشريك وخان خيانة آثمة الى هذا الحد هو آخر من يصلح للرسالة المجددة.

    تضليل

    لكن البرغوثي ليس الوحيد. هناك اسم آخر ذُكر هذا الاسبوع كمثال لقائد من فتح أهل للاطلاق وللتعزيز هو ناصر أبو حمد، نائب البرغوثي في شبكة القتل التي حاكها. التقيت أبو حمد في منتصف التسعينيات في أريحا، بعد أن أُطلق من سجن مؤبد على رغم أنه كان له الكثير جدا من الدم على يديه. لقد ترأس عصابة قتلت متعاونين وأُطلق لكي يعزز معسكر فتح. عاد سريعا جدا الى القتل والى السجن، وحُرر مرة اخرى تفضلا لتعزيز الشريك، وفي هذه المرة قاد شبكة واسعة من اعمال قتل لاسرائيليين. من بين جملة ما شارك فيه التنكيل بجنود الاحتياط الاسرائيليين في رام الله، وذبحنا هو والبرغوثي مرة بعد اخرى. اجل، انه يستحق أن يُطلق بالتأكيد كلاعب تعزيز.

    الدعوات التي تعالت هذا الاسبوع في القدس وفي واشنطن الى تعزيز أبو مازن ومعسكره لم يكن يمكن ألا تُذكر بالأمثلة المختلفة لذلك الشريك الذي نريد تعزيزه جدا. عندما وُلد تصور مساندة فتح زعم مُبدعوه أننا نعقد تحالفا مع العصابة الفلسطينية الكبرى والأقوى لكي تقوم بالعمل من اجلنا. كما وعد اسحق رابين، ستقمع سائر العصابات وستعمل "من غير محكمة العدل العليا ومن غير بتسيلم". لقد كشفنا منذ زمن عن الصبغة الخيانية لرجال فتح. في الاسبوعين الأخيرين بُرهن نهائيا على أنه لا يوجد لهم قوة ايضا. لكن داء تعزيز الشريك ما زال في هياج. انه داء لان المعطيات الحقائقية التي جُمعت هنا منذ الاطلاق الأول لتصور الشريك في 1993 كان يُفترض أن تقنع كل ذي عقل بأن حلم الشريك تحطم. والأهم أن رجال فتح الذين بنينا عليهم التصور كله هم دعامة كاذبة. لهذا، لا يمكن فهم اليقظة المجددة لتصور تعزيز الشريك من غير أن يكون ذلك بمفاهيم مرضية. هذه علامة واضحة على فقدان الصلة بالواقع. ومن يكشف عن علامات كهذه يستحق أن يذهب ليُفحص وليكف عن جعلنا ضحايا تضليله.


    مركز بيسان ... يرحب بكم
    http://besancenter.maktoobblog.com/
يعمل...
X