حوار مع سائق سيارة الأجرة!
بقلم/ زلزال السرايا - خاص/ شبكة حوار بوابة الأقصى
بلا شك هناك أحداث كثيرة تستحق الكتابة والتعليق عليها حدثت ولا زالت تحدث حتى اللحظة في وطننا الحبيب, ولكن لزحمة تلك الأحداث وربما لحالة الاشمئزاز من الكتابة كلما نويت أن أكتب , ولكني قررت في نهابة المطاف أن أكتب , وربما ما أود الكتابة عنه هو ملخص لحوار دار بيني وبين سائق سيارة الأجرة الصفراء , إذ كنت أسير بجوار وزارة الأسرى بمدينة غزة أود استقلال سيارة للذهاب لمدينة رفح ومن هناك ركبت السيارة وكان السائق كما يبدو لي بالعقد السادس مع عمره, بدأ الحديث معي عن الجامعات والخريجين وحال البلد وارتفاع الأسعار لكل شيء بالأسواق والدكاكين , كل شيء يرتفع دون حسيب أو رقيب, أو بل ممن هو من المفترض أن يكون مراقب لتلك الأسعار نجده في نهاية تلك الأفلام العربية السخيفة هو من يقوم بزيادة الأسعار على قولة المثل الشهير "حاميها حارميها" , المهم بدأنا نتبادل أطراف الحديث أنا والسائق , قال لي السائق بأن لديه 4 من الأبناء خريجي جامعات أحدهم معه شهادة ماجستير وكلهم "بربطة المعلم" يجلسوا في البيت دون أي عمل, أحدهم الحاصل على شهادة الماجستير تم توظيفه في بطالة للعمل بالجمارك ومن ثم (لتطفيشه) بطريقة محترمة قالوا له بأن عليه أن يذهب لشاطئ البحر هو وثلاثة أفراد ويقوم بجمع الأشخاص الذين يقوموا ببيع السجائر بالكافيتريات ! شهادة ماجستير ويطلبوا منه أن يقوم بالركض وراء الأشخاص على البحر !!
رفض ذلك ولأن ليس له واسطة لم يهتم أحد له وتم فصله, الوالد صاحبنا السائق يقول لي بأنه كان لديه أرض قد قام بشراءها منذ زمن قد قام ببيعها لتعليم أبناءه, وبقي معه جزء يسير من المال , يقول لي بأن ابنه بعد سُدت الأبواب في وجهه ووجه بقية أبناءه خريجي الجامعات , قام ابنه الحاصل على الماجستير والمتزوج ولديه طفلان بترتيب الهجرة الى اسكتلندا وقد قام بدفع مبلغ 8000 دولار لكي يقوم أحد الأشخاص باستخراج فيزا وأوراق للسفر لاسكتلندا , وقد سافر الشاب منذ شهر إلى هناك, يقول الرجل صاحب الستون عاما أو أكثر بأنه طلب من إبنه في حال قام بترتيب أموره أن أول شيء يفعله هو أن يقوم بترتيب ورق لكي يسافر والده الرجل الكبير للهرجة هناك, ابتسمت وقلت للسائق أتريد أنت أن تهاجر , قال لي والله أن البلد لم تصبح لنا بعد كل الذي عانيته بدفع أموال طائلة لتعليم أبنائي لا أجد وظيفة لأي منهم, لقد كرهت البلد وأريد أن أهاجر .. كنت حينها قد اقتربت من المكان الذي سأصل إليه برفح وقلت له "الله المستعان" وعلى أمل اللقاء في أوضاع أفضل للشباب الفلسطيني, هنا السؤال الموجه لكافة المسئولين من هو المسئول عن هذه الجريمة التي تجعل الهجرة هي حلم كل شاب وخاصة الخريجين الذين قد تم إغلاق كافة السُبل والطُرق أمامهم فلم يعد لهم أي مجال للعمل, فالوظائف الحكومية أصبحت شبه معدومة ومن يتم توظيفه لابد أن يكون لديه فيتامين واو من أقوى نوع , إذن الخريج الجامعي ما يفعله فقط يقوم بتعليق شهادته على داخل غرفته , من المسئول على أن يصل الشباب المتعلم والمثقف لهذه الحالة فأصبح أقصى ما يمكن أن يحصل عليه المتعلم هو بطالة شهر أو شهرين (لتكنيس) الشوارع وناطور ليلي لمؤسسة ما , مع كامل الاحترام لعمال النظافة والحراسة فهم أهلنا وأحبائنا ولكن لا يجوز أن يقف الخريج المتعلم في هذا المكان وهذا للأسف مخطط له لكي تصل معنويات الشباب للحضيض فنراهم تارة في أماكن مخلة بالأخلاق وتارة أخرى يتعاطوا المحظورات ليس مبررا لهم ولكن هذا لكي يخرج من الواقع الأليم الذي يعيشه, ليس كل الشباب على نفس الحالة من الالتزام والاتزان الديني والأخلاقي لذلك من نقص دينه وإيمانه نراه يتجه للمحظور ولكن من السبب في ذلك, هل المسئولين المبجلين لا يعلموا عن طوابير الخريجين والشباب الذين ضاق بهم فلسطين وضاقت بهم بلادهم ؟ على سبيل التجربة فلتعلن وزارة العمل ان هناك هجرة للعمل في ليبيا أو في أي بلد أجنبي واكتشفوا بنفسكم كم هي الأعداد التي ستسجل للهجرة عن فلسطين الحبيبة .
على الهامش/ نتقدم بالعزاء الحار لعائلة الطفل فتحي البغدادي (ثلاث سنوات) ومن المسئول عن قتل هذا الطفل , ففي تاريخ 29/2/2012 نشر موقع الرسالة نت بأن رئيس الوزراء اسماعيل هنية قرر وبشكل فوري منع شركة الكهرباء من قطع أسلاك الكهرباء عن المواطنين المتخلفين عن الدفع وقال بالنص بأنه ستتم معاقبة أي موظف يقوم بهذا القطع للأسلاك .. ولكن من يومها حتى الان نرى موظفين الشركة يأتوا بحماية الشرطة والحكومة التي يرأسها هنية لقطع الأسلاك عن المواطنين ,, هل هذا تصريح للإعلام أم للمواطنين ؟؟ يرجى أن تكون هناك مصداقية , فالمواطن أصبح في حالة من الغليان لم تحدث من قبل وعلى الجميع أن يقف عند مسئولياته التي أقسم بها على كتاب الله عزوجل .
27/9/2012
تعليق