اخبار فلسطين-غزة
يعد مقر السرايا الحكومي الذي ظل قائما وسط مدينة غزة إلى أن دمره الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوان الرصاص المصبوب عام 2009، واحدا من أهم المعالم التاريخية لفلسطين، حيث أقيم في عهد الانتداب البريطاني في ثلاثينيات القرن الماضي، ثم ورثه المصريون الذين حكموا القطاع عقب انتهاء الانتداب، تبعهم الاحتلال الصهيوني ثم السلطة الفلسطينية، وانتهى أمره في يد حكومة حماس عقب الأحداث الدموية التي شهدها القطاع عام 2006، وما تبعها من انتخابات تشريعية أسفرت عن فوز الحركة.
وعلى امتداد عشرات السنين، شهدت معتقلات وزنازين السرايا مئات الجرائم تنوعت بين تعذيب وحشي للمعتقلين وبين اغتصاب وإعدام.ولعل أبرز الأحداث التي كتبها التاريخ ولا يزال يذكرها، حادثة الهروب الكبير في السادس من أكتوبر للعام 1987، والتي نفذها خمسة من أبطال حركة الجهاد الإسلامي هم محمد الجمل ، سامي الشيخ خليل ، زهدي قريقع وأحمد حلس، وعلى إثر هذا الهروب اندلعت معركة الشجاعية التي أرّخت لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
ورويدا رويدا عقب تدمير المقر الذي تزيد مساحته على 45 دونما، وتحويله أثرا بعد عين، بدأ التهميش والترهل يظهر جليا على أطرافه، حيث تحولت إلى مكب نفايات تنبعث منه الروائح الكريهة، فيما تخلو بقية أنحاءه من أي علامات للحياة سوى من نخلة شاهقة تتوسط منطقة الرمال!!.
وزارتا الاقتصاد الوطني والأشغال العامة والإسكان في حكومة غزة، سبق وأن عرضتا مقترحا ورسما هندسيا، لإقامة سوق تجاري ضخم على أرض موقع السرايا, ولكن المخطط لم ير النور وبات حبرا على ورق.
ولمعرفة الأسباب والذرائع التي حالت دون إعادة إعمار المكان، أوضح ناجي سرحان وكيل وزارة الأشغال العامة لـ"الاستقلال" أن المكان كبير وضخم جداً ولا تستطيع الحكومة الفلسطينية البدء في مشوار إعماره، ولا يوجد مستثمرون بما فيه الكفاية، مبينا أن المشروع يحتاج ميزانية لا تقل عن 50 مليون دولار.
ودعا سرحان المستثمرين الفلسطينيين والأجانب لاستثمار أموالهم في موقع السرايا والعمل على البدء بالمشروع, كما طالب المواطنين وبلدية غزة بالحفاظ على المكان إلى حين توفر أموال الإعمار.
مطالب شعبية باستغلاله
المواطن خالد الزيتونية (42 عاماً) أبدى استنكاره واستياءه من حالة الإهمال التي يعانيها الموقع التاريخي والمكان الإستراتيجي, حيث قال: عندما أرى ما حل بموقع السرايا الحكومي تصيبني غصة وحسرة، حيث أنه شاهد على حقبة نضالية من تاريخ الشعب الفلسطيني, فلا يجب أن يترك للنفايات".
وأضاف: المكان للأسف كان بمثابة قلعة فلسطينية شامخة, وتحول إلى كابوس يؤرق المارة من حوله, في حين تم إعمار منشآت أقل أهمية بكثير منه".
أما الشاب محمد السموني الذي يقطن بالقرب من المكان, فقال: حال السرايا لا يعجب الكثيرين من جيران الموقع، فقد أصبح مكب نفايات ومع الأيام سيصبح مقرا رئيسيا لذلك, يجب استغلاله بما ينفع الصالح العام" .
أما عن القيمة التاريخية والإستراتيجية للمكان، تحدث محاضر التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الازهر بغزة د. رياض الأسطل, حيث أضاف: ذلك المبنى أنشئ في ثلاثينيات القرن الماضي إبان الاحتلال البريطاني وعاصر غزة لحقبة امتدت لأكثر من سبعين سنة، كانت خلالها السرايا مقراً رئيساً لسلطات متعاقبة على حكم قطاع غزة، بدء بالبريطانيين والإدارة المصرية، ثم الاحتلال الإسرائيلي الذي حوله منطقة عسكرية تتبع الحاكم العسكري, وصولاً إلى إقامة السلطة الفلسطينية، حيث كان مقراً للأجهزة الأمنية، كالأمن الوطني والاستخبارات العسكرية وسجناً مركزياً واستمر الموقع حتى دمرته قوات الاحتلال، عقب سيطرة حماس على الحكم.
وقال الأسطل لـ"الاستقلال": يجب إعادة إعمار المكان وإرجاع دوره التاريخي من خلال إقامة المؤسسات الوطنية وبناء متحف تاريخي فوقه".
وعن الدراسات والخطط المطروحة للمكان من قبل الحكومة الفلسطينية, أوضح بالقول: "من الخطأ الفادح التعامل مع المكان من منطلق اقتصادي أو تجاري وتحويله إلى أسواق تجارية قد تؤدي إلى المساس بالوجه التاريخي للمقر، كما ستؤدي الى شطب الذاكرة التاريخية المرتبطة به, لأنه شاهد على ممارسات الاحتلال وعلى التطور التاريخي لجنوب فلسطين ومناطق قضاء غزة وقطاعها" .
وشدد الأسطل على ضرورة جعل مقر السرايا السابق الواجهة المضيئة للقطاع، ليحاكي تضحيات أهله ومعاناتهم وبطولاتهم "لا أن يكون مكبا للنفايات والقمامة".
يعد مقر السرايا الحكومي الذي ظل قائما وسط مدينة غزة إلى أن دمره الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوان الرصاص المصبوب عام 2009، واحدا من أهم المعالم التاريخية لفلسطين، حيث أقيم في عهد الانتداب البريطاني في ثلاثينيات القرن الماضي، ثم ورثه المصريون الذين حكموا القطاع عقب انتهاء الانتداب، تبعهم الاحتلال الصهيوني ثم السلطة الفلسطينية، وانتهى أمره في يد حكومة حماس عقب الأحداث الدموية التي شهدها القطاع عام 2006، وما تبعها من انتخابات تشريعية أسفرت عن فوز الحركة.
وعلى امتداد عشرات السنين، شهدت معتقلات وزنازين السرايا مئات الجرائم تنوعت بين تعذيب وحشي للمعتقلين وبين اغتصاب وإعدام.ولعل أبرز الأحداث التي كتبها التاريخ ولا يزال يذكرها، حادثة الهروب الكبير في السادس من أكتوبر للعام 1987، والتي نفذها خمسة من أبطال حركة الجهاد الإسلامي هم محمد الجمل ، سامي الشيخ خليل ، زهدي قريقع وأحمد حلس، وعلى إثر هذا الهروب اندلعت معركة الشجاعية التي أرّخت لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
ورويدا رويدا عقب تدمير المقر الذي تزيد مساحته على 45 دونما، وتحويله أثرا بعد عين، بدأ التهميش والترهل يظهر جليا على أطرافه، حيث تحولت إلى مكب نفايات تنبعث منه الروائح الكريهة، فيما تخلو بقية أنحاءه من أي علامات للحياة سوى من نخلة شاهقة تتوسط منطقة الرمال!!.
مخطط على ورق
وزارتا الاقتصاد الوطني والأشغال العامة والإسكان في حكومة غزة، سبق وأن عرضتا مقترحا ورسما هندسيا، لإقامة سوق تجاري ضخم على أرض موقع السرايا, ولكن المخطط لم ير النور وبات حبرا على ورق.
ولمعرفة الأسباب والذرائع التي حالت دون إعادة إعمار المكان، أوضح ناجي سرحان وكيل وزارة الأشغال العامة لـ"الاستقلال" أن المكان كبير وضخم جداً ولا تستطيع الحكومة الفلسطينية البدء في مشوار إعماره، ولا يوجد مستثمرون بما فيه الكفاية، مبينا أن المشروع يحتاج ميزانية لا تقل عن 50 مليون دولار.
ودعا سرحان المستثمرين الفلسطينيين والأجانب لاستثمار أموالهم في موقع السرايا والعمل على البدء بالمشروع, كما طالب المواطنين وبلدية غزة بالحفاظ على المكان إلى حين توفر أموال الإعمار.
مطالب شعبية باستغلاله
المواطن خالد الزيتونية (42 عاماً) أبدى استنكاره واستياءه من حالة الإهمال التي يعانيها الموقع التاريخي والمكان الإستراتيجي, حيث قال: عندما أرى ما حل بموقع السرايا الحكومي تصيبني غصة وحسرة، حيث أنه شاهد على حقبة نضالية من تاريخ الشعب الفلسطيني, فلا يجب أن يترك للنفايات".
وأضاف: المكان للأسف كان بمثابة قلعة فلسطينية شامخة, وتحول إلى كابوس يؤرق المارة من حوله, في حين تم إعمار منشآت أقل أهمية بكثير منه".
أما الشاب محمد السموني الذي يقطن بالقرب من المكان, فقال: حال السرايا لا يعجب الكثيرين من جيران الموقع، فقد أصبح مكب نفايات ومع الأيام سيصبح مقرا رئيسيا لذلك, يجب استغلاله بما ينفع الصالح العام" .
قيمة تاريخية
أما عن القيمة التاريخية والإستراتيجية للمكان، تحدث محاضر التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الازهر بغزة د. رياض الأسطل, حيث أضاف: ذلك المبنى أنشئ في ثلاثينيات القرن الماضي إبان الاحتلال البريطاني وعاصر غزة لحقبة امتدت لأكثر من سبعين سنة، كانت خلالها السرايا مقراً رئيساً لسلطات متعاقبة على حكم قطاع غزة، بدء بالبريطانيين والإدارة المصرية، ثم الاحتلال الإسرائيلي الذي حوله منطقة عسكرية تتبع الحاكم العسكري, وصولاً إلى إقامة السلطة الفلسطينية، حيث كان مقراً للأجهزة الأمنية، كالأمن الوطني والاستخبارات العسكرية وسجناً مركزياً واستمر الموقع حتى دمرته قوات الاحتلال، عقب سيطرة حماس على الحكم.
وقال الأسطل لـ"الاستقلال": يجب إعادة إعمار المكان وإرجاع دوره التاريخي من خلال إقامة المؤسسات الوطنية وبناء متحف تاريخي فوقه".
وعن الدراسات والخطط المطروحة للمكان من قبل الحكومة الفلسطينية, أوضح بالقول: "من الخطأ الفادح التعامل مع المكان من منطلق اقتصادي أو تجاري وتحويله إلى أسواق تجارية قد تؤدي إلى المساس بالوجه التاريخي للمقر، كما ستؤدي الى شطب الذاكرة التاريخية المرتبطة به, لأنه شاهد على ممارسات الاحتلال وعلى التطور التاريخي لجنوب فلسطين ومناطق قضاء غزة وقطاعها" .
وشدد الأسطل على ضرورة جعل مقر السرايا السابق الواجهة المضيئة للقطاع، ليحاكي تضحيات أهله ومعاناتهم وبطولاتهم "لا أن يكون مكبا للنفايات والقمامة".
تعليق