بقلم: عبد الله الشاعر
هي أمعاؤك تمتطي صهوة الجوع .. تعبر ليالي الحزن وصقيع الأيام ، وبرودة سياسيين تجمدت في عروقهم الهزيمة .
هل كان بوسعك أن تكون في هذا الألق لولا نبر جوعك الأبي، الذي يصرخ في وجوه غزاة يسرقون آدميتنا، ويتباهون أمام العالم بأنهم عنوان الديمقراطية الوحيدة في مستنقع الشرق الأوسط .
هو كما تعلمون لا يقتنع بنصر تبرر من خلاله الهزيمة .. ويسوق للضياع على أنه أم المعارك والنصر المؤازر والفتح المبين .. لم يهتف للمراهقين حتى لا يكون صوب عربون هوان تضع في ثناياه ملامح الانكسار..
لم يشيد صرحاً من الوهم على أطلال وطن أضاع أميه التفاوض والغزل السياسي مع الغزاة أكثر مما قضمته الدبابات وعابرات الحقد والكراهية ..
لأنه أبى أن يعاقر خمره السكارى ليبقي على ضميره وإنسانيته في أعلى جهوزيتها .. فكان الجوع والتحدي. في عروقه تعدو خيول لم يزل لها صهيل ، ويعقد في نواصيها وطناً تسيجه الجراح ..
جوعك يحمل أعباء إنسانيتنا على كاهله إلى أمكنة أبعد من الجغرافيا الضيقة ، ليصير التاريخ فارساً حالما بأجيال ستأتي .. يهمس في أذانهم وصايا الجائعين، ويودع في أفئدتهم باقة من مواقف ليست ذابلة!
عند حدود الموت يعزف راية الجوع ليصير الجوع بوابته نحو النهار .. أرأيتم أحدا يفتش في براثن الموت عن فسحة أجل للحياة!
ذاكرتي تتعرض الآن لنزيف حاد، وفي القلب أوجاع مما تحس .. وصارت أيامي عسيرة وقاتلة .. فهل تدركون أن جسد طارق قعدان القيادي البارز بالجهاد الاسلامي بجنين ، قد أصبح لوحة مطرزة بإبر العناد وإرهاق الجوع.. وأثار جلاد مرت سياطه على الجسد.
الآن تتوحد كل أحشائه كضمير إنسانية في وجه الطغاة .. فهل تدرك الإنسانية أن طارق يدافع عنها ببسالة. وحين يصير الجوع سيف الحضارة الإنسانية المسلول في وجه الأفاكين والقتلة .. فلا غرابة أن يشرع طارق كل أمعائه سيوفاً لا تصدأ .. ورماح لا تعرف الانكسار ولا تخطئ الهدف .. ولأراد لله طعاما يغطي على مساوئ الطغاة ويصير دعاية لإنسانيتهم الكاذبة .
محال لمعاول الطغاة أن تهد جبال شامخة .. وحين يعلن أبو خالد النفير ويرفع راية التحدي فأعلم أن المعركة جد شرسة .. لكن أمال الانكسار ساطعة.. وحين يحدثونك عن رجل كي لا يدخل أمعاؤه طعاماً بلا كرامة فأعلم أنه طارق ..
يمضغ لحم الجوع فلا داعي للجدل .. لا داعي لهمس يتساءل أو أخر يعاتب ، فلقد حسم أبو خالد خياراته ، وقضى الأمر الذي فيه تستفتون.