إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الولايات المتحدة، بين إدارة الأزمات وصناعة الإرهاب!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الولايات المتحدة، بين إدارة الأزمات وصناعة الإرهاب!

    الولايات المتحدة، بين إدارة الأزمات وصناعة الإرهاب!
    د. عادل محمد عايش الأسطل
    من غير ريب، فإن لدى السواد الأعظم من العالمين العربي والإسلامي، وبخاصّة الفلسطينيين، موقفين متباينين عند الحديث عن الولايات المتحدة، الموقف الأوّل، وهو الخاص بها كشعب وأمّة، إنسانية واجتماعية نامية ومتطورة وذات كتاب، ومن الحلال التزاوّج منها والأكل من طعامها والتعامل معها المعاملة الحسنة كما حثّ الدين الإسلامي الحنيف. والثاني: وهو المتعلق بسلوكيات إداراتها المختلفة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، والتي تقضى بأن تحاكي دور الذئاب عند جوعها وتمثّل دور الثعالب في خداعها، حيث يتأفف كل مراقبٍ لسياساتها ومواقفها المراوِغة والخفيّة، ويتأذّى منها كل من يتفحّص تلك السياسات أو تطاله تلك المواقف، وسواءً كان برغبته أو رغماً عنه.
    منذ بروز الولايات المتحدة كقوة عالمية، وبحجة تمدد المنجل السوفياتي ناحية بلدان الشرق الأوسط الذي- ولست مدافعاً- لم يُثبت التاريخ بأنه جاء مستغلاّ في يومٍ ما، بدأت توسع خطواتها القائمة على غزو الدول والاستحواذ على ثرواتها وبدرجةٍ أشد، أسوةً بالدول الاستعمارية التي فرضت عليها التطورات استبدال استعمارها العسكري بآخر اقتصادي، لا سيما وأن تلك الدول قد بدأت بالانحسار إذّاك، لفقدها أجزاءً من سيطرتها على مصالحها المغتصبة، نتيجة تكلفة التشتت في أرجاء الأرض تبعاً لتلك المصالح، وحالات التصارع على الثروات ومديات النفوذ فيما بينها. وساعد في تثبيت الأقدام الأمريكية وبسط سيطرتها على المنطقة الغربية بخاصة، خلال فترة زمنية قياسية، وجود الدولة الإسرائيلية في الزمان والمكان المناسبين، حيث فاقت العلاقات فيما بينهما تباعاً، العلاقة مع الرب في السماء التي تدعي منذ الأزل بأنها تثق به، لتقوم بفرض نفسها عنوة على المنطقة، سياسة واقتصاداً وثقافةً أيضاً. وهي ما لم تتطابق ولا بأي شكل مع البيئة الشرق أوسطية بشكلٍ عام. وبالتالي خلقت بيئة شعبوية مواتية تنامت خلالها أنواع الصدود والممانعة. ولم تتوقف عن تسويق تجارتها هذه بعد إذ بان بوارها، بل أمعنت في ابتداعاتها المؤلمة، لمصالحها عامةً ولمعالجة أزماتها على نطاق الدول، بدءاً من برامج العولمة ومروراً بخطة الشرق الأوسط الكبير وانتهاءً بشعارها القائم إلى الآن على (من ليس معي فهو ضدّي)، ناهيكم عن انتشارها على مستويات الشعب الواحد، مستغلةً الظروف السياسية والاقتصادية والعزف على الديمقراطية والحريات المختلفة، في تأجيج روح الكراهية والعداء حيث تساند فئة على أخرى، وديانةٍ على أخرى ومذهبٍ على مذهب، وتوغلها في السعي إلى إفساد الفطرةَ البشريةَ التي توجب رباط القربى والحرص على الجماعة، ومجاهدتها في تقليص فرص الخلق والإنجاز. حيث كانت سبباً في تهديد الحياةَ الرسمية والمجتمعيَّةَ، من خلال إثارة موجات من العنف والفوضى، لتتخذها غطاء لممارساتها الدونيّة تجاه ضحاياها. لأجل الحصول على بيئة مجتمعيّة محطّمة منزوعة المقوّمات، خاملة وعديمة النمو والرقي والتطوّر، تكتفي بعيش العبيد، وتتعوّد حياة الاضطراب. ومن ناحيةٍ أخرى فقد سعت جهدها، إلى تعقيد الأمور إلى درجة عالية يصعب التصدي لها ولممارساتها المتطاولة من أي باب، وهذا واضح على نطاقٍ واسع ولا يحتاج لدلائل وبراهين، برغم فهم الجميع، بأن التصدي في مثل هذه الحالة هو من الأمور الواجبة شرعياً ووطنياً، وبصورة إسلامية وقومية حضارية.
    الولايات المتحدة تجرّأت على العالم- كمثال- فيتنام، كوريا، الصومال، كوسوفو، أفغانستان، العراق وغيرها، وقامت بإعمال الفوضى في إيران وفنزويلاّ وكوبا وغيرها، وفي نفس الوقت أقامت وحافظت على أنظمة ديكتاتورية، وأسقطت دولاً شرعية. وهي قائمة على التخريب وبث الفوضى والفتن وروح العداء بين الشعوب الواحدة، ليس بإقناع وإنما بالجبر والقوة، بسبب أنها كانت السبب في توريط القادة لصالحها، وبالمقابل فهي دائبة السعي إلى مساندة إسرائيل طوال الوقت ضد العرب والفلسطينيين خاصة، بهدف الوصول إلى ما من شأنه أن يؤدّي إلى تصفية القضية الفلسطينية من جوهرها ومضامينها.
    الولايات المتحدة هي من بدأ بمحاربة الأمم والشعوب، ثم تدّعي الوقوف إلى جانبها ومساعدتها، وهي إن بدت كذلك أحياناً، فإن مساعدتها هي عبارة عن أثمان بالدرجة الأولى لتمكينها من تكريس نفوذها ومداومة قبضها على المنتزعات المسلوبة من الشعوب المستضعفة، بدلالة أن لا أحد يشعر بأيّة مساعدات ذات قيمة، بالنسبة لدول أفريقية ما زالت تئن تحت وطأة الجوع بينما داومت الولايات المتحدة على سد أذنيها بالكامل وإغلاق عينيها، للحيلولة دون سماعها ذلك الأتين، أو رؤيتها لسكرات الموت.
    حول مقالة سابقة، خرج من خارجية الولايات المتحدة أحدهم – أحترمه لشخصه ومكانته- وأظنه من أصولٍ عربية أو لجأ إلى الرمز باسمهِ، يقول – كمثال- في الشأن السوري: "موقفنا الحالي حول سوريا يركز على الحاجة لوضع أسلحة نظام الأسد الكيماوية في ظل رقابة دولية بحيث يتم تدميرها في نهاية المطاف. الخطة تهدف صراحة لتطهير سوريا من الأسلحة الكيماوية. ومن ناحية أخرى، هذا يضع أيضاً الأسد عرضة للمساءلة أمام المجتمع الدولي، في أن يرتقي بالتزامه العلني لأن هذا يضع أيضاً روسيا لمحاسبته إذا فشل في القيام بذلك.
    قال ذلك ببساطة وتغافل ببساطة أيضاً، الدور الأمريكي القوي الذي أبلى بلاءً زائداً عن الحد، في شأن تمزيق النسيج السوري منذ البداية، حيث كان الرئيس السوري "بشار الأسد" في طريقه إلى الإصلاح، بما يعني قرب حصول إمكانية تخليه عن النظام القائم، حيث بلغ هذا الدور من القوة والأهمية بأن كل الإصلاحات السورية المعلنة، كانت محل رفض وحتى الآن.
    وماذا عن الشعوب التي انهارت بالكامل أمام الاحتلالات الأمريكية التي لن يكون من السهل إعمارها بعد مئات السنين لمجرد أفكار جنونية ليس لها أساس من الصحة لقيادات أمريكية دموية، كمحاربة الإرهاب والقضاء على الأسلحة النووية، وهي في الحالين كاذبة. وقد اتخذتهما ذرائع وحسب، في تنفيذ سياساتها العدوانية والمتعالية. وعلى افتراض أن ليس هناك حجةً لديها، لبادرت هي ذاتها للقيام بافتعال الأزمات والحروب، على أن ما تخسره من عتادٍ وجنود، هو بمثابة (عملية تقليم) تُجدد به ثقتها بنفسها، وتعزز من قدراتها وسيطرتها. على اعتبار ذلك –تماماً- أن جودة الثمر من تقليم الشجر.
    إن سياسة الولايات المتحدة لا تعتمد على خطأ وصواب، بل على أن لديها مصالح واحتياجات وهي تعلم تمام العلم بأن سياساتها القائمة على العنف والقوّة والقهر والغلبة، هي سياسات غير صائبة وغير مقبولة، وإلاّ لِما تلجأ دائماً وعلى مدار الساعة، إلى بذل مئات الملايين من الدولارات، في شأن تلطيف صورتها الشيطانية أمام العالم، وهي تعلم أنها لن تدوم على نفس الصورة من القوّة والمكانة إلى ما لا نهاية.
    خانيونس/ فلسطين
    26/9/2013
يعمل...
X