الإعلام الحربي- خاص
تعتبر عملية "استدراج الأغبياء" النوعية التي وقعت أحداثها قبل نحو أربعة سنوات والتي تصادف ذكراها اليوم، واحدة من أكثر العمليات الجهادية جرأة وتعقيداً كونها أصابت جيش الاحتلال الصهيوني بالمقتل باستهداف واحدة من أقوى وحداته العسكرية والمسماة بلواء "جولاني".
وشكلت العملية الجهادية التي نفذها مقاتلو سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، شرق مدينة خان يونس ضربة هي الأقوى التي يتلقاها الجيش الصهيوني منذ انتهاء العدوان الكبير على القطاع في فبراير 2009. وقد أربكت العملية التي قتل فيها ضابط وجندي صهيوني وأصيب خمسة آخرون، حسابات حكومة العدو التي سارع قادتها إلى إطلاق تهديدات بتصفية قادة المقاومة واحتلال قطاع غزة من جديد.
واعترف جيش الاحتلال الصهيوني أن المقاتلين الفلسطينيين أطلقوا النار على الجنود الصهاينة من مسافة قريبة جدا، وأوضح جيش الاحتلال أن القائد الذي قتل فيها ارتكب خطأ تكتيكيا أوقعه وجنود من لواء جولاني في كمين محكم أدى إلى نتائج وخيمة.
وقد اكتنف الغموض تفاصيل العملية آنذاك، حيث تأنت سرايا القدس في الإعلان عنها والإفصاح عن هوية منفذيها الذين تبين لاحقا استشهاد أحد منفذيها- لأسباب تتعلق بانقطاع الاتصال بالمنفذين وعدم اتضاح مصير المجاهد الثالث "بسام" إلا بعد فترة من الوقت، والذي استشهد بعد عدة أشهر في عملية جهادية أخرى.
وكان "الإعلام الحربي" قد حظي بإجراء حوار مفصل مع الشهيد المجاهد "بسام الدغمة"عن العملية التي قادها رفيقه الاستشهادي " سليمان عرفات" ورفيقه المجاهد " جهاد الدغمة" الذين استشهد في ساحة المعركة بعد أن اشتبكوا مع جيش الاحتلال الذي دفع بتعزيزات كبيرة إلى مسرح العملية .
بدأ المجاهد "بسام الدغمة" حديثه بالحمد والثناء على الله تعالى أن مكنه وإخوانه المجاهدين من شفاء صدور المؤمنين في كل بقاع المعمورة من هذا العدو المتغطرس الذي يستبيح مقدساتنا الإسلامية، قبل الخوض في الحديث عن إرهاصات العملية. ثم قال:" منذ أكثر من شهر ونصف ونحن نراقب تحركات آليات العدو على الشريط الحدودي في تلك المنطقة الواقعة جنوب شرق بوابة " السريج"، حيث تم تصوير المكان في أوقات مختلفة للبحث عن ثغرة يمكن من خلالها إرباك العدو وتحقيق عنصر المفاجأة الذي تحقق بالفعل بفضل الله ومعيته".
ويضيف الدغمة :"بعد دراسة مستفيضة لكل الحيثيات والتوقعات، تم اختيار ساعة الصفر وقت الظهيرة من بعد صلاة الجمعة بدقة وعناية، لأسباب نتحفظ على ذكرها".
وأكد المجاهد أن من شارك في تنفيذ العملية الجهادية مجموعة عسكرية متكاملة كانت على اتصال مباشر بقيادتها الميدانية، مشيراً إلى أن الشهيد سليمان عرفات الذي كلّف بقيادة عملية "استدراج الأغبياء" جلس مع المجموعة المنفذة قبل تنفيذ المهمة الجهادية، وقام بتوزيع الأدوار والمهام المطلوب تنفيذها من كل عنصر مشارك في الهجوم.
وأكد المجاهد في سرايا القدس أن الشهيد سليمان أبى إلا أن يكون في خط المواجهة الأول مع العدو، قائلاً كلماته الأخيرة على هذه الدنيا الفانية " لقد خرجنا اليوم متوكلين على الله العلي القدير لقتل أكبر عدد ممكن من جنود الاحتلال، ولن أعود إلا بعد الانتقام لصرخات مقدساتنا وأطفالنا وآهات أمهاتنا الثكلى ولكل الحرائر".
وواصل الدغمة حديثه عن اللحظات الأولى للعملية الجريئة، قائلاً :" تقدم سليمان وأحد المجاهدين زحفاً لمسافة ثلاثمائة متر، حيث استطاعا في وضح النهار الوصول إلى ثغرة تم رصدها قرب السياج الأمني للاحتلال، ونصب فيها عبوة مموهة بطبيعة المكان وأثناء انسحابهما شاهدا المجاهدين كلاب بوليسية داخل السياج فأسرعا إلى الاختباء خلف "تلة" من الرمل على بعد بضعة أمتار من السياج الأمني للاحتلال قبل انتهاء المهمة"، لافتاً إلى أن المجموعة كانت قد نصبت عبوة مموهة على مقربة من المكان نفسه قبل عدة أسابيع.
وتابع قائلاً :"في تلك الأثناء بدأت الأبراج العسكرية بإطلاق أعيرة نارية في المكان بشكل عشوائي، من ثم خرجت مجموعة من قوات الاحتلال يتقدمهم قصاص اثر باتجاه العبوة الناسفة، فيما تابعت القوة العسكرية سلك العبوة ".
ويضيف: "في ذلك الوقت بلغت قلوبنا الحناجر التي كانت تصدح بالدعاء والثبات وبتقبل عملنا خالصا ً لوجهه الكريم، فيما كانت عيوننا شاخصة نحو الأعداء، وأيدينا قابضة على الزناد استعدادا للحظة الصفر".
وأوضح المجاهد أن قصاص الأثر اكتشف مكان وجود إحدى العبوات واستطاع قص سلك التفجير، فيما تقدمت الوحدة الصهيونية الخاصة بخطوات متسارعة نحو المكان الذي اختبأ فيه سليمان ومن معه اللذان خرجا عليهم في اللحظات الحاسمة و على مسافة قريبة، وفاجئه العدو بصيحات الله أكبر وزخات من رصاص أسلحتهم الرشاشة، حيث سقط جميع الجنود أرضاً لم نسمع إلا صوت صراخهم وعويلهم، وفي تلك الأثناء بدأت وحدة الإسناد التي كنت أحد عناصرها بإطلاق النار الكثيف من أسلحتهم المتوسطة نحو الجنود والأبراج العسكرية من محورين.
وبين المتحدث أن عملية إطلاق النار نحو الجنود استمرت لعدة دقائق، قمنا أثناءها بتفجير عبوة ناسفة التي تم وضعها قبل عدة أسابيع ، وإطلاق قذيفة " أر. بي. جي" وزخات من الرصاص، لتمكين سليمان ورفيقه من الانسحاب. مؤكدا أن سليمان أوعز للمجاهد الذي كان بصحبته بسبب إصابته بالانسحاب وفقاً للخطة، فيما فضل سليمان التخندق في مكانه لقتل المزيد من جنود الاحتلال، مشيراً إلى أن ما حدث من تمثيل في جثمان الشهيد سليمان يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك ما حققه الشهيد من انتصار وتكبيد لجيش الاحتلال خسائر فادحة أكثر بكثير مما تم الإفصاح عنه عبر وسائل الإعلام الصهيونية وغيرها.
ولفت المجاهد مستطردا في حديثه لـ"الإعلام الحربي" إلى أن تدخل الآليات الصهيونية والطائرات الحربية بدأ بعد عدة دقائق من تنفيذ العملية وتكللها بالنجاح.
وتطابقت رواية الرقيب في الكتيبة 12 من لواء جولاني جاي المكييس الي كان ضمن الوحدة التي وقعت في كمين "استدراج الأغبياء" ،بعد تعرضه لإصابة متوسطة، مع تصريحات الشهيد المجاهد "بسام الدغمة"، حيث أكد أن الوحدة الصهيونية تعرضت لاطلاق نار كثيف من مسافة لا تتجاوز المتر ونصف .
ويؤكد "جاي" انه في أعقاب تلقيهم قرارا بدخول المنطقة بحثا عن عبوات ناسفة والذي سبقه إطلاق نار لتمشيط المنطقة من قبل الجيش الصهيوني، شاهد نائب الكتيبة 12 من لواء جولاني جسم مشبوه، حيث طلب من قصاص الأثر ان يفحص الجسم الذي تبين انه عبوة ناسفة، حيث عثر على السلك الذي يؤدي إلى تفجيره وقام قصاص الأثر بقطع السلك، بعد ذلك سارت المجموعة لأمتار إضافية داخل قطاع غزة، حيث فتحت عليهم النار دون معرفة الاتجاه الذي يطلق منه النار ما دفع أفراد المجموعة إلى الارتماء على الأرض.
وتابع حديثه قائلاً:" لم نستطع الرد على مصادر النيران، ولم يقتصر الأمر على ذلك حيث جاءت نيران إضافية من مسافة قصيرة لا تتجاوز المتر ونصف والتي أدت إلى إيقاع الإصابات ويضيف " :اذكر أنني صرخت لحظة إصابتي ونظرت إلى نائب قائد المجموعة الذي لم يكن بعيدا عني سوى متر واحد فوجدته ملقى على الأرض وقد فارق الحياة، ولا زلت اذكر جيدا النظرة التي كانت في عيونه والتي لن انساها ما حييت، بعد ذلك وصلت طواقم الانقاذ وتم تقديم الاسعافات الاولية لي من قبل طبيب عسكري ومن ثم تم نقلي الى مستشفى سوروكا في مدينة بئر السبع" .
ونقلت آنذاك الصحف العبرية عن مصادر عسكرية في جيش الاحتلال قولها " أن وحدة من كتيبة 12 في لواء جولاني في الجيش الصهيوني، دخلت إلى مناطق قطاع غزة بالقرب من معبر "كوسوفيم" وذلك بهدف فحص أجسام مشبوهة شوهدت في المنطقة منذ الصباح، حيث أعطي القرار للمجموعة الساعة الرابعة عصرا بدخول المنطقة من اجل التأكد إذا كانت هذه الأجسام المشبوهة عبوات ناسفة".
وأضافت المصادر "أنه لحظة دخول الجنود إلى المنطقة الفلسطينية اصطدموا مع مجموعة من المقاومين تضع عبوة ناسفة ليس بعيدا عنهم إلا عشرات الأمتار، حيث فتحوا النيران على المجموعة الفلسطينية وجرى ملاحقة لهم، وأثناء ذلك انفجرت عبوة ناسفة في الجنود الصهاينة وتم إطلاق نار من أسلحة خفيفة من قبل عناصر المقاومة، ما أدى إلى مقتل نائب كتيبة 12 من لواء جولاني في الجيش الصهيوني واحد الجنود من نفس الكتيبة، وكذلك إصابة اثنين من الجنود تم نقلهم إلى مستشفى سوروكا في مدينة بئر السبع".
وسرد التقرير مزيداً من تفاصيل العملية التي هلك فيها الرائد اليراز بيرتس، ( 31 عاماً) من إحدى مستوطنات الضفة المحتلة، والعريف أول ايلان سبياتكوفسكي ( 21 عاماً)، من "ريشون لتسيون"، لافتاً النظر إلى الرائد بيرتس هو نائب كتيبة 12 في لواء "غولاني" و شقيقه الأكبر، الملازم اوريئيل قتل في جنوب لبنان في 1998م.
ومن جانبه وصف الخبير في الشأن العسكري يوسف الشرقاوي، عملية استدراج سرايا القدس لقيادة النخبة في جيش الاحتلال الصهيوني، بـ"الرائعة والمميزة"، مبيناً أنها أشفت غليل الفلسطينيين وأعادت للقضية الفلسطينية اعتبارها الأخلاقي القائم على حق المقاومة في الكفاح المسلح ضد الاحتلال.
وقال الشرقاوي لـ"الإعلام الحربي" في حديث سابق :"هذه العميلة تطور نوعي على أداء المقاومة من حيث الكمين الذي نصب، وهو كمين رائع استطاعت المقاومة عبره استدراج قوة جولاني التي تعد نخبة النخب في جيش الاحتلال".
وأوضح الشرقاوي أن استخدام أسلوب "استدراج" في وصف العملية جاء أفضل من الناحية الفنية في أساليب حرب العصابات التكتيكية والتي خاضتها المقاومة في عمليتها من حيث الكمين المحكم الذي أعدته لجنود الاحتلال.
وأضاف:"بصراحة المقاومة عندما تستطيع قتل قائد كتيبة في وحدة جولاني المهاجمة دليل على أن العملية قفزة نوعية وممتازة".
وشدد على أن شوكة المقاومة لن تنكسر بعد هذه العملية النوعية، وأنها جاءت تأكيدا على أن المقاومة عنيفة ومنتصرة ولا تستجدي أحد، مشيدا بدور المقاومة في دورها الدفاع عن القضية الفلسطينية.
تعتبر عملية "استدراج الأغبياء" النوعية التي وقعت أحداثها قبل نحو أربعة سنوات والتي تصادف ذكراها اليوم، واحدة من أكثر العمليات الجهادية جرأة وتعقيداً كونها أصابت جيش الاحتلال الصهيوني بالمقتل باستهداف واحدة من أقوى وحداته العسكرية والمسماة بلواء "جولاني".
وشكلت العملية الجهادية التي نفذها مقاتلو سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، شرق مدينة خان يونس ضربة هي الأقوى التي يتلقاها الجيش الصهيوني منذ انتهاء العدوان الكبير على القطاع في فبراير 2009. وقد أربكت العملية التي قتل فيها ضابط وجندي صهيوني وأصيب خمسة آخرون، حسابات حكومة العدو التي سارع قادتها إلى إطلاق تهديدات بتصفية قادة المقاومة واحتلال قطاع غزة من جديد.
واعترف جيش الاحتلال الصهيوني أن المقاتلين الفلسطينيين أطلقوا النار على الجنود الصهاينة من مسافة قريبة جدا، وأوضح جيش الاحتلال أن القائد الذي قتل فيها ارتكب خطأ تكتيكيا أوقعه وجنود من لواء جولاني في كمين محكم أدى إلى نتائج وخيمة.
وقد اكتنف الغموض تفاصيل العملية آنذاك، حيث تأنت سرايا القدس في الإعلان عنها والإفصاح عن هوية منفذيها الذين تبين لاحقا استشهاد أحد منفذيها- لأسباب تتعلق بانقطاع الاتصال بالمنفذين وعدم اتضاح مصير المجاهد الثالث "بسام" إلا بعد فترة من الوقت، والذي استشهد بعد عدة أشهر في عملية جهادية أخرى.
وكان "الإعلام الحربي" قد حظي بإجراء حوار مفصل مع الشهيد المجاهد "بسام الدغمة"عن العملية التي قادها رفيقه الاستشهادي " سليمان عرفات" ورفيقه المجاهد " جهاد الدغمة" الذين استشهد في ساحة المعركة بعد أن اشتبكوا مع جيش الاحتلال الذي دفع بتعزيزات كبيرة إلى مسرح العملية .
بدأ المجاهد "بسام الدغمة" حديثه بالحمد والثناء على الله تعالى أن مكنه وإخوانه المجاهدين من شفاء صدور المؤمنين في كل بقاع المعمورة من هذا العدو المتغطرس الذي يستبيح مقدساتنا الإسلامية، قبل الخوض في الحديث عن إرهاصات العملية. ثم قال:" منذ أكثر من شهر ونصف ونحن نراقب تحركات آليات العدو على الشريط الحدودي في تلك المنطقة الواقعة جنوب شرق بوابة " السريج"، حيث تم تصوير المكان في أوقات مختلفة للبحث عن ثغرة يمكن من خلالها إرباك العدو وتحقيق عنصر المفاجأة الذي تحقق بالفعل بفضل الله ومعيته".
ويضيف الدغمة :"بعد دراسة مستفيضة لكل الحيثيات والتوقعات، تم اختيار ساعة الصفر وقت الظهيرة من بعد صلاة الجمعة بدقة وعناية، لأسباب نتحفظ على ذكرها".
وأكد المجاهد أن من شارك في تنفيذ العملية الجهادية مجموعة عسكرية متكاملة كانت على اتصال مباشر بقيادتها الميدانية، مشيراً إلى أن الشهيد سليمان عرفات الذي كلّف بقيادة عملية "استدراج الأغبياء" جلس مع المجموعة المنفذة قبل تنفيذ المهمة الجهادية، وقام بتوزيع الأدوار والمهام المطلوب تنفيذها من كل عنصر مشارك في الهجوم.
وأكد المجاهد في سرايا القدس أن الشهيد سليمان أبى إلا أن يكون في خط المواجهة الأول مع العدو، قائلاً كلماته الأخيرة على هذه الدنيا الفانية " لقد خرجنا اليوم متوكلين على الله العلي القدير لقتل أكبر عدد ممكن من جنود الاحتلال، ولن أعود إلا بعد الانتقام لصرخات مقدساتنا وأطفالنا وآهات أمهاتنا الثكلى ولكل الحرائر".
وواصل الدغمة حديثه عن اللحظات الأولى للعملية الجريئة، قائلاً :" تقدم سليمان وأحد المجاهدين زحفاً لمسافة ثلاثمائة متر، حيث استطاعا في وضح النهار الوصول إلى ثغرة تم رصدها قرب السياج الأمني للاحتلال، ونصب فيها عبوة مموهة بطبيعة المكان وأثناء انسحابهما شاهدا المجاهدين كلاب بوليسية داخل السياج فأسرعا إلى الاختباء خلف "تلة" من الرمل على بعد بضعة أمتار من السياج الأمني للاحتلال قبل انتهاء المهمة"، لافتاً إلى أن المجموعة كانت قد نصبت عبوة مموهة على مقربة من المكان نفسه قبل عدة أسابيع.
وتابع قائلاً :"في تلك الأثناء بدأت الأبراج العسكرية بإطلاق أعيرة نارية في المكان بشكل عشوائي، من ثم خرجت مجموعة من قوات الاحتلال يتقدمهم قصاص اثر باتجاه العبوة الناسفة، فيما تابعت القوة العسكرية سلك العبوة ".
المفاجأة أربكت العدو
ويضيف: "في ذلك الوقت بلغت قلوبنا الحناجر التي كانت تصدح بالدعاء والثبات وبتقبل عملنا خالصا ً لوجهه الكريم، فيما كانت عيوننا شاخصة نحو الأعداء، وأيدينا قابضة على الزناد استعدادا للحظة الصفر".
وأوضح المجاهد أن قصاص الأثر اكتشف مكان وجود إحدى العبوات واستطاع قص سلك التفجير، فيما تقدمت الوحدة الصهيونية الخاصة بخطوات متسارعة نحو المكان الذي اختبأ فيه سليمان ومن معه اللذان خرجا عليهم في اللحظات الحاسمة و على مسافة قريبة، وفاجئه العدو بصيحات الله أكبر وزخات من رصاص أسلحتهم الرشاشة، حيث سقط جميع الجنود أرضاً لم نسمع إلا صوت صراخهم وعويلهم، وفي تلك الأثناء بدأت وحدة الإسناد التي كنت أحد عناصرها بإطلاق النار الكثيف من أسلحتهم المتوسطة نحو الجنود والأبراج العسكرية من محورين.
وبين المتحدث أن عملية إطلاق النار نحو الجنود استمرت لعدة دقائق، قمنا أثناءها بتفجير عبوة ناسفة التي تم وضعها قبل عدة أسابيع ، وإطلاق قذيفة " أر. بي. جي" وزخات من الرصاص، لتمكين سليمان ورفيقه من الانسحاب. مؤكدا أن سليمان أوعز للمجاهد الذي كان بصحبته بسبب إصابته بالانسحاب وفقاً للخطة، فيما فضل سليمان التخندق في مكانه لقتل المزيد من جنود الاحتلال، مشيراً إلى أن ما حدث من تمثيل في جثمان الشهيد سليمان يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك ما حققه الشهيد من انتصار وتكبيد لجيش الاحتلال خسائر فادحة أكثر بكثير مما تم الإفصاح عنه عبر وسائل الإعلام الصهيونية وغيرها.
ولفت المجاهد مستطردا في حديثه لـ"الإعلام الحربي" إلى أن تدخل الآليات الصهيونية والطائرات الحربية بدأ بعد عدة دقائق من تنفيذ العملية وتكللها بالنجاح.
اعتراف بالخيبة والفشل
وتطابقت رواية الرقيب في الكتيبة 12 من لواء جولاني جاي المكييس الي كان ضمن الوحدة التي وقعت في كمين "استدراج الأغبياء" ،بعد تعرضه لإصابة متوسطة، مع تصريحات الشهيد المجاهد "بسام الدغمة"، حيث أكد أن الوحدة الصهيونية تعرضت لاطلاق نار كثيف من مسافة لا تتجاوز المتر ونصف .
ويؤكد "جاي" انه في أعقاب تلقيهم قرارا بدخول المنطقة بحثا عن عبوات ناسفة والذي سبقه إطلاق نار لتمشيط المنطقة من قبل الجيش الصهيوني، شاهد نائب الكتيبة 12 من لواء جولاني جسم مشبوه، حيث طلب من قصاص الأثر ان يفحص الجسم الذي تبين انه عبوة ناسفة، حيث عثر على السلك الذي يؤدي إلى تفجيره وقام قصاص الأثر بقطع السلك، بعد ذلك سارت المجموعة لأمتار إضافية داخل قطاع غزة، حيث فتحت عليهم النار دون معرفة الاتجاه الذي يطلق منه النار ما دفع أفراد المجموعة إلى الارتماء على الأرض.
وتابع حديثه قائلاً:" لم نستطع الرد على مصادر النيران، ولم يقتصر الأمر على ذلك حيث جاءت نيران إضافية من مسافة قصيرة لا تتجاوز المتر ونصف والتي أدت إلى إيقاع الإصابات ويضيف " :اذكر أنني صرخت لحظة إصابتي ونظرت إلى نائب قائد المجموعة الذي لم يكن بعيدا عني سوى متر واحد فوجدته ملقى على الأرض وقد فارق الحياة، ولا زلت اذكر جيدا النظرة التي كانت في عيونه والتي لن انساها ما حييت، بعد ذلك وصلت طواقم الانقاذ وتم تقديم الاسعافات الاولية لي من قبل طبيب عسكري ومن ثم تم نقلي الى مستشفى سوروكا في مدينة بئر السبع" .
ونقلت آنذاك الصحف العبرية عن مصادر عسكرية في جيش الاحتلال قولها " أن وحدة من كتيبة 12 في لواء جولاني في الجيش الصهيوني، دخلت إلى مناطق قطاع غزة بالقرب من معبر "كوسوفيم" وذلك بهدف فحص أجسام مشبوهة شوهدت في المنطقة منذ الصباح، حيث أعطي القرار للمجموعة الساعة الرابعة عصرا بدخول المنطقة من اجل التأكد إذا كانت هذه الأجسام المشبوهة عبوات ناسفة".
وأضافت المصادر "أنه لحظة دخول الجنود إلى المنطقة الفلسطينية اصطدموا مع مجموعة من المقاومين تضع عبوة ناسفة ليس بعيدا عنهم إلا عشرات الأمتار، حيث فتحوا النيران على المجموعة الفلسطينية وجرى ملاحقة لهم، وأثناء ذلك انفجرت عبوة ناسفة في الجنود الصهاينة وتم إطلاق نار من أسلحة خفيفة من قبل عناصر المقاومة، ما أدى إلى مقتل نائب كتيبة 12 من لواء جولاني في الجيش الصهيوني واحد الجنود من نفس الكتيبة، وكذلك إصابة اثنين من الجنود تم نقلهم إلى مستشفى سوروكا في مدينة بئر السبع".
وسرد التقرير مزيداً من تفاصيل العملية التي هلك فيها الرائد اليراز بيرتس، ( 31 عاماً) من إحدى مستوطنات الضفة المحتلة، والعريف أول ايلان سبياتكوفسكي ( 21 عاماً)، من "ريشون لتسيون"، لافتاً النظر إلى الرائد بيرتس هو نائب كتيبة 12 في لواء "غولاني" و شقيقه الأكبر، الملازم اوريئيل قتل في جنوب لبنان في 1998م.
أشفت غليل شعبنا
ومن جانبه وصف الخبير في الشأن العسكري يوسف الشرقاوي، عملية استدراج سرايا القدس لقيادة النخبة في جيش الاحتلال الصهيوني، بـ"الرائعة والمميزة"، مبيناً أنها أشفت غليل الفلسطينيين وأعادت للقضية الفلسطينية اعتبارها الأخلاقي القائم على حق المقاومة في الكفاح المسلح ضد الاحتلال.
وقال الشرقاوي لـ"الإعلام الحربي" في حديث سابق :"هذه العميلة تطور نوعي على أداء المقاومة من حيث الكمين الذي نصب، وهو كمين رائع استطاعت المقاومة عبره استدراج قوة جولاني التي تعد نخبة النخب في جيش الاحتلال".
وأوضح الشرقاوي أن استخدام أسلوب "استدراج" في وصف العملية جاء أفضل من الناحية الفنية في أساليب حرب العصابات التكتيكية والتي خاضتها المقاومة في عمليتها من حيث الكمين المحكم الذي أعدته لجنود الاحتلال.
وأضاف:"بصراحة المقاومة عندما تستطيع قتل قائد كتيبة في وحدة جولاني المهاجمة دليل على أن العملية قفزة نوعية وممتازة".
وشدد على أن شوكة المقاومة لن تنكسر بعد هذه العملية النوعية، وأنها جاءت تأكيدا على أن المقاومة عنيفة ومنتصرة ولا تستجدي أحد، مشيدا بدور المقاومة في دورها الدفاع عن القضية الفلسطينية.
تعليق