حزب الله.. ذخر استراتيجي للأمة العربيةد. فايز رشيد
June 19, 2013
لو لم يكن حزب الله موجوداً، لكان على لبنان والأمة العربية برمتها إنشاء هذا الحزب، الذي لا يزال يتعرض لحملة شرسة واتهامات تحريضية، تجعل منه حزباً (شيطانياً) ليس إلاّ! الفارق كبير بين نقد موضوعي يوجه إلى الحزب حول بعض مواقفه السياسية، وبطــــريقة بعيدة عن الإساءة والتجريح، وبين السباب والشتيمة، واتهامه (بالتنسيق مــــع أعداء الأمة العربية) وكأنه (محتل للعديد من العواصم العربية) وكأنه يقف عثرة في تقرير تحرير فلسطين، وكأنه حزب (يمارس بلطجةً على الآخرين). ما يجري هو شتم من أجل الشتم وبعيد كل البعد عن الحقيقة والموضوعية، ويتم بطريقة تنم عن الحقد أكثر منها انتقادا لموقف. من ناحية اخرى فان حركة حماس التي ترعرعت في سورية، والتي احتضنتها سورية وحزب الله وقاتلت بسلاح الاطراف الثلاثة، انتقدت بشدة حزب الله وطالبته بالانسحاب من سورية.
مستفيداً من أخطاء حركة المقاومة الفلسطينية، انطلق الحزب متبنيا مقاومة العدو الصهيوني، والرد على اعتداءاته، ومساعدة المقاومة الفلسطينية، وتبني استراتيجية تصب في مجرى تحرير فلسطين، من دون ظهور مقاتل واحد له أو موقع في كل الجنوب اللبناني. أثناء الاعتداء الصهيوني على لبنان، وعندما كان يلزم مقاتلوه اللجوء إلى أحد المنازل، كان أولئك يتركون رسالة إلى أهل ذلك البيت، يتأسفون فيها لاضطرارهم الدخول إليه من دون إذن، تاركين عليها رقم هاتف للاتصال به من أجل التعويض على أصحابه، إذا اضطروا لاستعمال بعض تموينه. بعد الدمارالهائل لمنازل كثيرة في الجنوب والضاحية الجنوبية في بيروت، التي بدت وكأنها مدمرة مثل مدينة ليننغراد السوفييتية، التي حاصرها النازيون فترة تزيد عن الثلاث سنوات ودمّروها عن بكرة أبيها، وقف الحزب ليساهم في إعمار ما جرى تدميره، إلى أن عاد كل شيء بأفضل مما كان عليه.
نقول: ان حزب الله هو ذخرٌ استراتيجي ليس للبنان وحدها، وإنما للأمة العربية بكاملها، ليس لكونه أحرز انتصارين على العدو الصهيوني في عامي 2000 و2006، وإنما أيضاً لأنه قام بضرب العديد من الأهداف الصهيونية أثناء الحرب، الحزب سند استراتيجي للعرب والمسلمين للأسباب التالية:
أولاً إنه كسر مبدأ صهيونياً، ‘في نقل المعركة إلى أرض العدو’، ولأول مرة يضطر الإسرائيليون إلى الهجرة من شـــمال فلسطين المحتلة عام 1948، إلى مناطق أخرى فيها، هربا من صــــواريخ حزب الله، التي رأوها بأمهات أعينهـــــم وهي تتساقط على المواقع الإسرائيلية. هذا الأمر ليس بسيطاً في حسابات الحروب، إسرائيل لا تحتمل الحــرب عندما تصل إليــــها، لذلك سارعت إلى طلب وقف إطلاق النار في عام 2006، بعد أن كان هدفها القضاء على حزب الله وسلاحه، والذي حصل هو العكس فقد هُزمت إسرائيل وتشكلت لجنة للتحقيق في أسباب الإخفاق الإسرائيلي. تكرر الطلب الإسرائيلي بوقف إطلاق النار حين العدوان الأخير على قطاع غزة، بعد أن وصلت الصواريخ الفلسطينية إلى القدس وتل أبيب. هذه الصواريخ لم تكن لتمتــــلكها المقاومة الفلســـطينية لولا وجود حزب الله، وأيضاً لولا وجود نظام ممانع في سورية، ولولا وجود إيران التي أمدت المقاومة الفلسطينية بهذه الأسلحة. حركة حماس تمددت في سورية، ولم يعطِ النظام السوري أي تنظيم فلسطيني آخر، من حرية الحركة، مثلما أعطى لحركة حماس.
ثانياً: لقد وصل الحزب إلى حالة توازن في الردع مع العدو الصهيوني، الذي لولا خشيته من صواريخ حزب الله، لقام بحرث لبنان من شماله إلى جنوبه، ولجعل من لبنان مزرعة له، ولاستمر الجيب الانعزالي في جنوب لبنان، الذي خططت إسرائيل لإقامته بُعيد إنشائها، في استراتيجتيها الدفاعية عما تسميه حدودها. إنها المرة الأولى التي تصل فيها حركة مقاومة عربية إلى مرحلة توازن الردع (أو الرعب) مع الكيان الصهيوني.
ثالثا: حدد الحزب استراتيجية واضحة في رؤية المشروع الصهيوني في فلسطين والمنطقة، من خلال، ألا سلام مع إسرائيل، وأن الحل الاستراتيجي يتمثل في تدمير مشروعها الصهيوني، واجتثاثها من عموم الأرض العربية، وبذلك خرج الحزب من نطاقه اللبناني إلى إطاره العربي الواسع، وهكذا فإن هوية المقاومة الوطنية اللبنانية هي، لبنانية الوجه عربية المضمون. أيضاً لقد حدد الحزب استراتيجيته الواضحة بالنسبة لأهمية إفشال المشاريع الأمريكية الإسرائيلية -الغربية، وأهمية التصدي لها مع كل الأحزاب القومية والوطنية العربية، والوطنية الإسلامية. لم يتراجع الحزب عن أيٍّ من مبادئه الاستراتيجية، بل مع مرور الزمن يعزز هذه المبادئ بالمزيد من الحقائق واسعة الأفق، التي تُقيّم المشروع الصهيوني ليس باعتباره خطراً على الفلسطينيين فحسب، وإنما على الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وعلى الإنسانية جمعاء.
رابعاً: استطاع الحزب وبوضوح شديد المزج بين توجهه الديني (باعتباره حزباً إسلامياً ليس لطائفة أو مذهب إسلامي دون آخر، وإنما لاعتبارات جغرافية -ديموغرافية بحتة، استقطب الإخوة الشيعة فأصبحت غالبية أعضائه منهم) وبين العروبة، فهو يصر على إيضاح وجهه الثاني والتأكيد عليه في كل مناسبة، الأمر الذي يشكل نواة جاذبة لكل القوى الوطنية والقومية العربية والوطنية الإسلامية، في نضال جَمعي مشترك لإفشال المشروع الصهيوني في المنطقة، والتصدي لكافة المشاريع الأخرى أمريكية كانت أو غربية.
خامساً: استطاع الحزب أن يعيد إلى الأذهان حقيقة موقف الدين الإسلامي من الأعداء، قتالهم والاستعداد لهم (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) وليس الدين الذي يحوّره البعض بقصد استغلاله لأهداف سياسية، كما سوّغ العديدون من الفقهاء للسادات عقده للصلح مع الكيان الصهيوني في اتفاقية العار في كمب ديفيد. بهذا شكّل الحـــــزب خطا دينياً، وطنياً، قومياً بين اتجاهات دينية عديدة موجودة فــي هذه المرحلة، السلفية التي ترى القتال في البلدان العربية أهم من القتال ضد إسرائيل! الاتجاه المتصالح مع الوجود الإسرائيلي، بعد تسلمه للحكم في بعض البلدان العربية، وكانوا إبّان وجودهم في صفوف المعارضة ينظرّون لتحرير فلسطين، من دون ان يطلقوا طلقة واحدة باتجاه إسرائيل. الاتجاه الذي يرى أهمية تحرير العالم العربي وإقامة الخلافة الإسلامية قبل تحرير فلسطين، الاتجاه الذي لا يعتبر قضية فلسطين بنداً مركزياً استراتيجياً في منطلقاته الأيديولوجية.
سادساً: زاوج الحزب بين الاعتقاد النظري والتجربة العملية، فلم يبق قتال العدو الصهيوني: قضية نظرية، فكم وقف الحزب في سنوات عمره القليلة وخاض معارك قتالية مع القوات الإسرائيلية الغازية، كما يعلن استعداده الكامل للمزيد من قتال الإسرائيليين إذا ما قاموا بالاعتداء على لبنان.
سابعاً: ساهم الحزب وبفاعلية كبيرة وما زال يساهم في مساندة الفصائل المقاتلة الفلسطينية بكل أشكال الدعم.
ثامناً: مارس الحزب الصدق التام في أدبياته، فلم يسبق له أن أطعم نفسه بطولات لم يمارسها، ولم يخلف ما كان يعد به.
لكل ذلك فإنه وفقاً لإحصائيات إسرائيلية كثيرة: فإن غالبية الإسرائيليين يصدقون ما يقوله الحزب في بياناته، خاصة ما يقوله أمينه العام في خطاباته العديدة حول الصراع العربي – الصهيوني، وما يتعلق بحقيقة المعارك التي خاضها الحزب في الدفاع عن لبنان في مواجهة أشكال العدوان الإسرائيلي.
بالنسبة للموقف من الصراع في سورية، وقف الحزب وما يزال دفاعاً عن حليفه الاستراتيجي في مثلث الممانعة والمقاومة، بعد اتضاح حقيقة المؤامرة الدولية الكونية ضد سورية. لم يدخل الحزب المعركة القائمة بين النظام والقوى التكفيرية السلفية إلا بعد مرور سنتين من القتال، وبعد اتضاح تدخل العديد من الجنسيات من خلال المسلحين ضد النظام السوري. الحزب يمارس قناعاته على هذا الصعيد وينفذها بالإعلان عنها وبوضوح تام، ولم يفعل ذلك سرّاً ومن تحت الطاولة.
أمام اتضاح حقيقة المواقف الإسرائيلية المتمثلة في رفض حل الدولتين، سواء من خلال تصريحات قادته: وزير الاقتصاد بينيت، ونائب وزير الحرب دانون التي تؤكد على عدم موافقة اسرائيل على اقامة دولة فلسطينية، وبالمعنى العملي أيضا، من خلال المزيد والمزيد من الاستيطان الذي لم ولا ولن يتوقف مستقبلاً، ومن خلال ضرب الأسس العملية لقيام دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود عام 1967، ورفض الدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة، والدولة ثنائية القومية، والدولة لكل مواطنيها رفضاً صريحاً وقاطعا، ومن خلال الإعلان عن العمل من أجل تحقيق شعار’يهودية الدولة’ورفض الحقوق الوطنية الفلسطينية والعربية رفضاً تاماً، والاستمرار في ممارسة العدوان والمجازر والحديث عن حلم ‘دولة إسرائيل الكبرى’ التي لن تطال فلسطين فحسب، وإنما مساحات هائلة من أراضي الدول العربية أيضاً، والإعلان بين الفينة والأخرى من قبل أحزاب إسرائيلية عديدة، بأن الأردن هو’الوطن البديل للفلسطينيين’ فإن استراتيجية حزب الله تجاه إسرائيل هي الاستراتيجية السليمة والصحيحة في الصراع العربي – الصهيوني. بهذا المعنى يشكل حزب الله ذخراً استراتيجياً للأمة العربية.
‘ كاتب فلسطيني
June 19, 2013
لو لم يكن حزب الله موجوداً، لكان على لبنان والأمة العربية برمتها إنشاء هذا الحزب، الذي لا يزال يتعرض لحملة شرسة واتهامات تحريضية، تجعل منه حزباً (شيطانياً) ليس إلاّ! الفارق كبير بين نقد موضوعي يوجه إلى الحزب حول بعض مواقفه السياسية، وبطــــريقة بعيدة عن الإساءة والتجريح، وبين السباب والشتيمة، واتهامه (بالتنسيق مــــع أعداء الأمة العربية) وكأنه (محتل للعديد من العواصم العربية) وكأنه يقف عثرة في تقرير تحرير فلسطين، وكأنه حزب (يمارس بلطجةً على الآخرين). ما يجري هو شتم من أجل الشتم وبعيد كل البعد عن الحقيقة والموضوعية، ويتم بطريقة تنم عن الحقد أكثر منها انتقادا لموقف. من ناحية اخرى فان حركة حماس التي ترعرعت في سورية، والتي احتضنتها سورية وحزب الله وقاتلت بسلاح الاطراف الثلاثة، انتقدت بشدة حزب الله وطالبته بالانسحاب من سورية.
مستفيداً من أخطاء حركة المقاومة الفلسطينية، انطلق الحزب متبنيا مقاومة العدو الصهيوني، والرد على اعتداءاته، ومساعدة المقاومة الفلسطينية، وتبني استراتيجية تصب في مجرى تحرير فلسطين، من دون ظهور مقاتل واحد له أو موقع في كل الجنوب اللبناني. أثناء الاعتداء الصهيوني على لبنان، وعندما كان يلزم مقاتلوه اللجوء إلى أحد المنازل، كان أولئك يتركون رسالة إلى أهل ذلك البيت، يتأسفون فيها لاضطرارهم الدخول إليه من دون إذن، تاركين عليها رقم هاتف للاتصال به من أجل التعويض على أصحابه، إذا اضطروا لاستعمال بعض تموينه. بعد الدمارالهائل لمنازل كثيرة في الجنوب والضاحية الجنوبية في بيروت، التي بدت وكأنها مدمرة مثل مدينة ليننغراد السوفييتية، التي حاصرها النازيون فترة تزيد عن الثلاث سنوات ودمّروها عن بكرة أبيها، وقف الحزب ليساهم في إعمار ما جرى تدميره، إلى أن عاد كل شيء بأفضل مما كان عليه.
نقول: ان حزب الله هو ذخرٌ استراتيجي ليس للبنان وحدها، وإنما للأمة العربية بكاملها، ليس لكونه أحرز انتصارين على العدو الصهيوني في عامي 2000 و2006، وإنما أيضاً لأنه قام بضرب العديد من الأهداف الصهيونية أثناء الحرب، الحزب سند استراتيجي للعرب والمسلمين للأسباب التالية:
أولاً إنه كسر مبدأ صهيونياً، ‘في نقل المعركة إلى أرض العدو’، ولأول مرة يضطر الإسرائيليون إلى الهجرة من شـــمال فلسطين المحتلة عام 1948، إلى مناطق أخرى فيها، هربا من صــــواريخ حزب الله، التي رأوها بأمهات أعينهـــــم وهي تتساقط على المواقع الإسرائيلية. هذا الأمر ليس بسيطاً في حسابات الحروب، إسرائيل لا تحتمل الحــرب عندما تصل إليــــها، لذلك سارعت إلى طلب وقف إطلاق النار في عام 2006، بعد أن كان هدفها القضاء على حزب الله وسلاحه، والذي حصل هو العكس فقد هُزمت إسرائيل وتشكلت لجنة للتحقيق في أسباب الإخفاق الإسرائيلي. تكرر الطلب الإسرائيلي بوقف إطلاق النار حين العدوان الأخير على قطاع غزة، بعد أن وصلت الصواريخ الفلسطينية إلى القدس وتل أبيب. هذه الصواريخ لم تكن لتمتــــلكها المقاومة الفلســـطينية لولا وجود حزب الله، وأيضاً لولا وجود نظام ممانع في سورية، ولولا وجود إيران التي أمدت المقاومة الفلسطينية بهذه الأسلحة. حركة حماس تمددت في سورية، ولم يعطِ النظام السوري أي تنظيم فلسطيني آخر، من حرية الحركة، مثلما أعطى لحركة حماس.
ثانياً: لقد وصل الحزب إلى حالة توازن في الردع مع العدو الصهيوني، الذي لولا خشيته من صواريخ حزب الله، لقام بحرث لبنان من شماله إلى جنوبه، ولجعل من لبنان مزرعة له، ولاستمر الجيب الانعزالي في جنوب لبنان، الذي خططت إسرائيل لإقامته بُعيد إنشائها، في استراتيجتيها الدفاعية عما تسميه حدودها. إنها المرة الأولى التي تصل فيها حركة مقاومة عربية إلى مرحلة توازن الردع (أو الرعب) مع الكيان الصهيوني.
ثالثا: حدد الحزب استراتيجية واضحة في رؤية المشروع الصهيوني في فلسطين والمنطقة، من خلال، ألا سلام مع إسرائيل، وأن الحل الاستراتيجي يتمثل في تدمير مشروعها الصهيوني، واجتثاثها من عموم الأرض العربية، وبذلك خرج الحزب من نطاقه اللبناني إلى إطاره العربي الواسع، وهكذا فإن هوية المقاومة الوطنية اللبنانية هي، لبنانية الوجه عربية المضمون. أيضاً لقد حدد الحزب استراتيجيته الواضحة بالنسبة لأهمية إفشال المشاريع الأمريكية الإسرائيلية -الغربية، وأهمية التصدي لها مع كل الأحزاب القومية والوطنية العربية، والوطنية الإسلامية. لم يتراجع الحزب عن أيٍّ من مبادئه الاستراتيجية، بل مع مرور الزمن يعزز هذه المبادئ بالمزيد من الحقائق واسعة الأفق، التي تُقيّم المشروع الصهيوني ليس باعتباره خطراً على الفلسطينيين فحسب، وإنما على الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وعلى الإنسانية جمعاء.
رابعاً: استطاع الحزب وبوضوح شديد المزج بين توجهه الديني (باعتباره حزباً إسلامياً ليس لطائفة أو مذهب إسلامي دون آخر، وإنما لاعتبارات جغرافية -ديموغرافية بحتة، استقطب الإخوة الشيعة فأصبحت غالبية أعضائه منهم) وبين العروبة، فهو يصر على إيضاح وجهه الثاني والتأكيد عليه في كل مناسبة، الأمر الذي يشكل نواة جاذبة لكل القوى الوطنية والقومية العربية والوطنية الإسلامية، في نضال جَمعي مشترك لإفشال المشروع الصهيوني في المنطقة، والتصدي لكافة المشاريع الأخرى أمريكية كانت أو غربية.
خامساً: استطاع الحزب أن يعيد إلى الأذهان حقيقة موقف الدين الإسلامي من الأعداء، قتالهم والاستعداد لهم (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) وليس الدين الذي يحوّره البعض بقصد استغلاله لأهداف سياسية، كما سوّغ العديدون من الفقهاء للسادات عقده للصلح مع الكيان الصهيوني في اتفاقية العار في كمب ديفيد. بهذا شكّل الحـــــزب خطا دينياً، وطنياً، قومياً بين اتجاهات دينية عديدة موجودة فــي هذه المرحلة، السلفية التي ترى القتال في البلدان العربية أهم من القتال ضد إسرائيل! الاتجاه المتصالح مع الوجود الإسرائيلي، بعد تسلمه للحكم في بعض البلدان العربية، وكانوا إبّان وجودهم في صفوف المعارضة ينظرّون لتحرير فلسطين، من دون ان يطلقوا طلقة واحدة باتجاه إسرائيل. الاتجاه الذي يرى أهمية تحرير العالم العربي وإقامة الخلافة الإسلامية قبل تحرير فلسطين، الاتجاه الذي لا يعتبر قضية فلسطين بنداً مركزياً استراتيجياً في منطلقاته الأيديولوجية.
سادساً: زاوج الحزب بين الاعتقاد النظري والتجربة العملية، فلم يبق قتال العدو الصهيوني: قضية نظرية، فكم وقف الحزب في سنوات عمره القليلة وخاض معارك قتالية مع القوات الإسرائيلية الغازية، كما يعلن استعداده الكامل للمزيد من قتال الإسرائيليين إذا ما قاموا بالاعتداء على لبنان.
سابعاً: ساهم الحزب وبفاعلية كبيرة وما زال يساهم في مساندة الفصائل المقاتلة الفلسطينية بكل أشكال الدعم.
ثامناً: مارس الحزب الصدق التام في أدبياته، فلم يسبق له أن أطعم نفسه بطولات لم يمارسها، ولم يخلف ما كان يعد به.
لكل ذلك فإنه وفقاً لإحصائيات إسرائيلية كثيرة: فإن غالبية الإسرائيليين يصدقون ما يقوله الحزب في بياناته، خاصة ما يقوله أمينه العام في خطاباته العديدة حول الصراع العربي – الصهيوني، وما يتعلق بحقيقة المعارك التي خاضها الحزب في الدفاع عن لبنان في مواجهة أشكال العدوان الإسرائيلي.
بالنسبة للموقف من الصراع في سورية، وقف الحزب وما يزال دفاعاً عن حليفه الاستراتيجي في مثلث الممانعة والمقاومة، بعد اتضاح حقيقة المؤامرة الدولية الكونية ضد سورية. لم يدخل الحزب المعركة القائمة بين النظام والقوى التكفيرية السلفية إلا بعد مرور سنتين من القتال، وبعد اتضاح تدخل العديد من الجنسيات من خلال المسلحين ضد النظام السوري. الحزب يمارس قناعاته على هذا الصعيد وينفذها بالإعلان عنها وبوضوح تام، ولم يفعل ذلك سرّاً ومن تحت الطاولة.
أمام اتضاح حقيقة المواقف الإسرائيلية المتمثلة في رفض حل الدولتين، سواء من خلال تصريحات قادته: وزير الاقتصاد بينيت، ونائب وزير الحرب دانون التي تؤكد على عدم موافقة اسرائيل على اقامة دولة فلسطينية، وبالمعنى العملي أيضا، من خلال المزيد والمزيد من الاستيطان الذي لم ولا ولن يتوقف مستقبلاً، ومن خلال ضرب الأسس العملية لقيام دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود عام 1967، ورفض الدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة، والدولة ثنائية القومية، والدولة لكل مواطنيها رفضاً صريحاً وقاطعا، ومن خلال الإعلان عن العمل من أجل تحقيق شعار’يهودية الدولة’ورفض الحقوق الوطنية الفلسطينية والعربية رفضاً تاماً، والاستمرار في ممارسة العدوان والمجازر والحديث عن حلم ‘دولة إسرائيل الكبرى’ التي لن تطال فلسطين فحسب، وإنما مساحات هائلة من أراضي الدول العربية أيضاً، والإعلان بين الفينة والأخرى من قبل أحزاب إسرائيلية عديدة، بأن الأردن هو’الوطن البديل للفلسطينيين’ فإن استراتيجية حزب الله تجاه إسرائيل هي الاستراتيجية السليمة والصحيحة في الصراع العربي – الصهيوني. بهذا المعنى يشكل حزب الله ذخراً استراتيجياً للأمة العربية.
‘ كاتب فلسطيني
تعليق