عدلي منصور، الرئيس الجاهز!
د. عادل محمد عايش الأسطل
من الأعراف العسكرية التي سادت لدى إحدى الكتائب التابعة للجيش المصري منذ خمسينات القرن الماضي، والمتعلقة بتهرّب الأشخاص من أداء الخدمة في الجيش، أن أول عقوبة ينالها المتهربّ من أدائها، هي أن يُجبر على تسمية نفسه على اسم أنثى، قبل بدء التحقيق ومن ثمّ إنزال العقوبة الفعلية الواجبة، بسبب أن الهارب من الجيش لا يستحق أن يكون في مصاف الذكور أو أن يتسمّى بالرجال. فكان الجلادون الذين أُلقيت عليهم مهمة الجلد والتعذيب، يقومون بسؤال المتهرّب عن اسمه، فيقول أحمد أو محمد أو مصطفى وغير ذلك، فيقومون بإشباعه جلداً وتعذيباً، وهو لا يعلم لماذا كل ذلك؟ ثم يطلقون عليه ما يناسبه أو ما يخطر على بالهم من الأسماء المؤنثة مثل زنّوبة أو خدّوجة أو مريومة وهكذا. وعرض ذات يوم أن قبضوا على أحدهم وكان هناك من أعلمه بالأمر. فلمّا سألوه عن اسمه أجاب من فوره: خضرة أم ريالة. فما سمعوا منه ذلك حتى صاح أحدهم قائلاً: والنبي ده جاهز يا جدعان !!!
هكذا، هو الرئيس الجديد "عدلي منصور" الذي تم تنصيبه من قِبل الفريق أول وزير الدفاع "عبدالفتاح السيسي" الذي ارتضي أن يكون شماعة أو محلل حسب شريعة الحكم الجديدة في مصر. حيث جاء مواتياً أو بطريق الحظ والصدفة بالنظر إلى أنه لم يمض أسبوعين فقط على تولّيه منصب رئاسة المحكمة الدستورية العليا، والذي حسب الدساتير المصرية المُلغاة تباعاً، التي تنص على أن يحل رئيس المحكمة في المكان الشاغر للرئيس تحت الأسباب المعروفة والتي ليس منها الانقلاب، كما يروق للمعارضين تسمية الخطوة التي قام بها "السيسي" ضد الرئيس "محمد مرسي"، حتى يتّخذ منه - بلا سند ولاشرعية- رئيساً للجمهورية، للاختباء خلفه أمام الرأيين المحلي والدولي. وقد دلّت الوقائع بكل وضوح على أن الفريق "السيسي" هو الحاكم بأمره من غير شك. لا سيما بعد أن قام بالاستناد إلى خارطة الطريق التي اشتملها بيانه المشهور في الثالث من يوليو/تموز الجاري، بتعيين عددٍ من اللجان الخاصة التي ستأخذ على عاتقها تغيير شكل الحكم في الدولة ومنها لجنة خبراء ﻹعداد تعديلات دستورية من جديد، وتم منح "منصور" باعتباره (لجنة) صلاحية (تنفيذ) بنود خارطة الطريق نصاً وروحاً وبالطريقة التي ارتآها الفريق وطاقمه العسكري. ولجان أخرى تهدف بالضرورة إلى مسح آثار حكم الإخوان.
قام الرئيس الجديد "منصور" من فوره وبلسان "السيسي" بإصدار عدد من القرارات الرئاسية بدءاً بحل مجلس الشورى المنتخب وهو المجلس الذي كان يتولى سلطة التشريع في البلاد قبل عزل الرئيس "مرسي"، ومروراً بقرارات تهدف إلى هدم ما قبل توليه الرئاسة سواء ما يتعلق بسياسات الدولة الداخلية والخارجية والخطط الاقتصادية، وانتهاءاً بقرارات تتعلق بالإقالات وبالتعينات المختلفة، حيث قرر إعفاء "محمد رفاعة الطهطاوى" من منصب رئيس ديوان رئيس الجمهوريه، وقرر تكليف اللواء أركان حرب "عبد المؤمن فوده" بأعمال رئيس ديوان رئيس الجمهورية. وقراراً آخر بتعيين اللواء "محمد فريد التهامي" رئيساً للمخابرات العامة، مكان اللواء "رأفت شحاته" وكان أهمها هو اختيار "حازم الببلاوي" لتشكيل الحكومة الجديدة. وفي ذات الوقت لم يجرؤ الرئيس الجديد على إبداء الرأي الخاص به كرئيس جمهورية في أحداث الحرس الجمهوري الدامية، التي راح ضحيتها عشرات الضحايا، أو الدماء التي تلتها في رمسيس ومناطق أخرى من المحتجين السلميين. كما لم يبدٍ رأياً رئاسياً في عشرات الآلاف من الاحتجاجات التي كانت تتقاطر في عهد "مرسي" بينما يعترض على الاحتجاجات الحالية.
إن رئيس الدولة الجديد وإن بدا كالسياسي المتمرس وصاحب الخبرة الطويلة من خلال التقلب بين المناصب والوزارات السياسية المختلفة، إلاّ أن الواقع يشير إلى أنه لا يعرف أي شيء، وفي ذات الوقت يجهل كل شيء، فهو رجل قادم من خارج السياسة، وعديم الاحتكاك بالسياسيين، الأمر الذي يعني أن القرار السياسي هو في أيدي الجيش، وسيظل بيد قيادة القوات المسلحة، ليس طوال الفترة الانتقالية وحسب، والتي لم يكن لأحد ضمان توقيتها لستة أشهر، بسبب أن هناك آلافاً من الحجح والمبررات لتأجيلها عدّة مرات وإلى ما لا نهاية، وحتى في حال حصول الانتخابات فإنها لن تكون نزيهة أو شفافة بأي حال، كما لا يوجد ضمانة في أن تستمر نتائجها خاصةً إذا أهادت التيار الإسلامي إلى الواجهة. وبالتالي فإن موعد العودة إلى الحكم المدني والديمقراطي سيظل بعيد المنال. وقد بدت بشائر العودة إلى الحكم العسكري تلوح منذ اللحظة التي فرض "السيسي" نفسه في تولي منصب نائب لرئيس الوزراء بالإضافة إلى احتفاظه بالبقاء في منصبه كوزير للدفاع، ضمن التوليفة الحكومية الجديدة، وذلك تمهيداً لتولي الجيش مهام سياسية في الدولة المصرية المستقبلية، ولا ننس رغبة الجيش الجامحة منذ استصدار المشير "حسين طنطاوي" الدستور المكمل خلال العام 2011، الذي جعل الجيش له النصيب السياسي الواضح في إدارة دفة الحكم في مصر.
لقد وجد الجيش المصري الفرصة المناسبة لإعادة فرض نفسه على الساحة المصرية، لا سيما بعد أن وجد قاعدة من المصريين على اختلافهم يرغبون في تولي الجيش مهام سياسية بهدف مصلحي ولإعادة التوازن بين التيارات وترجيح الصبغة المدنية للدولة المصرية وهدم إتاحة الفرصة أمام التيارات الإسلامية من التقدم نحو إمكانية تحويل مصر إلى دولة إسلامية هدفها فرض الشريعة الإسلامية داخل البلاد.
إلى الآن فإن كل الإشارات والدلائل تشير إلى أن ما دار ويدور من أحداث سياسية وأمنية، هي تحمل بصمات الجيش من غير شك، ولقد أشار العديد من الخبراء السياسيين إلى الحيل التي اتبعتها القوات المسلحة في بيانها كما يُسمّى (الانقلابي) ضد الرئيس "مرسي" ودوافعها من هذا التضليل. فبعد أن أعدّت القوات المسلحة المهام للقيام بالانقلاب، قامت بتشجيع الحركات المعارضة بالنزول للميادين، ليتسنَّ لها استتثمار ذلك لعزل الرئيس ويتم الإعلان عن أن الخطوة التي أقدم عليها الجيش بمثابة استجابة لدورها الوطني وليس السياسي، إدراكًا منها لحقيقة أن الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب، سوف يؤدي إلى قطع المعونات الاقتصادية الأوروبية والأمريكية، كما أنه سيعكّر صورتها أمام الرأي العام". لكن هنا وفي الخارج أيضاً من يشك في رواية الجيش، بل ويعتبر أن (تمرّد) هي الجيش.
في عادة الدساتير وخاصة الدستور المصري وعند خلو منصب الرئيس تقضي باستمرار الحكومة في تسيير أعمالها كما المعتاد، إلى حين انتخاب رئيس جديد حسب الدستور، وليس بأي حال أن يتم تسف الحكومة بالكليّة، وشطب نشاطاتها. إذ يُعتبر مثل ذلك الإجراء منافياً ولا شأن له بالديمقراطية، كما لا يمكن بأي حال، لجوء إي جهة بإصدار أيّة قرارات لها قوة القانون إلاّ الجهة المشرّعة والمنتخبة من الشعب، حيث أن أيّة قرارات مخالفة ستفوق مضارّها على منافعها فيما لو كانت هناك منافع.
كانت الجماعة الإسلامية وعلى رأسها الإخوان المسلمين، قد اعتبرت أن كل الأحداث التي قام بها الجيش هي باطلة وكل ما سيترتب عليها أيضاً. ولا تعترف بها بالمطلق، باعتبار أن السيادة لازالت بيد الشعب المصري وهو مصدر السلطات وإرادته فوق كل الإرادات، التي تجلت في انتخابات واستفتاءات نزيهة؛ باعتبارها المعيار العلمي والموضوعي الوحيد للتعرف على حقيقة هذه الإرادة ولا يجوز تغييرها إلاّ بنفس الأسلوب القائم على الحرية والديمقراطية.
وضمن هذا السياق، فإن الواقع المأزوم للمشهد المصري منذ بداية الأحداث وإلى الآن، لا يُبشر بخير وأن هناك انعكاسات وتداعيات تلوح في الأفق، وتنذر بكوارث تمسّ جميع المستويات، وعلى رأسها النسيج الوطني ووحدة الشعب المصري التي باتت في دائرة الخطر. وبالتأكيد وليس -عيباً وإنّما فخراً – فإن إمكانية التراجع والبحث عن بدائل وهي كثيرة وممكنة، باعتبارها أقرب الطرق وأفضلها لإيجاد الحلول التي بها تمام النجاة للجميع وقبل حدوث المواجهة. التي عند حصولها سيكون من الصعب صدّها أو تلافي أضرارها، وعندها لا ينفع الندم.
خانيونس/فلسطين
17/7/2013
د. عادل محمد عايش الأسطل
من الأعراف العسكرية التي سادت لدى إحدى الكتائب التابعة للجيش المصري منذ خمسينات القرن الماضي، والمتعلقة بتهرّب الأشخاص من أداء الخدمة في الجيش، أن أول عقوبة ينالها المتهربّ من أدائها، هي أن يُجبر على تسمية نفسه على اسم أنثى، قبل بدء التحقيق ومن ثمّ إنزال العقوبة الفعلية الواجبة، بسبب أن الهارب من الجيش لا يستحق أن يكون في مصاف الذكور أو أن يتسمّى بالرجال. فكان الجلادون الذين أُلقيت عليهم مهمة الجلد والتعذيب، يقومون بسؤال المتهرّب عن اسمه، فيقول أحمد أو محمد أو مصطفى وغير ذلك، فيقومون بإشباعه جلداً وتعذيباً، وهو لا يعلم لماذا كل ذلك؟ ثم يطلقون عليه ما يناسبه أو ما يخطر على بالهم من الأسماء المؤنثة مثل زنّوبة أو خدّوجة أو مريومة وهكذا. وعرض ذات يوم أن قبضوا على أحدهم وكان هناك من أعلمه بالأمر. فلمّا سألوه عن اسمه أجاب من فوره: خضرة أم ريالة. فما سمعوا منه ذلك حتى صاح أحدهم قائلاً: والنبي ده جاهز يا جدعان !!!
هكذا، هو الرئيس الجديد "عدلي منصور" الذي تم تنصيبه من قِبل الفريق أول وزير الدفاع "عبدالفتاح السيسي" الذي ارتضي أن يكون شماعة أو محلل حسب شريعة الحكم الجديدة في مصر. حيث جاء مواتياً أو بطريق الحظ والصدفة بالنظر إلى أنه لم يمض أسبوعين فقط على تولّيه منصب رئاسة المحكمة الدستورية العليا، والذي حسب الدساتير المصرية المُلغاة تباعاً، التي تنص على أن يحل رئيس المحكمة في المكان الشاغر للرئيس تحت الأسباب المعروفة والتي ليس منها الانقلاب، كما يروق للمعارضين تسمية الخطوة التي قام بها "السيسي" ضد الرئيس "محمد مرسي"، حتى يتّخذ منه - بلا سند ولاشرعية- رئيساً للجمهورية، للاختباء خلفه أمام الرأيين المحلي والدولي. وقد دلّت الوقائع بكل وضوح على أن الفريق "السيسي" هو الحاكم بأمره من غير شك. لا سيما بعد أن قام بالاستناد إلى خارطة الطريق التي اشتملها بيانه المشهور في الثالث من يوليو/تموز الجاري، بتعيين عددٍ من اللجان الخاصة التي ستأخذ على عاتقها تغيير شكل الحكم في الدولة ومنها لجنة خبراء ﻹعداد تعديلات دستورية من جديد، وتم منح "منصور" باعتباره (لجنة) صلاحية (تنفيذ) بنود خارطة الطريق نصاً وروحاً وبالطريقة التي ارتآها الفريق وطاقمه العسكري. ولجان أخرى تهدف بالضرورة إلى مسح آثار حكم الإخوان.
قام الرئيس الجديد "منصور" من فوره وبلسان "السيسي" بإصدار عدد من القرارات الرئاسية بدءاً بحل مجلس الشورى المنتخب وهو المجلس الذي كان يتولى سلطة التشريع في البلاد قبل عزل الرئيس "مرسي"، ومروراً بقرارات تهدف إلى هدم ما قبل توليه الرئاسة سواء ما يتعلق بسياسات الدولة الداخلية والخارجية والخطط الاقتصادية، وانتهاءاً بقرارات تتعلق بالإقالات وبالتعينات المختلفة، حيث قرر إعفاء "محمد رفاعة الطهطاوى" من منصب رئيس ديوان رئيس الجمهوريه، وقرر تكليف اللواء أركان حرب "عبد المؤمن فوده" بأعمال رئيس ديوان رئيس الجمهورية. وقراراً آخر بتعيين اللواء "محمد فريد التهامي" رئيساً للمخابرات العامة، مكان اللواء "رأفت شحاته" وكان أهمها هو اختيار "حازم الببلاوي" لتشكيل الحكومة الجديدة. وفي ذات الوقت لم يجرؤ الرئيس الجديد على إبداء الرأي الخاص به كرئيس جمهورية في أحداث الحرس الجمهوري الدامية، التي راح ضحيتها عشرات الضحايا، أو الدماء التي تلتها في رمسيس ومناطق أخرى من المحتجين السلميين. كما لم يبدٍ رأياً رئاسياً في عشرات الآلاف من الاحتجاجات التي كانت تتقاطر في عهد "مرسي" بينما يعترض على الاحتجاجات الحالية.
إن رئيس الدولة الجديد وإن بدا كالسياسي المتمرس وصاحب الخبرة الطويلة من خلال التقلب بين المناصب والوزارات السياسية المختلفة، إلاّ أن الواقع يشير إلى أنه لا يعرف أي شيء، وفي ذات الوقت يجهل كل شيء، فهو رجل قادم من خارج السياسة، وعديم الاحتكاك بالسياسيين، الأمر الذي يعني أن القرار السياسي هو في أيدي الجيش، وسيظل بيد قيادة القوات المسلحة، ليس طوال الفترة الانتقالية وحسب، والتي لم يكن لأحد ضمان توقيتها لستة أشهر، بسبب أن هناك آلافاً من الحجح والمبررات لتأجيلها عدّة مرات وإلى ما لا نهاية، وحتى في حال حصول الانتخابات فإنها لن تكون نزيهة أو شفافة بأي حال، كما لا يوجد ضمانة في أن تستمر نتائجها خاصةً إذا أهادت التيار الإسلامي إلى الواجهة. وبالتالي فإن موعد العودة إلى الحكم المدني والديمقراطي سيظل بعيد المنال. وقد بدت بشائر العودة إلى الحكم العسكري تلوح منذ اللحظة التي فرض "السيسي" نفسه في تولي منصب نائب لرئيس الوزراء بالإضافة إلى احتفاظه بالبقاء في منصبه كوزير للدفاع، ضمن التوليفة الحكومية الجديدة، وذلك تمهيداً لتولي الجيش مهام سياسية في الدولة المصرية المستقبلية، ولا ننس رغبة الجيش الجامحة منذ استصدار المشير "حسين طنطاوي" الدستور المكمل خلال العام 2011، الذي جعل الجيش له النصيب السياسي الواضح في إدارة دفة الحكم في مصر.
لقد وجد الجيش المصري الفرصة المناسبة لإعادة فرض نفسه على الساحة المصرية، لا سيما بعد أن وجد قاعدة من المصريين على اختلافهم يرغبون في تولي الجيش مهام سياسية بهدف مصلحي ولإعادة التوازن بين التيارات وترجيح الصبغة المدنية للدولة المصرية وهدم إتاحة الفرصة أمام التيارات الإسلامية من التقدم نحو إمكانية تحويل مصر إلى دولة إسلامية هدفها فرض الشريعة الإسلامية داخل البلاد.
إلى الآن فإن كل الإشارات والدلائل تشير إلى أن ما دار ويدور من أحداث سياسية وأمنية، هي تحمل بصمات الجيش من غير شك، ولقد أشار العديد من الخبراء السياسيين إلى الحيل التي اتبعتها القوات المسلحة في بيانها كما يُسمّى (الانقلابي) ضد الرئيس "مرسي" ودوافعها من هذا التضليل. فبعد أن أعدّت القوات المسلحة المهام للقيام بالانقلاب، قامت بتشجيع الحركات المعارضة بالنزول للميادين، ليتسنَّ لها استتثمار ذلك لعزل الرئيس ويتم الإعلان عن أن الخطوة التي أقدم عليها الجيش بمثابة استجابة لدورها الوطني وليس السياسي، إدراكًا منها لحقيقة أن الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب، سوف يؤدي إلى قطع المعونات الاقتصادية الأوروبية والأمريكية، كما أنه سيعكّر صورتها أمام الرأي العام". لكن هنا وفي الخارج أيضاً من يشك في رواية الجيش، بل ويعتبر أن (تمرّد) هي الجيش.
في عادة الدساتير وخاصة الدستور المصري وعند خلو منصب الرئيس تقضي باستمرار الحكومة في تسيير أعمالها كما المعتاد، إلى حين انتخاب رئيس جديد حسب الدستور، وليس بأي حال أن يتم تسف الحكومة بالكليّة، وشطب نشاطاتها. إذ يُعتبر مثل ذلك الإجراء منافياً ولا شأن له بالديمقراطية، كما لا يمكن بأي حال، لجوء إي جهة بإصدار أيّة قرارات لها قوة القانون إلاّ الجهة المشرّعة والمنتخبة من الشعب، حيث أن أيّة قرارات مخالفة ستفوق مضارّها على منافعها فيما لو كانت هناك منافع.
كانت الجماعة الإسلامية وعلى رأسها الإخوان المسلمين، قد اعتبرت أن كل الأحداث التي قام بها الجيش هي باطلة وكل ما سيترتب عليها أيضاً. ولا تعترف بها بالمطلق، باعتبار أن السيادة لازالت بيد الشعب المصري وهو مصدر السلطات وإرادته فوق كل الإرادات، التي تجلت في انتخابات واستفتاءات نزيهة؛ باعتبارها المعيار العلمي والموضوعي الوحيد للتعرف على حقيقة هذه الإرادة ولا يجوز تغييرها إلاّ بنفس الأسلوب القائم على الحرية والديمقراطية.
وضمن هذا السياق، فإن الواقع المأزوم للمشهد المصري منذ بداية الأحداث وإلى الآن، لا يُبشر بخير وأن هناك انعكاسات وتداعيات تلوح في الأفق، وتنذر بكوارث تمسّ جميع المستويات، وعلى رأسها النسيج الوطني ووحدة الشعب المصري التي باتت في دائرة الخطر. وبالتأكيد وليس -عيباً وإنّما فخراً – فإن إمكانية التراجع والبحث عن بدائل وهي كثيرة وممكنة، باعتبارها أقرب الطرق وأفضلها لإيجاد الحلول التي بها تمام النجاة للجميع وقبل حدوث المواجهة. التي عند حصولها سيكون من الصعب صدّها أو تلافي أضرارها، وعندها لا ينفع الندم.
خانيونس/فلسطين
17/7/2013
تعليق