منذ يومين، انشغل روّاد يوتيوب بفيديو عن تقرير للصحافي الإسرائيلي إيتاي إنغل، بثّته القناة الإسرائيلية الثانية يوم 13 آذار (مارس). يصوّر التقرير المراسل المعروف وهو يجول على بيوت لاجئين سوريين في شمال الأردن، على بعد مئة متر من الحدود السوريّة، بموازاة درعا.
الصحافي الإسرائيلي الانتهازي لم يدخل درعا، ولم يحصل على سبق صحافي أو أمني بعبور الحدود إلى داخل الشام. هذا ما قد يكتشفه أيّ مدقّق على موقع القناة الإسرائيلية الثانية التي ما زالت تبثّ التقرير على صفحتها الإلكترونية، تحت عنوان «سيأتي يوم تسألون فيه أنفسكم كيف لم تفعلوا شيئاً حيال المجزرة». وقد أرفق التقرير بنصّ وجداني للمراسل، يروي مغامراته مع «اللاجئين السوريين في الأردن، على حدود درعا». يكفي أن تستعين بمترجم للغة العبريّة، لتفهم أنّ كلّ ما استطاع إنغل الوصول إليه، هو صور بعيدة لدرعا، وأصوات إطلاق رصاص قادمة من الجانب السوري. وقف إيتاي إنغل على بعد مئة متر من الحدود السورية، حيث أشار هاتفه الخلوي إلى أنّه فقد الشبكة الأردنيّة. وهناك، صعد إلى أحد الأسطح مع بعض المعارضين الفارّين، وراح يتأمّل سحر الشام من بعيد.
لكنّ الصحافي الذي كان المراسل الإسرائيلي الوحيد الذي دخل مع جيش العدو إلى أرض الجنوب، مواكباً حرب تموز 2006 على ظهر الدبابة، وقع في الكثير من الأخطاء المهنية في تقريره «الخطير»، كما كان يحلم بأن يكون. أخطاءٌ لا يرتكبها إلا هواة الصحافة، أو الانتهازيون، أو الساعون إلى أداء أدوار البطولة أمام الكاميرا، أو من يريدون استغباء الجمهور.
تقرير إيتاي يمتدّ على نصف ساعة تقريباً، نصفها مخصص لرثاء صديقه ريمي أوشليك، المصور الصحافي الذي لقي حتفه في حمص أخيراً، ولتوثيق عملهما الميداني معاً في مصر وتونس. ونصفها الآخر عواطف وبكائيات، وأغانٍ بالعربيّة وندبيّات. وما علينا هنا إلا أن نصدق محبة هذا الإسرائيلي المسالم لسوريا وشعبها. وحين يقرّر إنغل أن يقطع مطوّلاته الشعريّة، يطالعنا بمشاهد لم يصوّرها بكاميرته الخاصّة، بل نقلها عن يوتيوب، وهي نفسها مشاهد التعذيب المنتشرة على الفضائيات ومواقع الإنترنت العربية الموالية منها للنظام، وتلك المعارضة له.
الصحافي الإسرائيلي الانتهازي لم يدخل درعا، ولم يحصل على سبق صحافي أو أمني بعبور الحدود إلى داخل الشام. هذا ما قد يكتشفه أيّ مدقّق على موقع القناة الإسرائيلية الثانية التي ما زالت تبثّ التقرير على صفحتها الإلكترونية، تحت عنوان «سيأتي يوم تسألون فيه أنفسكم كيف لم تفعلوا شيئاً حيال المجزرة». وقد أرفق التقرير بنصّ وجداني للمراسل، يروي مغامراته مع «اللاجئين السوريين في الأردن، على حدود درعا». يكفي أن تستعين بمترجم للغة العبريّة، لتفهم أنّ كلّ ما استطاع إنغل الوصول إليه، هو صور بعيدة لدرعا، وأصوات إطلاق رصاص قادمة من الجانب السوري. وقف إيتاي إنغل على بعد مئة متر من الحدود السورية، حيث أشار هاتفه الخلوي إلى أنّه فقد الشبكة الأردنيّة. وهناك، صعد إلى أحد الأسطح مع بعض المعارضين الفارّين، وراح يتأمّل سحر الشام من بعيد.
لكنّ الصحافي الذي كان المراسل الإسرائيلي الوحيد الذي دخل مع جيش العدو إلى أرض الجنوب، مواكباً حرب تموز 2006 على ظهر الدبابة، وقع في الكثير من الأخطاء المهنية في تقريره «الخطير»، كما كان يحلم بأن يكون. أخطاءٌ لا يرتكبها إلا هواة الصحافة، أو الانتهازيون، أو الساعون إلى أداء أدوار البطولة أمام الكاميرا، أو من يريدون استغباء الجمهور.
تقرير إيتاي يمتدّ على نصف ساعة تقريباً، نصفها مخصص لرثاء صديقه ريمي أوشليك، المصور الصحافي الذي لقي حتفه في حمص أخيراً، ولتوثيق عملهما الميداني معاً في مصر وتونس. ونصفها الآخر عواطف وبكائيات، وأغانٍ بالعربيّة وندبيّات. وما علينا هنا إلا أن نصدق محبة هذا الإسرائيلي المسالم لسوريا وشعبها. وحين يقرّر إنغل أن يقطع مطوّلاته الشعريّة، يطالعنا بمشاهد لم يصوّرها بكاميرته الخاصّة، بل نقلها عن يوتيوب، وهي نفسها مشاهد التعذيب المنتشرة على الفضائيات ومواقع الإنترنت العربية الموالية منها للنظام، وتلك المعارضة له.
الواضح أنّ إيتاي إنغل يكثّف تلك المشاهد في تقريره لمصلحة غاية واحدة فقط، هي إثبات فكرة شريطه المحوريّة: أنّه إسرائيلي وإنساني ومتعاطف مع الشعب السوري. والمشكلة في البروباغندا المضادة أنّها لم تكلّف نفسها عناء ترجمة التقرير الإسرائيلي وفهمه كما هو. عندها ربما، كانت ستكتشف ما هو أفظع من تسلل مراسل إسرائيلي عبر الحدود السوريّة: السبق الصحافي على صفحة القناة العبريّة الثانية، مذيّل برقم هاتفي، موجّه (انتبهوا جيّداً) لمن يرغب في تقديم المعونات للشعب السوري! رقم الهاتف هذا كافٍ لإفهامنا أنّ مستوى الحرص الإسرائيلي على شؤون «الثورة» السورية بلغ درجة غير مسبوقة من الوقاحة والادعاء.
في حديث إيتاي إنغل مع اللاجئين السوريين في الأردن، يغيب أي حديث عن الأزمة الإنسانية من جانب حقوقي. الشريط موجّه نحو طلب مساعدات خارجية، بلسان رجال ونساء وجوههم مموّهة. يصوّب إنغل زاوية طرحه نحو إطار محدّد، هو أنّ المسؤولَين الوحيدَين عن الأزمة السوريّة هما حزب الله وإيران ... «وروسيا والصين» يضيف أحد اللاجئين. يبدو أنّ إيتاي إنغل كان مطمئناً إلى أنّ أحداً لن يقرأه بالعربيّة. أمّا المعلقون الإسرائيليون على تقريره، فقد اختلفوا معه بشدّة: هذا يشتمه، وذاك يسأله لماذا يطلب مساعدة «شعب عربي»، والآخر يعبّر عن سعادته الغامرة بخراب الشام.
شرّ البليّة ما يضحك... هذا ما تثبته على الأقلّ بعض الأخطاء في شريط إيتاي إنغل. أحد الذين التقاهم في التقرير، ممن فضلوا التحدّث إلى الكاميرا من دون إظهار وجوههم، أكّد له: «حزب الله أدخل الشبيحة من جنوب لبنان... عن طريق حمص»! فات الرجل أن يؤطّر كذبته بشكل أدقّ جغرافياً. في المقابل، يطمئن إنغل متابعيه في دولة الاحتلال: «هناك من قال لنا إنّه بعد الأسد، سيكون هناك احتمال لاتفاق سلام مع إسرائيل». في نهاية الشريط، يلتقي راعي غنم، على الحدود بين الأردن ودرعا، فيسأله إن كان يسمع إطلاق رصاص من الجانب الآخر، فيقول له الرجل، بخفّة دمّ واضحة (يفسرها إنغل خوفاً): «هنالك عرسٌ ربما».
في حديث إيتاي إنغل مع اللاجئين السوريين في الأردن، يغيب أي حديث عن الأزمة الإنسانية من جانب حقوقي. الشريط موجّه نحو طلب مساعدات خارجية، بلسان رجال ونساء وجوههم مموّهة. يصوّب إنغل زاوية طرحه نحو إطار محدّد، هو أنّ المسؤولَين الوحيدَين عن الأزمة السوريّة هما حزب الله وإيران ... «وروسيا والصين» يضيف أحد اللاجئين. يبدو أنّ إيتاي إنغل كان مطمئناً إلى أنّ أحداً لن يقرأه بالعربيّة. أمّا المعلقون الإسرائيليون على تقريره، فقد اختلفوا معه بشدّة: هذا يشتمه، وذاك يسأله لماذا يطلب مساعدة «شعب عربي»، والآخر يعبّر عن سعادته الغامرة بخراب الشام.
هل قلت سلاماً؟ :
شرّ البليّة ما يضحك... هذا ما تثبته على الأقلّ بعض الأخطاء في شريط إيتاي إنغل. أحد الذين التقاهم في التقرير، ممن فضلوا التحدّث إلى الكاميرا من دون إظهار وجوههم، أكّد له: «حزب الله أدخل الشبيحة من جنوب لبنان... عن طريق حمص»! فات الرجل أن يؤطّر كذبته بشكل أدقّ جغرافياً. في المقابل، يطمئن إنغل متابعيه في دولة الاحتلال: «هناك من قال لنا إنّه بعد الأسد، سيكون هناك احتمال لاتفاق سلام مع إسرائيل». في نهاية الشريط، يلتقي راعي غنم، على الحدود بين الأردن ودرعا، فيسأله إن كان يسمع إطلاق رصاص من الجانب الآخر، فيقول له الرجل، بخفّة دمّ واضحة (يفسرها إنغل خوفاً): «هنالك عرسٌ ربما».
تعليق