أيها السادة في فتح وفي حماس، إذهبوا إلى الجحيم معاً وفوراً. انقلعوا من هنا إلى الأبد، إلى أبعد مكان عن الشعب الفلسطيني. أنا لا اتحدث هنا عن سقوطكم الأخلاقي فالأخلاق نسبية ولا أتحدث عن جرائم القتل التي تسلّون بها ضحاياكم انتظاراً لقطار السيادة الفكاهية أو لقطار السلام الذي لا سكة له ولا ركاب فيه ولا وجود له اصلاً، بل أتحدث عن أمر واحد بالتحديد أخطر من كل أوصافكم، هو أنكم لا تصلحون لقيادة هذا الشعب والتفويض الذي منحته لكم الانتخابات انتهت صلاحيته منذ سنوات. أيها السادة المقررون في فتح وحماس، أنتم سلطة من ورق. تنافسكم هو تنافس في الخيبة، وإني والله لمعجب بقدرتكم الخارقة على إثبات عجزكم عن إدارة الصراع مع العدو، وعجزكم عن إدارة علاقتكم بالمواطن وبالسلاح وبالثقافة وبالجَمال وبالمال وبالمرأة وبالعيال وبالدبلوماسية وبالقانون وبالقضاء وبالتفاوض وبالموسيقى وبالكتابة وبالقراءة وبالصمت في حينه وبالكلام في أوانه. وأفدح من كل هذا وذاك فشلكم في إدارة العلاقة مع كوادركم وأبطالكم الحقيقيين من المقاومين البسطاء وشبابكم المضحي وقواعدكم العصية في معظمها على الفساد. انظروا رسالتكم لهؤلاء اليوم وتأملوا أي خيبة تسببونها لنظافتهم ونظافة سلاحهم وعقولهم. أيها السادة في فتح وحماس صاح عربي ذو كرامة قبل نصف قرن: على الاستعمار أن يحمل عصاه ويرحل. احملوا عصاكم وارحلوا إلى أي جهنم. لست مفجوعاً فيكم ولم تخيبوا لي أي أمل فإني واحد من كثيرين لم يعلقوا عليكم أي أمل منذ عشرات السنين، ولم يحسنوا بكم الظن حتى وأنتم في شهقة الطاووس. براهين رداءتكم قديمة أيها السادة، فلا تلوموا من يضعكم في سلة واحدة ولا تنهمكوا في سوق الأدلة على نقاط الاختلاف بينكم في السياسة والتاريخ. فقد وفقكم الله في طمس كل الفروق أو معظمها في أقل مما توقعنا من وقت. أنتم من طمس الفروق وليس سواكم. أيها السادة في فتح وحماس، رسالتي هذه ليست نفثاً لما في الصدر من حنق عليكم، إنها ببساطة دعوة هادئة لحل مؤسسة السلطة بشكلها الراهن، لأن هذا الشكل لا شكل له في الواقع، أنتم سلطة بلا سلطة ومؤسسات بلا مؤسسات وسلاح بلا أفق ومال بلا صاحب، جرائمكم من حديد وسلطتكم من ورق. اقتتالكم أصبح المصدر الوحيد لفرح إسرائيل بعد اكتئابها في لبنان. نعم آن أوان العودة عن خرابات أوسلو وأوهامها البلهاء وآن أوان حل سلطتكم فقد كان نضال شعبكم ضد الاحتلال أفضل حالاً قبلها وسيكون حتماً أفضل حالاً بعدها. الشعب الفلسطيني العظيم التحمل والعظيم الصبر سيعثر على أشكال أخرى لمقاومة الاحتلال والاحتفاظ بالمعاني كلها بعد أن قتلتم كل المعاني "من زمان" وها أنتم اليوم تقتلون الناس. أنتم أيها السادة رضيتم أن تواصل إسرائيل احتلالها تحت راية فلسطينية تضعونها على سياراتكم وفي مكاتبكم وفوق بنايات وظائفكم. وهل أوسلو إلا هكذا؟ إجلسوا واستمعوا إلى أي فتى أوفتاة من فلسطين وضواحيها حتى تدركوا كم سببتم له أو لها من كآبة. وأنتم أيها السادة لستم قدراً مكتوباً علينا فصناديق الاقتراع التي أردتم تعزيز شرعيتكم من خلالها كانت ثمرة واقع مشوه أرادت منه إسرائيل الابقاء على أحدكم فجاء الآخر. حاربتم حماس يا سادة فتح، وحماس حاربت نفسها وحاربتكم وثبت أن الهوة تتسع لضحيتين في سقطة واحدة عندما تنزلق العقول. وقد انزلقت منكم العقول والأقدام والأيدي وانزلقت بكم معرفتكم الكالحة وجهلكم الملون والنوايا التي يخفيها الكلام. لا تقولوا شيئاً أيها السادة، فأي شيء لم تقولوه بعد؟ جعلتم الفضائيات منازل لكم تقيمون فيها أكثر مما تقيمون في منازلكم. أصبح المشاهد العربي خبيراً بأزيائكم وأصواتكم ووجوهكم وفراغ معانيكم وعجزكم عن صوغ جملة مفيدة. تقولون "حكومتنا" فتمر الكلمة منزوعة المعنى والدسم فأنتم أول من يعلم أن الحكومة الوحيدة القائمة، والفاعلة والمسموح بها في فلسطين هي حكومة الاحتلال، تأذن بحركتكم أو تمنعها، تفتح الحدود أو تغلقها، تدفع مستحقاتكم أو لا تدفعها وتختم جوازات سفركم أو لا تختمها.
قلبي الآن قريب من كل ضحية سقطت بغباء رصاصكم. ولا أصدق عيني إذ ارى رصاصة كل طرف منكم مشغولة بتبرئة نفسها واتهام رصاصة الطرف الآخر! وكأن ضحايا الرصاصتين آخر ما يشغلكم. لا نريد تعاطفكم مع الأحياء ولا مع الأموات ولا نريد منحكم فرصة أخرى لمراجعة الذات وتحسين الأداء. إرحلوا فقط. سنكون بخير بدونكم أيها السادة. أيها السادة في فتح وحماس أنتم ممثلون فاشلون في مسرحية رديئة. أغلقوا الستار فقد اهترأتم واهترأ.
مريد البرغوثي
قلبي الآن قريب من كل ضحية سقطت بغباء رصاصكم. ولا أصدق عيني إذ ارى رصاصة كل طرف منكم مشغولة بتبرئة نفسها واتهام رصاصة الطرف الآخر! وكأن ضحايا الرصاصتين آخر ما يشغلكم. لا نريد تعاطفكم مع الأحياء ولا مع الأموات ولا نريد منحكم فرصة أخرى لمراجعة الذات وتحسين الأداء. إرحلوا فقط. سنكون بخير بدونكم أيها السادة. أيها السادة في فتح وحماس أنتم ممثلون فاشلون في مسرحية رديئة. أغلقوا الستار فقد اهترأتم واهترأ.
مريد البرغوثي
تعليق