القدس المحتلة – صفا
ذكر تقرير استراتيجي إسرائيلي صدر مؤخراً قوة الردع الإسرائيلية وشرعية الهجمات العسكرية التي ينفذها الاحتلال شهدت "تآكلاً" كبيراً في مقابل حصول حركة حماس على دفعة سياسية وميدانية قوية، وذلك بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير بالتوصل إلى اتفاق تهدئة لوقف إطلاق النار بين الجانبين.
وأوضح تقرير شارك فيه مسئولون أمنيون وعسكريون سابقون، على رأسهم مدير جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق عاموس يدلين حول العدوان العسكري الأخير على القطاع، ونشره معهد الدراسات الأمنية القومية الإسرائيلي، أن دولة الاحتلال وافقت على شروط صعبة للتوصل على اتفاق تهدئة مع حماس.
وقال يدلين في التقرير الذي أعد أواخر الشهر الماضي، إن "إسرائيل" أنهت الحرب المصغرة وسط ضعف في قوة الردع لديها، بالتوصل إلى هذا الاتفاق الذي توسطت فيه مصر في ظل تداعيات كبيرة على مواقفها العسكرية والسياسية، فيما تضمنت بنوده جوانب كثيرة تخلق إشكاليات للكيان.
وأضاف: "السؤال الذي يطرح نفسه، هو أنه هل كان من الملائم وقف العملية دون الوصول إلى اتفاق مرضٍ وبدون توجيه ضربة قاصمة لحماس، والاستمرار فيها حتى تعزيز وضمان تحقيق قوة الردع المطلوبة؟".
وأردف: "هذا الاتفاق منح حماس فوزاً سياسياً كبيراً، ويمكن أن يمهد الطريق لحرب مصغرة أخرى"، مشيراً إلى أن التوقيت مرهون سيعتمد على مدى سرعة تعزيز حركة حماس والمنظمات المسلحة الفلسطينية لقدراتها العسكرية، وهو أمر أوصى بضرورة العمل على محاربته وتوجيه ضربة شديدة لهذه المحاولات.
وذكر أن هناك أربعة عوامل لعبت دوراً هاماً في تآكل وأضعاف قوة الردع الإسرائيلية، أولها هو تغير النظام في مصر، وهو مما أعطى حماس انطباعاً بأن "إسرائيل" ستكون حذرة إزاء أي رد على إطلاق الصواريخ من غزة، على حد تعبيره.
العامل الثاني، حسب يدلين، تجلى في نشاط المنظمات المسلحة الصغيرة الحجم التي بدأت تتحرك منفردة وهو ما جعل حركة حماس أمام موقف متوتر، ويضع عليها مسئولية كبيرة بسبب أن مواجهة مثل هذه التنظيمات سيكون معاكساً لالتزامها بمبدأ "المقاومة".
العامل الثالث اتضح من خلال جهود حماس في تعزيز قوتها العسكرية وصناعة واستيراد صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصيب تل آبيب، فضلاً عن أن ثقتها بنفسها جاءت مبنية على الاعتقاد بأن "إسرائيل" كانت على معرفة بهذا الأمر وستسعى لتحاشي وقوع تصعيد وتعرضها لهجمات من هذا القبيل.
وتمثل العامل الرابع في إيمان حماس بأن الردود الإسرائيلية منذ حرب 2008/2009 على إطلاق الصواريخ من قطاع غزة كانت ضعيفة وغير مؤثرة، وهو ما جعلها تنظر إلى أن ثمن إطلاق مثل هذه الصواريخ سيكون في حده الأدنى ولن يكون باهظاً، كما رأى يدلين.
في المقابل، قال القائد الأمني الإسرائيلي السابق: "من الخطأ أن نأخذ الاحتفالات بفوز حماس على محمل الجد، بل بالعكس، فإن حماس إذا لم تقرأ الموقف بشكل صحيح وكانت تكذب على نفسها بهذا الشأن، فإن احتمالات خسارتها (المنافسة في تعلم الدروس) ستكون كبيرة جداً".
وأشار إلى أنه من المهم قبل الخوض في أية عملية عسكرية، فإن الاختلاف الواضح بين الجانبين يستلزم تفكيراً أوسع حول النتائج التي يمكن تحقيقها، وما هي الوسائل التي يمكن استخدامها للوصول إلى الأهداف المطلوبة في هذه المعركة العدائية.
ولفت إلى أن دولة الاحتلال يجب أن تحقق فيما جرى خلال العدوان، وليس فقط بحثه ودراسته، وتشكيل لجنة داخلية بعيداً عن الجمهور والإعلام للنظر في هذه القضية وتقديم المقترحات والتوصيات اللازمة تفادياً لأية إشكاليات مستقبلية والعمل على تعزيز قوة الردع والحيلولة دون حصول فصائل المقاومة على التسلح المطلوب.
وبيّن أنه للمرة الأولى خلال العدوان أطلقت صواريخ من غزة باتجاه تل آبيب، وعلى الرغم أن هذه لم تكن مفاجأة، حسب زعمه، حيث أن مسئول المخابرات العسكرية تحدث في هذا الموضوع في 2010 أمام الكنيست.
لكنه قال: "في المقابل، إطلاق الصواريخ بشكل مكثف في المستقبل سيشل المدينة اقتصادياً، وربما يؤدي إلى إخلائها"، مشيراً إلى أنه رغم المعرفة المسبقة بهذه المعلومات، وصلت الصواريخ إلى المدينة، فيما لم "يدفع مطلقو هذه الصواريخ ثمن هذه الضربات".
وشدد على ضرورة بحث مدى خطورة مثل هذا التطور، وخاصة مناقشة رد الفعل فيما عرفته حركة حماس بأنه أمر تاريخي، على الرغم من أن العمليات الفدائية كبدت "إسرائيل" من الخسائر البشرية ما هو أكبر بكثير من الصواريخ تلك التي لم تصل تل آبيب.
تعليق