أطرقتُ حتى ملّني الإطــراقُ وبكيتُ حتى أحمرتِ الأحداق
سامرتُ نجمَ الليلِ حتى غابَ عن عيني ، وهدَّ عزيمتي الإرهاق
يأتي الظلامُ وتنجلي أطرافُـه عنا ، وما للنومِ فيه مــذاق
سهرٌ يؤرقني ففي قلــبي الأسى يغلي ، وفي أهدابي الحـُراقُ
قتلٌ وتشريدٌ وهتكُ مـــحارمٍ فينا، وكأسُ الحادثاتِ دِهـاقُ
يا أمة المليار :
لقد طفحَ الكيلُ وعمَ البلاء ، وعظمتِ المصيبةُ في فلسطينَ الحبيبة ، حرماتٌ تُنتهك ،ودماءٌ تُسفك ، وأرواحٌ بريئةٌ تُزهق ، لأطفالٍ رضع ، وشيوخٍ ونساءٍ ركع ، لقد بلغ السيلُ الزبى ، وجاوز المجرمون من اليهودِ المدى ، هدمٌ للبيوتِ على الرؤوس وحرقٌ للقرى والحقول ، و أتلافٌ للمزارع ، وضربٌ للمصانع ، وقتلٌ لكل مظاهرِ الحياةِ .
يا أمة المليار :
ماذا نحن فاعلون ، والمستهدفون إخواننا ؟!! ماذا نحن فاعلون والأرضُ المعتدى عليها أرضنا ؟!! ماذا نحن فاعلون والحرماتُ حرماتنُا والقدسُ قدسنا ، والأقصى مسجدنا، وفلسطين أمانةٌ في أعناقنا ؟!!بماذا نعتذرُ لربنا ؟! ماذا نقولُ عند سؤالنا ؟ وبأي شيء نُعذِرُ إلى اللهِ تجاهَ ديننا وأعراضنا وحرماتِنا ؟!!كيف السبيلُ والعدو هو أشدُّ الناسِ عداوةً ، ومَنْ وراءَه هم أغلظُ البشرِ قلوباً ، وأعنفهُم ضراوةً وحقداً .
إلى من نشتكي والحكامُ ساكتون ، والحكماءُ عاجزون، والعلماءُ صامتون ـ إلاَّ من رحمَ الله - والشعوبُ مخدوعةٌ بالأماني ، والجماهيرُ مستنْفَرةٌ بلا خُطة ، ومستفزةٌ إلى غير وجهه، ومنساقةٌ كما كان عهدُها دائماً إلى ثورةٍ تعقبُها غورة ، بفعلِ إعلامٍ يهيّجُها ولا يوجهُها، ويستثيرُها ولا يوظفُ قواها ، وبفعلِ أنظمةٍ تقمعُها ولا تدفعُها ،تُخِرسُها و لا تستفيدُ من شجاعتها ، تحَجِزُها عن الفداءِ والبطولةِ لتقتلَ فيها الشجاعةَ والرجولة .
يا أمةَ المليار : إننا نعيشُ واقعاً مأزوماً مهزوماً منذ أكثرَ من خمسةِ عقودٍ من الزمان ، بسببِ عدوٍ حقيرٍ ذليل ، تمثلهُ أمةً ملعونةٌ على ألسنةِ الرسل، (( ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ )) ولكن ماذا دها بعضُ المسلمين وقد أصبحوا أذلةً لهؤلاءِ الأذلاء ، يستجدون السلامَ معهم ، ويُتوِهون الوئامَ في جيرتهم ، ويستجيرون بنارهِم من الرمضاء ، ويستجيزون إرضاءَهم بإغضابِ ربِ الأرضِ والسماء ، مع أنَّ اللهَ وعدَ المسلمينَ بالنصرِ عليهم، والتمكُنِ منهم،ألم يقل الله تعالى: (( وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ)) (سورة الحشر : 12)فما الذي جعلنا نولى الأدبارَ أمامهَم ؟ فيهزمون الجيوشَ العربيةَ في أكثرِ الحروبِ التي خاضوها معهم ، حتى أصبحَ تاريخنُا معهم نكبةً في عامِ ثمانيةٍ وأربعين ثم نكسةً في عام سبعةٍ وستين ، ثم خديعةً كبرى وإجهاضاً للنصرِ العربي في عامِ ثلاثةٍ وسبعين ، ثم غزواً واجتياحاً للبنانَ في عامِ اثنتينِ وثمانين، ثم اجتياحاً مستباحاً لما تبقى من أراضٍ للفلسطينيين في هذا العامِ الذي نعيشُه الآن؟!ماذا جرى لأمةِ الإسلام حتى يستذلَها هؤلاءِ الطغامِ اللئام، لابُدَّ لنا من وقفاتٍ نتحسسُ فيها أخطائَنا ، ونراجعُ أنفسَنا ، ونكشفُ اللثامَ عن مواضعِ ضعفنِا وسرَّ هوانِنا ، وفي الوقتِ نفسهِ ، نفتشُ عن مكامنِ القوةِ المفقودة ، والعزةِ المنشودة
ماذا تغيرَ من اليهود ؟
نقولُ هُنا أيُّها الأخوةُ في الله : إنَّ الأفاعيَ قد تُغَيرُ جلدَها ، ولكن لا تتنازلُ عن السمومِ بين أنيابِها ، وما لم تُنزعْ تلك الأسنانُ أو تفرغْ تلك السموم ، فإنَّ تلك الأفاعيَ تظلُ خطراً قائماً، إنَّ اليهودَ منذُ جاءوا إلى فلسطين ، وهم يعرفون لم جاءوا ، ويعزمون على المضيِ فيما لأجلهِ قدموا ، فلماذا جاءوا ؟ وهل لا يزالونَ جادين فيما جاءوا من أجله؟
وماذا عن الحبلِ الممدود لدولةِ اليهود ؟
إنَّ أعداءنا أيُّها الأخوةُ لا يقفون في ساحةِ الصراعِ وحدهم، بل إنهم يجدون من يقفُ معهم بحكمِ عواملَ مشتركةٍ من العقائدِ الدينية ، والمصالحِ الاستراتيجيةِ ، والأهدافِ المستقبليةِ، وهذا يزيدُ من خطرِ اليهود، إذ مُدَّ إليهم حبلٌ من الناسِ أخرجَهم إلى حينٍ من الذلةِِ والمسكنةِ المضروبةِ عليهم، ((ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ )) (سورة آل عمران :113) نعم أيُّها الأخوة ؛ فالذين باءُوا بغضبٍ من الله ، قد حَظُوا بتأييدٍ ممن أضلَ الله ، فاجتمعَ كيدُ المغضوبِ عليهِم والضالينَ على أمةِ الموحدين ، ولم يعدْ أمامَ أهلِ التوحيدِ حيالَ هذا الحبلِ الممدودِ لليهودِ إلاَّ الاعتصامَ بحبلِ الله جميعاً ، فوا الله الذي لا إله إلاَّ هو لو استمسكنا بهذا الحبلِ لما خسرنا الجولةَ ، ولا صمدتْ لليهودِ دولةٌ، ولا استمرتْ للنصارى علينا تلك الصولة، إنَّه الإسلامُ الذي فيه عزنا، إنَّه القرآنُ الذي فيه ذكرُنا وشرفُنا، (( لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)) (سورة الأنبياء :10) .
قال ابنُ عباسٍ- رضي الله عنهما- : فيه ذكركم : أي فيه شرفكم وعزكم . فما بالُنا تركنا هذا العزَ والشرفَ في معركتنِا مع اليهود ، حتى آلت أمورنُا إلى ما آلت إليه.
وأخيراً .
هذه صرخةٌ، نطلقُها إلى أمةِ المليار .
يا أمةَ المليار: هذه الأيدي المكبلةُ التي لا تستطيعُ أن تدفعَ عن إخوانها، تستطيعُ أن ترتفعَ لتطرقَ أبوابَ السماء ، وهذه الأفواه الملجمةُ التي أخرستْها الضعةُ وشلَها الهوانُ تقدرُ أن تجلجلَ ساعاتِ السحرِ بالضراعة ، وهذه الأجفانُ التي خدرتها الدنيا، وأغلقتْها المادةُ، تستطيعُ أن تضحي بلذةِ النومِ قليلاً لتبذلَ الدموعَ شفاعاتٍ بين يدي الدعاء .
يا أمةَ المليار :
إنَّ سلطوا علينا الدباباتِ والمجنزراتِ، سلطنا عليهم سهامُ الليلِ التي لا تخطئهم بإذنِ الله، وإذا أغاروا علينا بالطائراتِ النفاثةِ، صبحناهم بروائعِ الأسحارِ، حتى يكونوا كهيشمِ المحتضر ، وإن تكالبوا علينا من كلِ حدبٍ وصوبٍ قذفناهم بمطارقِ الدعاء، ولا يعني ذلك القعودُ عن العملِ الإيجابي، كما قال القائل :
إسلامنا لا يستقيمُ عمودُه بدعاءِ شيخٍ في زوايا المسجد
إسلامنا نورُ يضيءُ طريقنا إسلامنا نارٌ على من يعـتدي
وكأني بكم تتذكرون فعلَ رسول الله r، فعندما قابلَ الأعداءَ ليلةَ بدرٍ ، رفعَ الأكفَ الشريفةَ يطاولُ السماءَ حتى سقطَ الرداءُ من على عاتقيه ، وحتى أقلقَ عليه صاحبَه ، فاستغرقَ في ذلك الدعاءِ اللحوحِ الواثقِ بنصرِ الله : اللهم نصرك الذي وعدتني.
أُهيبُ بكم جميعاً أن تجتهدوا في الدعاءِ لإخوانكم ، وأقدموا عليه بعد التوبةِ من الذنوب، وأثناءَ السجود، وليكنْ بقلبٍ ممتلئٍ بالثقةِ بالله واليقينِ من الإجابة ، وليكنْ بلذعةِ المقهور، ولهجةِ المضطر، وليكتنفْه الصدقُ ،ويزينُه الإخلاصُ ، وليقوه الإلحاحُ ، ولترطبْه الدموع ، وبعد هذا كلِهُ لا تُضعْفه بالمعصية ، ولا تُذهبْ ببريقهِ بالمحقرات ، وأهمُّ من ذلك كلِه لا يفترْ منهُ المللُ أو الفتورُ، فإنَّه يستجابُ لأحدكم ما لم يستعجل. يقول الله تعالى : ((حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ )) (سورة يوسف : 110) .
منقول
سامرتُ نجمَ الليلِ حتى غابَ عن عيني ، وهدَّ عزيمتي الإرهاق
يأتي الظلامُ وتنجلي أطرافُـه عنا ، وما للنومِ فيه مــذاق
سهرٌ يؤرقني ففي قلــبي الأسى يغلي ، وفي أهدابي الحـُراقُ
قتلٌ وتشريدٌ وهتكُ مـــحارمٍ فينا، وكأسُ الحادثاتِ دِهـاقُ
يا أمة المليار :
لقد طفحَ الكيلُ وعمَ البلاء ، وعظمتِ المصيبةُ في فلسطينَ الحبيبة ، حرماتٌ تُنتهك ،ودماءٌ تُسفك ، وأرواحٌ بريئةٌ تُزهق ، لأطفالٍ رضع ، وشيوخٍ ونساءٍ ركع ، لقد بلغ السيلُ الزبى ، وجاوز المجرمون من اليهودِ المدى ، هدمٌ للبيوتِ على الرؤوس وحرقٌ للقرى والحقول ، و أتلافٌ للمزارع ، وضربٌ للمصانع ، وقتلٌ لكل مظاهرِ الحياةِ .
يا أمة المليار :
ماذا نحن فاعلون ، والمستهدفون إخواننا ؟!! ماذا نحن فاعلون والأرضُ المعتدى عليها أرضنا ؟!! ماذا نحن فاعلون والحرماتُ حرماتنُا والقدسُ قدسنا ، والأقصى مسجدنا، وفلسطين أمانةٌ في أعناقنا ؟!!بماذا نعتذرُ لربنا ؟! ماذا نقولُ عند سؤالنا ؟ وبأي شيء نُعذِرُ إلى اللهِ تجاهَ ديننا وأعراضنا وحرماتِنا ؟!!كيف السبيلُ والعدو هو أشدُّ الناسِ عداوةً ، ومَنْ وراءَه هم أغلظُ البشرِ قلوباً ، وأعنفهُم ضراوةً وحقداً .
إلى من نشتكي والحكامُ ساكتون ، والحكماءُ عاجزون، والعلماءُ صامتون ـ إلاَّ من رحمَ الله - والشعوبُ مخدوعةٌ بالأماني ، والجماهيرُ مستنْفَرةٌ بلا خُطة ، ومستفزةٌ إلى غير وجهه، ومنساقةٌ كما كان عهدُها دائماً إلى ثورةٍ تعقبُها غورة ، بفعلِ إعلامٍ يهيّجُها ولا يوجهُها، ويستثيرُها ولا يوظفُ قواها ، وبفعلِ أنظمةٍ تقمعُها ولا تدفعُها ،تُخِرسُها و لا تستفيدُ من شجاعتها ، تحَجِزُها عن الفداءِ والبطولةِ لتقتلَ فيها الشجاعةَ والرجولة .
يا أمةَ المليار : إننا نعيشُ واقعاً مأزوماً مهزوماً منذ أكثرَ من خمسةِ عقودٍ من الزمان ، بسببِ عدوٍ حقيرٍ ذليل ، تمثلهُ أمةً ملعونةٌ على ألسنةِ الرسل، (( ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ )) ولكن ماذا دها بعضُ المسلمين وقد أصبحوا أذلةً لهؤلاءِ الأذلاء ، يستجدون السلامَ معهم ، ويُتوِهون الوئامَ في جيرتهم ، ويستجيرون بنارهِم من الرمضاء ، ويستجيزون إرضاءَهم بإغضابِ ربِ الأرضِ والسماء ، مع أنَّ اللهَ وعدَ المسلمينَ بالنصرِ عليهم، والتمكُنِ منهم،ألم يقل الله تعالى: (( وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ)) (سورة الحشر : 12)فما الذي جعلنا نولى الأدبارَ أمامهَم ؟ فيهزمون الجيوشَ العربيةَ في أكثرِ الحروبِ التي خاضوها معهم ، حتى أصبحَ تاريخنُا معهم نكبةً في عامِ ثمانيةٍ وأربعين ثم نكسةً في عام سبعةٍ وستين ، ثم خديعةً كبرى وإجهاضاً للنصرِ العربي في عامِ ثلاثةٍ وسبعين ، ثم غزواً واجتياحاً للبنانَ في عامِ اثنتينِ وثمانين، ثم اجتياحاً مستباحاً لما تبقى من أراضٍ للفلسطينيين في هذا العامِ الذي نعيشُه الآن؟!ماذا جرى لأمةِ الإسلام حتى يستذلَها هؤلاءِ الطغامِ اللئام، لابُدَّ لنا من وقفاتٍ نتحسسُ فيها أخطائَنا ، ونراجعُ أنفسَنا ، ونكشفُ اللثامَ عن مواضعِ ضعفنِا وسرَّ هوانِنا ، وفي الوقتِ نفسهِ ، نفتشُ عن مكامنِ القوةِ المفقودة ، والعزةِ المنشودة
ماذا تغيرَ من اليهود ؟
نقولُ هُنا أيُّها الأخوةُ في الله : إنَّ الأفاعيَ قد تُغَيرُ جلدَها ، ولكن لا تتنازلُ عن السمومِ بين أنيابِها ، وما لم تُنزعْ تلك الأسنانُ أو تفرغْ تلك السموم ، فإنَّ تلك الأفاعيَ تظلُ خطراً قائماً، إنَّ اليهودَ منذُ جاءوا إلى فلسطين ، وهم يعرفون لم جاءوا ، ويعزمون على المضيِ فيما لأجلهِ قدموا ، فلماذا جاءوا ؟ وهل لا يزالونَ جادين فيما جاءوا من أجله؟
وماذا عن الحبلِ الممدود لدولةِ اليهود ؟
إنَّ أعداءنا أيُّها الأخوةُ لا يقفون في ساحةِ الصراعِ وحدهم، بل إنهم يجدون من يقفُ معهم بحكمِ عواملَ مشتركةٍ من العقائدِ الدينية ، والمصالحِ الاستراتيجيةِ ، والأهدافِ المستقبليةِ، وهذا يزيدُ من خطرِ اليهود، إذ مُدَّ إليهم حبلٌ من الناسِ أخرجَهم إلى حينٍ من الذلةِِ والمسكنةِ المضروبةِ عليهم، ((ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ )) (سورة آل عمران :113) نعم أيُّها الأخوة ؛ فالذين باءُوا بغضبٍ من الله ، قد حَظُوا بتأييدٍ ممن أضلَ الله ، فاجتمعَ كيدُ المغضوبِ عليهِم والضالينَ على أمةِ الموحدين ، ولم يعدْ أمامَ أهلِ التوحيدِ حيالَ هذا الحبلِ الممدودِ لليهودِ إلاَّ الاعتصامَ بحبلِ الله جميعاً ، فوا الله الذي لا إله إلاَّ هو لو استمسكنا بهذا الحبلِ لما خسرنا الجولةَ ، ولا صمدتْ لليهودِ دولةٌ، ولا استمرتْ للنصارى علينا تلك الصولة، إنَّه الإسلامُ الذي فيه عزنا، إنَّه القرآنُ الذي فيه ذكرُنا وشرفُنا، (( لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)) (سورة الأنبياء :10) .
قال ابنُ عباسٍ- رضي الله عنهما- : فيه ذكركم : أي فيه شرفكم وعزكم . فما بالُنا تركنا هذا العزَ والشرفَ في معركتنِا مع اليهود ، حتى آلت أمورنُا إلى ما آلت إليه.
وأخيراً .
هذه صرخةٌ، نطلقُها إلى أمةِ المليار .
يا أمةَ المليار: هذه الأيدي المكبلةُ التي لا تستطيعُ أن تدفعَ عن إخوانها، تستطيعُ أن ترتفعَ لتطرقَ أبوابَ السماء ، وهذه الأفواه الملجمةُ التي أخرستْها الضعةُ وشلَها الهوانُ تقدرُ أن تجلجلَ ساعاتِ السحرِ بالضراعة ، وهذه الأجفانُ التي خدرتها الدنيا، وأغلقتْها المادةُ، تستطيعُ أن تضحي بلذةِ النومِ قليلاً لتبذلَ الدموعَ شفاعاتٍ بين يدي الدعاء .
يا أمةَ المليار :
إنَّ سلطوا علينا الدباباتِ والمجنزراتِ، سلطنا عليهم سهامُ الليلِ التي لا تخطئهم بإذنِ الله، وإذا أغاروا علينا بالطائراتِ النفاثةِ، صبحناهم بروائعِ الأسحارِ، حتى يكونوا كهيشمِ المحتضر ، وإن تكالبوا علينا من كلِ حدبٍ وصوبٍ قذفناهم بمطارقِ الدعاء، ولا يعني ذلك القعودُ عن العملِ الإيجابي، كما قال القائل :
إسلامنا لا يستقيمُ عمودُه بدعاءِ شيخٍ في زوايا المسجد
إسلامنا نورُ يضيءُ طريقنا إسلامنا نارٌ على من يعـتدي
وكأني بكم تتذكرون فعلَ رسول الله r، فعندما قابلَ الأعداءَ ليلةَ بدرٍ ، رفعَ الأكفَ الشريفةَ يطاولُ السماءَ حتى سقطَ الرداءُ من على عاتقيه ، وحتى أقلقَ عليه صاحبَه ، فاستغرقَ في ذلك الدعاءِ اللحوحِ الواثقِ بنصرِ الله : اللهم نصرك الذي وعدتني.
أُهيبُ بكم جميعاً أن تجتهدوا في الدعاءِ لإخوانكم ، وأقدموا عليه بعد التوبةِ من الذنوب، وأثناءَ السجود، وليكنْ بقلبٍ ممتلئٍ بالثقةِ بالله واليقينِ من الإجابة ، وليكنْ بلذعةِ المقهور، ولهجةِ المضطر، وليكتنفْه الصدقُ ،ويزينُه الإخلاصُ ، وليقوه الإلحاحُ ، ولترطبْه الدموع ، وبعد هذا كلِهُ لا تُضعْفه بالمعصية ، ولا تُذهبْ ببريقهِ بالمحقرات ، وأهمُّ من ذلك كلِه لا يفترْ منهُ المللُ أو الفتورُ، فإنَّه يستجابُ لأحدكم ما لم يستعجل. يقول الله تعالى : ((حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ )) (سورة يوسف : 110) .
منقول
تعليق