بيت لحم - تقرير معا - يبدو ان شُح المعلومات الراشحة عن دور ومكانة القيادي الحمساوي كمال حسني غناجة جعلت من خبر اغتياله خبرا عاديا في ظل تزاحم الإخبار... فحتى المواقع الإعلامية المحسوبة على حركة حماس لم تتوقف كثيرا عند حادثة الاغتيال مقارنة بتلك التي صاحبت اغتيال الشهيد محمود المبحوح، ولاعتبارات متعددة لم تعلق قيادات حماس كثيرا على الواقعة في وسائل الاعلام.
من هو غناجة
كمال حسني غناجة من مواليد الأردن عام 1967 متزوج وله 5 أبناء (4 ذكور وبنت) وعائلته تعيش في منطقة "طبربور" بالعاصمة الأردنية عمان، عمل مساعدا للشهيد محمود المبحوح المسؤول السابق عن شراء وتوريد الأسلحة لقطاع غزة، الذي سبق واغتالته إسرائيل في دبي في كانون الثاني 2010.
هذا وقد تضاربت الإنباء والروايات حول طريقة اغتيال غناجة ما بين إطلاق الرصاص على صدره وما بين قطع رأسه وكذلك التضارب في حقيقة مصادرة ملفات مهمة في حين تقول روايات ان جهاز حاسوبه وسلاحه الشخصي وأوراقه لم تمس، كما لم تعترف اي جهة بالمسؤولية عن الحادث وكذلك لم تجزم حركة حماس بالاتهام لأي جهة كانت.
هذا وكان الاتصال قد فقد معه في حوالي الساعة 10 من ليل الثلاثاء بينما وجدت جثته في سقيفة البيت ظهر الأربعاء، وأكدت مصادر جماهيرية من الحي الذي يسكن به انه لا يرتاد هذا المنزل كثيرا وان الجناة وبعد الاغتيال حاولوا حرق بيته فحرق المدخل والمطبخ فقط.
البداية كانت بتعزية عبر صفحة التواصل الاجتماعي "فيس بوك" الخاصة بعضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق.
إعلان رسمي من حماس
قالت حركة حماس إن أحد كوادرها ويدعى كمال حسني غناجة قتل مساء أمس الأربعاء في منزله بضاحية قدسيا بسوريا في ظروف غامضة.
وقال أسامة حمدان مسؤول العلاقات الدولية للحركة في تصريح إعلامي إن التحقيقات لا تزال جارية، وقد تفضي نتيجة التحقيقات إلى أن وفاته تمت بـ"عملية اغتيال" على حد تعبيره، وأضاف أن المستفيد الأول والأخير من ذلك الاغتيال هو الاحتلال.
بدورها كشفت قناة الميادين ان حركة حماس تلتزم الصمت حتى يصدر تقرير الطبيب الشرعي في سوريا.
وقال مراسل القناة في دمشق ان هناك كدمات على جسد غناجة وانه سيجري تشييع جثمانه اليوم في الأردن وان وفدا رفيعا من حركة حماس وصل الأردن لترتيب أمور الدفن.
وفي شباط الماضي، وجه رئيس الحكومة المقالة في غزة إسماعيل هنية التحية لتحرك الشعب السوري من أجل "الديمقراطية"، وذلك في أول دعم من نوعه لمسؤول فلسطيني للاحتجاجات الشعبية في سوريا.
ثلاثة سيناريوهات محتملة للجهات التي نفذت الاغتيال.. تتوزع ما بين جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجي "الموساد" او جهات تابعة او مقربة للنظام السوري او جهات من المعارضة السورية.
إعلام حزب الله يشير للجيش الحر
أعتبر مصدر قيادي في حركة حماس حسب تصريح نشره موقع مقرب من حزب الله بأن لا مصلحة لأحد في اغتيال المقاوم كمال غناجة سوى الاحتلال الإسرائيلي وقد يكون عبر الجيش السوري الحر.
وأضاف المصدر حسب الموقع لم تكن المرة الأولى التي تحاول فيها إسرائيل النيل من خليفة الشهيد محمود المبحوح، وكشف القيادي بأن الشهيد غناجة بقي في دمشق لأنه المسئول المباشر عن شبكات مقاومة مسؤولة شراء وتوريد الأسلحة التي تذهب من إيران وسورية ولبنان إلى قطاع غزة وإلى الضفة الغربية.
وعن سبب بقائه في سورية رغم خروج أغلب كوادر الحركة إلى مصر وقطر والأردن وقطاع غزة قال المصدر:
" الشهيد ومعظم الأمنيين المسؤولين عن دعم المقاومة في الداخل الفلسطيني لم يغادروا دمشق لأن الدول التي استقبلتنا مثل مصر وقطر لم تكن لتسمح بحرية حركة أمنية للشبكات المسؤولة عن شراء السلاح وإيصاله إلى المقاومين في الداخل وقد خرج معظم المسؤولين الكبار والصف الثاني لأنهم كما كثير من السوريين وجدوا أنفسهم في معمعة القتال والاشتباكات المسلحة".
وعن سبب الشك في الموساد لا بأي جهة أخرى قال المصدر :" الموساد حاول اغتيال الشهيد في دمشق وفي بيروت مرتين وقد نجا نتيجة اتخاذه احتياطات شديدة التعقيد، وفضلا عن ذلك فعلاقة الشهيد بالسوريين وخاصة بالنظام وأجهزته وبحزب الله وبالإخوة في إيران هي علاقة قوية جدا وهو واحد ممن تقدرهم القيادة السورية تقديرا كبيرا وكان الشهيد على قدر عال من النشاط المقاوم لدعم المقاومين في الداخل انطلاقا من سورية وبعلم المعنيين وهو أختار البقاء في سورية لعلمه بأن لا بلدا عربيا آخرا سيرضى بأن يعمل انطلاقا منه على دعم المقاومين بالسلاح إلا سورية".
أين حراسه من الأمن السوري
" لم يكن لدى الشهيد سوى مرافق واحد لأنه كان يعتمد على التخفي وعلى تغيير أماكن سكنه والبيت الذي قتل فيه هو بيت عائلته وكان لا يلازمه إلا قليلا وموضوع مشاركة المعارضين في قتله مستبعدة من الناحية التنفيذية لأنه هدفا مثل الشهيد لم يكن ليترك الإسرائيليون عملية قتله لهواة وهذا معروف عن الموساد، قد يستفيدون من عملائهم للمراقبة والرصد وفي تأمين التنقلات واللوجستيات ولكنهم ينفذون عمليات الاغتيال بأنفسهم ليضمنوا نجاح جهودهم التي تستمر سنوات طوال وربما عقود حتى يتمكنوا من تحديد هدف كبير لهم والشهيد هدف فائق الأهمية رحمه الله
إذا تبرئ حماس النظام والمعارضة؟".
يقول المصدر :" الشهيد صديق قريب جدا لكثير من المسؤولين في حزب الله وهذا يكفي ليجعله على علاقة أكثر من جيدة مع الإخوة في سورية وأما الجيش السوري الحر فتقديرنا بأن بعض مجموعاته مخترقة من استخبارات أجنبية قد يكون بينها الموساد ولكننا نصر على إجراء تحقيق شامل ووافي قبل الحديث عن تورط جهات أخرى في مساعدة الموساد على اغتيال الشهيد".
تشابه في الاغتيال
مصدر فلسطينيي في الجهاز العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في دمشق قال في تصريحات صحفية، كشف ان مجهولين، من المرجح أنهم من عناصر"الموساد" أو من يعمل لحسابهم من المسلحين السوريين، داهموا منزل الشهيد غناجة المعروف باسم الحركي " نزار أبو مجاهد " وحققوا معه وفتشوا منزله وأوراقه الشخصية قبل تصفيته.
وقال المصدر الفلسطيني إن طريقة اغتيال غناجة تشبه إلى حد كبير أسلوب اغتيال المبحوح، مع فارق واحد هو أن المبحوح اغتيل خنقا بينما غناجة اغتيل بالعيارات النارية قبل قطع رأسه بأداة حادة".
وأوضح بالقول" إن القتلة قاموا بالتحقيق مع غناجة، قبل قتله، بهدف الحصول منه على معلومات أمنية وعسكرية عن أنشطته في تهريب السلاح والمعدات الحربية من إيران ولبنان وسوريا إلى قطاع غزة".
وكشف المصدر أن غناجة كان كلف بمهام المبحوح بعد اغتيال هذا الأخير في دبي، إذ إنه كان مسؤولا عن الجانب العسكري اللوجستي المتعلق بالتعاون مع إيران وسوريا وحزب الله، وقد نجح خلال الأشهر الأخيرة في تأمين إيصال " أسلحة نوعية" إلى قطاع غزة المحتل عن طريق مصر والبحر الأحمر.
لماذا لم يغادر غناجة سوريا؟
كانت حركة حماس، ولأسباب تتعلق بالمهمات الأمنية والعسكرية الملقاة على عاتقه، أبقت على غناجة في دمشق بعد أن سحبت كوادرها من سوريا إلى مصر وغزة وقطر بعد انفجار الانتفاضة في سوريا.
ومن وجهة نظر مراقبين عسكريين وأمنيين، فإن الوضع الأمني الفوضوي والمنفلت في سوريا أصبح "مثاليا جدا" لجهاز الموساد كي يفتتح عملية "تصفية حسابات" قديمة مع الكوادر العسكرية والأمنية في منظمات المقاومة الفلسطينية.
الموساد وأصابع إسرائيل
وقد أبقى وزير الجيش الإسرائيلي أيهود باراك اليوم الخميس الغموض حول دور اسرائيل المحتمل فى اغتيال مسئول من حماس فى سوريا، وصرح باراك للإذاعة العسكرية: "لست واثقا من أن ذلك صحيح بالضرورة"، وذلك ردا على سؤال حول دور الاستخبارات الإسرائيلية فى اغتيال كمال حسين غناجة، معتبرا أن غناجة "لم يكن من الرجال الصالحين".
اتهام النظام
المجلس الاعلى للثورة في سوريا في بيان وصل لـ"معا" انه تم العثور على جثة كمال غناجة وهو فلسطيني الجنسية وأحد كوادر حركة حماس عصر الأربعاء في بيته وعليها آثار تعذيب واضحة، وما لم يذكره البيان الرسمي الصادر عن المكتب الإعلامي لحركة المقاومة الإسلامية حماس تفاصيل رصدها مراسلي مجلس قيادة الثورة في دمشق في منطقة قدسيا حيث قاموا بتسجيل شهادتهم على الجريمة من مكانهم كشهود عيان عقب تحريهم عن ملابسات الحادثة
وحسب (مجلس قيادة الثورة) فقد تم العثور على آثار السجائر التي استعملها القتلة في منزل المغدور، وآثار تعذيب على جسد المغدور، ومنها آثار حرق على اليدين، ما يعني أن القتلة أخذوا وقتهم في التعذيب.
وفيما قال معارضو الرئيس السوري الاسد "انه لم يتم التعرض لممتلكات المغدور بالسرقة، حيث نقوده وحاسبه الشخصي وكذلك سلاحه، كلها بقيت في مكانها وان تأتي عملية التصفية هذه متماشية مع الضغوط التي تعرضت لها حركة حماس لا سيما بعد ان اعلنت موقفها الرافض لممارسات النظام، الأمر الذي دفع النظام للتضيق على الحركة بداية من خلال المعاملات الرسمية والإجراءات على المعابر الحدودية والمطارات".
الرأس لم يقطع
ففي تقرير صادر عن مستشفى المجتهد بالعاصمة السورية دمشق يفيد بسلامة الرأس وينفي رواية قطع الرأس وأشار التقرير أن إي من أعضاء جسمه لم يتعرض للبتر.
وسيصل الجثمان ظهر اليوم الى عمان وسيخضع للتشريح ومن المرجح ان يتم تشيع جثمانه اليوم او غدا الجمعة، وتفيد المعلومات ان جزءا كبيرا من قيادات حماس في الخارج ومن الضفة والقطاع سيلتحق بالعاصمة الأردنية عمان للمشاركة بتشيع الجثمان.
تعليق