لم تتمكن السفينة الفنلندية "إيستيل" من الوصول إلى شواطئ غزة قبل أيام قليلة، بعد أن تعرضت لهجوم البحرية الإسرائيلية التي اقتادتها إلى ميناء أسدود، سفينة ايستيل التضامنية حملت على متنها 19 متضامناً من جنسيات مختلفة من بينهم خمسة من أعضاء البرلمان، جاءت في محاولة منها لكسر الحصار المفروض إسرائيلياً على قطاع غزة، وهي على أية حال ليست السفينة الأولى التي تمنع إسرائيل وصولها إلى قطاع غزة بالقوة وحتى بالتضحية بحليفها التركي إذا لزم الأمر.
مع هذا، ليس هناك أدنى شك في أن تمكّن أمير قطر وحاشيته من الوصول إلى قطاع غزة، لم يكن ممكناً على الإطلاق بدون موافقة إسرائيلية واضحة. زيارة الأمير، في نظر بعض الإعلام جاءت لكسر الحصار ولدعم مشاريع للبنية التحتية، وكأنما إسرائيل أرادت فعلاً كسر حصارها من خلال استقدام الأمير القطري، ولو كان الأمر كذلك، فالسؤال، ما هي مصلحة إسرائيل في فك حصارها على قطاع غزة ـ كما يدعي البعض ـ من خلال هذه الزيارة الأميرية.
هنا، يمكن العودة إلى أن الأمير القطري دخل إلى القطاع عبر معبر رفح، على الحدود الفلسطينية ـ الإسرائيلية، وليس عبر كرم أبو سالم، المعبر المصري الإسرائيلي الفلسطيني، وإسرائيل معنية تماماً بمثل هذا العبور، في محاولة منها لترسيم المسؤولية المصرية عن قطاع غزة الذي لم يعد ـ حسب إسرائيل ـ تحت السيادة الإسرائيلية.
إسرائيل معنية باستمرار الانقسام الفلسطيني، ولا شك أن هذه الزيارة الأميرية تصبّ في هذا الهدف، تعزيز سيطرة "حماس" على قطاع غزة وتكريس الفصل بين القطاع والضفة الغربية، ولقطع الطريق على أي جهد من أجل إنهاء الانقسام، والغريب في هذا الأمر، أن قطر كانت راعية لاتفاق الدوحة بين أبو مازن ومشعل، وكان من الأولى قطرياً أن تدعم هذا الاتفاق الذي تم توقيعه في عاصمتها، لا أن تقوم هي ذاتها، بالوقوف إلى جانب من منع تنفيذ هذا الاتفاق.
وإسرائيل حريصة على هذه الزيارة، كونها تضع كافة المسائل المتعلقة بالقضية الفلسطينية من خلال "ثقب غزة"، إذ على الرغم من عواقب الانقسام والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، إلاّ أن الأمر الأكثر أهمية وخطورة على القضية الفلسطينية ينطلق من استمرار العملية الاستيطانية في الضفة الغربية وتهويد مدينة القدس وانهيار مبدأ دولتين لشعبين بعد تعثر العملية التفاوضية وبناء الجدار الحدودي الفاصل، وتبقى غزة، مع كل مخاطر تداعيات ما يجري على أرضها سواء من حصار أو من انقسام، جزءا لا يتجزأ من المخاطر الأكثر تأثيراً على مجرى القضية الوطنية الفلسطينية، ولعلّ هذه الزيارة الأميرية، تهدف فيما تهدف، إلى حشر القضية الفلسطينية بمشاكل قطاع غزة باعتبارها صلب القضية الفلسطينية!
وقد كان من المقرر حسب رئيس إدخال البضائع إلى قطاع غزة، أن يضخّ السولار القطري يوم الأحد الماضي، غير أن ذلك لم يتم، ولم تسمح إسرائيل بضخ السولار القطري عبر معبر كرم أبو سالم، إلاّ يوم الثلاثاء، مع قدوم الأمير القطري إلى قطاع غزة، إسهاماً من السلطات الإسرائيلية في منح هذه الزيارة أبعادها الاقتصادية والتنموية للتغطية على الأبعاد السياسية الواضحة لها.
لقد باتت إمارة قطر، لاعباً أساسياً على الخريطة العربية والإقليمية من خلال أدواتها المالية والإعلامية، ومن خلال هذا الدور، برزت كأحد أهم راسمي الخريطة السياسية في المنطقة، موقف الإمارة من الربيع العربي كان واضحاً جلياً، مؤيداً ومناصراً وداعماً، إلاّ أن هذا الموقف أخذ يتضح أكثر مع الوقت، وظهر أنه لا يهدف سوى إلى دعم قوى إسلامية بعينها للسطو على الثوار والثورة، وتجارب الربيع العربي، لا تشي إلاّ بما هو أسوأ، إذ إن التأييد الشعبي الواسع لثورات الربيع العربي آخذ في التراجع، نظراً للشكوك في نهايات ونتائج هذه الثورة، التي يدفع الثوار دمهم في سبيلها، ثم تصادر لصالح قوى ظلامية في أغلب الأحيان، يتم التغيير السياسي في دول الربيع العربي، غير أن النتائج الاقتصادية والاجتماعية إلى تراجع كبير، دعم قوى الإسلام السياسي لاستغلال الثورات والمتغيرات لصالحه، هو ما هدفت إليه السياسة القطرية النشطة حتى الآن، وزيارة أمير قطر وحاشيته إلى قطاع غزة، ليست بمنأى بطبيعة الحال عن هذا الدور.
ولا يغيب الدور المصري عن هذه الزيارة، فهذا الدور أخذ يتضح أكثر فأكثر من خلال عدة مواقف، تميزت بتسهيلات لقطاع غزة من خلال حركة حماس من ناحية، إلاّ أن دوافع الأمن القومي المصري، والخشية من إلحاق قطاع غزة بمصر، حالت دون تمادي القيادة المصرية الإخوانية في المضيّ قدماً للاستجابة لمتطلبات حركة حماس، خاصة فيما يتعلق بمنطقة التجارة الحرة بين قطاع غزة ومصر، وأشار هذا الموقف إلى حقيقة أن أي حاكم مصري، حتى لو كان إخوانياً، لن يستجيب في كل الظروف، لما يمكن أن يعتبر تهديداً للأمن القومي المصري، وسقطت رهانات عديدة توهمت أن وصول الإخوان المسلمين للسلطة في مصر، من شأنه أن يدعم حركة حماس بشكل مطلق، إلاّ أن هذه الحقائق، لم يتم التعامل معها، إلاّ من خلال البديل القطري، الذي يرى في مصر، منافساً يمتلك كل مقومات الدور الريادي في المنطقة العربية، لولا فترة المرحلة الانتقالية لما بعد ثورة 25 يناير، الأمر الذي أوجد مناخاً مناسباً للعبور القطري إلى قطاع غزة، عبر بوابة الاقتصاد والتنمية وإعادة بناء ما دمرته الحرب الإسرائيلية.
ولعلّ الأمير القطري، وهو يجول ويصول في قطاع غزة، وفي ظل الأجواء الاحتفالية التي نظمتها حركة حماس، لن يشعر بأن هناك احتلالا إسرائيليا ما زال مستمراً على قطاع غزة، الذي هو بدوره جزء من فلسطين التاريخية، وشطر من شطري السلطة الوطنية الفلسطينية، لكن العنوان واضح، هناك حصار إسرائيلي، وإذا كانت هناك أية خيارات لكسر هذا الحصار، فهو من خلال كنس الاحتلال ودعم الشعب الفلسطيني، لتحقيق هذا الهدف، أما وصول أمير قطر إلى القطاع، فهو لن يكسر أي حصار، بل لن يضعفه أو يؤثر فيه، فالحصار ليس قطرياً، بل إسرائيلي كما يعلم الجميع، وكان بإمكان الأمير القطري بما له من نفوذ نابع في الأصل من تبعيته للمصالح والسياسات الأميركية، أن يضغط على أصدقائه في تل أبيب من أجل كسر الحصار!
مع هذا، ليس هناك أدنى شك في أن تمكّن أمير قطر وحاشيته من الوصول إلى قطاع غزة، لم يكن ممكناً على الإطلاق بدون موافقة إسرائيلية واضحة. زيارة الأمير، في نظر بعض الإعلام جاءت لكسر الحصار ولدعم مشاريع للبنية التحتية، وكأنما إسرائيل أرادت فعلاً كسر حصارها من خلال استقدام الأمير القطري، ولو كان الأمر كذلك، فالسؤال، ما هي مصلحة إسرائيل في فك حصارها على قطاع غزة ـ كما يدعي البعض ـ من خلال هذه الزيارة الأميرية.
هنا، يمكن العودة إلى أن الأمير القطري دخل إلى القطاع عبر معبر رفح، على الحدود الفلسطينية ـ الإسرائيلية، وليس عبر كرم أبو سالم، المعبر المصري الإسرائيلي الفلسطيني، وإسرائيل معنية تماماً بمثل هذا العبور، في محاولة منها لترسيم المسؤولية المصرية عن قطاع غزة الذي لم يعد ـ حسب إسرائيل ـ تحت السيادة الإسرائيلية.
إسرائيل معنية باستمرار الانقسام الفلسطيني، ولا شك أن هذه الزيارة الأميرية تصبّ في هذا الهدف، تعزيز سيطرة "حماس" على قطاع غزة وتكريس الفصل بين القطاع والضفة الغربية، ولقطع الطريق على أي جهد من أجل إنهاء الانقسام، والغريب في هذا الأمر، أن قطر كانت راعية لاتفاق الدوحة بين أبو مازن ومشعل، وكان من الأولى قطرياً أن تدعم هذا الاتفاق الذي تم توقيعه في عاصمتها، لا أن تقوم هي ذاتها، بالوقوف إلى جانب من منع تنفيذ هذا الاتفاق.
وإسرائيل حريصة على هذه الزيارة، كونها تضع كافة المسائل المتعلقة بالقضية الفلسطينية من خلال "ثقب غزة"، إذ على الرغم من عواقب الانقسام والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، إلاّ أن الأمر الأكثر أهمية وخطورة على القضية الفلسطينية ينطلق من استمرار العملية الاستيطانية في الضفة الغربية وتهويد مدينة القدس وانهيار مبدأ دولتين لشعبين بعد تعثر العملية التفاوضية وبناء الجدار الحدودي الفاصل، وتبقى غزة، مع كل مخاطر تداعيات ما يجري على أرضها سواء من حصار أو من انقسام، جزءا لا يتجزأ من المخاطر الأكثر تأثيراً على مجرى القضية الوطنية الفلسطينية، ولعلّ هذه الزيارة الأميرية، تهدف فيما تهدف، إلى حشر القضية الفلسطينية بمشاكل قطاع غزة باعتبارها صلب القضية الفلسطينية!
وقد كان من المقرر حسب رئيس إدخال البضائع إلى قطاع غزة، أن يضخّ السولار القطري يوم الأحد الماضي، غير أن ذلك لم يتم، ولم تسمح إسرائيل بضخ السولار القطري عبر معبر كرم أبو سالم، إلاّ يوم الثلاثاء، مع قدوم الأمير القطري إلى قطاع غزة، إسهاماً من السلطات الإسرائيلية في منح هذه الزيارة أبعادها الاقتصادية والتنموية للتغطية على الأبعاد السياسية الواضحة لها.
لقد باتت إمارة قطر، لاعباً أساسياً على الخريطة العربية والإقليمية من خلال أدواتها المالية والإعلامية، ومن خلال هذا الدور، برزت كأحد أهم راسمي الخريطة السياسية في المنطقة، موقف الإمارة من الربيع العربي كان واضحاً جلياً، مؤيداً ومناصراً وداعماً، إلاّ أن هذا الموقف أخذ يتضح أكثر مع الوقت، وظهر أنه لا يهدف سوى إلى دعم قوى إسلامية بعينها للسطو على الثوار والثورة، وتجارب الربيع العربي، لا تشي إلاّ بما هو أسوأ، إذ إن التأييد الشعبي الواسع لثورات الربيع العربي آخذ في التراجع، نظراً للشكوك في نهايات ونتائج هذه الثورة، التي يدفع الثوار دمهم في سبيلها، ثم تصادر لصالح قوى ظلامية في أغلب الأحيان، يتم التغيير السياسي في دول الربيع العربي، غير أن النتائج الاقتصادية والاجتماعية إلى تراجع كبير، دعم قوى الإسلام السياسي لاستغلال الثورات والمتغيرات لصالحه، هو ما هدفت إليه السياسة القطرية النشطة حتى الآن، وزيارة أمير قطر وحاشيته إلى قطاع غزة، ليست بمنأى بطبيعة الحال عن هذا الدور.
ولا يغيب الدور المصري عن هذه الزيارة، فهذا الدور أخذ يتضح أكثر فأكثر من خلال عدة مواقف، تميزت بتسهيلات لقطاع غزة من خلال حركة حماس من ناحية، إلاّ أن دوافع الأمن القومي المصري، والخشية من إلحاق قطاع غزة بمصر، حالت دون تمادي القيادة المصرية الإخوانية في المضيّ قدماً للاستجابة لمتطلبات حركة حماس، خاصة فيما يتعلق بمنطقة التجارة الحرة بين قطاع غزة ومصر، وأشار هذا الموقف إلى حقيقة أن أي حاكم مصري، حتى لو كان إخوانياً، لن يستجيب في كل الظروف، لما يمكن أن يعتبر تهديداً للأمن القومي المصري، وسقطت رهانات عديدة توهمت أن وصول الإخوان المسلمين للسلطة في مصر، من شأنه أن يدعم حركة حماس بشكل مطلق، إلاّ أن هذه الحقائق، لم يتم التعامل معها، إلاّ من خلال البديل القطري، الذي يرى في مصر، منافساً يمتلك كل مقومات الدور الريادي في المنطقة العربية، لولا فترة المرحلة الانتقالية لما بعد ثورة 25 يناير، الأمر الذي أوجد مناخاً مناسباً للعبور القطري إلى قطاع غزة، عبر بوابة الاقتصاد والتنمية وإعادة بناء ما دمرته الحرب الإسرائيلية.
ولعلّ الأمير القطري، وهو يجول ويصول في قطاع غزة، وفي ظل الأجواء الاحتفالية التي نظمتها حركة حماس، لن يشعر بأن هناك احتلالا إسرائيليا ما زال مستمراً على قطاع غزة، الذي هو بدوره جزء من فلسطين التاريخية، وشطر من شطري السلطة الوطنية الفلسطينية، لكن العنوان واضح، هناك حصار إسرائيلي، وإذا كانت هناك أية خيارات لكسر هذا الحصار، فهو من خلال كنس الاحتلال ودعم الشعب الفلسطيني، لتحقيق هذا الهدف، أما وصول أمير قطر إلى القطاع، فهو لن يكسر أي حصار، بل لن يضعفه أو يؤثر فيه، فالحصار ليس قطرياً، بل إسرائيلي كما يعلم الجميع، وكان بإمكان الأمير القطري بما له من نفوذ نابع في الأصل من تبعيته للمصالح والسياسات الأميركية، أن يضغط على أصدقائه في تل أبيب من أجل كسر الحصار!
تعليق