إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

البيعة بين السياسي والديني لدى الحركات السلفية الجهادية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • البيعة بين السياسي والديني لدى الحركات السلفية الجهادية

    بوصفها أحد أبرز عقود السلطة في التاريخ الإسلامي
    البيعة.. بين السياسي والديني لدى الحركات السلفية الجهادية


    مروان شحادة


    لا يخفى على أحد من المشتغلين بالحركات الإسلامية عموماً، والجهادية منها على وجه الخصوص أهمية البيعة في الفكر الإسلامي الحركي، قديماً وحديثاً فقد شكلت مباحث البيعة أحد الأركان الأساسية للفقه السياسي الإسلامي والفرق والمذاهب الإسلامية، وتعتبر البيعة في الوقت الحاضر إحدى المسائل التي هيمنت على حركات الإصلاح منذ سقوط الخلافة العثمانية عام 1924، الأمر الذي أدى إلى انفراط عقد الدولة الإسلامية التي هيمنت على مجمل العالم العربي والإسلامي لعدة قرون، ولا خلاف من حيث التأسيس لدى المذاهب الإسلامية والفرق المختلفة على اعتبار البيعة أهم العقود التي تؤسس للسلطة في التاريخ الإسلامي.

    عقد مراضاة

    يعتبر جميع الفقهاء البيعة "عقد مراضاة لا يدخله إجبار ولا إكراه"، ينشأ في الجماعة المسلمة بين الأمة من جهة والحاكم أو الخليفة من جهة أخرى، وهناك شروط وأركان مفصلة في أبواب الفقه، ومع انهيار الخلافة وتشكل جماعات وحركات إسلامية متعددة، أثناء الحقبة الاستعمارية التي سيطرت على معظم البلدان العربية في المشرق والمغرب، عملت القوى الاستعمارية على تأسيس نظم سياسية تابعة سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وشهدت مرحلة ما بعد الاستعمار نشوء دول تقوم على أسس ونظم سياسية استعارت مفاهيم غربية بدءاً من مفهوم الدولة الأمة، والدولة القومية، والدستور، والبرلمان، وغيرها من المفاهيم، إلا أنه سرعان ما سيطرت الأنظمة الانقلابية العسكرية على كثير من الأقطار في العالم العربي، بحيث أصبحت المنطقة خاضعة لعمليات استقطاب دولي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبروز المنظومة الغربية الرأسمالية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، والمنظومة الشرقية الاشتراكية بزعامة الاتحاد السوفييتي السابق، ومع تأسيس منظمة عدم الانحياز التي فضلت عدم الميل إلى أحد القطبين إلا أن واقع الأمر أفرز نظماً تابعة تقوم على أساس من الدولة القومية الحديثة ذات مضامين أيديولوجية، إما رأسمالية أو اشتراكية، وفي هذه الحقبة التي امتدت حتى بداية التسعينات برزت حركات إسلامية سياسية كالإخوان المسلمين في مصر وفروعها المختلفة في العالمين العربي والإسلامي، وحزب التحرير والسلفية الوطنية في المغرب، ثم السلفية الجهادية التي بدأت في مصر مع بداية سبعينات القرن الماضي، ثم انتشرت في أقطار عربية مختلفة وساعد الاحتلال السوفييتي لأفغانستان عام 1979 على نمو الظاهرة السلفية الجهادية، والتي توجت بتأسيس تنظيم القاعدة عام 1998 ونشوء فروع تابعة له في أقاليم مختلفة كجزيرة العرب، وبلاد الرافدين والمغرب الإسلامي، وكانت البيعة إحدى المسائل المطروحة بقوة في التأسيس النظري لجميع هذه الحركات، فقد جرى نقاش حاد وعنيف منذ خمسينيات القرن العشرين بين الجماعات الإٍسلامية إذ اعتبرت كل من هذه الجماعات نفسها هي الجماعة الأم التي يجب على الأمة مبايعتها، وبقي هذا النقاش محتدماً وازداد حدة مع بروز السلفية الجهادية.

    مفهوم البيعة لدى القاعدة

    ومن المعروف أن القاعدة تشكلت من فصيلين أساسيين من فصائل السلفية الجهادية العالمية، وهما تنظيم الجهاد المصري، والسلفية الجهادية السعودية، وبسبب وجود خبرة طويلة لدى تنظيم الجهاد المصري الذي يتوافر على خبرة من العمل داخل مصر، فقد شكلت أدبياته مرجعاً أساسياً لتنظيم القاعدة، وتأتي كتابات الشيخ عبد القادر عبد العزيز (السيد فضل إمام) والشهير بالدكتور فضل، كأحد أهم وأعمق الكتابات التي تصدت للشأن الجهادي الحركي والتأسيس السياسي، فقد كان أميراً لتنظيم الجهاد قبل أن ينسحب تاركاً الإمارة للدكتور أيمن الظواهري بسبب خلافات منهجية، وفي مقدمتها مسألة عولمة الجهاد، عن طريق تأسيس "الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين والأمريكان"، ولا تزال كتابات عبد القادر عبد العزيز تتمتع بأهمية استثنائية وخصوصاً كتاباه "العمدة في إعداد العدة" و "الجامع في طلب العلم الشريف"، حيث يذهب فيهما إلى أن العالم اليوم يشهد غياب الحكم الإسلامي والخلافة، ومن المعلوم أن هذا القول تأسس في نظر السلفية الجهادية على يد سيد قطب وأبو الأعلى المودودي، فنظريتا الحاكمية والجاهلية كنظريتين تعملان في الحقل السياسي الاجتماعي السلفي المعاصر، تنزعان إلى القول إن الأنظمة المعاصرة تفتقر إلى الشرعية بسبب حاكميتها وتحاكمها إلى الأنظمة الرأسمالية والاشتراكية والقوانين الوضعية، ولذلك فإنه لا وجود لبيعة شرعية للأنظمة والحكام الموجودين الآن، بل يجب على الجماعات الجهادية أن تعمل على خلع هؤلاء الحكام، والإتيان بخليفة شرعي تتوافر فيه الشروط الشرعية، وقد تطورت هذه النظرة لدى التيارات السلفية الجهادية تاريخياً، فقد كانت هذه الحركات ترى أن بعض الحكام تتوافر فيهم بعض شروط الشرعية الناقصة ولعل جهيمان العتيبي أول من طرح مسألة البيعة بشكل منهجي، فقد وضع رسالة في هذا الموضوع بعنوان "تلبيس الحكام على طلبة العلم والعوام"، خلص فيها إلى القول إن حكام المملكة العربية السعودية لا تتوافر فيهم شروط الإمامة والخلافة وفي مقدمتها شرط القرشية على اعتبار أنه شرط صحة لا أفضلية لانعقاد الإمامة، إلا أن تنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية ثم القاعدة خلصت إلى القول ان الأنظمة القائمة لا تتمتع بالشرعية والمشروعية، ولذلك يجب إيجاد جماعة تقوم بواجب جهادها، باعتبارها عدواً قريبا لا بد من إزالته.

    البيعة شرعية

    فالجماعات السلفية لا تعترف بوجود ولي للأمر في العالم الإسلامي اليوم، ومن ثم فلا وجود لبيعة شرعية في أعماق الأمة، سواء كانوا من أهل الحل والعقد، أو من عامة المسلمين، وهي رؤية أسفرت عن القول ان العالم الإسلامي لا تتوافر فيه شروط "دار الإسلام" المذكورة في كتب الفقهاء، إذ تحولت – بحسب هذه الجماعات – إلى "دار كفر"، وبناءاً على ما تقدم فإن الحركات السلفية الجهادية لا ترى أن هناك إماماً شرعياً تجب طاعته في هذا الزمان، والواجب على الأمة أن توجد الجماعة التي تعمل على قتال هذه الأنظمة، وهذه الجماعة هي التي يجب بيعتها وطاعتها لا غير.
    وتعتبر مسألة المواطنة كأحد المفاهيم المؤسسة للدولة الحديثة غائبة تماماً عن فكر السلفية الجهادية، فالرابطة المعتبرة في الإسلام هي الأخوة الإسلامية وليس المواطنة كمفهوم سياسي قانوني ينشأ على أساس العقد الاجتماعي والسياسي بين الشعب والحكام، فالمواطنة مرفوضة بشكل قطعي في النظام الفكري السلفي الجهادي باعتبارها مناقضة للمفاهيم الإسلامية.




    السياسي والديني

    وبخصوص البيعة وارتباطها السياسي والديني فمن المعروف أن الفكر السلفي الجهادي لا يفرق بين ما هو سياسي وديني، فالسياسة من الدين والدين من السياسة، بل إن السلفية الجهادية تعتبر مسألة الحكم أحد المفاهيم المؤسسة لعلاقة الديني بالسياسي، فالحكم والحاكمية لله، ولذلك فإن الجماعات السلفية الجهادية تعتبر هذه المسألة من المسائل الخطيرة التي اجتاحت العالم الإٍسلامي وأسست للأنظمة "العلمانية" التي تقوم على أساس الفصل بين السياسي والديني، فمنصب الخليفة أو الإمام هو منصب ديني سياسي بامتياز، ولا فرق بين الأمرين على الإطلاق.
    ويمكن القول ان الفكر السياسي للحركات السلفية الجهادية لا يفصل بين السياسي والديني ويرى كفر الأنظمة القائمة حالياً وخلوها من حاكم يعمل على تطبيق الشريعة، ولا وجود لبيعة صحيحة في عنق الأمة، ولذلك فإن هذه الجماعات تعمل على إيجاد أمير تتوافر فيه شروط الخلافة والإمارة، إلا أن هذه الجماعات تفصل بين الخلافة الكبرى، وإمارة الجماعات والمعسكرات المختلفة، حيث يتم تعيين أمير للمجموعة أو الجماعة بعد أن يكون قد أثبت ولاءه وصدقه للتنظيم، ولأهدافه ولمقاصده ولغاياته، وتكون بيعة المعسكرات بيعة من باب العهد وليس من قبيل الإمامة الكبرى استناداً إلى وجوب الإمارة في أي جماعة من المسلمين مهما صغرت، استناداً إلى قوله صلى الله عليه وسلم" "إذا كنتم ثلاثة في سفر فأمروا أحدكم" ويعتبر هذا الحديث أساساً لقيام معظم الجماعات والتنظيمات الصغرى المنتشرة في العالم الإسلامي.

  • #2
    مشكور اخى الكريم وجزاك الله خيرا

    تركت فيكم حروفاَ، أعيدوا بها رسم الحكاية، ولا تذكروني

    تعليق

    يعمل...
    X