مصدر عسكري سوري يشرح ل "سلاب نيوز" خارطة العمليات العسكرية في المحافظات السورية: هذه هي حقيقة الميدان
لفت في خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دعوته لقراءة خريطة السيطرة على الأرض السورية لمعرفة من هو الطرف الأقوى والأقدر على حسم المعركة التي إنطلقت قبل عام وتسعة أشهر.
هذه النقطة من الخطاب شغلت الإعلام والمحللين في الفترة الأخيرة وكذلك المتابعين لما يجري في سوريا، لذا كان من الضروري التعرف على حقيقة الوضع فيها، فما بين تأكيد النظام سيطرته على الجزء الأكبر من الأرض وحديث رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب بعيد مغادرته سوريا عن فقدان النظام السيطرة على سبعين بالمئة من الأراضي فارق كبير، من جانبنا كثيرة هي الأسئلة التي طرحناها مؤخراً بشكل جدي أمام كل من التقيناه من مصادر المعلومات والقرار في سوريا حول طبيعة التحولات على الأرض وتفسيرهم لبعض الأمور التي تلتبس بسبب تكرار إعلانات السيطرة على نفس المكان أحياناً ولذا كان لمصدر مطلع على طبيعة المواجهات الحاصلة تفسيره وعرضه، ففي حديث خاص لسلاب نيوز أكد المصدر بداية أن الكثير من الأخبار التي تتداولها القنوات التلفزيونية والأحاديث التي يدلي بها مسؤولون غربيون لا تنطبق أبداً على واقع الأرض وخرائط الميدان.
وبدأ محدثنا شرحه لخريطة السيطرة منطلقاً من جنوب سوريا وبالتحديد من محافظة درعا التي إنطلقت منها شرارة الأحداث فجزم أن المدينة وقرى الكحافظة خارج دائرة المواجهة العسكرية، وأنه لم يعد يمكن الحديث عن أعمال عسكرية يقوم بها الجيش السوري بل يقتصر الأمر على عمليات أمنية تستهدف أوكار ومخازن أسلحة وعناصر مطلوبة للجهات الأمنية مؤكداً أن بعض قرى درعا القريبة من العاصمة وبعيد إشتعال المواجهات في ريف دمشق باتت مناطق أمنة يلجأ إليها النازحون ويعطي مثالاً على هذا قرية كناكر التي كانت سابقاً قد شهدت مواجهات عنيفة وحركة نزوح للأهالي منها فيما أصبحت الآن تعج بالنازحين.
وبعد مقاطعة للسؤال عن منطقة الحدود مع الجولان المحتل يجيب المصدر أن محافظة القنيطرة شهدت عمليات عسكرية قام بها الجيش في بلدات جباتا الخشب والبريقة وبير عجم وتم فيها القضاء على معظم المجموعات المسلحة وقادتها مستطرداً أن التحرشات الاسرائيلية في تلك المنطقة كانت محاولة لمساعدتهم من خلال إطلاقها بعض القذائف لإرباك الجيش فلم تفلح، ولم يبقى أمام الجيش سوى تطهير أحراش تل شفاف السنديان التي يفرض طوقاً محكماً عليها ويختبأ فيها عشرات المسلحين الذين اتخذوا من احراجها غطاء ومخبأً لهم.
أما في محافظة السويداء فيصف المصدر الوضع فيها بالآمن والمستقر بالرغم من بعض المشاكل الأمنية التي لا يمكن وضعها إلا في خانة التحركات الفردية غير المحسوبة النتائج والتي سرعان ما تنتهي بفضل وعي الأهالي ورفضهم تأمين بيئة حاضنة لأي مسلح.
وبخصوص "بيضة القبان" ومعركة المعارك أي "العاصمة دمشق" فيؤكد المصدر أن المدينة تعيش وضعاً أمنياً هادئاً نسبياً تخرقه المجموعات المسلحة بتفجيرات ورمي قنابل صوتية أو إطلاق نار متفرق ومتنقل للإيحاء بوجود اشتباكات في حين أن الأسواق تشهد حركة إقبال شبه عادية وينتظم عمل المؤسسات والدوائر بشكل طبيعي مذكراً بدعوة العشاء الأخيرة التي جمعتنا في دمشق وكيف كان استغرابي كبيراً لاكتظاظ المطعم بالرواد في ساعة متأخرة، لكنه في الوقت نفسه لا ينفي حصول إشتباكات عنيفة جنوب العاصمة وبالتحديد في مخيم اليرموك الذي يعتبر جزءً من دمشق وهو مطمئن أن اللجان الشعبية المولجة حماية المخيم لن تسمح بسيطرة المجموعات المسلحة على المخيم أياً كان الثمن لأنه من غير المنطقي أن تفشل معركة اسقاط دمشق فيكون الرد من قبل تلك المجموعات الإنتقام من مخيم للاجئين الفلسطينيين، وعندما نستوضح قصده يجيب أترك الكلام في هذا الموضوع للفلسطينيين أنفسهم فردهم وصمودهم يغني عن كل شرح.
ومع حزم وحسم "المضيف" بخصوص العاصمة ننتقل بسؤالنا الى ريف دمشق "الساخن" لنستفسر عن سر التقلبات العسكرية فيه، فيجيب المصدر أنه وفي هذه المرحلة تعتبر هذه المحافظة أكثر المناطق سخونة في المواجهات العسكرية لأنها أصبحت ملجأ لآلاف المقاتلين الذين يسيطرون على مناطق واسعة فيها وتشكل بالنسبة لهم منطلقاً لما سموه معركة "تحرير دمشق" وما يجزم بخصوصه المصدر "أنه ما قبل أسبوعين من الآن كان الحديث عن معارضة مسلحة قوية ومنظمة موجودة في الريف الدمشقي صحيحاً" إلا أنه الآن لم يعد كذلك فقد باتت قواها مشتتة وهي قد تعرضت لضربة قاسية في داريا والمعضمية حيث سقط آلاف المقاتلين فيما لا يزال الألاف منهم محاصرون، ويستطرد "لا يزال الجيش السوري يحقق تقدماً في العمق تحت غطاء ناري كثيف وهو أي الجيش يهدف في مرحلة لاحقة للوصول إلى بحران العواميد ومنطقة الديابية والحجيرة حيث تصطاد طائراته وعملياته الخاصة مئات المسلحين بشكل يومي، ومهمة الطيران الحربي (التي ينتقدها البعض متناسياً أنها مشروعة في وجه هذا الحشد من المقاتلين) هي التمهيد للحظة دخول الجيش من خلال إستهدافه لمراكز القيادة وتجمعات المسلحين ومستودعات الأسلحة، ونسأله عن الغوطة الشرقية ومدى قدرة المتمركزين فيها من الاستفادة من اطلالتها على المطار وقربها منه، فيجيب غير معترض نعم ولكن المعارضة المسلحة تدرك جيدا ً كلفة المحاولة من جديد وهي بالتأكيد لم تنسى بعد كم سقط لها من المقاتلين يوم حاولت الإقتراب من مطار دمشق الدولي.
وعند سؤالنا عن مسار العمليات وهل هناك مدة محددة لإنهاء العمليات في الريف، يجيب بلهجة "الميداني"، أن هناك تقدماً ملحوظاً يحققه الجيش على الأرض على أن تنتهي العمليات في كامل الريف في وقت ليس ببعيد وسيكون ختامها يوم إحكام الجيش سيطرته على قرى رنكوس وعسال الورد وجوارهما الممتد على طول الحدود مع لبنان.
حاولنا في تلك النقطة لعب دور محامي الشيطان مع محدثنا وسألناه أليست هذه الاجابة نفسها التي تردد عند كل معركة كبيرة في الريف؟
فيبتسم ويقول وهل مجرد تغيير الاجابات سيكون مقنعاً أكثر؟ ويسأل بدوره ألم تكن تلك المقولات ترشق في وجهنا أيضاً أيام معارك حمص باحيائها وريفها؟ أنظر كيف أصبح الوضع الآن فيها، 85 بالمئة من المدينة باتت تحت سيطرة الجيش السوري وتشهد بداية عودة الأهالي إليها، الحركة خفيفة فيما بعض الأسواق التي لم تتعرض للتخريب والتدمير ولكنها تتحسن، وعن الـ 15 بالمئة المتبقية يقول المصدر "إنها مناطق محاصرة بشكل قوي وهي مساحة تتقلص يوم تلو الآخر بفعل العمليات النوعية التي يقوم بها الجيش بشكل متقطع وبطيء ولكنه حاسم ومثمر، فالوضع في حمص لم يتوقف عن التحسن لمصلحة "الدولة" منذ معركة بابا عمرو وكسر مخطط ستالينغراد فيها، فنسأله عن المناطق الساخنة فيها كريف القصير فيقول مصدرنا أن تلبيسة والرستن وتلكلخ باتت مناطق معزولة عن محيطها ويتواجد فيها الجيش بشكل كثيف ويفرض طوقاً محكماً ححولها في الوقت الذي ينفذ فيها عمليات أمنية وعسكرية إما عبر إستخدام المدفعية أو من خلال القصف الجوي أو استهداف "القادة ومراكز القيادة" وستبقى كذلك إلى حين صدور الأوامر بالدخول إليها وهذا الأمر سيتأخر قليلاً لعدة عوامل أبرزها ضرورة إحكام السيطرة على الحدود مع لبنان التي تعتبر منطقة خلفية يستخدمها المسلحون لتنفيذ هجماتهم ومعظم الوقت يعبرونها باتجاه لبنان للاستراحة والتزود بالمؤن والسلاح والتجنيد، ولكنه يستدرك ليجزم بأن المجموعات المقاتلة في تلك المناطق وكذلك في القصير باتت منهكة وغير قادرة على القيام بعمليات عسكرية ضخمة وهي فقدت الكثير من أفرادها في حين أن إشتباكات عنيفة تندلع بين أفرادها بين وقت أخر بسبب الخلاف على تقاسم المغانم والممتكات المنهوبة.
نسأل عن حماه وسر خروجها من المشهد رغم التاريخ السابق لها مع التحركات فيقول المصدر "الوضع في المدينة وقرى المحافظة هادئ تعامل الدولة مع ملف حماه بدراية وحكمة إستطاع إخراجها من المواجهة مبكراً وبأقل الخسائر الممكنة دون أن ينفي حصول بعض الإرتكابات الخطيرة وأخرها المجزرة التي شهدها ريف حماه وتحدث عن إكتفاء الجيش بمداهمات لملاحقة أفراد مجموعات وخلايا نائمة وضبط مستودعات أسلحة دون الحاجة للقيام بأي أعمال عسكرية كالتي تشهدها المناطق الأخرى.
عن محافظة إدلب فإكتفى المصدر بالقول بأن المدينة أمنة في حين أن ريفها تحت سيطرة المجموعات المسلحة التي ترتكب الفظائع مستغلة غياب الجيش السوري الذي يكتفي بعمليات نوعية ينفذها أفراده على أكثر من محور في حين أن مدينة معرة النعمان ذات الموقع الإستراتيجي عادت لتكون تحت سيطرة الجيش إلى حد كبير بخلاف ما تبثه الكثير من القنوات الشريكة بسفك الدم السوري.
وماذا عن حلب وريفها ؟
سؤال كبير وضعنا تحته العديد من الخطوط على ورقة أمام محدثنا لاستفزازه، لكنه اجاب بعد هنيهات من الشرود "أن العمليات في داخل المدينة شارفت على الإنتهاء والجيش هزم جبهة النصرة التي كانت رأس الحربة ووجه لها ضربة قاسية، وقتل معظم قياداتها البارزة في عمليات وكمائن مدروسة كان آخرها إستدراجهم الى كمين محكم في مدرسة المشاة مشابه لسيناريو كمين داريا الشهير، وكانت النتيجة مقتل قائد لواء التوحيد "أبو فرات" وعدد كبير من كوادره وعناصره.
وبالنسبة للريف فالجيش بدأ يركز تقدمه نحو الحدود التركية والعمليات الآن تدور في حريتان وعندان ومارع وتل رفعت ودارة عزة وصولاً الى اعزاز، وفي الشرق في منطقة الباب ومنبج يقوم الأهالي واللجان الشعبية بالتصدي للمجموعات الإرهابية وينظمون التظاهرات ضدهم في مشهد بطولي حقيقي.
أما محافظة الرقة فيسيطر الهدوء في ما نسبته الـ 80 بالمئة من نواحيها ولا تعكره سوى الإشتباكات الحاصلة في منطقة رأس العين حيث تكفل الأهالي فيها من أكراد وعرب بمنع أفراد المجموعات المسلحة القادمة من تركيا من دخولها.
وبالنسبة لدير الزور فإنها تشهد عملية عسكرية مستمرة منذ أسابيع نجح الجيش فيها في تكبيد المجموعات المسلحة خسائر فادحة وإستعاد السيطرة على أجزاء كبيرة من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها وكان البارز والحاسم في انقلاب الصورة هو دخول العشائر على خط المواجهة في بلدة القورية حيث قاموا بمساندة عناصر الجيش وأجبروا الكثير من أفرادها على الإستسلام.
ويبقى الإشارة الى أن اللاذقية كمدينة لا تزال خارج الأحداث منذ تطهير حي الرمل الجنوبي والصليبة ويقوم الجيش بين الحين والأخر بتنفيذ مداهمات واعتقال بعض العناصر المشبوهة خاصة بعد استعادته السيطرة على النقاط الإستراتيجية في الريف اللاذقاني لا سيما في أعالي الجبال وهو يقوم بتنفيذ عمليات في المناطق الحدودية مع تركيا ويسيطر على قرى الشريط الحدودي هناك وبالنسبة لطرطوس يختم المصدر بها كما أراد منذ بداية الحديث لأنها تحافظ على طبيعتها الهادئة منذ بداية الأحداث وهي تتشارك اليوم مع مئات ألاف النازحين إليها رغيف الخبز وهموم الوطن .
http://www.slabnews.com/article/885/...AF%D8%A7%D9%86
تعليق