يصادف اليوم الذكري 38 لعملية سافوي 6/3/1975 والتى اخترق فيها مقاتلين حركة فتح جميع الاحتياطات الامنية الاسرائيلية، وسيطروا على فندق سافوي علي شاطئ تل ابيب،
والذى كان مقر مناحم بيغن الارهابي المعروف، وحيث ان الفندق يقع بالقرب من رئاسة الاركان الاسرائلية وقد اسفرت العملية عن مقتل 100ضابط وجندى اسرائيلى وجرح 150 اخرين ومن اهم القتلى في العملية العقيد عوزي يثيري احد اكبر ضباط الاستخبارات الذى قاد عملية فردان والتى اغتال فيها القادة الثلاثة ابو يوسف النجار وكمال ناصر وكمال عدوان...عملية تعتبر من اكبر واضخم العمليات النوعية لقوات العاصفة والتي قتل فيها اكثر من 100 جندي وضابط صهيوني وجرح ما يزيد عن 150 جندي وضابط
ومقتل عدد كبير من القيادات العسكرية الكبيرة في فندق السافوي والذي يحوي كبارة قادة العدو الصهيوني
وكان العملية انتقاما لاغتيال القادة كمال عدوان و كمال ناصر و أبو يوسف النجار..
ابطال عملية فندق السافوي
خضر أحمد جرام (الملازم خضر)، قائد المجموعة، من مواليد الرملة 1947 عمر محمود محمد الشافعي (أبو الليل الهندي) ، من مواليد جنين 1955 أحمد حميد أحمد أبو قمر (أبو عبيدة الجراح) ، من مواليد غزة 1948 عبد الله خليل عبد الله كليب (مصالحة خليل الهزّاع)، من مواليد طولكرم 1955 محمد ضياء الدين الحلواني (عصام بهاء الدين السيوفي)، من مواليد نابلس 1948 موسى العبد أبو ثريا (موسى عزمي)، من مواليد غزة 1957 نايف نجد إسماعيل الصغير (زياد طارق)، من مواليد أذنا-الخليل 1954
موسى جمعة حسن (موسى أحمد)، من مواليد السلط 1952، وهو الناجي الوحيد
في حديث صحفي سابق يروي أحد منفذي العملية الذي بقي على قيد الحياة وهو النقيب موسى: عاش والدي في مدينة بئر السبع قبل ان يهاجر إلى مدينة الرصيفة الأردنية عام 1948 حيث ولدت هناك عام 1954 وعشت ضمن أسرة فقيرة الحال وعرفت الكثير من الأحاديث والذكريات التي كان يرددها والدي عن فلسطين وثوراتها وثوارها, أكملت دراستي في الرصيفة وكان الحلم الذي يسيطر علي هو الالتحاق بالثورة الفلسطينية وحانت الفرصة بعد معركة الكرامة والتحقت بمعسكر للأشبال وبدأت التدريب على السلاح وتعلمت الكثير عن فلسطين وعن الثورة ثم التحقت بجيش التحرير الفلسطيني لكني تركته بعد عام واحد وعدت إلى الثورة وتلقيت المزيد من التدريب في معسكرات الثورة في سورية واشتركت في عدة مواجهات مع العدو في الجنوب اللبناني وشاركت في العمليات خلف خطوط العدو في حرب تشرين 1973 ورفعت العلم الفلسطيني لأول مرة في منطقة الجليل كما شاركت في معارك عين الحلوة وراشيا الوادي كما شاركت في عملية نهاريا يوم 6/12/1974.
وبعد نجاحنا في عملية نهاريا بدأنا الاستعداد لعملية سافوي وخضنا مرحلة من الإعداد والتدريب البحري الشاقين بدأنا تنفيذ العملية يوم 5/3/1975 حيث أنزلنا زوارقنا من السفينة على بعد ستين ميلا من تل أبيب, وركبنا الزوارق باتجاه تل أبيب وكان هدفنا دار الأوبرا التي كانت تزدحم كل ليلة بكبار الشخصيات والمسؤولين الصهاينة لكن وعندما اقتربنا من الدار وجدنا سدا عاليا يتعذر علينا اقتحامه فانحرفنا يمينا على بعد 200متر حيث جهزنا أسلحتنا ومعداتنا ونزلنا من القارب بعد تلغيمه وبدأنا بإطلاق النار ونحن نتجه نحو أهدافنا وكان إطلاق النار كثيفا ومركزا ولم نكن نسمح للرصاص ان ينطلق هدرا وكانت المنطقة تغص بالجنود الصهاينة وكنا نراهم وقد ذهلوا من المفاجأة قطعنا الشارع الأول باتجاه دار الأوبرا دون مقاومة تذكر فوجدناها فارغة فاتجهنا فورا إلى دار الشبيبة وكانت تحت الترميم ولا أحد بداخلها فقررنا على الفور الاتجاه إلى الهدف الثالث البديل حسب الخطة وكان فندق سافوي والذي كان قبل عام 1948 مقرا قيادة عصابة الارغون بقيادة الإرهابي مناحيم بيغن.
وصلنا الفندق فوجدنا بابه مغلقا فأطلقنا قذيفة "انيرغا" لتدمير الباب, وبعدها توزعنا واقتحمنا كل طوابق الفندق وجمعنا من فيه وكانوا 13 صهيونيا وأخذنا الرهائن إلى الطابق الأرضي وكان قرارنا مغادرة الفندق لكن جنود العدو الذين تجمعوا عند المدخل وحول الفندق بدأوا بإطلاق النار وخلال الاشتباك معهم شاهدنا دبابات العدو وآلياته تحاصر الفندق فقمنا بنقل الرهائن إلى الطابق الثالث وتوزعنا على الطوابق, ولدى مراقبتنا عرفنا ان هناك محاولة لاقتحام الفندق فأطفئنا الأنوار, وبدأت المعركة وبدأت دبابات العدو ومدافعه تقصف الفندق من الجهات الأربع واستمرت المعركة حتى الثانية والنصف ليلا قام العدو خلالها بعدة عمليات اقتحام فاشلة لكن مدافعنا الرشاشة وقنابلنا اليدوية وقاذفات اللهب أفشلت تلك المحاولات واستشهد خلال المعركة الملازم خضر قائد المجموعة وأصيب نايف الصغير إصابات بليغة.
وحوالي الثانية والنصف توقف العدو فجأة عن إطلاق النار وطلب منا عبر مكبرات الصوت البدء بالمفاوضات فطالبنا بإطلاق سراح عشرة من رفاقنا على رأسهم المطران كبوشي, يرسلون بوساطة طائرة تابعة للأمم المتحدة إلى دمشق أو القاهرة وبعد وصولهم وتلقينا إشارة بذلك من قيادتنا بالراديو تبدأ مفاوضات جديدة بوساطة سفيري فرنسا والفاتيكان وممثلي الصليب الأحمر لتأمين خروجنا.
وعلى الفور وبصفتي خبير متفجرات بدأت بإعداد العبوات الناسفة وقمت وزملائي ببثها في الفندق وجمعت الرهائن في إحدى الزوايا وجلس الأخ نايف الصغير وكان مصابا إصابات بليغة قرب الرهائن وبيده الأسلاك وإمامه البطارية استعدادا لتفجير العبوات الناسفة وطلبت منه الا يقوم بعملية التفجير قبل سماع الإشارة والتي كانت: عاشت فلسطين .. عاشت الثورة .. الله أكبر وأكدت عليه عدم التفجير قبل سماع الله أكبر والتي اتفقنا على ترديدها معا. بعد فترة اتصل العدو بمكبرات الصوت ليقول ان السفير الفرنسي في طريقه الينا, وحوالي الرابعة صباحا عاد واتصل ليقول ان السفير الفرنسي في جنوب فلسطين وانه يحتاج إلى اذن رسمي من بلاده وان ممثلي الصليب الأحمر غير موجودين وانه يحتاج مزيدا من الوقت للاتصال بهم وطلب منا إخلاء الجرحى فأبلغناه بان لدينا أدوات طبية كاملة وقلنا لهم لا تعاودوا الاتصال بنا قبل ان نسمع الإشارة من قيادتنا عن إطلاق سراح زملائنا الأسرى وعلى رأسهم المطران كبوشي وأبلغناهم ان الساعة الخامسة صباحا هو الموعد النهائي.
وشعرت من كلام المسؤولين الصهاينة بالمماطلة والخداع لكسب المزيد من الوقت فطلبت إحضار جسد الشهيد خضر من السطح ليكون بيننا ساعة الصفر وجلسنا جميعا حول جثمانه وقبلناه واحدا بعد الآخر وعدنا إلى مواقعنا بانتظار ساعة الصفر, وبعد فترة قصيرة سمعنا صوت ضجيج شديد حول الفندق ورصدنا سيارات مليئة بالجنود وعددا من الدبابات تقترب من الفندق وفهمت ان عملية اقتحام الفندق قد بدأت, فبدأنا الاشتباك مع الجنود المقتحمين وتأخرت قليلا بإعطاء إشارة التفجير حتى رأيت جنود العدو وقد دخلوا الطابق الأول من الفندق واتجهت إلى الداخل وانا اصرخ عاشت فلسطين.. عاشت الثورة .. الله أكبر .. وردد معي زملائي الهتاف, وبعد لحظات انفجر كل شيء في الفندق ولم اعرف بعدها ماذا جرى, وحين أفقت كانت الشمس تملأ الدنيا التي شاهدتها من تحت الأنقاض, نظرت حولي فشاهدت أنقاضا وأشلاء رفاقي فعرفت إنني مازلت على قيد الحياة, وبعد دقائق سمعت اصواتا خارج الفندق فأخرجت رجلي العالقة تحت الأنقاض، وبعد ذلك بدأت وبهدوء البحث عن البندقية فوجدت بندقيتي وثلاثة مخازن عتاد وبدأت استعد لمعركة جديدة وبينما انا في أفكاري سمعت اصواتا باللغة العبرية وانتظرت ليطل صاحب الصوت وشاهدت اثنين من أفراد قوات العدو يشقان طريقهم عبر الأنقاض فانتظرت حتى أصبحا في مرمى البندقية فأطلقت عليهما النار وقتلا على الفور وبدأت بإطلاق النار على الجنود وكانوا بالعشرات ثم قفزت إلى الأرض وواصلت إطلاق النار حتى نفذت ذخيرتي فاندفعت باتجاه أحد جنود العدو القتلى للاستيلاء على بندقيته غير ان جراحي وآلامي لم تسعفني بالتحرك بالسرعة المناسبة فأطبق الجنود علي أمام مئات المتفرجين والصحفيين وانهالوا علي ضربا حتى فقدت الوعي لأصحو واجد نفسي بعد ذلك داخل زنزانة في سجن صرفند الحربي.
فتح جنود العدو باب الزنزانة وسحبوني من داخلها ترافقهم الشتائم وكانت أيديهم وأرجلهم تمارس دورها في الركل والضرب, وجروني من قدمي إلى غرفة التحقيق حيث تآكل جلد ظهري ورأسي بسبب الجر وفي الغرفة وجدت محققين وجنود ميزت بينهم وجه وزير حرب العدو آنذاك شمعون بيرس وفهمت بعض ما قالوه مثل كلمة سافوي واسم عوزي بائيري وهو ضابط صهيوني برتبة عميد نعته الصحف الصهيونية بانه كان قائدا لاحدى وحدات العدو التي عبرت السويس في حرب 1973 وانه كان قائد عملية فردان وبعد خروج بيرس بدا التحقيق وبدا التعذيب بدافع الانتقام مني واستمر التعذيب ومن أجل الحصول على المعلومات لم يتورع المحققون عن استخدام كافة أنواع التعذيب الجسدي والنفسي كاستخدام الكلاب المتوحشة والمياه الساخنة والباردة والكهرباء والكي بإعقاب السجائر وخلع الأظافر وبعد ثمانين يوما جرى تقديمي إلى المحكمة العسكرية التي احتاجت إلى 24 جلسة كانت الجلستان الأخيرتان منها للنطق بالحكم حيث حكم علي بالإعدام وتغير الحكم بعد 13 شهرا قضيتها في سجن الرملة كمحكوم بالإعدام البس الثياب الحمراء, وبعد تخفيض السجن إلى المؤبد نقلت إلى سجن عسقلان الذي مكثت فيه من عام 1977 إلى عام 1981 حيث نقلت إلى سجن بئر السبع والذي خرجت منه إلى الحرية عام 1983.
هذا اللقاء منقول عن أحد المواقع المصرية الذي عقد هذا اللقاء مع أحد الإبطال المصريين الذين شاركوا بعملية سافوي الفدائية 1975م
"شاليتا"..رجل دمياطى بسيط.. كنت اعرفه منذ زمن، ولكنى لم أكن أدرى أن هذا الرجل هو في الواقع من الأبطال المصريين الذين ساعدوا الثورة الفلسطينية أبان السبعينات في تنفيذ العديد من العمليات الفدائية .
في البداية من هو البطل "شاليتا" ؟
"شاليتا": اسمي محمد حسن مسعد...من مواليد 1949 كنت في الماضي اعمل بحارًا على سفن الشحن و اقطن حاليا بمدينة عزبة البرج .
كيف جاءت مشاركتك في عملية فندق "سافوى"؟
"شاليتا": في عام 1975 كنت أعمل على إحدى سفن الشحن الشراعية في لبنان...و أثناء تواجدنا في ميناء صيدا جاء أحد معاوني الراحل ياسر عرفات ليخبر قبطان السفينة برغبته في لقاء طاقم السفينة من أجل عملية فدائية...ذهبنا بالفعل للقاء السيد عرفات الذي اخبرنا بأنه يحتاج لمساعدتنا من أجل أتمام عملية كبيرة ستحدث في تل أبيب و قال لنا إن هذه العملية ستكون انتقاما من إسرائيل بسبب قتلها عدد من القادة الفلسطينيين في لبنان (كانت إسرائيل قد نفذت عملية سميت بعملية "الفردان" و فيها قام عدد من الكوماندوز الإسرائيلي بتفجير مقر الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في لبنان و اغتيال كل من كمال عدوان و كمال ناصر و أبو يوسف النجار).
التجهيز و الانطلاق ..والتنفيذ
كيف تم التجهيز للعملية و التخطيط لها؟ "شاليتا": كانت الخطة الموضوعة من قبل قيادة قوات "العاصفة" تقضى بأن نقوم بنقل المجموعة التي ستنفذ العملية إلى قرب شواطئ فلسطين المحتلة ثم تقوم هذه المجموعة بإكمال طريقها إلى الشاطئ عن طريق الزوارق المطاطية حتى تصل إلى هدفها و هو فندق سافوى بتل أبيب...حيث ستقوم بتلغيمه بغرض قتل كبار الضباط الإسرائيليين الذين يتواجدون في هذا الفندق. "شاليتا": بالفعل انطلقنا من ميناء صيدا في الثامنة مساء يوم 5 /3 / 1975 متجهين إلى خارج المياه الأقليمية اللبنانية و نحن نحمل شحنة من البنزين تقارب الثلاثين طن معبأة في براميل بقصد ايصالها لقبرص...و بعد خروجنا انتظرنا في عرض البحر حتى فجر اليوم التالي و وصل الينا زورقين مطاطيين يحملان مجموعة التنفيذ و هي تسعة أفراد بجانب ضابطين من قوات العاصفة ..صعدوا جميعا على ظهر سفينتنا و رفعنا الزوارق على السفينة و أتجهنا صوب شواطئ فلسطين المحتلة .
على مدار يوم كامل في البحر ..وجدت أن مجموعة الفدائيين كانت في معنويات عالية جدا...كانوا كلهم ثقة بنجاح العملية خصوصا أن من اشرف على خطتها و تابع سيرها لحظة بلحظة هو ابو جهاد... شاهدتهم وهم يعدون أسلحتهم والمتفجرات في انتظار الوصول إلى الشاطئ و تنفيذ العملية. وبعد اقترابنا من الشاطئ...توقفنا و قمنا بإنزال القوارب المطاطية و نزل فيها المجموعة كاملة باستثناء ضابط واحد ظل على السفينة ليتابع العملية على أن يعود معنا إلى لبنان بعد إيصال شحنتنا إلى قبرص....بعد نزول الفدائيين قمنا بإكمال طريقنا إلى قبرص.
الاعتقال و التحقيق
كيف تم اعتقالكم ؟
"شاليتا": بعد أن أصبحنا على مشارف قبرص. سمعنا في الراديو عن نجاح العملية و تدمير الفندق بكامله و سادت مشاعر هائلة من الفرحة بهذا الإنجاز..ولكننا فوجئنا قبل دخولنا لميناء "ليماسول" القبرصي بطائرات إسرائيلية تحوم فوقنا وثلاثة زوارق حربية إسرائيلية تلحق بنا و تحاصرنا...صعد من هذه الزوارق عشرات من الجنود الإسرائيليين الذين قيدونا على الفور و قاموا بتفتيش السفينة و وجدوا فيها جهاز اللاسلكي الخاص بضابط العاصفة الذي ظل معنا بجانب صورة كبيرة لياسر عرفات في غرفة ربان السفينة و بعد ذلك تم نقلنا على ظهر أحد الزوارق الإسرائيلية و تم قطر سفينتنا و اتجهنا صوب تل أبيب.
بعد الوصول لتل أبيب تم التحقيق مع طاقم السفينة و هم أربعة (انا و ربان السفينة محمد عباس و شخص يدعى ماهر إبراهيم و شخص آخر يدعى عيسى الريدى) هذا بجانب ضابط العاصفة الفلسطيني..بدأ التحقيق معنا في مبنى تابع للموساد من قبل ضباط إسرائيليين كانوا يتحدثون العربية بلهجة شامية. في البداية كان التحقيق معنا يتم بصورة ودية و لم يكن هناك أي تعذيب...ولكنا أصررنا على إنكار أي علاقة أو معرفة بهذه العملية لأننا كنا قد اتفقنا مع ياسر عرفات على أنه إذا قبض علينا فلن نعترف تحت أي ضغط بأي معلومات...وأن نخبر الإسرائيليين أن الفدائيين أجبرونا على إيصالهم لقرب الشواطئ الإسرائيلية بعد أن قاموا بالسيطرة على سفينتنا في عرض البحر...هذة الحجة لم تقنع ضباط الموساد مما جعلهم يستعملوا معنا أساليب تعذيب كثيرة...مثل الصعق بالكهرباء و إيهامنا بالغرق و إغراقنا في المياه الساخنة و الباردة بجانب الضرب المبرح و الحرمان من النوم...و لكننا برغم هذا لم نعترف. علمنا من ضباط الموساد أن مجموعة الفدائيين لم تستشهد بكاملها...بل بقى منها أحد الفدائيين و يدعى "موسى جمعة"..وهو الذي اضطر للاعتراف تحت التعذيب بمكان سفينتنا و بعلاقتنا بهذه العملية و لكننا برغم هذا لم نعترف.
بعد حوالي الشهرين في مركز الاعتقال نقلنا إلى معتقل يسمى على ما أذكر "كفر يونه"..وكان به عدد كبير من الفدائيين الفلسطينين و كنا نحن المجموعة المصرية الوحيدة فيه..هذا المعتقل كان كبيرا و مكون من أربعة أدوار و محصن جدا...داخل السجن كانت الأوضاع جيدة نسبيا..فيما عدا الأقتحامات الدورية للسجن بسبب إضرابات السجناء عن الطعام..كان الصليب الأحمر يزورنا دوريا و يأخذ منا رسائل لذوينا في مصر...قضيت انا و كل المجموعة حوالى 3 سنين فيما عدا ربان السفينة "محمد عباس" الذي ظل في المعتقل لمدة 5 سنين لأن الموساد اشتبه به نتيجة لوجود اصابة في يده من قنبلة انفجرت في يده و هو صغير..
خرجت انا و زملائي من المعتقل في 1978 ضمن صفقة تم تبادلنا فيها مع رفات جنود إسرائيلين قتلوا في سيناء...خرجنا و لم تكن معنا أي أموال أو متعلقات..فكل ما كان معنا تركناه على ظهر سفينتنا التي صادرتها البحرية الإسرائيلية....تم نقلنا إلى مدينة غزة و مكثنا فيها حوالي الشهر...ثم سلمنا الجيش الإسرائيلي إلى قوات الطوارئ الدولية التي سلمتنا بدورها إلى القوات المصرية في الإسماعيلية.
بعد ذلك تم نقلنا إلى القاهرة و تم التحقيق معنا في مقر المخابرات العامة لمدة شهر كامل...ثم رجعنا إلى بيوتنا في مدينة عزبة البرج و تم التحقيق معنا هناك أيضا من قبل مخابرات حرس الحدود...وضعنا تحت المراقبة و تم منعنا من الخروج من مصر و بالتالي منعنا من ممارسة عملنا كبحارة على متن السفن التجارية .
والذى كان مقر مناحم بيغن الارهابي المعروف، وحيث ان الفندق يقع بالقرب من رئاسة الاركان الاسرائلية وقد اسفرت العملية عن مقتل 100ضابط وجندى اسرائيلى وجرح 150 اخرين ومن اهم القتلى في العملية العقيد عوزي يثيري احد اكبر ضباط الاستخبارات الذى قاد عملية فردان والتى اغتال فيها القادة الثلاثة ابو يوسف النجار وكمال ناصر وكمال عدوان...عملية تعتبر من اكبر واضخم العمليات النوعية لقوات العاصفة والتي قتل فيها اكثر من 100 جندي وضابط صهيوني وجرح ما يزيد عن 150 جندي وضابط
ومقتل عدد كبير من القيادات العسكرية الكبيرة في فندق السافوي والذي يحوي كبارة قادة العدو الصهيوني
وكان العملية انتقاما لاغتيال القادة كمال عدوان و كمال ناصر و أبو يوسف النجار..
ابطال عملية فندق السافوي
خضر أحمد جرام (الملازم خضر)، قائد المجموعة، من مواليد الرملة 1947 عمر محمود محمد الشافعي (أبو الليل الهندي) ، من مواليد جنين 1955 أحمد حميد أحمد أبو قمر (أبو عبيدة الجراح) ، من مواليد غزة 1948 عبد الله خليل عبد الله كليب (مصالحة خليل الهزّاع)، من مواليد طولكرم 1955 محمد ضياء الدين الحلواني (عصام بهاء الدين السيوفي)، من مواليد نابلس 1948 موسى العبد أبو ثريا (موسى عزمي)، من مواليد غزة 1957 نايف نجد إسماعيل الصغير (زياد طارق)، من مواليد أذنا-الخليل 1954
موسى جمعة حسن (موسى أحمد)، من مواليد السلط 1952، وهو الناجي الوحيد
في حديث صحفي سابق يروي أحد منفذي العملية الذي بقي على قيد الحياة وهو النقيب موسى: عاش والدي في مدينة بئر السبع قبل ان يهاجر إلى مدينة الرصيفة الأردنية عام 1948 حيث ولدت هناك عام 1954 وعشت ضمن أسرة فقيرة الحال وعرفت الكثير من الأحاديث والذكريات التي كان يرددها والدي عن فلسطين وثوراتها وثوارها, أكملت دراستي في الرصيفة وكان الحلم الذي يسيطر علي هو الالتحاق بالثورة الفلسطينية وحانت الفرصة بعد معركة الكرامة والتحقت بمعسكر للأشبال وبدأت التدريب على السلاح وتعلمت الكثير عن فلسطين وعن الثورة ثم التحقت بجيش التحرير الفلسطيني لكني تركته بعد عام واحد وعدت إلى الثورة وتلقيت المزيد من التدريب في معسكرات الثورة في سورية واشتركت في عدة مواجهات مع العدو في الجنوب اللبناني وشاركت في العمليات خلف خطوط العدو في حرب تشرين 1973 ورفعت العلم الفلسطيني لأول مرة في منطقة الجليل كما شاركت في معارك عين الحلوة وراشيا الوادي كما شاركت في عملية نهاريا يوم 6/12/1974.
وبعد نجاحنا في عملية نهاريا بدأنا الاستعداد لعملية سافوي وخضنا مرحلة من الإعداد والتدريب البحري الشاقين بدأنا تنفيذ العملية يوم 5/3/1975 حيث أنزلنا زوارقنا من السفينة على بعد ستين ميلا من تل أبيب, وركبنا الزوارق باتجاه تل أبيب وكان هدفنا دار الأوبرا التي كانت تزدحم كل ليلة بكبار الشخصيات والمسؤولين الصهاينة لكن وعندما اقتربنا من الدار وجدنا سدا عاليا يتعذر علينا اقتحامه فانحرفنا يمينا على بعد 200متر حيث جهزنا أسلحتنا ومعداتنا ونزلنا من القارب بعد تلغيمه وبدأنا بإطلاق النار ونحن نتجه نحو أهدافنا وكان إطلاق النار كثيفا ومركزا ولم نكن نسمح للرصاص ان ينطلق هدرا وكانت المنطقة تغص بالجنود الصهاينة وكنا نراهم وقد ذهلوا من المفاجأة قطعنا الشارع الأول باتجاه دار الأوبرا دون مقاومة تذكر فوجدناها فارغة فاتجهنا فورا إلى دار الشبيبة وكانت تحت الترميم ولا أحد بداخلها فقررنا على الفور الاتجاه إلى الهدف الثالث البديل حسب الخطة وكان فندق سافوي والذي كان قبل عام 1948 مقرا قيادة عصابة الارغون بقيادة الإرهابي مناحيم بيغن.
وصلنا الفندق فوجدنا بابه مغلقا فأطلقنا قذيفة "انيرغا" لتدمير الباب, وبعدها توزعنا واقتحمنا كل طوابق الفندق وجمعنا من فيه وكانوا 13 صهيونيا وأخذنا الرهائن إلى الطابق الأرضي وكان قرارنا مغادرة الفندق لكن جنود العدو الذين تجمعوا عند المدخل وحول الفندق بدأوا بإطلاق النار وخلال الاشتباك معهم شاهدنا دبابات العدو وآلياته تحاصر الفندق فقمنا بنقل الرهائن إلى الطابق الثالث وتوزعنا على الطوابق, ولدى مراقبتنا عرفنا ان هناك محاولة لاقتحام الفندق فأطفئنا الأنوار, وبدأت المعركة وبدأت دبابات العدو ومدافعه تقصف الفندق من الجهات الأربع واستمرت المعركة حتى الثانية والنصف ليلا قام العدو خلالها بعدة عمليات اقتحام فاشلة لكن مدافعنا الرشاشة وقنابلنا اليدوية وقاذفات اللهب أفشلت تلك المحاولات واستشهد خلال المعركة الملازم خضر قائد المجموعة وأصيب نايف الصغير إصابات بليغة.
وحوالي الثانية والنصف توقف العدو فجأة عن إطلاق النار وطلب منا عبر مكبرات الصوت البدء بالمفاوضات فطالبنا بإطلاق سراح عشرة من رفاقنا على رأسهم المطران كبوشي, يرسلون بوساطة طائرة تابعة للأمم المتحدة إلى دمشق أو القاهرة وبعد وصولهم وتلقينا إشارة بذلك من قيادتنا بالراديو تبدأ مفاوضات جديدة بوساطة سفيري فرنسا والفاتيكان وممثلي الصليب الأحمر لتأمين خروجنا.
وعلى الفور وبصفتي خبير متفجرات بدأت بإعداد العبوات الناسفة وقمت وزملائي ببثها في الفندق وجمعت الرهائن في إحدى الزوايا وجلس الأخ نايف الصغير وكان مصابا إصابات بليغة قرب الرهائن وبيده الأسلاك وإمامه البطارية استعدادا لتفجير العبوات الناسفة وطلبت منه الا يقوم بعملية التفجير قبل سماع الإشارة والتي كانت: عاشت فلسطين .. عاشت الثورة .. الله أكبر وأكدت عليه عدم التفجير قبل سماع الله أكبر والتي اتفقنا على ترديدها معا. بعد فترة اتصل العدو بمكبرات الصوت ليقول ان السفير الفرنسي في طريقه الينا, وحوالي الرابعة صباحا عاد واتصل ليقول ان السفير الفرنسي في جنوب فلسطين وانه يحتاج إلى اذن رسمي من بلاده وان ممثلي الصليب الأحمر غير موجودين وانه يحتاج مزيدا من الوقت للاتصال بهم وطلب منا إخلاء الجرحى فأبلغناه بان لدينا أدوات طبية كاملة وقلنا لهم لا تعاودوا الاتصال بنا قبل ان نسمع الإشارة من قيادتنا عن إطلاق سراح زملائنا الأسرى وعلى رأسهم المطران كبوشي وأبلغناهم ان الساعة الخامسة صباحا هو الموعد النهائي.
وشعرت من كلام المسؤولين الصهاينة بالمماطلة والخداع لكسب المزيد من الوقت فطلبت إحضار جسد الشهيد خضر من السطح ليكون بيننا ساعة الصفر وجلسنا جميعا حول جثمانه وقبلناه واحدا بعد الآخر وعدنا إلى مواقعنا بانتظار ساعة الصفر, وبعد فترة قصيرة سمعنا صوت ضجيج شديد حول الفندق ورصدنا سيارات مليئة بالجنود وعددا من الدبابات تقترب من الفندق وفهمت ان عملية اقتحام الفندق قد بدأت, فبدأنا الاشتباك مع الجنود المقتحمين وتأخرت قليلا بإعطاء إشارة التفجير حتى رأيت جنود العدو وقد دخلوا الطابق الأول من الفندق واتجهت إلى الداخل وانا اصرخ عاشت فلسطين.. عاشت الثورة .. الله أكبر .. وردد معي زملائي الهتاف, وبعد لحظات انفجر كل شيء في الفندق ولم اعرف بعدها ماذا جرى, وحين أفقت كانت الشمس تملأ الدنيا التي شاهدتها من تحت الأنقاض, نظرت حولي فشاهدت أنقاضا وأشلاء رفاقي فعرفت إنني مازلت على قيد الحياة, وبعد دقائق سمعت اصواتا خارج الفندق فأخرجت رجلي العالقة تحت الأنقاض، وبعد ذلك بدأت وبهدوء البحث عن البندقية فوجدت بندقيتي وثلاثة مخازن عتاد وبدأت استعد لمعركة جديدة وبينما انا في أفكاري سمعت اصواتا باللغة العبرية وانتظرت ليطل صاحب الصوت وشاهدت اثنين من أفراد قوات العدو يشقان طريقهم عبر الأنقاض فانتظرت حتى أصبحا في مرمى البندقية فأطلقت عليهما النار وقتلا على الفور وبدأت بإطلاق النار على الجنود وكانوا بالعشرات ثم قفزت إلى الأرض وواصلت إطلاق النار حتى نفذت ذخيرتي فاندفعت باتجاه أحد جنود العدو القتلى للاستيلاء على بندقيته غير ان جراحي وآلامي لم تسعفني بالتحرك بالسرعة المناسبة فأطبق الجنود علي أمام مئات المتفرجين والصحفيين وانهالوا علي ضربا حتى فقدت الوعي لأصحو واجد نفسي بعد ذلك داخل زنزانة في سجن صرفند الحربي.
فتح جنود العدو باب الزنزانة وسحبوني من داخلها ترافقهم الشتائم وكانت أيديهم وأرجلهم تمارس دورها في الركل والضرب, وجروني من قدمي إلى غرفة التحقيق حيث تآكل جلد ظهري ورأسي بسبب الجر وفي الغرفة وجدت محققين وجنود ميزت بينهم وجه وزير حرب العدو آنذاك شمعون بيرس وفهمت بعض ما قالوه مثل كلمة سافوي واسم عوزي بائيري وهو ضابط صهيوني برتبة عميد نعته الصحف الصهيونية بانه كان قائدا لاحدى وحدات العدو التي عبرت السويس في حرب 1973 وانه كان قائد عملية فردان وبعد خروج بيرس بدا التحقيق وبدا التعذيب بدافع الانتقام مني واستمر التعذيب ومن أجل الحصول على المعلومات لم يتورع المحققون عن استخدام كافة أنواع التعذيب الجسدي والنفسي كاستخدام الكلاب المتوحشة والمياه الساخنة والباردة والكهرباء والكي بإعقاب السجائر وخلع الأظافر وبعد ثمانين يوما جرى تقديمي إلى المحكمة العسكرية التي احتاجت إلى 24 جلسة كانت الجلستان الأخيرتان منها للنطق بالحكم حيث حكم علي بالإعدام وتغير الحكم بعد 13 شهرا قضيتها في سجن الرملة كمحكوم بالإعدام البس الثياب الحمراء, وبعد تخفيض السجن إلى المؤبد نقلت إلى سجن عسقلان الذي مكثت فيه من عام 1977 إلى عام 1981 حيث نقلت إلى سجن بئر السبع والذي خرجت منه إلى الحرية عام 1983.
هذا اللقاء منقول عن أحد المواقع المصرية الذي عقد هذا اللقاء مع أحد الإبطال المصريين الذين شاركوا بعملية سافوي الفدائية 1975م
"شاليتا"..رجل دمياطى بسيط.. كنت اعرفه منذ زمن، ولكنى لم أكن أدرى أن هذا الرجل هو في الواقع من الأبطال المصريين الذين ساعدوا الثورة الفلسطينية أبان السبعينات في تنفيذ العديد من العمليات الفدائية .
في البداية من هو البطل "شاليتا" ؟
"شاليتا": اسمي محمد حسن مسعد...من مواليد 1949 كنت في الماضي اعمل بحارًا على سفن الشحن و اقطن حاليا بمدينة عزبة البرج .
كيف جاءت مشاركتك في عملية فندق "سافوى"؟
"شاليتا": في عام 1975 كنت أعمل على إحدى سفن الشحن الشراعية في لبنان...و أثناء تواجدنا في ميناء صيدا جاء أحد معاوني الراحل ياسر عرفات ليخبر قبطان السفينة برغبته في لقاء طاقم السفينة من أجل عملية فدائية...ذهبنا بالفعل للقاء السيد عرفات الذي اخبرنا بأنه يحتاج لمساعدتنا من أجل أتمام عملية كبيرة ستحدث في تل أبيب و قال لنا إن هذه العملية ستكون انتقاما من إسرائيل بسبب قتلها عدد من القادة الفلسطينيين في لبنان (كانت إسرائيل قد نفذت عملية سميت بعملية "الفردان" و فيها قام عدد من الكوماندوز الإسرائيلي بتفجير مقر الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في لبنان و اغتيال كل من كمال عدوان و كمال ناصر و أبو يوسف النجار).
التجهيز و الانطلاق ..والتنفيذ
كيف تم التجهيز للعملية و التخطيط لها؟ "شاليتا": كانت الخطة الموضوعة من قبل قيادة قوات "العاصفة" تقضى بأن نقوم بنقل المجموعة التي ستنفذ العملية إلى قرب شواطئ فلسطين المحتلة ثم تقوم هذه المجموعة بإكمال طريقها إلى الشاطئ عن طريق الزوارق المطاطية حتى تصل إلى هدفها و هو فندق سافوى بتل أبيب...حيث ستقوم بتلغيمه بغرض قتل كبار الضباط الإسرائيليين الذين يتواجدون في هذا الفندق. "شاليتا": بالفعل انطلقنا من ميناء صيدا في الثامنة مساء يوم 5 /3 / 1975 متجهين إلى خارج المياه الأقليمية اللبنانية و نحن نحمل شحنة من البنزين تقارب الثلاثين طن معبأة في براميل بقصد ايصالها لقبرص...و بعد خروجنا انتظرنا في عرض البحر حتى فجر اليوم التالي و وصل الينا زورقين مطاطيين يحملان مجموعة التنفيذ و هي تسعة أفراد بجانب ضابطين من قوات العاصفة ..صعدوا جميعا على ظهر سفينتنا و رفعنا الزوارق على السفينة و أتجهنا صوب شواطئ فلسطين المحتلة .
على مدار يوم كامل في البحر ..وجدت أن مجموعة الفدائيين كانت في معنويات عالية جدا...كانوا كلهم ثقة بنجاح العملية خصوصا أن من اشرف على خطتها و تابع سيرها لحظة بلحظة هو ابو جهاد... شاهدتهم وهم يعدون أسلحتهم والمتفجرات في انتظار الوصول إلى الشاطئ و تنفيذ العملية. وبعد اقترابنا من الشاطئ...توقفنا و قمنا بإنزال القوارب المطاطية و نزل فيها المجموعة كاملة باستثناء ضابط واحد ظل على السفينة ليتابع العملية على أن يعود معنا إلى لبنان بعد إيصال شحنتنا إلى قبرص....بعد نزول الفدائيين قمنا بإكمال طريقنا إلى قبرص.
الاعتقال و التحقيق
كيف تم اعتقالكم ؟
"شاليتا": بعد أن أصبحنا على مشارف قبرص. سمعنا في الراديو عن نجاح العملية و تدمير الفندق بكامله و سادت مشاعر هائلة من الفرحة بهذا الإنجاز..ولكننا فوجئنا قبل دخولنا لميناء "ليماسول" القبرصي بطائرات إسرائيلية تحوم فوقنا وثلاثة زوارق حربية إسرائيلية تلحق بنا و تحاصرنا...صعد من هذه الزوارق عشرات من الجنود الإسرائيليين الذين قيدونا على الفور و قاموا بتفتيش السفينة و وجدوا فيها جهاز اللاسلكي الخاص بضابط العاصفة الذي ظل معنا بجانب صورة كبيرة لياسر عرفات في غرفة ربان السفينة و بعد ذلك تم نقلنا على ظهر أحد الزوارق الإسرائيلية و تم قطر سفينتنا و اتجهنا صوب تل أبيب.
بعد الوصول لتل أبيب تم التحقيق مع طاقم السفينة و هم أربعة (انا و ربان السفينة محمد عباس و شخص يدعى ماهر إبراهيم و شخص آخر يدعى عيسى الريدى) هذا بجانب ضابط العاصفة الفلسطيني..بدأ التحقيق معنا في مبنى تابع للموساد من قبل ضباط إسرائيليين كانوا يتحدثون العربية بلهجة شامية. في البداية كان التحقيق معنا يتم بصورة ودية و لم يكن هناك أي تعذيب...ولكنا أصررنا على إنكار أي علاقة أو معرفة بهذه العملية لأننا كنا قد اتفقنا مع ياسر عرفات على أنه إذا قبض علينا فلن نعترف تحت أي ضغط بأي معلومات...وأن نخبر الإسرائيليين أن الفدائيين أجبرونا على إيصالهم لقرب الشواطئ الإسرائيلية بعد أن قاموا بالسيطرة على سفينتنا في عرض البحر...هذة الحجة لم تقنع ضباط الموساد مما جعلهم يستعملوا معنا أساليب تعذيب كثيرة...مثل الصعق بالكهرباء و إيهامنا بالغرق و إغراقنا في المياه الساخنة و الباردة بجانب الضرب المبرح و الحرمان من النوم...و لكننا برغم هذا لم نعترف. علمنا من ضباط الموساد أن مجموعة الفدائيين لم تستشهد بكاملها...بل بقى منها أحد الفدائيين و يدعى "موسى جمعة"..وهو الذي اضطر للاعتراف تحت التعذيب بمكان سفينتنا و بعلاقتنا بهذه العملية و لكننا برغم هذا لم نعترف.
بعد حوالي الشهرين في مركز الاعتقال نقلنا إلى معتقل يسمى على ما أذكر "كفر يونه"..وكان به عدد كبير من الفدائيين الفلسطينين و كنا نحن المجموعة المصرية الوحيدة فيه..هذا المعتقل كان كبيرا و مكون من أربعة أدوار و محصن جدا...داخل السجن كانت الأوضاع جيدة نسبيا..فيما عدا الأقتحامات الدورية للسجن بسبب إضرابات السجناء عن الطعام..كان الصليب الأحمر يزورنا دوريا و يأخذ منا رسائل لذوينا في مصر...قضيت انا و كل المجموعة حوالى 3 سنين فيما عدا ربان السفينة "محمد عباس" الذي ظل في المعتقل لمدة 5 سنين لأن الموساد اشتبه به نتيجة لوجود اصابة في يده من قنبلة انفجرت في يده و هو صغير..
خرجت انا و زملائي من المعتقل في 1978 ضمن صفقة تم تبادلنا فيها مع رفات جنود إسرائيلين قتلوا في سيناء...خرجنا و لم تكن معنا أي أموال أو متعلقات..فكل ما كان معنا تركناه على ظهر سفينتنا التي صادرتها البحرية الإسرائيلية....تم نقلنا إلى مدينة غزة و مكثنا فيها حوالي الشهر...ثم سلمنا الجيش الإسرائيلي إلى قوات الطوارئ الدولية التي سلمتنا بدورها إلى القوات المصرية في الإسماعيلية.
بعد ذلك تم نقلنا إلى القاهرة و تم التحقيق معنا في مقر المخابرات العامة لمدة شهر كامل...ثم رجعنا إلى بيوتنا في مدينة عزبة البرج و تم التحقيق معنا هناك أيضا من قبل مخابرات حرس الحدود...وضعنا تحت المراقبة و تم منعنا من الخروج من مصر و بالتالي منعنا من ممارسة عملنا كبحارة على متن السفن التجارية .