مايحدث للاسلاميين هذه الأيام يشبه ما حدث مع من حضر دعوة أبي جعفر المنصور (الخليفة العباسي الثاني) الى وليمة أعدها المنصور على شرف أبي مسلم الخراساني .. فيروي المسعودي أن المنصور دعا أبا مسلم الى مضاربه وقد خبأ له حرسه فيه ولما دخل أبو مسلم رحب به المنصور وحادثه ساعة وما ان همّ بالجلوس الى الطعام حتى فاجأه جنود المنصور .. فقال أبو مسلم مخاطبا المنصور: خلّني لأعدائك ياأمير المؤمنين .. فقال له أمير المؤمنين: ويحك ياابن الخبيثة .. وهل لي عدو غيرك ..ان لم اقتلك قتلتني .. ثم أومأ للجنود فهجموا على الضيف الذي اعتورته السيوف حتى تخلّطت أجزاؤه .. وسقط رذاذ دمه الفوار على الطعام .. ويقال ان المنصور أرغم الحضور على تناول الطعام الذي تلوث بدم عدوه القتيل امعانا منه في ارهابهم واذلالهم .. فدامت دولته 600 عام بعد هذه الوليمة الرهيبة التي أرغم فيها المدعوون على الأكل من طعام ملطخ بالدم..
لايعتقد عاقل أن طريقة نشر الفيلم المسيء للنبي الكريم وتوقيته وتفاعلاته ليست مبرمجة ..فأميريكا التي تراقب كل شيء على أراضيها تريد أن تقنعنا أنها لاتعرف كيف خرج الفيلم الطويل (براءة الاسلام) وكيف أخرج .. وتستخف بعقولنا بالقول بأنه تم خداع طاقم العمل كله من قبل المخرج .. بل ان أغلب الظن أن اطلاق الفيلم بشكل واسع في هذا التوقيت هو لترويض الاسلاميين العرب قبل أن تطول أشجارهم ولحاهم أكثر .. لأن فأس التأديب ستهز أشجار الربيع باسقاطها ان تطاولت كثيرا .. البعض من الاسلاميين الأغبياء اعتقد أنه بمجرد الوصول الى السلطة سيشب الاسلاميون عن الطوق ويتمردون على أميريكا .. لكن أميريكا لن تسمح للأشجار التي زرعتها بتجاوز طول جدار حديقتها الاسلامية "العزيزة".. وستقطعها اذا ماتطاولت..
لم يهنأ اسلاميو أميريكا بشهر العسل .. فقد لبوا حفل الربيع العربي دون تأخير وجلسوا الى مائدة السلطة وصناديق الانتخاب المعدّة سلفا ووضعوا الفوط والسكاكين والأطباق بانتظار أطايب الطعام ثم بسملوا .. وانهمكوا في مضغ الطعام الذي قدمته لهم أميريكا باسم (الثورة) وأكلوا بجذل الجائع الوجبة ثم حمدوا الله وأثنوا عليه .. وبدأ تناول الحلويات وتجهز أردوغان للصلاة في الجامع الاموي بعد العشاء فيما تهيأ مرسي لامامة الربيع الاسلامي .. بعد كل ذلك تبين للمدعوين أن الطعام الذي أكلوه وانتفخت كروشهم به مطبوخ بدم نبيهم الذي يقتل رمزيا .. وأن المرق واللحم فيهما نكهة الخيانة .. وأن بطونهم ملأتها النار لأنهم تسببوا في يتم آلاف الأطفال .. واليوم يعرض الأمريكيون فيلما لترويضهم فيظهر لهم كيف تم تحضير الطعام الذي التهموه وكيف أنه مطهو بالدم ومغلي بغضب النبي .. لتكون الوليمة بنكهة تحطيم الرمز الاسلامي الأقوى ..الرسول الكريم نفسه .. رسول المسلمين والاسلاميين ورمزهم الأكبر ..ولكن الشباب أكلوا الوليمة (السلطة) واستقرت في بطونهم .. ولايقدرون على التراجع..
فتعالوا في هذه الجولة على مزرعة الربيع العربي الاسلامية لنرى الخيول المطهمة والحمير والبغال والأبقار وسائر الأنعام الاسلامية والتي تقوم الولايات المتحدة بترويضها وحلبها وربطها من أعناقها وقرونها..والامتحان هو الفيلم..
فما الذي سيفعله أردوغان مثلا وكل حزب العدالة والتنمية التركي الذي فقد صبره مئات المرات مع الرئيس بشار الأسد ..وتورط بالدم السوري والليبي ؟ ماالذي سيفعله ولدى المخابرات الاسرائيلية والغربية والأمريكية ملايين الوثائق على صفقات تولي السلطة وبيع الاسلام وبيع دم المسلمين من سورية الى ليبيا والعراق وحتى لبنان وغزة .. أردوغان في هذه المسألة سيلقي خطابا ديبلوماسيا فيه بعض العنترية ولكنه سيبلع الاهانة كما تبلع الأفعى أرنبا ضخما ولاتغص .. ولن يجرؤ على تجاوز الخطوط المرسومة له .. فهو الآن في موقع لايحسد عليه بسبب ورطته في سورية ..واذا لم يساعد في تبريد الجو حول الاساءة للرسول فلن يستحق أكثر من دفعة أمريكية بسيطة لالحاقه بعدنان مندريس ..مشنوقا..
وماالذي سيفعله محمد مرسي سوى ممارسة الديبلوماسية التي فعلها مبارك ووزيره أحمد ابو الغيط وتكرار الحفاظ على السلام الدولي والعلاقات وحسن الضيافة والجوار وهو الذي ملأ آذاننا تقريعا بتخاذل الحكام عن نصرة الدين ورسوله؟؟.. وماالذي سيفعله تنظيم الاخوان المسلمين العالمي والمصري سوى البحث عن فتوى لسد الذرائع ..لأن أي عنترية اخوانية والامتناع عن التنفيذ هنا تعني أن ملفات الاتفاقات السرية ستسرب الى الاعلام العالمي ببراءة وسيعرف العالم تفاصيل الدور الاخواني في التغيير المصري و الثورة ومابعد الثورة وتسقط شرعية الاخوان ويتحولون الى ديكتاتورية جديدة .. بل وسيعرف العالم من الذي كتب خطابات مرسي في مؤتمر عدم الانحياز في طهران .. أقصى ماسيفعله مرسي الآن هو العمل الديبلوماسي لتجاوز الأزمة كأي حكومة لا اخوانية..
وبالطبع سيطير عمرو خالد الى أميريكا للوعظ .. فهذه مواسم ثعابينه الكلامية حيث سيمارس ألاعيبه على مستمعيه ويدعوهم الى اظهار سماحة الاسلام ومحبته وعدم دمويته .. بالطبع سماحة الاسلام التي دعا فيها الجمهور معه للصلاة لاهلاك الرئيس السوري والانتقام منه بدل دعوة السوريين للاحتكام للصلح لاتدخل في هذا السياق .. أما ان تعنتر عمرو خالد فستظهر له الشيكات والعمولات التي تلقاها عن كل فتوى لتمرير الاسرائيليات الى الدين الاسلامي وماأكثرها وهو يعرف ماذا أعني .. وكذلك الشيك (الخليجي) الذي سبق دعاءه لاهلاك الرئيس السوري..ولاأنصحكم بتوقع سماع "دعاء الهلاك" على من اساء للرسول من شخص مثل المحتال عمرو خالد..
أما ماالذي سيفعله ملوك وأمراء آل سعود فهو انهم سيفعلون مافعلوه مع هذه الأزمات دوما أي النوم والشخير..وتذكّر أن الاسلام ليس دمويا الا في سورية وليس حقودا الا على الدولة السورية .. وستسمعون دهاة الافتاء السعودي من بن باز الى بن عثيمين الى اللحيدان والعريفي الذين أفتوا بابادة ثلث الشعب السوري .. حيث سيشق هؤلاء بطون الأحاديث ويستولدون الآيات القرآنية بعمليات قيصرية عاجلة فتاوى وتوجيهات سمحة مما لاعين رأت ولاأذن سمعت ولاخطر على قلب بشر يخلطونها ببعض تمثيليات الغضب والصياح .. ونتحدى أن يطلب العرعور من المسلمين الأمريكيين قرع الطناجر ليلا في نيويورك أو كاليفورنيا والتكبير من على الشرفات احتجاجا..
القرضاوي المحتال والنصاب اذا لم يتصنع المرض والغياب هذه الأيام لدواع صحية فقد يخطب خطبة عصماء ويطلب الاعتذار والاّ... ولن نعرف ماذا بعد والا .. ولكن لاتتوقعوا أنه سيطلب منكم قتل أحد وأن يقول قوله (اقتلوه ودمه في رقبتي).. فهو يحب الدم الحلال .. ودم الفرنجة فيه نكهة الخنازير وهو لن يضعه في رقبته ..
ولن يتبرع النائب الكويتي الطبطبائي (كما فعل في ادلب السورية) بمدافع مضادة للطائرات لمن يحارب ثأرا لكرامة الرسول .. لأنه في هذا الشأن الرسولي الكبير ومع ماما امريكا بالذات لايمكن أن يكون اسم النائب الكويتي هو السفسطائي بل البطبطائي أو الانبطاحي ..أوالصوصطائي .. وهذا مثله مثل أحمد الأسير (أو الكسير) واسلاميي الحريري ..الذين سيردون على الفيلم بحملة ركوب دراجات هوائية سلمية ..
تلامذة القرضاوي في الحكم في تونس قد يأتون بعزمي بشارة ليساعدهم عبر محاضرة في ايجاد مخرج عبقري (أبيض) وهو أبو المخارج ويبيض الصفحات .. وقد يشير عليهم بأن يصدروا اجتهادا من عيار اجتهاد الغنوشي في البكيني على البحر .. ويظهر الغنوشي مع أخيه الأبله المرزوقي (نسخة علي الظفيري) ليقول له بصوت مبحوح (فيلم الرسول بلاه) .. وقد يشير عزمي باستضافة ممثلي الفيلم في مهرجان قرطاج كنوع من التحدي الثوري ..لاحراجهم بكرم العرب..
كل الاسلاميين الثوريين من المحيط الى الخليج أمام امتحان قاس سيسحب منهم الدسم الايماني كله .. وسيكسر شوكتهم ويحولهم بين عشية وضحاها الى مجرد حكومات أمر واقع وحكومات ثرثرة وبهورة .. وحكومات مثقوبة ومركوبة ..وستكون بداية النهاية للحركات الاسلامية معنويا ..
أما من هم في موقف لايحسد عليه فهم الاخوان المسلمون السوريون والثورجيون السوريون جميعا فهم كتبوا حبهم للناتو وطائراته على الغيوم التي تعبر السماء وعلى الحور الدمشقي العتيق وهم مدينون له في كل شيء من الرعاية الاعلامية الى الرعاية في مجلس الأمن الى هدايا السلاح والمعلومات والدعم اللوجستس والاستخباراتي ووعوده بأن أيام الاسد معدودة وهو من قدم لهم هدية رمضان باغتياله خلية الأزمة .. فكيف سيجرؤون على رفع عقائرهم وحناجرهم .. أو رفع أصابعهم في وجهه؟؟ .. وأغلب الظن أننا سنكتشف أن ألسنة (جمع لسان) الاسلاميين السوريين ستضمر وتذوب وتضمحل في قيعان الأفواه حتى لايبقى من الواحد منها سوى جذمور صغير بحجم ذكر الطفل الوليد بعد الختان .. وسيكون ذلك تحديا لنظرية دارون في التطور .. فلسان الاخوان والثورجيين السوريين تورم وتضخم وتعملق من كثرة الاستعمال والثرثرة والوعيد والدعاء على انتهاك النظام للشرائع .. ولكنه سيذوب في ليلة الفيلم المسيء وضحاها كما لو كان قطعة سكر في فم الشقراء هيلاري كلينتون .. ولن يكون أبدا بحجم ما كان كبيرا في فم مونيكا لوينسكي!!!!
والعضو الذي لايعمل يضمر حسب تشارلز دارون .. وهذا العضو (اللسان طبعا وليس ماكان في فم مونيكا) في فم الاخوان السوريين سيتلاشى تماما.. ومن لايصدق فليقرأ محاولة معظم صفحات الثورة السورية أو كلنا شركاء لتبرير السكوت باختلاق أعذار مثيرة للسخرية والضحك..والترويج للمؤامرة على ماما أمريكا..من قبل النظام السوري الذي موّل الفيلم..لاحراج الثورة السورية..
ان فيلم (براءة الاسلام) ليس بريئا .. وهو سيف مسلط على رقاب الاسلاميين الجدد بأن يثبتوا أنهم قادرون على ترويض شعوبهم في سيرك الربيع العربي .. وأنهم أنفسهم حيوانات مروضة ستمارس ضبط النفس الذي ستمارسه اي حكومة عميلة سابقة ..ضبط النفس فقط..فقد تكون الخطوة القادمة ..هدم المسجد الأقصى.. وفيلم اليوم هو بروفة للتدرب على امتصاص الغضب ..الغضب الذي سيمله الناس طالما أنه لاينتج بعد عدة أزمات مشابهة متلاحقة .. ويعرفون بعد عدة تجارب أن الصراخ لن يجدي لأن الحكومات التي صارت اسلامية هي نفسها تلتزم بضبط النفس ..ويصبح كلب بافلوف (الجمهور العريض) معتادا على تلقي الاخبار المهينة والخسائر مع شعور بالعجز .. حتى هدم المقدسات..
وهذا الفيلم لمصر سيبقى مثل "فيلم اعدام صدام حسين في صباح العيد" للعراقيين الذي افتتح ودشن رسميا عهد الكراهية بين السنة والشيعة في القرن الواحد والعشرين ..ودشن الحروب الأهلية .. ولانزال ندفع ثمنه حتى الآن ..فالاشارة الى دور قبطي في فيلم براءة الاسلام سيدشن رسميا عهد الكراهية والتنابذ بين الأقباط والمسلمين في مصر .. وسيتكفل سلاح ليبيا المسروق والمهرب بتغذية الطرفين .. فالجحيم قادم الى مصر ولن تترك لتنجو بخزعبلات محمد مرسي .. وقد يكون الثمن المطلوب من مرسي المشاركة في حرب على ايران أو الانضمام بشكل عسكري فاعل أكثر الى الحملة على سورية وايران .. وتأجيل الجحيم القادم ..
أما خبر أن مقتل سفير أميريكا في ليبيا كان على يد اسلاميين ردا على الفيلم فهو نكتة مصرية .. لأن الاسلاميين الليبيين لايجرؤون على هذا التحرك فزعيمهم بلحاج نفسه خريج غوانتانامو والأمريكيون يعرفونه كما يعرف بلحاج قضبان قفصه ورقمه في غوانتانامو وعدد المرات التي استجوب فيها وعدد المرات التي تبول فيها حراسه الأمريكيون في فمه .. فيما المهدي حاراتي مشغول بنقل الليبيين ليجري فتوحاته في سورية مع عبد الرزاق طلاس على السكايب .. وأغلب الظن ان من هاجم السفارة الامريكية هو من أراد تدشين العودة الأمريكية الى قاعدة ويليس .. وليكون الأمريكيون قريبين من حدود محمد مرسي مباشرة لشده من اذنه اذا ما تطاول..وللتحضير للتدخل يوما ما في مصر لانقاذ الاقباط ..عندما ياتي الجحيم..
هناك بعض من يعتقد أن اميريكا ربما تحس أنها بحاجة لدفع الاسلاميين أكثر فدفعت بهذا الفيلم لمسرحة الخلاف مع الاسلاميين ولاظهارهم أقوياء يثرثرون ويطلبون الاعتذار ويجرجرونها الى المحاكم فتعتذر فيكون ذلك منح شرعية معنوية لهم تمكنهم من تطويع بقايا التمرد في مجتمعاتهم المترددة في قبولهم .. ولكن أميريكا لاتعتذر ..ولم تعتذر يوما عن جرائم كبرى جدا .. ولن تعلم العبيد ثقافة أن يطلبوا الاعتذار فيجابون .. وهذا الطرح ليس له رصيد لمن يعرف العقل الغربي المتكبر والمغرور..
انني لاأريد لهذه القضية أن تتفاعل ولاأن تكبر لكنني أحس بنفاق التيارات الاسلامية الرسمية (وليست الشعبية) من خلال تعاملها معها والركون الى العقلانية السياسية التي تنكرها على الآخرين فيما تشنع على الشعب السوري وتحرض عليه المجانين .. انني أعتقد أن الفيلم بالنسبة للاسلاميين ياأصدقائي هو وليمة أبي جعفر المنصور أو وليمة أبي عمامة البرّاق (باراك أوباما) .. وفيلم الاساءة للنبي يشبه دم أبي مسلم الخراساني على طعام الوليمة .. وعلى الاسلاميين على مائدة السلطة أن يأكلوا من الاساءة .. ومن دم النبي المسفوح رمزيا ..دون أن يتذمروا الا في حدود المسموح .. وسيأكل الاسلاميون من المحيط الى الخليج ..لحم النبي ويشربون دم النبي صاغرين .. ولن يشربوا بول النبي الذي حدثونا عنه في فتاواهم بل بول السيد الأمريكي وهم يحاربون في سورية .. كما يأكلون الآن لحم الشعب السوري ويشربون دم الشعب السوري .. لاحياهم الله
لايعتقد عاقل أن طريقة نشر الفيلم المسيء للنبي الكريم وتوقيته وتفاعلاته ليست مبرمجة ..فأميريكا التي تراقب كل شيء على أراضيها تريد أن تقنعنا أنها لاتعرف كيف خرج الفيلم الطويل (براءة الاسلام) وكيف أخرج .. وتستخف بعقولنا بالقول بأنه تم خداع طاقم العمل كله من قبل المخرج .. بل ان أغلب الظن أن اطلاق الفيلم بشكل واسع في هذا التوقيت هو لترويض الاسلاميين العرب قبل أن تطول أشجارهم ولحاهم أكثر .. لأن فأس التأديب ستهز أشجار الربيع باسقاطها ان تطاولت كثيرا .. البعض من الاسلاميين الأغبياء اعتقد أنه بمجرد الوصول الى السلطة سيشب الاسلاميون عن الطوق ويتمردون على أميريكا .. لكن أميريكا لن تسمح للأشجار التي زرعتها بتجاوز طول جدار حديقتها الاسلامية "العزيزة".. وستقطعها اذا ماتطاولت..
لم يهنأ اسلاميو أميريكا بشهر العسل .. فقد لبوا حفل الربيع العربي دون تأخير وجلسوا الى مائدة السلطة وصناديق الانتخاب المعدّة سلفا ووضعوا الفوط والسكاكين والأطباق بانتظار أطايب الطعام ثم بسملوا .. وانهمكوا في مضغ الطعام الذي قدمته لهم أميريكا باسم (الثورة) وأكلوا بجذل الجائع الوجبة ثم حمدوا الله وأثنوا عليه .. وبدأ تناول الحلويات وتجهز أردوغان للصلاة في الجامع الاموي بعد العشاء فيما تهيأ مرسي لامامة الربيع الاسلامي .. بعد كل ذلك تبين للمدعوين أن الطعام الذي أكلوه وانتفخت كروشهم به مطبوخ بدم نبيهم الذي يقتل رمزيا .. وأن المرق واللحم فيهما نكهة الخيانة .. وأن بطونهم ملأتها النار لأنهم تسببوا في يتم آلاف الأطفال .. واليوم يعرض الأمريكيون فيلما لترويضهم فيظهر لهم كيف تم تحضير الطعام الذي التهموه وكيف أنه مطهو بالدم ومغلي بغضب النبي .. لتكون الوليمة بنكهة تحطيم الرمز الاسلامي الأقوى ..الرسول الكريم نفسه .. رسول المسلمين والاسلاميين ورمزهم الأكبر ..ولكن الشباب أكلوا الوليمة (السلطة) واستقرت في بطونهم .. ولايقدرون على التراجع..
فتعالوا في هذه الجولة على مزرعة الربيع العربي الاسلامية لنرى الخيول المطهمة والحمير والبغال والأبقار وسائر الأنعام الاسلامية والتي تقوم الولايات المتحدة بترويضها وحلبها وربطها من أعناقها وقرونها..والامتحان هو الفيلم..
فما الذي سيفعله أردوغان مثلا وكل حزب العدالة والتنمية التركي الذي فقد صبره مئات المرات مع الرئيس بشار الأسد ..وتورط بالدم السوري والليبي ؟ ماالذي سيفعله ولدى المخابرات الاسرائيلية والغربية والأمريكية ملايين الوثائق على صفقات تولي السلطة وبيع الاسلام وبيع دم المسلمين من سورية الى ليبيا والعراق وحتى لبنان وغزة .. أردوغان في هذه المسألة سيلقي خطابا ديبلوماسيا فيه بعض العنترية ولكنه سيبلع الاهانة كما تبلع الأفعى أرنبا ضخما ولاتغص .. ولن يجرؤ على تجاوز الخطوط المرسومة له .. فهو الآن في موقع لايحسد عليه بسبب ورطته في سورية ..واذا لم يساعد في تبريد الجو حول الاساءة للرسول فلن يستحق أكثر من دفعة أمريكية بسيطة لالحاقه بعدنان مندريس ..مشنوقا..
وماالذي سيفعله محمد مرسي سوى ممارسة الديبلوماسية التي فعلها مبارك ووزيره أحمد ابو الغيط وتكرار الحفاظ على السلام الدولي والعلاقات وحسن الضيافة والجوار وهو الذي ملأ آذاننا تقريعا بتخاذل الحكام عن نصرة الدين ورسوله؟؟.. وماالذي سيفعله تنظيم الاخوان المسلمين العالمي والمصري سوى البحث عن فتوى لسد الذرائع ..لأن أي عنترية اخوانية والامتناع عن التنفيذ هنا تعني أن ملفات الاتفاقات السرية ستسرب الى الاعلام العالمي ببراءة وسيعرف العالم تفاصيل الدور الاخواني في التغيير المصري و الثورة ومابعد الثورة وتسقط شرعية الاخوان ويتحولون الى ديكتاتورية جديدة .. بل وسيعرف العالم من الذي كتب خطابات مرسي في مؤتمر عدم الانحياز في طهران .. أقصى ماسيفعله مرسي الآن هو العمل الديبلوماسي لتجاوز الأزمة كأي حكومة لا اخوانية..
وبالطبع سيطير عمرو خالد الى أميريكا للوعظ .. فهذه مواسم ثعابينه الكلامية حيث سيمارس ألاعيبه على مستمعيه ويدعوهم الى اظهار سماحة الاسلام ومحبته وعدم دمويته .. بالطبع سماحة الاسلام التي دعا فيها الجمهور معه للصلاة لاهلاك الرئيس السوري والانتقام منه بدل دعوة السوريين للاحتكام للصلح لاتدخل في هذا السياق .. أما ان تعنتر عمرو خالد فستظهر له الشيكات والعمولات التي تلقاها عن كل فتوى لتمرير الاسرائيليات الى الدين الاسلامي وماأكثرها وهو يعرف ماذا أعني .. وكذلك الشيك (الخليجي) الذي سبق دعاءه لاهلاك الرئيس السوري..ولاأنصحكم بتوقع سماع "دعاء الهلاك" على من اساء للرسول من شخص مثل المحتال عمرو خالد..
أما ماالذي سيفعله ملوك وأمراء آل سعود فهو انهم سيفعلون مافعلوه مع هذه الأزمات دوما أي النوم والشخير..وتذكّر أن الاسلام ليس دمويا الا في سورية وليس حقودا الا على الدولة السورية .. وستسمعون دهاة الافتاء السعودي من بن باز الى بن عثيمين الى اللحيدان والعريفي الذين أفتوا بابادة ثلث الشعب السوري .. حيث سيشق هؤلاء بطون الأحاديث ويستولدون الآيات القرآنية بعمليات قيصرية عاجلة فتاوى وتوجيهات سمحة مما لاعين رأت ولاأذن سمعت ولاخطر على قلب بشر يخلطونها ببعض تمثيليات الغضب والصياح .. ونتحدى أن يطلب العرعور من المسلمين الأمريكيين قرع الطناجر ليلا في نيويورك أو كاليفورنيا والتكبير من على الشرفات احتجاجا..
القرضاوي المحتال والنصاب اذا لم يتصنع المرض والغياب هذه الأيام لدواع صحية فقد يخطب خطبة عصماء ويطلب الاعتذار والاّ... ولن نعرف ماذا بعد والا .. ولكن لاتتوقعوا أنه سيطلب منكم قتل أحد وأن يقول قوله (اقتلوه ودمه في رقبتي).. فهو يحب الدم الحلال .. ودم الفرنجة فيه نكهة الخنازير وهو لن يضعه في رقبته ..
ولن يتبرع النائب الكويتي الطبطبائي (كما فعل في ادلب السورية) بمدافع مضادة للطائرات لمن يحارب ثأرا لكرامة الرسول .. لأنه في هذا الشأن الرسولي الكبير ومع ماما امريكا بالذات لايمكن أن يكون اسم النائب الكويتي هو السفسطائي بل البطبطائي أو الانبطاحي ..أوالصوصطائي .. وهذا مثله مثل أحمد الأسير (أو الكسير) واسلاميي الحريري ..الذين سيردون على الفيلم بحملة ركوب دراجات هوائية سلمية ..
تلامذة القرضاوي في الحكم في تونس قد يأتون بعزمي بشارة ليساعدهم عبر محاضرة في ايجاد مخرج عبقري (أبيض) وهو أبو المخارج ويبيض الصفحات .. وقد يشير عليهم بأن يصدروا اجتهادا من عيار اجتهاد الغنوشي في البكيني على البحر .. ويظهر الغنوشي مع أخيه الأبله المرزوقي (نسخة علي الظفيري) ليقول له بصوت مبحوح (فيلم الرسول بلاه) .. وقد يشير عزمي باستضافة ممثلي الفيلم في مهرجان قرطاج كنوع من التحدي الثوري ..لاحراجهم بكرم العرب..
كل الاسلاميين الثوريين من المحيط الى الخليج أمام امتحان قاس سيسحب منهم الدسم الايماني كله .. وسيكسر شوكتهم ويحولهم بين عشية وضحاها الى مجرد حكومات أمر واقع وحكومات ثرثرة وبهورة .. وحكومات مثقوبة ومركوبة ..وستكون بداية النهاية للحركات الاسلامية معنويا ..
أما من هم في موقف لايحسد عليه فهم الاخوان المسلمون السوريون والثورجيون السوريون جميعا فهم كتبوا حبهم للناتو وطائراته على الغيوم التي تعبر السماء وعلى الحور الدمشقي العتيق وهم مدينون له في كل شيء من الرعاية الاعلامية الى الرعاية في مجلس الأمن الى هدايا السلاح والمعلومات والدعم اللوجستس والاستخباراتي ووعوده بأن أيام الاسد معدودة وهو من قدم لهم هدية رمضان باغتياله خلية الأزمة .. فكيف سيجرؤون على رفع عقائرهم وحناجرهم .. أو رفع أصابعهم في وجهه؟؟ .. وأغلب الظن أننا سنكتشف أن ألسنة (جمع لسان) الاسلاميين السوريين ستضمر وتذوب وتضمحل في قيعان الأفواه حتى لايبقى من الواحد منها سوى جذمور صغير بحجم ذكر الطفل الوليد بعد الختان .. وسيكون ذلك تحديا لنظرية دارون في التطور .. فلسان الاخوان والثورجيين السوريين تورم وتضخم وتعملق من كثرة الاستعمال والثرثرة والوعيد والدعاء على انتهاك النظام للشرائع .. ولكنه سيذوب في ليلة الفيلم المسيء وضحاها كما لو كان قطعة سكر في فم الشقراء هيلاري كلينتون .. ولن يكون أبدا بحجم ما كان كبيرا في فم مونيكا لوينسكي!!!!
والعضو الذي لايعمل يضمر حسب تشارلز دارون .. وهذا العضو (اللسان طبعا وليس ماكان في فم مونيكا) في فم الاخوان السوريين سيتلاشى تماما.. ومن لايصدق فليقرأ محاولة معظم صفحات الثورة السورية أو كلنا شركاء لتبرير السكوت باختلاق أعذار مثيرة للسخرية والضحك..والترويج للمؤامرة على ماما أمريكا..من قبل النظام السوري الذي موّل الفيلم..لاحراج الثورة السورية..
ان فيلم (براءة الاسلام) ليس بريئا .. وهو سيف مسلط على رقاب الاسلاميين الجدد بأن يثبتوا أنهم قادرون على ترويض شعوبهم في سيرك الربيع العربي .. وأنهم أنفسهم حيوانات مروضة ستمارس ضبط النفس الذي ستمارسه اي حكومة عميلة سابقة ..ضبط النفس فقط..فقد تكون الخطوة القادمة ..هدم المسجد الأقصى.. وفيلم اليوم هو بروفة للتدرب على امتصاص الغضب ..الغضب الذي سيمله الناس طالما أنه لاينتج بعد عدة أزمات مشابهة متلاحقة .. ويعرفون بعد عدة تجارب أن الصراخ لن يجدي لأن الحكومات التي صارت اسلامية هي نفسها تلتزم بضبط النفس ..ويصبح كلب بافلوف (الجمهور العريض) معتادا على تلقي الاخبار المهينة والخسائر مع شعور بالعجز .. حتى هدم المقدسات..
وهذا الفيلم لمصر سيبقى مثل "فيلم اعدام صدام حسين في صباح العيد" للعراقيين الذي افتتح ودشن رسميا عهد الكراهية بين السنة والشيعة في القرن الواحد والعشرين ..ودشن الحروب الأهلية .. ولانزال ندفع ثمنه حتى الآن ..فالاشارة الى دور قبطي في فيلم براءة الاسلام سيدشن رسميا عهد الكراهية والتنابذ بين الأقباط والمسلمين في مصر .. وسيتكفل سلاح ليبيا المسروق والمهرب بتغذية الطرفين .. فالجحيم قادم الى مصر ولن تترك لتنجو بخزعبلات محمد مرسي .. وقد يكون الثمن المطلوب من مرسي المشاركة في حرب على ايران أو الانضمام بشكل عسكري فاعل أكثر الى الحملة على سورية وايران .. وتأجيل الجحيم القادم ..
أما خبر أن مقتل سفير أميريكا في ليبيا كان على يد اسلاميين ردا على الفيلم فهو نكتة مصرية .. لأن الاسلاميين الليبيين لايجرؤون على هذا التحرك فزعيمهم بلحاج نفسه خريج غوانتانامو والأمريكيون يعرفونه كما يعرف بلحاج قضبان قفصه ورقمه في غوانتانامو وعدد المرات التي استجوب فيها وعدد المرات التي تبول فيها حراسه الأمريكيون في فمه .. فيما المهدي حاراتي مشغول بنقل الليبيين ليجري فتوحاته في سورية مع عبد الرزاق طلاس على السكايب .. وأغلب الظن ان من هاجم السفارة الامريكية هو من أراد تدشين العودة الأمريكية الى قاعدة ويليس .. وليكون الأمريكيون قريبين من حدود محمد مرسي مباشرة لشده من اذنه اذا ما تطاول..وللتحضير للتدخل يوما ما في مصر لانقاذ الاقباط ..عندما ياتي الجحيم..
هناك بعض من يعتقد أن اميريكا ربما تحس أنها بحاجة لدفع الاسلاميين أكثر فدفعت بهذا الفيلم لمسرحة الخلاف مع الاسلاميين ولاظهارهم أقوياء يثرثرون ويطلبون الاعتذار ويجرجرونها الى المحاكم فتعتذر فيكون ذلك منح شرعية معنوية لهم تمكنهم من تطويع بقايا التمرد في مجتمعاتهم المترددة في قبولهم .. ولكن أميريكا لاتعتذر ..ولم تعتذر يوما عن جرائم كبرى جدا .. ولن تعلم العبيد ثقافة أن يطلبوا الاعتذار فيجابون .. وهذا الطرح ليس له رصيد لمن يعرف العقل الغربي المتكبر والمغرور..
انني لاأريد لهذه القضية أن تتفاعل ولاأن تكبر لكنني أحس بنفاق التيارات الاسلامية الرسمية (وليست الشعبية) من خلال تعاملها معها والركون الى العقلانية السياسية التي تنكرها على الآخرين فيما تشنع على الشعب السوري وتحرض عليه المجانين .. انني أعتقد أن الفيلم بالنسبة للاسلاميين ياأصدقائي هو وليمة أبي جعفر المنصور أو وليمة أبي عمامة البرّاق (باراك أوباما) .. وفيلم الاساءة للنبي يشبه دم أبي مسلم الخراساني على طعام الوليمة .. وعلى الاسلاميين على مائدة السلطة أن يأكلوا من الاساءة .. ومن دم النبي المسفوح رمزيا ..دون أن يتذمروا الا في حدود المسموح .. وسيأكل الاسلاميون من المحيط الى الخليج ..لحم النبي ويشربون دم النبي صاغرين .. ولن يشربوا بول النبي الذي حدثونا عنه في فتاواهم بل بول السيد الأمريكي وهم يحاربون في سورية .. كما يأكلون الآن لحم الشعب السوري ويشربون دم الشعب السوري .. لاحياهم الله
تعليق