الاستعانة بأهل البلاء / عبد الله الشاعر

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
تنظيف الكل
رسائل جديدة
  • جهادي الأصل
    عضو أصيل
    • نوفمبر 2011
    • 2680

    #1

    الاستعانة بأهل البلاء / عبد الله الشاعر



    عبد الله الشاعر

    حين نفض المقهورون من صمت أولى الأمر أيديهم، فروا إلى الضعفاء لعلهم بحكم قربهم من الله أكثر يملكون دعاء مستجابا

    ضاقت بإنسانيتهم وبجراحاتهم أسماع الساسة وأبصارهم ففزعوا إلى من لا يملك إلا علبة الدواء وخالص الدعاء من غير امتيازات أو عقارات....هناك حيث المرض والألم وقسوة الحياة وارتباط الأرض بالسماء عبر سلّم الاكفّ الحزينة... ( فلا قارب للنزهة يضحك بين الأمواج...ولا نورس يختطف الأسماك ويعلو الماء ).. ولا شيء سوى بقيةٍ من أمل...هم كذلك من غير نفاق أو تكلف..وهم لذلك بدعائهم اخلص، و من الله اقرب.

    صمّت آذان المترفين..ودخلت ضمائرهم في غيبوبة مفتعلة، فنام الأسرى في أسرة الجوع بلا أغطية سوى الأحزان والخيبات والصدمة...وتراقص السمّار خلف أسوار الباب العالي من نشوة الهزائم..وحقا ما لجرح بميت ايلامُ.

    طافوا على المرضى في المشفى وقدموا بين يدي مطالبهم وردة وابتسامة...

    أحبتنا،إن لنا في الأسر إخوة يأكل الجوع أعمارهم،وقد عزّ النصير، وقلّ المعين، فهل تكفونهم مئونة الدعاء،وترفعوا عن عوائلهم ذلّ المناشدة؟...

    لقد ملّوا الطرق على أبواب موصدة،وملّوا الصراخ عند أناس طرشى لا يسمعون.....فهل لكم أيها الراقدون على أسرة الشفاء أن تستحثوا القدر بأن يمنّ على الأسرى المضربين بالنصر والحرية...؟

    في الأسر رجال يصعدون إلى حتفهم كل حين، والموت يوغل في أحشائهم، ويشكل ملامح يومهم الآتي...يتموضعون طوال الجوع بمحاذاة أرواحهم في تحدٍ بالغ أيهما سينتصر في النهاية...يطلقون للروح إشراقها عساها ترى الفجر يرمقهم من بعيد.

    منذ شهور يخبزون في تنور الجوع أصابعهم والأمنيات...على أمل أن يأنسوا من جانب السجن نخوةً وغيرة...يوصدون أبواب الشياطين ولا يستمعون لمطالبهم،مستيقنين أن للحرية أثمانها الباهظة!!!

    إنهم لم يقعوا في الأسر وهم يبحثون عن متع الحياة..لم يوغل القيد في أجسادهم وهم يفترشون الشواطئ في حمام شمسيّ دافئ...لا شيء في أعينهم سوى فلسطين، ولا شيء في أحلامهم سوى القدس...آهٍ أيتها المدينة التي تأخذ أعمارنا لتمنحنا عزة وكرامة لأجيال قادمة..

    لا بأس ما دمنا سنحيا بنعيم – بعد الموت – لا ينتهي

    ندرك أن ليس على المريض حرج..لكنها دعوة عساها في زحمة البلاء تستحث خطى الإجابة.
جارٍ التحميل...