تويت
خطبة الجمعة بعنوان "الانتصار لرسول الله"
لفضيلة الشيخ عبد العزيز عودة من مسجد الشهيد عز الدين القسام
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة: الحرب على الإسلام مستمرة , لم تتوقف طوال القرون الماضية , و لن تتوقف . و أشكالها متعددة و كثيرة, وهناك حرب بالسيف , وهناك حرب بالكلمة , و هناك حرب بالمؤامرة ,و كما قال الله -تعالى- {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا }, وهذه سنة إلهية ماضية في الصراع بين الحق والباطل , و هم أعداء الإسلام مملئون حقدا وكراهية للإسلام ,و الله- سبحانه وتعالى- يقول {جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} , ومقصودهم من وراء ذلك أن يهزوا يقيننا ,و أن يضعفوا ثقتنا بالإسلام و علاقتنا بنبينا , و أسلحتنا في مواجهة هذه الأشكال من الحروب الإيمان واليقين والصبر والتقوى , إن الله -جل جلاله -{لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } , إن سلاحنا ورهاننا في مواجهة هذه الحروب وهذه الهجمات التي تشن ضد الإسلام ,و بوسائل مختلفة -كما قلت -الإيمان واليقين ,و الجبهة الداخلية المتماسكة ,فإن الله -أيضا - يقول {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }, ومعنى إن تصبروا وتتقوا تماسك الجبهة الداخلية ,لا صراعات ولا نزاعات ولا ظلم ولا قهر ولا احتكار للسلطة ,و لا احتكار للثروات , هذا معنى قوله -تعالى - , وإلا فسوف يأكلوننا لأننا فرطنا في وسائل الدفاع عن أنفسنا , أما النبي -صلى الله عليه وسلم- فلن يضره شيء مما تسمعون ومما نسمع ومما نقرأ , فلن ينالوا من القمة النبوية, إن الله -تعالى- قال لنبيه منذ الأيام الأولى التي أنزل فيها القرآن عليه { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ , وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ , الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ , وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } , دلوني على بشر , زعيم حتى نبي يذكر كما يذكر محمد -صلى الله عليه وسلم -في جنبات الأرض جميعا في كل مكان , هناك من يقول أشهد أن محمد رسول الله , لا يذكر زعيم ولا نبي ولا سياسي ولا فيلسوف ولا عسكري كما يذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً , وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً } , من ذا الذي سيطفئ هذا السراج , إن محاولاتهم في تشويه النبي -صلى الله عليه وسلم - كمجنون يرفع يده في وجه القمر ليخفي القمر, هل يستطيع مجنون ينفخ على الشمس ليطفئ الشمس ؟هل يستطيع؟ {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ , هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } , طفل وقف على شاطئ البحر وألقى فيه حجرا , هل يضر البحر ذلك ؟:وما يضر البحر أمسى زاخرا إن رمى فيه غلام بحجر
لكن الكفر لا منطق له, لأنه ليس لديه موضوع, الكفر عملية جحود وعملية إنكار , فليس لديه موضوع يقدمه للناس , فلا يجد إلا السخرية والاستهزاء و هي سنة -أيضا - إلهية في مواجهة النبيين وأصحاب الدعوات العظيمة , تحاصر بالسخريات وتحاصر بالتشويهات {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } , والله -جل جلاله- يصور هذه الوسيلة وهي السخرية والاستهزاء من المرسلين التي هي أداة الكفر والإلحاد والفوضى في مواجهة الدعوات العظيمة ,و في مواجهة الدين الحق {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} , لا ينبغي أن تستفزنا حركة هنا أو فلم هنا أو رسم هناك , من أسبوع أو أكثر انعقدت ندوة في لندن تكلم فيها مستشرق مسطول, قال أن محمدا شخصية وهمية , و أن مكة ليست منبع الإسلام , و أن العرب الذين فتحوا العالم ليسوا مسلمين, نركض وراء هذا المجنون كل يوم ,سوف نسمع فتنة , لابد أن نحكم أمرنا {وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ }, ماذا ننتظر منهم؟ أن يحتفلوا بذكرى المولد النبوي ؟أن يوزعوا الحلوى كلما ذكر النبي أو أن يوزعوا الزهور , لا ,هم مملئون حقدا ومملئون عداوة و-كما قلت - لا يملكون إلا هذا المنطق الفاشل ,منطق السخرية , الاستهزاء , لكن السؤال المهم -أيها الأعزاء- مم يسخر هؤلاء ؟ ماذا في الإسلام يستحق السخرية ؟ ينبغي ألا نفقد ثقتنا في أنفسنا , و ألا نفقد ثقتنا في ديننا , أي شيء في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم - يسخرون منها أو يستهزئون بها , إن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما كان معزولا عن الحياة , أن يؤم أصحابه في الصلوات الخمس , و كان يقرأ بهم القرآن آناء الليل وأطراف النهار , و كان يقودهم في الحروب مقلما أظافر الظلم والطغيان , ليس في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم - خطوط حمر أو صفحات مغلقة ,لا تعظ , نعم كان لديه تسع نساء , لكن النساء التسعة أجمعن على أن ليليه كنهاره , و أن سره كعلنه , و أنه نبي الله حقا وصدقا , معظم السياسيين على وجه الأرض تفضحهم زوجاتهم , و تكشف أسرارهم, زوجاتهم , و نبينا كان لديه تسع نساء أمهات المؤمنين ,و أجمعن على أن ليله كنهاره , و أن سره كعلنه , و كان يؤم أصحابه في الصلوات الخمسة -كما قلت- وكان يقودهم في مواجهة الجبابرة , و في مواجهة الكافرين ,
أي شيء في الإسلام و في شخص النبي يستهزئون به العقيدة , نحن أصحاب عقيدة , تقول إن الله واحد , ماذا في ذلك ؟ و تقول أن هناك يوما لابد أن يقف فيه الناس أمام رب العالمين , و تقول هناك ملائكة وهناك رسل ينبغي الإيمان بهم , ماذا في هذا ؟ إن أردتم أن نترك هذا فماذا تعطوننا؟ فماذا لديكم من عقيدة؟ لدينا شريعة, نظم العلاقة بين الإنسان و أخيه الإنسان , بين المسلم والمسلم , تنظم العلاقات الأسرية , تنظم العهود والمواثيق الدولية , نصلي لربنا خمس مرات , كل يوم نشكره على نعمه , نطلب منه الهداية إلى الصراط المستقيم , نصلي ونسلم على رسول الله ,نسلم ذات اليمين وذات الشمال ,في مسألة ترمز إلى أننا جئنا لنروج للسلام في العالم, السلام عليكم , أننا ننشر السلام بين العالمين , و نبينا رحمة للعالمين , أنتم أصحاب دين , الذي يدعم هذا الفيلم المسيء لسيدنا رسول الله قسيس, رجل دين , إن كنت رجل دين فأي منكر حاربت ؟ و بأي معروف أمرت ؟ إن كنتم أصحاب دين ما موقفكم من الربا و الزنا والظلم والطغيان والحروب ؟ ما موقفكم ؟ هل منعتم الربا ؟ هل حاربتم الزنا ؟هل حاربتم الظلم و الفاحشة حتى تستهزئوا برسول الله ؟ بأي شيء تستهزئون بالعقيدة؟ بالشريعة بالأخلاق؟ أم بهذا الخطاب الراقي ؟
هناك أحد عشر موضعا في كتاب الله تبدأ ب (يا أهل الكتاب ) خطاب لأهل الكتاب , سأعرض نماذج لها في قوله تعالى {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ} , أي شيء في هذا -أيها الناس - إننا نخاطب أهل الكتاب بتقرير الوحدانية ,و أن يتحرر بعضنا من عبودية بعض ,هذا خطابنا لأهل الكتاب هل هذا يستهزئ به {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ , يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } , هذه هي رسالة الإسلام {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ }, هذا خطاب الإسلام لأهل الكتاب {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ } , تعبئة -يا أخي -نداءات القرآن لأهل الكتاب, خطاب القرآن لأهل الكتاب ,إن الله -تعالى- يرسم طريق الدعوة لنبيه , فيقول -سبحانه وتعالى- في سورة الشورى {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } , اللهم أصلح شأننا كله , اللهم انصر ديننا , اللهم ردنا إلى ديننا ردا جميلا, أقول قولي هذا و أستغفر الله لي ولكم .
الخطبة الثانية
الحمد لله نكال الظالمين , الحمد لله غياث المستغيثين , الحمد لله صريخ المستصرخين , و أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له القائل " وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَ لَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ " و اشهد أن محمدا رسول الله وقف في وجه الطغيان و قاوم الظلم و الاستكبار , اللهم صل على سيدنا محمد و على اله و صحبه أجمعين , أما بعد:
تذكرون كتاب {آيات شيطانية لسلمان رشدي }عندما ظهرت هذه الرواية أو هذا الكتاب طبع منه خمسون ألف نسخة , و عندما سئل سلمان نفسه عن مستقبل هذه النسخ , قال :"إنها تحتاج إلى أربع سنوات حتى تنفد ", و بعد أن احتج المسلمون في العالم على هذه الرواية ,أي بعد عام واحد من ظهورها , طبع منها أربعة ملايين نسخة , و ترجمت إلى ثماني لغات , يعني بدل أن يقرأ من الرواية كل أربع سنين خمسين ألف نسخة , أصبح يقرأ من الرواية في كل عام أربع ملايين نسخة , ما هذا؟ ليست هذه الأولى و لا الأخيرة , أنا أقول ينبغي أن يحكم المسلمون عقولهم , و ألا تكون ردات الفعل غرائزية , يجب أن نفكر في الأهداف , و في حقائق الأمور , إن الله أخبرنا أن هؤلاء أعدائنا { وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ , هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}
الرسام الدينامركي الذي رسم الرسوم الكرتونية ضد النبي- صلى الله عليه وسلم- هناك -أيها الإخوة- أشياء لو تركت دون نبش لما سمع بها أحد ,هناك أشياء ينبغي تركها لا نبشها ,لأن نبشها يثير الروائح الكريهة , و الآثار السيئة , هذا الرسام الكاريكاتيري يرسم في صحيفة تافهة تصدر في الريف الدينامركي , و في أقصى حد لا يزيد قراء هذه الصحيفة عن مائتين ألف ,لكن بهيجان المسلمين أصبحت قضية العالم هذه الصحيفة, و أصبحت مصدر الأخبار عن الإسلام والمسلمين , إن هذا الإسلام شامخ يشق طريقه بقوة وشموخ , و العرب تقول:
و لو أن كل كلب عوى ألقمته حجرا لصار الصخر مثقالا بدينار
أو كلما طن الذباب أروعه إن الذباب علي إذن كريم
ما هذا ؟مجموعة تافهين لا يشعر بهم أحد , و كأنهم يعرفون , و كأن الأزرار التي إذا ضغطوا عليها أثاروا جماهير المسلمين تحت أيديهم , يعرفون ماذا يفعل الإسلام بأهله , لهم أهداف ربما بعيدة قريبة , لكن السؤال الخطير والذي أريد أن أطرحه بصراحة , من إساءته إلى النبي أشد؟ إساءة هؤلاء الكافرين أم إساءتنا نحن ؟احتلال المسجد الأقصى 45 سنة ,أليس إساءة -أيها الإخوة- ؟ فلماذا لا نتحرك , التبعية لأمريكا و مد اليد لها , إن النبي - صلى الله عليه وسلم- الذي نغضب من أجله يقول :" اليد العليا خير من اليد السفلى", فلماذا تكون يدنا سفلى؟ لماذا ؟ ثم نعبر بهيجان الألسنة ,اليوم خرجنا وغدا ظهر كاريكاتير في السويد أو في النرويج نخرج -أيضا - فلنلتفت إلى أنفسنا , لنلتفت إلى النزاعات التي فيما بيننا , إلى الانقسامات التي صنعتها أيدينا, لننظر إلى الاحتكار البشع للسلطة والثروة في عالمنا العربي والإسلامي , لننظر -أيها الناس – للظلم, هل يرضي النبي التعذيب في سجون العرب -مثلا- ؟ هل يرضي النبي لاستخفاف بالدماء والأموال والأعراض ؟
أنا أريد أن أصارح نفسي كمسلم , و أن أصارحكم كمسلمين , من الذي أساء للنبي ؟ إن الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه العرب والمسلمون , هو الذي شجع هؤلاء , فلنعد إلى ديننا وإسلامنا و الى سنة نبينا -صلى الله عليه وسلم – و لننصر الإسلام بطريقة الإسلام , حتى نكون كالشامة في أعين الناس , كان المسلمون الأوائل دعاة تحرير ,البدوي الذي غادر الجزيرة ,و ذهب إلى إيوان كسرى , ليقول له :"الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد , و من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة , و من جور الأديان إلى عدل الإسلام ", هل يستطيع أحدنا أن يذهب إلى عاصمة أوروبية اليوم ,و يقول لهم هلموا إلينا ,إلى غزة , فعيشوا الحرية والعدل,إلى القاهرة ,إن المسلمين يهربون إلى عهد قريب ,يهاجرون من العالم العربي والإسلامي إلى العالم الأوروبي ,ما الذي حدث -أيها الأخوة -إن حبنا للنبي -صلى الله عليه وسلم- يجب أن يترجم في إتباعه وإحياء سنته ورفع راية دينه ,و الذي يقرأ القرآن يجد القرآن حافلا بالحديث عن الافتراءات بالنبي {وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً } , لكن كل ذلك كان يوضع تحت أقدام المسلمين وهم يواصلون عملية البناء والتحرير وعملية الإنشاء .
اللهم املأ قلوبنا إيماناً، واملأ عقولنا وعياً، وآت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إننا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها الكفر وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى دينك والهداة إلى سبيلك وترزقنا فيها كرامة الدنيا والآخرة، عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون
لفضيلة الشيخ عبد العزيز عودة من مسجد الشهيد عز الدين القسام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، الحمد لله قاهر الطغاة الظالمين، الحمد قاصم الجبارين المستكبرين المستبدين، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له القائل {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ } وأشهد أن محمداً نصير المستضعفين ورائد المجاهدين الصادقين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين أما بعد:
أيها الإخوة: الحرب على الإسلام مستمرة , لم تتوقف طوال القرون الماضية , و لن تتوقف . و أشكالها متعددة و كثيرة, وهناك حرب بالسيف , وهناك حرب بالكلمة , و هناك حرب بالمؤامرة ,و كما قال الله -تعالى- {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا }, وهذه سنة إلهية ماضية في الصراع بين الحق والباطل , و هم أعداء الإسلام مملئون حقدا وكراهية للإسلام ,و الله- سبحانه وتعالى- يقول {جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} , ومقصودهم من وراء ذلك أن يهزوا يقيننا ,و أن يضعفوا ثقتنا بالإسلام و علاقتنا بنبينا , و أسلحتنا في مواجهة هذه الأشكال من الحروب الإيمان واليقين والصبر والتقوى , إن الله -جل جلاله -{لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } , إن سلاحنا ورهاننا في مواجهة هذه الحروب وهذه الهجمات التي تشن ضد الإسلام ,و بوسائل مختلفة -كما قلت -الإيمان واليقين ,و الجبهة الداخلية المتماسكة ,فإن الله -أيضا - يقول {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }, ومعنى إن تصبروا وتتقوا تماسك الجبهة الداخلية ,لا صراعات ولا نزاعات ولا ظلم ولا قهر ولا احتكار للسلطة ,و لا احتكار للثروات , هذا معنى قوله -تعالى - , وإلا فسوف يأكلوننا لأننا فرطنا في وسائل الدفاع عن أنفسنا , أما النبي -صلى الله عليه وسلم- فلن يضره شيء مما تسمعون ومما نسمع ومما نقرأ , فلن ينالوا من القمة النبوية, إن الله -تعالى- قال لنبيه منذ الأيام الأولى التي أنزل فيها القرآن عليه { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ , وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ , الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ , وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } , دلوني على بشر , زعيم حتى نبي يذكر كما يذكر محمد -صلى الله عليه وسلم -في جنبات الأرض جميعا في كل مكان , هناك من يقول أشهد أن محمد رسول الله , لا يذكر زعيم ولا نبي ولا سياسي ولا فيلسوف ولا عسكري كما يذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً , وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً } , من ذا الذي سيطفئ هذا السراج , إن محاولاتهم في تشويه النبي -صلى الله عليه وسلم - كمجنون يرفع يده في وجه القمر ليخفي القمر, هل يستطيع مجنون ينفخ على الشمس ليطفئ الشمس ؟هل يستطيع؟ {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ , هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } , طفل وقف على شاطئ البحر وألقى فيه حجرا , هل يضر البحر ذلك ؟:وما يضر البحر أمسى زاخرا إن رمى فيه غلام بحجر
لكن الكفر لا منطق له, لأنه ليس لديه موضوع, الكفر عملية جحود وعملية إنكار , فليس لديه موضوع يقدمه للناس , فلا يجد إلا السخرية والاستهزاء و هي سنة -أيضا - إلهية في مواجهة النبيين وأصحاب الدعوات العظيمة , تحاصر بالسخريات وتحاصر بالتشويهات {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } , والله -جل جلاله- يصور هذه الوسيلة وهي السخرية والاستهزاء من المرسلين التي هي أداة الكفر والإلحاد والفوضى في مواجهة الدعوات العظيمة ,و في مواجهة الدين الحق {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} , لا ينبغي أن تستفزنا حركة هنا أو فلم هنا أو رسم هناك , من أسبوع أو أكثر انعقدت ندوة في لندن تكلم فيها مستشرق مسطول, قال أن محمدا شخصية وهمية , و أن مكة ليست منبع الإسلام , و أن العرب الذين فتحوا العالم ليسوا مسلمين, نركض وراء هذا المجنون كل يوم ,سوف نسمع فتنة , لابد أن نحكم أمرنا {وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ }, ماذا ننتظر منهم؟ أن يحتفلوا بذكرى المولد النبوي ؟أن يوزعوا الحلوى كلما ذكر النبي أو أن يوزعوا الزهور , لا ,هم مملئون حقدا ومملئون عداوة و-كما قلت - لا يملكون إلا هذا المنطق الفاشل ,منطق السخرية , الاستهزاء , لكن السؤال المهم -أيها الأعزاء- مم يسخر هؤلاء ؟ ماذا في الإسلام يستحق السخرية ؟ ينبغي ألا نفقد ثقتنا في أنفسنا , و ألا نفقد ثقتنا في ديننا , أي شيء في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم - يسخرون منها أو يستهزئون بها , إن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما كان معزولا عن الحياة , أن يؤم أصحابه في الصلوات الخمس , و كان يقرأ بهم القرآن آناء الليل وأطراف النهار , و كان يقودهم في الحروب مقلما أظافر الظلم والطغيان , ليس في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم - خطوط حمر أو صفحات مغلقة ,لا تعظ , نعم كان لديه تسع نساء , لكن النساء التسعة أجمعن على أن ليليه كنهاره , و أن سره كعلنه , و أنه نبي الله حقا وصدقا , معظم السياسيين على وجه الأرض تفضحهم زوجاتهم , و تكشف أسرارهم, زوجاتهم , و نبينا كان لديه تسع نساء أمهات المؤمنين ,و أجمعن على أن ليله كنهاره , و أن سره كعلنه , و كان يؤم أصحابه في الصلوات الخمسة -كما قلت- وكان يقودهم في مواجهة الجبابرة , و في مواجهة الكافرين ,
أي شيء في الإسلام و في شخص النبي يستهزئون به العقيدة , نحن أصحاب عقيدة , تقول إن الله واحد , ماذا في ذلك ؟ و تقول أن هناك يوما لابد أن يقف فيه الناس أمام رب العالمين , و تقول هناك ملائكة وهناك رسل ينبغي الإيمان بهم , ماذا في هذا ؟ إن أردتم أن نترك هذا فماذا تعطوننا؟ فماذا لديكم من عقيدة؟ لدينا شريعة, نظم العلاقة بين الإنسان و أخيه الإنسان , بين المسلم والمسلم , تنظم العلاقات الأسرية , تنظم العهود والمواثيق الدولية , نصلي لربنا خمس مرات , كل يوم نشكره على نعمه , نطلب منه الهداية إلى الصراط المستقيم , نصلي ونسلم على رسول الله ,نسلم ذات اليمين وذات الشمال ,في مسألة ترمز إلى أننا جئنا لنروج للسلام في العالم, السلام عليكم , أننا ننشر السلام بين العالمين , و نبينا رحمة للعالمين , أنتم أصحاب دين , الذي يدعم هذا الفيلم المسيء لسيدنا رسول الله قسيس, رجل دين , إن كنت رجل دين فأي منكر حاربت ؟ و بأي معروف أمرت ؟ إن كنتم أصحاب دين ما موقفكم من الربا و الزنا والظلم والطغيان والحروب ؟ ما موقفكم ؟ هل منعتم الربا ؟ هل حاربتم الزنا ؟هل حاربتم الظلم و الفاحشة حتى تستهزئوا برسول الله ؟ بأي شيء تستهزئون بالعقيدة؟ بالشريعة بالأخلاق؟ أم بهذا الخطاب الراقي ؟
هناك أحد عشر موضعا في كتاب الله تبدأ ب (يا أهل الكتاب ) خطاب لأهل الكتاب , سأعرض نماذج لها في قوله تعالى {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ} , أي شيء في هذا -أيها الناس - إننا نخاطب أهل الكتاب بتقرير الوحدانية ,و أن يتحرر بعضنا من عبودية بعض ,هذا خطابنا لأهل الكتاب هل هذا يستهزئ به {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ , يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } , هذه هي رسالة الإسلام {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ }, هذا خطاب الإسلام لأهل الكتاب {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ } , تعبئة -يا أخي -نداءات القرآن لأهل الكتاب, خطاب القرآن لأهل الكتاب ,إن الله -تعالى- يرسم طريق الدعوة لنبيه , فيقول -سبحانه وتعالى- في سورة الشورى {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } , اللهم أصلح شأننا كله , اللهم انصر ديننا , اللهم ردنا إلى ديننا ردا جميلا, أقول قولي هذا و أستغفر الله لي ولكم .
الخطبة الثانية
الحمد لله نكال الظالمين , الحمد لله غياث المستغيثين , الحمد لله صريخ المستصرخين , و أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له القائل " وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَ لَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ " و اشهد أن محمدا رسول الله وقف في وجه الطغيان و قاوم الظلم و الاستكبار , اللهم صل على سيدنا محمد و على اله و صحبه أجمعين , أما بعد:
تذكرون كتاب {آيات شيطانية لسلمان رشدي }عندما ظهرت هذه الرواية أو هذا الكتاب طبع منه خمسون ألف نسخة , و عندما سئل سلمان نفسه عن مستقبل هذه النسخ , قال :"إنها تحتاج إلى أربع سنوات حتى تنفد ", و بعد أن احتج المسلمون في العالم على هذه الرواية ,أي بعد عام واحد من ظهورها , طبع منها أربعة ملايين نسخة , و ترجمت إلى ثماني لغات , يعني بدل أن يقرأ من الرواية كل أربع سنين خمسين ألف نسخة , أصبح يقرأ من الرواية في كل عام أربع ملايين نسخة , ما هذا؟ ليست هذه الأولى و لا الأخيرة , أنا أقول ينبغي أن يحكم المسلمون عقولهم , و ألا تكون ردات الفعل غرائزية , يجب أن نفكر في الأهداف , و في حقائق الأمور , إن الله أخبرنا أن هؤلاء أعدائنا { وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ , هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}
الرسام الدينامركي الذي رسم الرسوم الكرتونية ضد النبي- صلى الله عليه وسلم- هناك -أيها الإخوة- أشياء لو تركت دون نبش لما سمع بها أحد ,هناك أشياء ينبغي تركها لا نبشها ,لأن نبشها يثير الروائح الكريهة , و الآثار السيئة , هذا الرسام الكاريكاتيري يرسم في صحيفة تافهة تصدر في الريف الدينامركي , و في أقصى حد لا يزيد قراء هذه الصحيفة عن مائتين ألف ,لكن بهيجان المسلمين أصبحت قضية العالم هذه الصحيفة, و أصبحت مصدر الأخبار عن الإسلام والمسلمين , إن هذا الإسلام شامخ يشق طريقه بقوة وشموخ , و العرب تقول:
و لو أن كل كلب عوى ألقمته حجرا لصار الصخر مثقالا بدينار
أو كلما طن الذباب أروعه إن الذباب علي إذن كريم
ما هذا ؟مجموعة تافهين لا يشعر بهم أحد , و كأنهم يعرفون , و كأن الأزرار التي إذا ضغطوا عليها أثاروا جماهير المسلمين تحت أيديهم , يعرفون ماذا يفعل الإسلام بأهله , لهم أهداف ربما بعيدة قريبة , لكن السؤال الخطير والذي أريد أن أطرحه بصراحة , من إساءته إلى النبي أشد؟ إساءة هؤلاء الكافرين أم إساءتنا نحن ؟احتلال المسجد الأقصى 45 سنة ,أليس إساءة -أيها الإخوة- ؟ فلماذا لا نتحرك , التبعية لأمريكا و مد اليد لها , إن النبي - صلى الله عليه وسلم- الذي نغضب من أجله يقول :" اليد العليا خير من اليد السفلى", فلماذا تكون يدنا سفلى؟ لماذا ؟ ثم نعبر بهيجان الألسنة ,اليوم خرجنا وغدا ظهر كاريكاتير في السويد أو في النرويج نخرج -أيضا - فلنلتفت إلى أنفسنا , لنلتفت إلى النزاعات التي فيما بيننا , إلى الانقسامات التي صنعتها أيدينا, لننظر إلى الاحتكار البشع للسلطة والثروة في عالمنا العربي والإسلامي , لننظر -أيها الناس – للظلم, هل يرضي النبي التعذيب في سجون العرب -مثلا- ؟ هل يرضي النبي لاستخفاف بالدماء والأموال والأعراض ؟
أنا أريد أن أصارح نفسي كمسلم , و أن أصارحكم كمسلمين , من الذي أساء للنبي ؟ إن الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه العرب والمسلمون , هو الذي شجع هؤلاء , فلنعد إلى ديننا وإسلامنا و الى سنة نبينا -صلى الله عليه وسلم – و لننصر الإسلام بطريقة الإسلام , حتى نكون كالشامة في أعين الناس , كان المسلمون الأوائل دعاة تحرير ,البدوي الذي غادر الجزيرة ,و ذهب إلى إيوان كسرى , ليقول له :"الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد , و من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة , و من جور الأديان إلى عدل الإسلام ", هل يستطيع أحدنا أن يذهب إلى عاصمة أوروبية اليوم ,و يقول لهم هلموا إلينا ,إلى غزة , فعيشوا الحرية والعدل,إلى القاهرة ,إن المسلمين يهربون إلى عهد قريب ,يهاجرون من العالم العربي والإسلامي إلى العالم الأوروبي ,ما الذي حدث -أيها الأخوة -إن حبنا للنبي -صلى الله عليه وسلم- يجب أن يترجم في إتباعه وإحياء سنته ورفع راية دينه ,و الذي يقرأ القرآن يجد القرآن حافلا بالحديث عن الافتراءات بالنبي {وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً } , لكن كل ذلك كان يوضع تحت أقدام المسلمين وهم يواصلون عملية البناء والتحرير وعملية الإنشاء .
اللهم املأ قلوبنا إيماناً، واملأ عقولنا وعياً، وآت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إننا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها الكفر وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى دينك والهداة إلى سبيلك وترزقنا فيها كرامة الدنيا والآخرة، عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون
تعليق