لو سئل ياسر عبد ربه العضو المخضرم في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عن الصفة التي تخوِّله عضوية هذه اللجنة، لما تمكَّن من الإجابة، فـ"عبد ربه" يتمتَّع بعضوية هذه اللجنة؛ وهي أعلى هيئة قيادية تنفيذية للمنظمة منذ أكثر من 35 عاماً، ودخلها ممثلاً عن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وبقي فيها حتى بعد انشقاقه عن الجبهة وتأسيسه حزب "فدا"، ووجد له ياسر عرفات، رئيس اللجنة الراحل مسوِّغاً للبقاء فيها بصفته زعيم حزب "فدا"، ولكن بعد طرد "عبد ربه" من "فدا"، بقي مستمرا في عضوية هذه اللجنة، دون أيِّ مسوغ، ومن منصبه هذا يعطي نفسه الحق في الإدلاء بدلوه فيما يجري على الساحة الفلسطينية، رغم فقدانه لأية صفة تمثيلية، مما يثير الكثير من التساؤلات عن شخصية سياسي مثل "عبد ربه"، لديه إصرار على البقاء في المشهد السياسي الفلسطيني، رغم أنه يجرّ خلفه تاريخاً من التجارب الفاشلة، هو نفسه اعترف بفشلها.
وبدا "عبد ربه" حياته السياسية في ستينات القرن الماضي ضمن حركة القوميين العرب، ثم في الجبهة الشعبية التي أسَّسها الدكتور جورج حبش، ولكنَّ "عبد ربه" اكتشف ما اعتبره أخطاء في تجربة الجبهة الشعبية، فأصبح في عام 1969 الرجل الثاني في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بعد أمينها العام نايف حواتمة، وتأسست الجبهة الديمقراطية نتيجة انشقاق يساري راديكالي عن الجبهة الشعبية، وتبنى المنشقّون نظرية الماركسية اللينينية بديلا عن نظرية القومية العربية.
والمثير في المنشقين آنذاك، الذين وجهوا نقداً شديدا للقوميين العرب، أنهم احتفظوا بالحماس نفسه الذي تحدثوا فيه عن القومية، عندما أسسوا الجبهة الجديدة على أساس الماركسية-اللينينية، وبرز "عبد ربه" كمنظر ماركسي متشدد.
وخاض عبد ربه مع جبهته أحداث أيلول الأسود في الأردن عام 1970 وأصبح عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، كممثل للجبهة الديمقراطية، ولكنه تحوَّل مع الوقت إلى ما يمكن تسميته ممثلا لـ"ياسر عرفات" زعيم حركة فتح التي هيمنت على المنظمة، في الجبهة الديمقراطية.
وكان لا بد، مع توثيق علاقته بعرفات، أن يصل الخلاف بين عبد ربه وحواتمة إلى طريق مسدود، وتسرّبت أنباء الخلاف إلى الصحافة، مع نهاية عقد ثمانينات القرن الماضي، وعندما نشر الصحافي الأردني بكر عبد الحق في صحيفة "الرأي" الأردنية، عن هذه الخلافات، هاجمت عناصر يعتقد أنها مقرّبة من الجبهة الديمقراطية مكتب عبد الحق في العاصمة الأردنية عمان، واعتدت عليه بالضرب.
ولكن اعتداء مجموعة على صحافي مسالم، مارس مهنته بكل أمانة، لم يكشف فقط زيف الذين يتشدقون بشعارات تتحدث عن الديمقراطية، ولكنه أيضا لم يستطع التغطية على الخلافات بين عبد ربه وحواتمة، فبعد مدَّة ظهر "عبد ربه" في العاصمة الأردنية عمان، خلال مؤتمر صحافي أعلن فيه انشقاقه عن الجبهة الديمقراطية، محتفظا لتنظيمه الجديد باسم الجبهة الديمقراطية.
واعترف عبد ربه، في المؤتمر بفشل التجربة السابقة في الجبهة الديمقراطية، وهو ما كان يمكن أن يسجل في صالح أيّ قائد يحترم شعبه وجمهوره لو أكمل ذلك، بالخطوة التالية وهي الاعتزال، ولكنه بدلا من أن يعتذر ويعتزل، بسبب التجربة الفاشلة، حسب تعبيره، أعلن عن استمراره ومجموعته المنشقة في العمل السياسي.
وكان مشهدا غريبا، لا يحمل أيّ عزاء للمعتقلين والشهداء الذين اعتقلوا أو سقطوا تحت قيادة عبد ربه الفاشلة في الجبهة الديمقراطية، وكان استمراره بطريقه الجديد؛ يعني استهتارا بالمبادئ التي سقط من أجلها أولئك، وكان عبد ربه يدافع عنها بشراسة، وبالشراسة نفسها تخلَّى عنها.
وتحت السطح حدث صراع كبير بين عبد ربه وحواتمة على استقطاب كوادر الجبهة الديمقراطية خصوصا في الداخل الفلسطيني، ولا يعرف ما هو حجم الأموال التي صرفت في معركة الاستقطاب الحادة هذه، إلا أنَّ المؤكد أنها كبيرة.
وفي حين كان حواتمة يتمسك ببرنامج سياسي معتدل، وفقا للتعابير السياسية في الساحة الفلسطينية، فإنَّ عبد ربه كان حسم أمره ضمن النهج الذي يوصف بالتفريطي.
وتلقى عبد ربه دعما مهما وكبيرا من ياسر عرفات، الذي مكَّنه من المحافظة على عضوية اللجنة التنفيذية ممثلا للجبهة الديمقراطية التي انشق عنها.
ونفَّذ عبد ربه، بإيعاز من عرفات، ما اعتبر أول بالون اختبار تمهيدا، لمرحلة أوسلو، حين قرَّر تشكيل حزب "فدا"، كأول حزب علني فلسطيني في ظل الاحتلال.
وبقي عبد ربه، بعد تشكيل الحزب، عضوا في اللجنة التنفيذية للمنظمة، ممثلا للحزب الجديد، وهي صيغة مكنت عرفات، من الاحتفاظ بـ"عبد ربه" إلى جانبه، واسترضاء الجبهة الديمقراطية بتعيين ممثل جديد لها في اللجنة هو تيسير خالد
وبعد اتفاق أوسلو، وعودة عرفات، تمهّل عبد ربه في العودة إلى أرض الوطن، وبرَّر كوادر في حزبه ذلك التمهل، بأنه لاقتناص فرصة مناسبة تسلط الضوء على عودته، تناسب ما كان يعتبره مكانته الهامة، ولكن في النهاية عاد عبد ربه بدون ضجيج، دون أن يلحظ اهتماما جماهيرياً بعودته.
ورغم هذه العودة التي اعتبرت باهتة، إلا أن عبد ربه يبدو أنه ظل متمسكا بقناعته بأنه شخص مهم، وظهر هذا في حفل نظمته الجمعية الخيرية في مخيم الدهيشة ببيت لحم التي كانت تنظم مهرجانا سنويا، ودعت الجمعية للمشاركة في الحفل عدداً من المسؤولين العائدين؛ مثل انتصار الوزير "أم جهاد" وياسر عبد ربه، الذي عندما وصل إلى مكان الاحتفال في ساحة مدرسة ذكور المخيم، وجلس على المنصة أبدى انزعاجه لعريف الحفل الذي كان يعتقد أنه من حزب "فدا"، والسبب أن عبد ربه رأى صور زعماء الفصائل الوطنية والإسلامية علقت، ولم يجد صورته.
ولم يتوقع أحد أن يغضب عبد ربه كل هذا الغضب لعدم وجود صورته، عندما نهض من مجلسه، وغادر غاضبا.
وكتب صحافي تقريرا مطوّلاً عن الحادثة بعنوان (ليس بالصور وحدها يحيا الوزراء) نشر على صفحة كاملة في صحيفة (كل العرب) التي تصدر في الناصرة بفلسطين المحتلة عام 1948، وضمن التقرير لقاءات مع مسؤولين ومحللين في "فدا" استنكروا ما فعله عبد ربه.
ويبدو أن تصرف عبد ربه في ذلك الاحتفال كان مؤشرا على سلوك يومي يتميز به، وظهر ذلك في أثناء توليه لوزارة الإعلام، عندما اتهمه وكيل وزارة الإعلام المتوكل طه، بأنه بعث بعضاً من مقربيه واعتدوا على "طه" في مكتبه في الوزارة.
ويبدو أن سلوكه انعكس على علاقته بحزبه "فدا"، ففي أحد مؤتمرات الحزب وجَّه أعضاءه انتقادات لـ"عبد ربه"، فما كان منه إلا الاستقواء بـ"ياسر عرفات"، وقال لهم: "هل تعتقدون أن عرفات يعطيكم أموالا لسواد عيونكم، إنه يفعل ذلك نظرا لعلاقتي الخاصة به".
وبعد أن ثبت فشل اتفاق أوسلو، خلال التجربة، ولم يعد بإمكان عبد ربه الذي كان يفخر بأنه من ضمن المطبخ الذي أعدَّ "طبخة أوسلو"، (وهذا التعبير لزميل عبد ربه ممدوح نوفل)، اعترف عبد ربه بالفشل، وبدلا من أن يغادر الحلبة السياسية، استمر في دوره مع إدخال التعديلات اللازمة.
وكان عبد ربه ظهر في مركز رشاد الشوا في غزة، في إحدى المناسبات وخاطب الجمهور: "ما دام أوسلو قد فشل، فانْسَوا أوسلو، ولا تتحدثون عنه، لنتحدث عن كيف سنسير أمورنا الراهنة والمستقبلية؟".
وغادر عبد ربه في فترة لاحقة الحزب لأنه لم يعد يلزمه، وبقي مع ذلك عضوا في اللجنة التنفيذية ومقرَّباً من عرفات الذي يعتقد أنه استخدمه كبالون اختبار في مبادرات معينة، مثل ما عرف بـ وثيقة جنيف"، التي طرحها في نهاية عام 2003، وكشف فيها عن جوانب أخرى من نهجه السياسي، وأعلن فيه بوضوح تفريطه بحق العودة.
ورغم الموقف الشعبي الغاضب من عبد ربه، إلا أن عرفات بقي متمسكا به، وبعد وفاة عرفات، وجد عبد ربه، مكانا له في كتلة "الطريق الثالث"، ولكن هذه الكتلة لم تجرؤ على ترشيحه ضمن قائمتها في الانتخابات التشريعية الأخيرة، خشية منها، بأن يضرَّ ترشيحه مكانتها الضعيفة أصلا وسط الجماهير.
وعمل عبد ربه لصالح هذه الكتلة في الظل، وجنّد بعض رفاقه القدامى في "فدا" للعمل لصالح الكتلة، التي تميزت بصرفها المالي الكبير خلال الحملة الانتخابية.
ورغم نتيجة الانتخابات التشريعية التي أظهرت فوزا ساحقا لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" ونهجها، إلا أن عبد ربه لم يتوار عن الأنظار أو يستقيل، وإنما استمر في إطلاق مواقف معادية ليس فقط ضد "حماس"، ولكن أيضاً ضد الإرادة الشعبية الفلسطينية، وسط تساؤلات ما الذي يريده هذا الرجل من شعبنا الفلسطيني؟!
وبدا "عبد ربه" حياته السياسية في ستينات القرن الماضي ضمن حركة القوميين العرب، ثم في الجبهة الشعبية التي أسَّسها الدكتور جورج حبش، ولكنَّ "عبد ربه" اكتشف ما اعتبره أخطاء في تجربة الجبهة الشعبية، فأصبح في عام 1969 الرجل الثاني في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بعد أمينها العام نايف حواتمة، وتأسست الجبهة الديمقراطية نتيجة انشقاق يساري راديكالي عن الجبهة الشعبية، وتبنى المنشقّون نظرية الماركسية اللينينية بديلا عن نظرية القومية العربية.
والمثير في المنشقين آنذاك، الذين وجهوا نقداً شديدا للقوميين العرب، أنهم احتفظوا بالحماس نفسه الذي تحدثوا فيه عن القومية، عندما أسسوا الجبهة الجديدة على أساس الماركسية-اللينينية، وبرز "عبد ربه" كمنظر ماركسي متشدد.
وخاض عبد ربه مع جبهته أحداث أيلول الأسود في الأردن عام 1970 وأصبح عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، كممثل للجبهة الديمقراطية، ولكنه تحوَّل مع الوقت إلى ما يمكن تسميته ممثلا لـ"ياسر عرفات" زعيم حركة فتح التي هيمنت على المنظمة، في الجبهة الديمقراطية.
وكان لا بد، مع توثيق علاقته بعرفات، أن يصل الخلاف بين عبد ربه وحواتمة إلى طريق مسدود، وتسرّبت أنباء الخلاف إلى الصحافة، مع نهاية عقد ثمانينات القرن الماضي، وعندما نشر الصحافي الأردني بكر عبد الحق في صحيفة "الرأي" الأردنية، عن هذه الخلافات، هاجمت عناصر يعتقد أنها مقرّبة من الجبهة الديمقراطية مكتب عبد الحق في العاصمة الأردنية عمان، واعتدت عليه بالضرب.
ولكن اعتداء مجموعة على صحافي مسالم، مارس مهنته بكل أمانة، لم يكشف فقط زيف الذين يتشدقون بشعارات تتحدث عن الديمقراطية، ولكنه أيضا لم يستطع التغطية على الخلافات بين عبد ربه وحواتمة، فبعد مدَّة ظهر "عبد ربه" في العاصمة الأردنية عمان، خلال مؤتمر صحافي أعلن فيه انشقاقه عن الجبهة الديمقراطية، محتفظا لتنظيمه الجديد باسم الجبهة الديمقراطية.
واعترف عبد ربه، في المؤتمر بفشل التجربة السابقة في الجبهة الديمقراطية، وهو ما كان يمكن أن يسجل في صالح أيّ قائد يحترم شعبه وجمهوره لو أكمل ذلك، بالخطوة التالية وهي الاعتزال، ولكنه بدلا من أن يعتذر ويعتزل، بسبب التجربة الفاشلة، حسب تعبيره، أعلن عن استمراره ومجموعته المنشقة في العمل السياسي.
وكان مشهدا غريبا، لا يحمل أيّ عزاء للمعتقلين والشهداء الذين اعتقلوا أو سقطوا تحت قيادة عبد ربه الفاشلة في الجبهة الديمقراطية، وكان استمراره بطريقه الجديد؛ يعني استهتارا بالمبادئ التي سقط من أجلها أولئك، وكان عبد ربه يدافع عنها بشراسة، وبالشراسة نفسها تخلَّى عنها.
وتحت السطح حدث صراع كبير بين عبد ربه وحواتمة على استقطاب كوادر الجبهة الديمقراطية خصوصا في الداخل الفلسطيني، ولا يعرف ما هو حجم الأموال التي صرفت في معركة الاستقطاب الحادة هذه، إلا أنَّ المؤكد أنها كبيرة.
وفي حين كان حواتمة يتمسك ببرنامج سياسي معتدل، وفقا للتعابير السياسية في الساحة الفلسطينية، فإنَّ عبد ربه كان حسم أمره ضمن النهج الذي يوصف بالتفريطي.
وتلقى عبد ربه دعما مهما وكبيرا من ياسر عرفات، الذي مكَّنه من المحافظة على عضوية اللجنة التنفيذية ممثلا للجبهة الديمقراطية التي انشق عنها.
ونفَّذ عبد ربه، بإيعاز من عرفات، ما اعتبر أول بالون اختبار تمهيدا، لمرحلة أوسلو، حين قرَّر تشكيل حزب "فدا"، كأول حزب علني فلسطيني في ظل الاحتلال.
وبقي عبد ربه، بعد تشكيل الحزب، عضوا في اللجنة التنفيذية للمنظمة، ممثلا للحزب الجديد، وهي صيغة مكنت عرفات، من الاحتفاظ بـ"عبد ربه" إلى جانبه، واسترضاء الجبهة الديمقراطية بتعيين ممثل جديد لها في اللجنة هو تيسير خالد
وبعد اتفاق أوسلو، وعودة عرفات، تمهّل عبد ربه في العودة إلى أرض الوطن، وبرَّر كوادر في حزبه ذلك التمهل، بأنه لاقتناص فرصة مناسبة تسلط الضوء على عودته، تناسب ما كان يعتبره مكانته الهامة، ولكن في النهاية عاد عبد ربه بدون ضجيج، دون أن يلحظ اهتماما جماهيرياً بعودته.
ورغم هذه العودة التي اعتبرت باهتة، إلا أن عبد ربه يبدو أنه ظل متمسكا بقناعته بأنه شخص مهم، وظهر هذا في حفل نظمته الجمعية الخيرية في مخيم الدهيشة ببيت لحم التي كانت تنظم مهرجانا سنويا، ودعت الجمعية للمشاركة في الحفل عدداً من المسؤولين العائدين؛ مثل انتصار الوزير "أم جهاد" وياسر عبد ربه، الذي عندما وصل إلى مكان الاحتفال في ساحة مدرسة ذكور المخيم، وجلس على المنصة أبدى انزعاجه لعريف الحفل الذي كان يعتقد أنه من حزب "فدا"، والسبب أن عبد ربه رأى صور زعماء الفصائل الوطنية والإسلامية علقت، ولم يجد صورته.
ولم يتوقع أحد أن يغضب عبد ربه كل هذا الغضب لعدم وجود صورته، عندما نهض من مجلسه، وغادر غاضبا.
وكتب صحافي تقريرا مطوّلاً عن الحادثة بعنوان (ليس بالصور وحدها يحيا الوزراء) نشر على صفحة كاملة في صحيفة (كل العرب) التي تصدر في الناصرة بفلسطين المحتلة عام 1948، وضمن التقرير لقاءات مع مسؤولين ومحللين في "فدا" استنكروا ما فعله عبد ربه.
ويبدو أن تصرف عبد ربه في ذلك الاحتفال كان مؤشرا على سلوك يومي يتميز به، وظهر ذلك في أثناء توليه لوزارة الإعلام، عندما اتهمه وكيل وزارة الإعلام المتوكل طه، بأنه بعث بعضاً من مقربيه واعتدوا على "طه" في مكتبه في الوزارة.
ويبدو أن سلوكه انعكس على علاقته بحزبه "فدا"، ففي أحد مؤتمرات الحزب وجَّه أعضاءه انتقادات لـ"عبد ربه"، فما كان منه إلا الاستقواء بـ"ياسر عرفات"، وقال لهم: "هل تعتقدون أن عرفات يعطيكم أموالا لسواد عيونكم، إنه يفعل ذلك نظرا لعلاقتي الخاصة به".
وبعد أن ثبت فشل اتفاق أوسلو، خلال التجربة، ولم يعد بإمكان عبد ربه الذي كان يفخر بأنه من ضمن المطبخ الذي أعدَّ "طبخة أوسلو"، (وهذا التعبير لزميل عبد ربه ممدوح نوفل)، اعترف عبد ربه بالفشل، وبدلا من أن يغادر الحلبة السياسية، استمر في دوره مع إدخال التعديلات اللازمة.
وكان عبد ربه ظهر في مركز رشاد الشوا في غزة، في إحدى المناسبات وخاطب الجمهور: "ما دام أوسلو قد فشل، فانْسَوا أوسلو، ولا تتحدثون عنه، لنتحدث عن كيف سنسير أمورنا الراهنة والمستقبلية؟".
وغادر عبد ربه في فترة لاحقة الحزب لأنه لم يعد يلزمه، وبقي مع ذلك عضوا في اللجنة التنفيذية ومقرَّباً من عرفات الذي يعتقد أنه استخدمه كبالون اختبار في مبادرات معينة، مثل ما عرف بـ وثيقة جنيف"، التي طرحها في نهاية عام 2003، وكشف فيها عن جوانب أخرى من نهجه السياسي، وأعلن فيه بوضوح تفريطه بحق العودة.
ورغم الموقف الشعبي الغاضب من عبد ربه، إلا أن عرفات بقي متمسكا به، وبعد وفاة عرفات، وجد عبد ربه، مكانا له في كتلة "الطريق الثالث"، ولكن هذه الكتلة لم تجرؤ على ترشيحه ضمن قائمتها في الانتخابات التشريعية الأخيرة، خشية منها، بأن يضرَّ ترشيحه مكانتها الضعيفة أصلا وسط الجماهير.
وعمل عبد ربه لصالح هذه الكتلة في الظل، وجنّد بعض رفاقه القدامى في "فدا" للعمل لصالح الكتلة، التي تميزت بصرفها المالي الكبير خلال الحملة الانتخابية.
ورغم نتيجة الانتخابات التشريعية التي أظهرت فوزا ساحقا لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" ونهجها، إلا أن عبد ربه لم يتوار عن الأنظار أو يستقيل، وإنما استمر في إطلاق مواقف معادية ليس فقط ضد "حماس"، ولكن أيضاً ضد الإرادة الشعبية الفلسطينية، وسط تساؤلات ما الذي يريده هذا الرجل من شعبنا الفلسطيني؟!