إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حركة الجهاد الإسلامي بعد ربع قرن: أسئلة أكثر.. وأجوبة أقل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حركة الجهاد الإسلامي بعد ربع قرن: أسئلة أكثر.. وأجوبة أقل


    حركة الجهاد الإسلامي بعد ربع قرن: أسئلة أكثر.. وأجوبة أقل
    بقلم: حسين حجازي






    في مدينة الزقازيق الريفية الوادعة ذات الطبيعة الساحرة والخلابة، حيث ولد، وعاش فيها طوال الوقت، مرسي جميل عزيز، ورفض أن يغادرها للعيش في القاهرة. وفي إحدى قراها، قرية الحلاوات، ولد عبد الحليم حافظ. هناك في أواخر عقد السبعينيات، حيث كان يدرس طالب مغمور من رفح بكلية الطب في جامعتها، كما في قصة جورج حبش في أربعينيات القرن الماضي في الجامعة الأميركية في بيروت. كان فتحي الشقاقي قد وضع البذور الأولى لولادة ما سيُعرف بعد ذلك بحركة الجهاد الإسلامي، في انطلاقتها التي يمضي عليها الآن ربع قرن.
    ثمة مصدر واحد في الطريق التي سارت عليه قصة نشوء معظم الفصائل والحركات النضالية السياسية، التي شكّلت ـ منذ خمسينيات القرن الماضي ـ الإطار التاريخي لما يمكن أن نطلق عليه حركة التحرر الوطني الفلسطيني، التي قادها رجال مخلصون قريبون في طباعهم من المبشرين الكبار، لكن قاسماً واحداً يجمعهم هو أنهم جميعاً، يجسّدون الممثلين الأخيرين لما كان يطلق عليهم المفكر اليساري الشهير "غرامشي" المثقف العضوي أي الطليعة الثورية، التي تقود الجماهير، الشعوب نحو الثورة. ولعل فتحي الشقاقي من منظار اليوم هو آخر هؤلاء الممثلين للمثقفين العضويين، الذين اختمرت أفكارهم الثورية الكبيرة وهم لا يزالون طلاباً على مقاعد الدراسة في الجامعات، أساتذة ومدرسين، أطباء ومهندسين.
    هناك قريباً من ذروة الاندفاعة الثورية العظيمة، التي مثلتها الموجة الراديكالية الأولى للوطنية الفلسطينية، التي قادتها "فتح"، بالشراكة مع اليسار الفلسطيني.
    قرب الرحيل عن بيروت في العام 1982، كان الشقاقي قد أنهى دراسته الجامعية ليعود في العام 1981 إلى غزة من معبر رفح، وبعد حادثة لها دلالة ستغيّر المشهد الإقليمي تمثلت باغتيال الرئيس المصري أنور السادات، وتولي مبارك السلطة.


    كانت حادثة قتل السادات هي العلامة الساطعة لولادة التيار الجهادي الإسلامي هذه المرة، بقوة مزلزلة، في عموم المنطقة، وتشير إلى التحول، الانتقال التاريخي من المد اليساري الماركسي الذي يتمثل باليسار الجديد، الذي مثلته فلسطينياً الجبهتان الشعبية والديمقراطية، في تحولهما من الفكر القومي إلى اليسار. إلى بداية عصر حقبة التيار الإسلامي الثوري، أو السياسي الجديد، والذي سيولد أولاً في مصر وتنتقل عدواه إلى العالم العربي، بالتزامن مع ظهور التيار السلفي الجهادي، وتأطره لاحقاً في تنظيم القاعدة كما يعرف اليوم.
    لكن بخلاف عبد الله عزام، الأب الروحي لأسامة بن لادن، والظواهري، الذي ساءه أن يسقط المسجد الأقصى، دون أن يجد من يدافع عنه، فاختار دار الجهاد والحرب في أفغانستان لمحاربة الشيوعية فيما بدا كما لو أنه التقاء مصالح، وتحالف مع الغرب وأميركا، كما يبدو الآن في الأزمة السورية أيضاً، فإن الجهادية الإسلامية لفتحي الشقاقي لم تخطئ في حرف البوصلة أو التصويب على الهدف الرئيس. فهنا في فلسطين إنما قلب ميدان المعركة. التي على أرضها وفي حسم الصراع عليها، يتحدد لا مصير الشرق الأوسط وإنما العالم.


    لكن تراها أي جهادية هذه التي حاول تأطيرها، الخريج الشاب من كلية الطب، في جامعة الزقازيق لدى عودته إلى غزة؟ لقد كان سيد قطب "في ظلال القرآن" و"معالم في الطريق" هو الإطار المرجعي لتأصيل الفكرة، في الدعوة إلى إسلام جهادي مقاتل. لكن تمزقاً في الوعي لمن عاش طفولته في غزة، عقد الستينيات ذروة صعود الناصرية القومية، ما كان له أن يقوى على الشفاء من هذا الجرح. فمن جهة الشعور المفعم بالعاطفة التي لا يمكن مقاومتها والمستمدة من الإلهام المنبعث من الإعجاب بشخصية ناصر الفذة، ومن جهة أخرى الصورة المؤلمة لرأس سيد قطب وهو يتدلى من حبل المشنقة، والذي أعدمه عبد الناصر، قطب الصوفي الشاعر والملهم لجيل من الشبان المسلمين، حتى يومنا هذا، والذي تعد كتاباته المفعمة بنزعة عاطفية وشاعرية، توازي الدور الذي لعبته رسائل بولس الرسول في نشر المسيحية.


    يقول هيغل: إن الهندسة وفن النحت لا يفترقان. ويمكن أن نقول هنا إن الشعر والثورة لا يفترقان، وهذا الرجل كان شاعراً قبل أن يكون طبيباً أو مهندساً لإنشاء حركة سياسية جهادية ثورية كبيرة. إن الثورات تخلق من رحم الفن. كان عرفات مهندساً، لكنه كان فناناً تشكيلياً ونحاتاً بارعاً في إعادة تشكيل الرمز، الفن الرمزي الذي يرافق وينبثق من النحت، في إعادة تشكيل تمثال وصورة وقدسية الوطنية الفلسطينية.


    ربما أردا لحركته أن تكون صورة عنه، مزيجاً من النزعة الإسلامية النقية والشاعرية الثورية، التي تضفي على حركته الوليدة كفكرة صبغة من الجلال والصوفية. في وقت بدا فيه كما لو أن النضالية الفلسطينية الوطنية يعتريها نوع من الصدأ أو الاهتراء، أو التشوه، الذي يمس نقاءها الأول. لكن الدوافع الرئيسة المحركة ربما كانت تنبعث من مكان آخر، وهو هنا صراع الأجيال الذي يختزل التاريخ، الصراع الذي ينطوي على فكرة التجاوز، تجاوز وتخطي ما بدا جمود حركة الإخوان المسلمين، الحركة الأم لتيار الإسلام السياسي وما بدا استسلامها لنزعة سلبية انتظارية، على غرار النقد والتجاوز الذي سيقوم به جورج حبش، ونايف حواتمة للأحزاب الشيوعية الأرثوذكسية في العالم العربي وفلسطين. هنا يتضح أن كتابات مفكر إسلامي ألمعي هو مالك بن نبي سوف تكون ملهمة، لإيجاد مرجعية فكرية إسلامية متجددة، لتأطير هذا التجاوز أو القطع المعرفي. وهي اندفاعة في التوقيت سوف ترد على سؤال محوري ورئيس: أين الإسلاميون في إطار الحركة التحررية الوطنية الفلسطينية، إذا كانت فتح واليسار الفلسطيني الماركسي هم الذين يقدمون الفدائيين والشهداء.


    إن مأثرة فتحي الشقاقي وربما السبب في قتله في وقت مبكر إنما تكمن هنا، وهو بهذا المعنى ربما كان الأسبق في الجواب عن غياب الدور، وملء هذا الفراغ. كان لينينياً بلشفياً، إن جاز لنا أن نقارن الارتباك الفلسطيني في إطار الحركة الجهادية الإسلامية في زمن الاختمار، وذلك بالمبادرة إلى اتخاذ الخطوة الآن، وليس بعد.
    ولكن هل نلاحظ أيضاً هذا التزامن في التوقيت، الإعلان عن انطلاقة الجهاد الإسلامي، وبعد ذلك بوقت قصير حماس، مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى العام 1987 التي كانت مؤشراً بالغ الدلالة على التحول من الخارج إلى الداخل. انتقال ثقل الفعالية الكفاحية الفلسطينية من المنفى إلى الوطن، وجاءت العملية الكبيرة التي عمدت حركة الجهاد الإسلامي، وأضفت طابعاً رمزياً على هذا التحول في "بيت ليد" الشهيرة، التي أوقعت أكثر من مائة قتيل وجريح في صفوف الجنود الإسرائيليين. وتم قتل الشقاقي في مالطا بعدها مباشرة.


    والراهن اليوم أن اغتيال الشقاقي المبكر، كما إبعاد خليفته رمضان شلح سوف يشكل ضربة موجعة لحركة الجهاد الإسلامي الوليدة؛ لأننا بعد ذلك لن نكون إزاء هذا الارتباك الذي يواجهه أي تحليل لمسار الحركة اللاحق، ولكن في الواقع أن هذا الاغتيال والإبعاد إنما كان مقصوداً ومخططاً له من جانب إسرائيل لإفقاد الحركة الوليدة عقلها السياسي والمفكر، الذي يمتلك كاريزما القيادة، في شخص مؤسسها وفي لحظة حرجة من سياق تطورها. وهكذا سوف تبدو لنا الحركة كما لو أنها فقدت شيئاً ما غامضاً في السياق العام المتوقع لتطورها عند نقطة البداية.


    إذا كانت "الجهاد الإسلامي" تبدو اليوم كما لو أنها تتوزع إلى سلسلة من المواقف التي لا يؤطّرها اتجاه منتظم وقابل للتحليل، وتبدو كما لو أنها حركة شديدة الفعالية، ولكن خارج السرب، زاهدة في الدخول أو المشاركة في السلطة، ومنخرطة كلياً في المقاومة المسلحة ولكن دونما الاعتراف بضرورة التأطير السياسي لهذه المقاومة. قتال ومقاومة تشبه نظرية "الفن لأجل الفن" في الأدب، أي لأجل المقاومة.
    هكذا يستعيد خطاب رمضان شلح يوم الخميس في ساحة الكتيبة من منفاه في دمشق، وحسناً أنه لم يغادرها ولم ينكر دعمها. هذا الخطاب النقدي لـ"فتح" و"حماس" على حد سواء، الأولى بفشل التسوية، والثانية، بالالتزام الطوعي إلى ما لا نهاية بالتهدئة. التنسيق الأمني هناك، كما التحول إلى حراس حدود هنا. والدعوة إلى مراجعة كل المشروع الوطني الذي وصل إلى طريق مسدودة.


    خطاب هنا أقرب للخطاب التقليدي لليسار الفلسطيني في حقبة مضت، أقرب في صياغته إلى نايف حواتمة في توزيع النقد ولكن في الروح العامة يبدو في مجمل المواقف أقرب إلى الجبهة الشعبية، في انتقاده وتجديد هذا الدور الذي يحاكي الضمير الأعلى، لحركة نضالية وإن بدت قادرة على ملء ساحة الكتيبة بجمهورها، وربما من منظار التوازن الداخلي تحتل المرتبة الثالثة. إلا أنها لا تنجح في تجاوز إرث من النزعة الخلقية، هو ما يجعل الحركة تفضل النأي بالنفس، وترك مسافة من الانخراط الفعلي في السياسة الداخلية، ولكن هذا النأي الذي هو في المحصلة النهائية نوع من السياسة، ولكن التي تبدو لنا أحيانا محيرة، وهي سياسة تثير من الأسئلة حولها أكثر مما تساعد على تقديم إجابات عنها.
    التعديل الأخير تم بواسطة شيخ السرايا; الساعة 06-10-2012, 12:45 PM.

  • #2
    رد: حركة الجهاد الإسلامي بعد ربع قرن: أسئلة أكثر.. وأجوبة أقل

    ولعل فتحي الشقاقي من منظار اليوم هو آخر هؤلاء الممثلين للمثقفين العضويين، الذين اختمرت أفكارهم الثورية الكبيرة وهم لا يزالون طلاباً على مقاعد الدراسة في الجامعات، أساتذة ومدرسين، أطباء ومهندسين.


    تركت فيكم حروفاَ، أعيدوا بها رسم الحكاية، ولا تذكروني

    تعليق


    • #3
      رد: حركة الجهاد الإسلامي بعد ربع قرن: أسئلة أكثر.. وأجوبة أقل


      الاجابات لا يمكن ان تنحصر فى عبارات او بين زوايا المساجد والصومعات !!

      اجاباتنا تتمحور فى ميدان مجد وعز خضبه مجاهدونا بدمهم وصواريخهم وخير الكلام ما قل ودل

      تعليق

      يعمل...
      X