الإعلام الحربي – خاص
عندما نتحدث عن الطهارة والرجولة والفداء... فبكل تأكيد نحن عن الشهداء... رمز الأمة وعنوان صمودها وطهرها ونقائها ... وما دام حديثنا في هذا المقام عن الشهادة والشهداء الذين منحوا الحياة بهجتها ورونقها ومعناها الأجمل... فإنه لشرف عظيم لـ"الإعلام الحربي" أن يفتح صفحاته ليسطر سير الأكرمين العطرة وليجعل منها وقوداً لكل السائرين على درب العظماء الذين عشقوا فلسطين والإسلام وما بخلوا عنهما حتى بعظيم دمائهم والأشلاء.
نقف اليوم اليوم وإياكم مع سيرة مجاهد وقائد شهدت له كل ميادين الجهاد والمقاومة والاشتباك مع الباطل في سجون الموت الصهيونية وسجون القهر المحاطة بأسلاك "أوسلو" الشائكة والمشبوهة في غزة... إنه الشهيد القائد عبد الله السبع " الذي تصادف ذكرى رحيله اليوم الأحد 2/24.
البداية كانت من هناك... حيث الطليعة المؤمنة والرسالية الأولى التي حملت همّ فلسطين والإسلام والجهاد، جابت شوارع وأزقة الوطن المبارك لتبشّر بميلاد فجر جديد يحمل بين جنباته بوادر المشروع الإسلامي الجهادي الطلائعي في فلسطين ممثلا بصاحب الفكرة الأكثر صوابية للتعاطي مع فلسطين قضية العرب والمسلمين المركزية الأولى، ألا وهو الدكتور المعلم الملهم فتحي إبراهيم الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.
فقد كان شرف عظيم للشهيد القائد عبد الله السبع أن يكون ضمن النواة الأولى التي آمنت بخيار الإيمان والوعي والثورة ويعمل دون كلل أو ملل ليرسي قواعد تلك المعادلة السامية في قلوب وعقول "جيل العقيدة" العائد من عبق التاريخ ليعيد صياغة المرحلة من جديد بدمائه وأشلائه وآهاته التي تملأ الدنيا.
فقد انتمى الشهيد عبد الله السبع إلى حركة الجهاد الإسلامي في مطلع الثمانينات، وكان من الأوائل الذين تتلمذوا على يد الشهيد المعلم الدكتور فتحي الشقاقي. فتشرب أفكار الجهاد الإسلامي وتربى عليها فزادته وعياً وإدراكاً فكان من الجنود المخلصين والمتفانين. ومضى مع حركته مجاهداً وأفنى معها زهرة شبابه فأضحى قائداً من قادتها، ورمزاً من رموزها الفاعلة والنشطة في كل الميادين.
كما اعتقل الشهيد من قبل الاحتلال الصهيوني في العام ١٩٨٥ لمدة ٦ أشهر على خلفية نشاطه الإسلامي. كما اعتقل الشهيد مرة ثانية في العام ١٩٨٧ من قبل الاحتلال الصهيوني وحكم عليه المحكمة الصهيونية بالسجن سبع سنوات قضاها كاملة في سجون الاحتلال. وذلك بتهمة تقديم المساعدات والسلاح للشهيد القائد مصباح الصوري وإخوانه الشهداء الذين كانوا قد حرروا أنفسهم من سجن غزة المركزي في أيار/ مايو من العام ١٩٨٧ .
وعقب خروجه من سجون الاحتلال في العام م، تعرض لمحنة الاعتقال مرة أخرى ولكن هذه المرة على أيدي أجهزة الأمن الفلسطينية حيث أمضى في سجونها قرابة العامين بتهمة الانتماء لفلسطين التاريخ والهوية والعقيدة. وقد شغل الشهيد مناصب عدة في صفوف حركة الجهاد الإسلامي كان آخرها عضوية مجلس شورى الحركة في قطاع غزة.
لقد كان ميلاد شهيدنا نور ونار، نور أضاء سماء فلسطين بجهاده وتضحياته، ونار أحرقت بلهيبها الاحتلال، فقد ولد الشيخ المجاهد عبد الله محمد محمود السبع في ٢٩ / ٣/ ١٩٥٣ م. حيث ينتمي لأسرة مقاومة هجّرت من قريتها في الأراضي المحتلة منذ العام ١٩٤٨ ، قبل أن يستقر بها المقام في بلدة بيت حانون البوابة الشمالية لقطاع غزة. وتلقى شهيدنا مراحل تعليمه المختلفة في مدارس البلدة وحصل منها على شهادة الثانوية العامة.
وينتمي شهيدنا المجاهد إلى أسرة عمّدت تاريخها بالجهاد والمقاومة، حيث استشهد اثنان من أشقائه التسعة، وهما يدافعان عن ثرى الوطن المبارك، كان أولهما شقيقه البكر "طلال" في العام ١٩٧٦ م، في عملية فدائية، و"جبر" الذي استشهد في ١٣ / ١٢ / ٢٠٠٠ م، مطلع انتفاضة الأقصى المباركة، على حاجز التفاح غرب مدينة خانيونس. وشهيدنا عبد الله أب لثمانية أبناء، استشهد أكبرهم "مصعب" في عملية استشهادية لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين قبل يومين من استشهاده.
يومان فقط هما اللذان كانا يفصلان بين استشهاد الابن المجاهد والأب القائد، حيث استشهد الابن البكر "مصعب" فجر يوم الجمعة بتاريخ ٢١ - ٢- ٢٠٠٣م، خلال تنفيذه عملية استشهادية لسرايا القدس في معبر بيت حانون "ايرز"، قبل أن يجن جنون الاحتلال وجنوده ليعلنوا الحرب على بلدة بيت حانون، للانتقام من والد الشهيد الذي كان يقف خلف عملية ابنه "مصعب"، ومع ذلك رفض الشهيد القائد الكبير مغادرة البلدة وأصر على البقاء داخل منزله ليواجه جنود الاحتلال وجها لوجه، رغم النداءات الكثيرة التي طالبته بالانسحاب من المكان.
وظل ينتظر تقدم قوات الاحتلال المدججة بالدبابات والطائرات والصواريخ صوب منزله، وعندها بدأت المواجهة التي استمرت نحو سبع ساعات خاض خلالها شهيدنا قتالا ضاريا ضد قوات الاحتلال الغازية، قبل أن يتمترس في أحد زوايا المنزل متزنرا بحزام ناسف وعدة قنابل يدوية ليفجر نفسه في قوات الاحتلال حال دخولها المنزل، إلا أن تلك القوات المسكونة رعبا وخوفا وجبنا، لم تجرؤ على دخول المنزل وعملت على قصفه بالصواريخ عن بعد ما أدى إلى استشهاد المجاهد الأشم "أبا مصعب" لتبكيه بيت حانون ببياراتها وحواريها وشبابها وشيوخها، وليخرج في وداعه عشرات الآلاف من أحباب الشهيد ومشروعه الجهادي المقاوم.
وفي تفاصيل المعركة التي خاضها شهيدنا تحدثت زوجته الصابرة لموقع "الإعلام الحربي" قائلة: " لقد علم قبل ساعات أن جيش الاحتلال اعد عدته لاجتياح المنطقة لاعتقاله أو لقتله، على اثر العملية الاستشهادية التي نفذها نجله مصعب، لكنه رفض بشدة الهروب، وأصر على البقاء في المنزل متزنراً بحزامه الناسف، وسلاحه (الكلاشينكوف)، وبعض القنابل اليدوية".
وتابعت الزوجة قولها: "طلب مني بعد أن عانق كل طفل من أطفاله عناق حار، وبعدما رسم على جبهتهم قبلة الوداع، أن أذهب وإياهم إلى منزل جدهم الذي يبعد عنا بضع مئات من الأمتار، لكنني رفضت بشدة الخروج من البيت، وأصررت على البقاء معه، لكنه ألح علي بالذهاب من أجل رعاية أبنائنا من بعده، قائلاً "إنها اللحظة التي انتظرها منذ خمسين عاماً، ألا تحبين أن تريني في الفردوس الأعلى مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؟".
وأضافت الزوجة والأم المكلومة :" لقد تضاربت الأنباء وقتها عن مصير زوجي بعد سبع ساعات من المواجهة والصمود، فبعضهم ادعى انه هرب من المنطقة لحظة وصول رتل الدبابات، والبعض الآخر اعتقد انه اعتقل بعد إصابته، لكنني كنت واثقة أنه نال شرف الشهادة في سبيل الله".
وأشارت أم مصعب إلى أنها رغم مرور سبع سنوات على استشهاد زوجها ونجلها البكر، لم يغب طيفهم عنها للحظة.
ومن جانبه تحدث نجله "مجاهد" ٢8 عاماً عن اللحظات الأخيرة من حياة والده المفعمة بالتضحية والفداء، قائلاً :" لقد استقبل والدي نبأ استشهاد شقيقي مصعب بكل صبر وافتخار، حيث كان يطلب من القادمين إلى عرس شقيقنا أن يهنؤنه باستشهاد فلذة كبده، لا أن يعزوه، لكنني تفاجئت عندما استيقظت لصلاة الفجر، ورأيته يضع يديه على رأسه وهو يبكي بحرارة، فقلت له " يا أبي لماذا تبكي؟، وأنت من كنت بالأمس توزع الحلوى وتطلب من الناس أن تهنئك باستشهاد شقيقنا، فقال: أنا لا ابكي على فراق شقيقك، لكنني ابكي لأنه سبقني بالشهادة في سبيل الله".
وأكد "مجاهد" أن والده كان حريصاً على تربيتهم تربية إسلامية، من أجل خلق جيل قرآني فريد قادر على تحمل الصعاب وقيادة السفينة من بعده، مشيراً إلى انه كثيراً ما كان يجلس معهم بعد صلاة العشاء ليعلمهم قراءة القرآن، و يقدم لهم النصيحة على شكل قصة من قصص الصحابة رضوان الله عليهم، من أجل الاقتداء بهم والسير على خطاهم.
في حين عبر نجله "مقاتل" عن فخره واعتزازه بما قام به والده وشقيقه من عمل جهادي في سبيل إعلاء راية التوحيد والدفاع عن فلسطين، مؤكداً أن والده زرع فيهم صفات الإيمان والطاعة والرجولة وحب الوطن.
وقال "مقاتل" قد بدت عليه رباطة الجأش والشكيمة :" لقد استشهد والدي وأنا في السادسة عشرة من عمري، ولكنني لا زلت أذكر ذلك اليوم الذي جلس فيه معي ليحدثني عن فضل الشهيد ومكانته وما أعده الله له من ثواب وأجر عظيم".
بينما تذكر نجله "شهيد" 15 عاماً اللحظات التي عاشها مع والده، قائلاً " لقد استشهد والدي وأنا عمري لا يتجاوز السبع سنوات، لكنني لازلت أذكر تلك اللحظات التي كان يصطحبنا فيها إلى المسجد، ويجلس معنا ليعلمنا قراءة القران"، مؤكداً انه رغم ما تقوم به أمه وأشقاؤه من دور عظيم إلا انه كثيراً ما يشعر انه بحاجة إلى حنان والده، ولكن ما يصبره أن والده قد اختار طريق الشهادة في سبيل الله.
أما نجله الصغير"رضى الله" 9 أعوام فقال :" أنا لا أذكر والدي لأنه استشهد وأنا طفل صغير، لكنني أحبه كثيراً لأنه استشهد بطلاً "، وأضاف " والدي كان يتمنى أن أصبح مهندساً، هكذا قالت لي أمي، وأنا حريص على تحقيق أمنيته".
عندما نتحدث عن الطهارة والرجولة والفداء... فبكل تأكيد نحن عن الشهداء... رمز الأمة وعنوان صمودها وطهرها ونقائها ... وما دام حديثنا في هذا المقام عن الشهادة والشهداء الذين منحوا الحياة بهجتها ورونقها ومعناها الأجمل... فإنه لشرف عظيم لـ"الإعلام الحربي" أن يفتح صفحاته ليسطر سير الأكرمين العطرة وليجعل منها وقوداً لكل السائرين على درب العظماء الذين عشقوا فلسطين والإسلام وما بخلوا عنهما حتى بعظيم دمائهم والأشلاء.
نقف اليوم اليوم وإياكم مع سيرة مجاهد وقائد شهدت له كل ميادين الجهاد والمقاومة والاشتباك مع الباطل في سجون الموت الصهيونية وسجون القهر المحاطة بأسلاك "أوسلو" الشائكة والمشبوهة في غزة... إنه الشهيد القائد عبد الله السبع " الذي تصادف ذكرى رحيله اليوم الأحد 2/24.
حديث من البداية
البداية كانت من هناك... حيث الطليعة المؤمنة والرسالية الأولى التي حملت همّ فلسطين والإسلام والجهاد، جابت شوارع وأزقة الوطن المبارك لتبشّر بميلاد فجر جديد يحمل بين جنباته بوادر المشروع الإسلامي الجهادي الطلائعي في فلسطين ممثلا بصاحب الفكرة الأكثر صوابية للتعاطي مع فلسطين قضية العرب والمسلمين المركزية الأولى، ألا وهو الدكتور المعلم الملهم فتحي إبراهيم الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.
فقد كان شرف عظيم للشهيد القائد عبد الله السبع أن يكون ضمن النواة الأولى التي آمنت بخيار الإيمان والوعي والثورة ويعمل دون كلل أو ملل ليرسي قواعد تلك المعادلة السامية في قلوب وعقول "جيل العقيدة" العائد من عبق التاريخ ليعيد صياغة المرحلة من جديد بدمائه وأشلائه وآهاته التي تملأ الدنيا.
فقد انتمى الشهيد عبد الله السبع إلى حركة الجهاد الإسلامي في مطلع الثمانينات، وكان من الأوائل الذين تتلمذوا على يد الشهيد المعلم الدكتور فتحي الشقاقي. فتشرب أفكار الجهاد الإسلامي وتربى عليها فزادته وعياً وإدراكاً فكان من الجنود المخلصين والمتفانين. ومضى مع حركته مجاهداً وأفنى معها زهرة شبابه فأضحى قائداً من قادتها، ورمزاً من رموزها الفاعلة والنشطة في كل الميادين.
كما اعتقل الشهيد من قبل الاحتلال الصهيوني في العام ١٩٨٥ لمدة ٦ أشهر على خلفية نشاطه الإسلامي. كما اعتقل الشهيد مرة ثانية في العام ١٩٨٧ من قبل الاحتلال الصهيوني وحكم عليه المحكمة الصهيونية بالسجن سبع سنوات قضاها كاملة في سجون الاحتلال. وذلك بتهمة تقديم المساعدات والسلاح للشهيد القائد مصباح الصوري وإخوانه الشهداء الذين كانوا قد حرروا أنفسهم من سجن غزة المركزي في أيار/ مايو من العام ١٩٨٧ .
وعقب خروجه من سجون الاحتلال في العام م، تعرض لمحنة الاعتقال مرة أخرى ولكن هذه المرة على أيدي أجهزة الأمن الفلسطينية حيث أمضى في سجونها قرابة العامين بتهمة الانتماء لفلسطين التاريخ والهوية والعقيدة. وقد شغل الشهيد مناصب عدة في صفوف حركة الجهاد الإسلامي كان آخرها عضوية مجلس شورى الحركة في قطاع غزة.
ميلاد نور ونار
لقد كان ميلاد شهيدنا نور ونار، نور أضاء سماء فلسطين بجهاده وتضحياته، ونار أحرقت بلهيبها الاحتلال، فقد ولد الشيخ المجاهد عبد الله محمد محمود السبع في ٢٩ / ٣/ ١٩٥٣ م. حيث ينتمي لأسرة مقاومة هجّرت من قريتها في الأراضي المحتلة منذ العام ١٩٤٨ ، قبل أن يستقر بها المقام في بلدة بيت حانون البوابة الشمالية لقطاع غزة. وتلقى شهيدنا مراحل تعليمه المختلفة في مدارس البلدة وحصل منها على شهادة الثانوية العامة.
وينتمي شهيدنا المجاهد إلى أسرة عمّدت تاريخها بالجهاد والمقاومة، حيث استشهد اثنان من أشقائه التسعة، وهما يدافعان عن ثرى الوطن المبارك، كان أولهما شقيقه البكر "طلال" في العام ١٩٧٦ م، في عملية فدائية، و"جبر" الذي استشهد في ١٣ / ١٢ / ٢٠٠٠ م، مطلع انتفاضة الأقصى المباركة، على حاجز التفاح غرب مدينة خانيونس. وشهيدنا عبد الله أب لثمانية أبناء، استشهد أكبرهم "مصعب" في عملية استشهادية لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين قبل يومين من استشهاده.
بسالة فشهادة
يومان فقط هما اللذان كانا يفصلان بين استشهاد الابن المجاهد والأب القائد، حيث استشهد الابن البكر "مصعب" فجر يوم الجمعة بتاريخ ٢١ - ٢- ٢٠٠٣م، خلال تنفيذه عملية استشهادية لسرايا القدس في معبر بيت حانون "ايرز"، قبل أن يجن جنون الاحتلال وجنوده ليعلنوا الحرب على بلدة بيت حانون، للانتقام من والد الشهيد الذي كان يقف خلف عملية ابنه "مصعب"، ومع ذلك رفض الشهيد القائد الكبير مغادرة البلدة وأصر على البقاء داخل منزله ليواجه جنود الاحتلال وجها لوجه، رغم النداءات الكثيرة التي طالبته بالانسحاب من المكان.
وظل ينتظر تقدم قوات الاحتلال المدججة بالدبابات والطائرات والصواريخ صوب منزله، وعندها بدأت المواجهة التي استمرت نحو سبع ساعات خاض خلالها شهيدنا قتالا ضاريا ضد قوات الاحتلال الغازية، قبل أن يتمترس في أحد زوايا المنزل متزنرا بحزام ناسف وعدة قنابل يدوية ليفجر نفسه في قوات الاحتلال حال دخولها المنزل، إلا أن تلك القوات المسكونة رعبا وخوفا وجبنا، لم تجرؤ على دخول المنزل وعملت على قصفه بالصواريخ عن بعد ما أدى إلى استشهاد المجاهد الأشم "أبا مصعب" لتبكيه بيت حانون ببياراتها وحواريها وشبابها وشيوخها، وليخرج في وداعه عشرات الآلاف من أحباب الشهيد ومشروعه الجهادي المقاوم.
لحظات لا تنسى
وفي تفاصيل المعركة التي خاضها شهيدنا تحدثت زوجته الصابرة لموقع "الإعلام الحربي" قائلة: " لقد علم قبل ساعات أن جيش الاحتلال اعد عدته لاجتياح المنطقة لاعتقاله أو لقتله، على اثر العملية الاستشهادية التي نفذها نجله مصعب، لكنه رفض بشدة الهروب، وأصر على البقاء في المنزل متزنراً بحزامه الناسف، وسلاحه (الكلاشينكوف)، وبعض القنابل اليدوية".
وتابعت الزوجة قولها: "طلب مني بعد أن عانق كل طفل من أطفاله عناق حار، وبعدما رسم على جبهتهم قبلة الوداع، أن أذهب وإياهم إلى منزل جدهم الذي يبعد عنا بضع مئات من الأمتار، لكنني رفضت بشدة الخروج من البيت، وأصررت على البقاء معه، لكنه ألح علي بالذهاب من أجل رعاية أبنائنا من بعده، قائلاً "إنها اللحظة التي انتظرها منذ خمسين عاماً، ألا تحبين أن تريني في الفردوس الأعلى مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؟".
وأضافت الزوجة والأم المكلومة :" لقد تضاربت الأنباء وقتها عن مصير زوجي بعد سبع ساعات من المواجهة والصمود، فبعضهم ادعى انه هرب من المنطقة لحظة وصول رتل الدبابات، والبعض الآخر اعتقد انه اعتقل بعد إصابته، لكنني كنت واثقة أنه نال شرف الشهادة في سبيل الله".
وأشارت أم مصعب إلى أنها رغم مرور سبع سنوات على استشهاد زوجها ونجلها البكر، لم يغب طيفهم عنها للحظة.
صدق الله فصدقه
ومن جانبه تحدث نجله "مجاهد" ٢8 عاماً عن اللحظات الأخيرة من حياة والده المفعمة بالتضحية والفداء، قائلاً :" لقد استقبل والدي نبأ استشهاد شقيقي مصعب بكل صبر وافتخار، حيث كان يطلب من القادمين إلى عرس شقيقنا أن يهنؤنه باستشهاد فلذة كبده، لا أن يعزوه، لكنني تفاجئت عندما استيقظت لصلاة الفجر، ورأيته يضع يديه على رأسه وهو يبكي بحرارة، فقلت له " يا أبي لماذا تبكي؟، وأنت من كنت بالأمس توزع الحلوى وتطلب من الناس أن تهنئك باستشهاد شقيقنا، فقال: أنا لا ابكي على فراق شقيقك، لكنني ابكي لأنه سبقني بالشهادة في سبيل الله".
وأكد "مجاهد" أن والده كان حريصاً على تربيتهم تربية إسلامية، من أجل خلق جيل قرآني فريد قادر على تحمل الصعاب وقيادة السفينة من بعده، مشيراً إلى انه كثيراً ما كان يجلس معهم بعد صلاة العشاء ليعلمهم قراءة القرآن، و يقدم لهم النصيحة على شكل قصة من قصص الصحابة رضوان الله عليهم، من أجل الاقتداء بهم والسير على خطاهم.
فخر واعتزاز
في حين عبر نجله "مقاتل" عن فخره واعتزازه بما قام به والده وشقيقه من عمل جهادي في سبيل إعلاء راية التوحيد والدفاع عن فلسطين، مؤكداً أن والده زرع فيهم صفات الإيمان والطاعة والرجولة وحب الوطن.
وقال "مقاتل" قد بدت عليه رباطة الجأش والشكيمة :" لقد استشهد والدي وأنا في السادسة عشرة من عمري، ولكنني لا زلت أذكر ذلك اليوم الذي جلس فيه معي ليحدثني عن فضل الشهيد ومكانته وما أعده الله له من ثواب وأجر عظيم".
سأحقق أمنيته
بينما تذكر نجله "شهيد" 15 عاماً اللحظات التي عاشها مع والده، قائلاً " لقد استشهد والدي وأنا عمري لا يتجاوز السبع سنوات، لكنني لازلت أذكر تلك اللحظات التي كان يصطحبنا فيها إلى المسجد، ويجلس معنا ليعلمنا قراءة القران"، مؤكداً انه رغم ما تقوم به أمه وأشقاؤه من دور عظيم إلا انه كثيراً ما يشعر انه بحاجة إلى حنان والده، ولكن ما يصبره أن والده قد اختار طريق الشهادة في سبيل الله.
أما نجله الصغير"رضى الله" 9 أعوام فقال :" أنا لا أذكر والدي لأنه استشهد وأنا طفل صغير، لكنني أحبه كثيراً لأنه استشهد بطلاً "، وأضاف " والدي كان يتمنى أن أصبح مهندساً، هكذا قالت لي أمي، وأنا حريص على تحقيق أمنيته".
تعليق