إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قصّة «مجموعة الـ13» المرتبطة بالزرقاوي بين سوريا ولبنان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصّة «مجموعة الـ13» المرتبطة بالزرقاوي بين سوريا ولبنان

    لم يثر ملفّ قضائي مرتبط بالإرهاب، إشكاليات في تاريخ محاكمات كلّ الشبكات المتصلة بتنظيمات إسلامية في لبنان أو تتحرّك تحت هذا المسمّى، مثلما حدث في ملفّ الشبكة التي اصطلح على تسميتها بـ«مجموعة الـ 13» نسبة إلى عدد أفرادها الموقوفين والبالغ عددهم ثلاثة عشر شخصاً من جنسيات لبنانية وعربية مختلفة، وهم في الأساس منضوون تحت عباءة تنظيم «قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين»، وهذا ما رشح من سطور التحقيقات، ومن ثمّ المحاكمات، وتوجّت بإصدار الأحكام المناسبة من وجهة نظر القضاء العسكري المعني بمحاكمة ملفّات كهذه.



    وقد قيل الكثير عن هذا الملفّ، سواء عن كيفية التوقيف، والمضبوطات التي عثر عليها بحوزة أعضاء الشبكة، وأهمّية الموقوفين و«إخوانهم» الفارين، ومن كان معهم ولم يُعتقلوا. ومن جملة ما قيل انّ إحدى زوجات أمير «القاعدة» في العراق، الأردني أبو مصعب الزرقاوي، وهي حامل، كانت موجودة تحت حماية هذه المجموعة عند قدومها إلى لبنان، غير أنّ التحقيقات المعلنة أمام القضاء العسكري لم تأت على ذكر وجود هذه المرأة أم لا.

    على أنّ السبب الرئيسي والأبرز للتداول بأمر هذه المجموعة يعود إلى ما تم تسريبه عن اعترافات بعض أفرادها بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، ومن ثمّ التراجع عن هذه الأقوال أمام «فرع المعلومات» في قوى الأمن الداخلي، ووجود نسختين من محاضر التحقيق، وتحويل النسخة الخاصة بالتراجع، أو بالأحرى تلك التي لم يؤت فيها على ذكر اغتيال الحريري، على قاضي التحقيق العسكري الأوّل آنذاك في العام 2006 القاضي رشيد مزهر لإجراء المقتضى القانوني المناسب وإتمام التحقيق الاستنطاقي.

    وما جرّ قنوات الحديث إلى اغتيال الحريري، هو العلاقة المتينة بين بعض أعضاء هذه المجموعة والفلسطيني خالد مدحت طه الذي كان صديقاً للفلسطيني أحمد أبو عدس الذي ظهر في شريط فيديو (بثته قناة «الجزيرة»)، معلناً مسؤولية جماعة «النصرة والجهاد في بلاد الشام» عن اغتيال الحريري، وتأكّد بحسب التحقيقات اللبنانية والدولية أنّ أبو عدس ليس المفجّر الانتحاري، فيما أصرّ أحد أركان «مجموعة الـ13» السعودي فيصل أكبر في إفادته لدى «فرع المعلومات» على أنّ أبو عدس الملقّب ضمن المجموعة المذكورة بـ«أبي تراب»، هو من نفّذ عملية اقتحام موكب الحريري، وقال بالحرف الواحد: «بعد ظهور أبو عدس على التلفزيون، تبيّنت لي أهمّية استقباله لكونه قد نفّذ العملية».

    وكان طه المولود في العام 1980، يقوم بتجنيد أشخاص للقتال في العراق وتنفيذ عمليات تفجيرية وانتحارية، كما أنّه زكّى عدداً من الأشخاص المجاهدين القادمين من لبنان، وقد أتى الرئيس الأوّل للجنة التحقيق باغتيال الحريري، القاضي الألماني ديتليف ميليس على ذكر طه في تقريريه الأوّل والثاني، عند تشعّب الحديث عن أبو عدس وبيئته.

    وبما أنّ القاعدة القانونية تقول انّ ادعاء النيابة العامة يرتكز على ما تقوم به الضابطة العدلية من تحقيقات، فإنّ خلوّ أو إفراغ ملفّ «مجموعة الـ13» من أيّ حديث ولو عابراً، عن اغتيال الحريري، اضطرّ مفوّضية الحكومة لدى المحكمة العسكرية الدائمة، وكانت آنذاك برئاسة القاضي جان فهد، إلى أن تلتزم بمضمون التحقيق المقتصر على اعتبار المجموعة تنظيماً إرهابياً لارتباطها بتنظيم «القاعدة» في العراق والذي كان يعمل بإمرة الزرقاوي قبل أن يقتل بغارة للقوّات الأميركية في 8 حزيران 2006. وقد صدر القرار الاتهامي لاحقاً، عن القاضي مزهر، تحت عنوان «تأليف عصابة بقصد ارتكاب الجنايات على الناس، والنيل من سلطة الدولة وهيبتها، ومحاولة القيام بأعمال إرهابية، وتزوير مستندات وحيازتها، ونقل أسلحة حربية من دون ترخيص، وحيازة أجهزة لاسلكية من دون ترخيص».

    واذا كانت لم تتضح حتى الآن الصورة الحقيقية لمآل هذا اللغط الذي دار حول «مجموعة الـ13»، فإنّ لجنة التحقيق الدولية المستقلّة استمعت إلى شهادات أعضاء هذه الخلية يوم كانت تعمل في لبنان في مقرّها في «المونتيفردي»، ولمّح رئيسها القاضي البلجيكي سيرج برامرتز إلى أصابع أصولية في أحد تقاريره الدورية المرفوعة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، إلا أنّه لم يرشح شيء ملموس وحسّي يؤكّد هذا الاتهام، بذريعة الحفاظ على «سرّية التحقيق»!

    وتحدّث برامرتز في تقريره الشخصي الخامس، والثامن في سلسلة تقارير لجنة التحقيق، والصادر في تموز 2007، عن احتمال وجود علاقة لمجموعة أصولية باغتيال الحريري، ولم يستبعد أن يكون الحريري قد استهدفته مجموعات متطرّفة لأسباب مختلفة ومتنوّعة، وهو قال بالحرف الواحد في الفقرة الثالثة والخمسين: «اللجنة تتابع استكشاف فرضيات بديلة، وتتضمّن هذه إمكانية أن يكون رفيق الحريري قد استهدفته، على سبيل المثال، مجموعات متطرّفة بسبب اعتباره على نطاق واسع في لبنان وفي العالم العربي شخصية قيادية في طائفته، ولا يمكن استثناء إمكان تشكّل الدافع وراء اغتيال الحريري من مزيج من العوامل السياسية والطائفية».

    وأعاد برامرتز التذكير بهذه الفرضية في تقريره السادس، والصادر في 28 تشرين الثاني 2007، وقال في الفقرة الخمسين ما يلي: «خلال مسار التحقيق برمته، فإنّ اللجنة وفت بضرورة أن تقوم بدراسة فرضيات أخرى وأخذها في الاعتبار، وكما ذكرنا في التقرير السابق، يشمل هذا احتمال أن يكون الحريري قد استهدفته مجموعات متطرّفة لأسباب محتملة عدّة منها أنّه كان ينظر إليه بشكل واسع كشخصية قيادية في مجتمعه، وبما انّه لا يمكن استبعاد أنّ الدافع لاغتيال الحريري ربّما كان مزيجاً من العوامل السياسية والطائفية، فإنّ اللجنة واصلت دراسة هذه القضايا لكي تفهم جيّداً وتقوّم مدى قابلية كلّ فرضية للحياة (...) واللجنة تدرس إمكان أن يكون هناك فريقان أو أكثر من المجرمين قد ساهموا في التحضير للهجوم وتنفيذه».

    ولنشوء هذه المجموعة وانتقالها إلى لبنان حكاية غير متداولة إلاّ في طيّات التحقيقات الأمنية والقضائية، وقد رواها السعودي محمّد صالح السويدي خلال توقيفه في لبنان بحكم حمله تكليفاً رسمياً من الزرقاوي للاطلاع على أوضاع تنظيم «القاعدة» في بلاد الشام. والسويدي عاش في شقّة في بلدة عرمون وانتسب إلى إحدى الجامعات اللبنانية لمتابعة تحصيل العلوم، وكان وضعه المالي ممتازاً باعتبار أنّ والده ثري جدّاً، وهو أحد ثلاثة سعوديين سمحت السلطات القضائية اللبنانية للسلطات السعودية بالتحقيق معهم في الرياض، والاثنان الآخران هما: عبد الله البيشي المقرّب من أمير تنظيم «فتح الإسلام» شاكر العبسي، وفهد المغامس الذي أوقف ضمن «شبكة بر الياس».

    وبحسب هذه التحقيقات، فإنّ خلية «القاعدة» في سوريا، كانت تضمّ أميرين هما: اللبناني حسن نبعة والسوري جميل (لم يرد اسم عائلته في محاضر التحقيق الرسمية)، وحصل خلاف بين الاثنين تطوّر إلى اشتباك مسلّح، واضطرّ السعودي السويدي إلى المغادرة إلى العراق للقاء الزرقاوي وإطلاعه على حقيقة الخلاف المستحكم بين هذين الأميرين، فأفتى الأخير برحيل مجموعة نبعة إلى لبنان، ومجموعة جميل إلى العراق، وتعيين أمير جديد لمجموعة سوريا بإمرة شاب لبناني من مدينة طرابلس، ولم يكن بمقدور أحد من هؤلاء الأمراء عصيان أوامر الزرقاوي الذي كان الآمر الناهي في كلّ تفاصيل شبكات «القاعدة» في العراق وسوريا ولبنان.

    وتألّفت «مجموعة الـ13» من ثلاثة لبنانيين وستّة سوريين وسعودي واحد، وأردني واحد، وفلسطيني واحد، وتناول التحقيق اللبناني ارتباطها بالزرقاوي عبر خالد طه، وتولّى الإمارة فيها اللبناني حسن محمّد نبعة المولود في العام 1970 والملقّب بـ«أبي طلحة»، والذي كان في عداد المدعى عليهم والمتهمين الفارين في قضيّة الاشتباكات المسلّحة التي وقعت في جرد الضنية في شمال لبنان في نهاية العام 1999 ومطلع العام 2000 بين الجيش اللبناني ومجموعة إسلامية، أو ما عرف لاحقاً خلال فترة المحاكمات أمام المجلس العدلي، باسم «موقوفي الضنية»، واستطاع الاختباء والفرار إلى جهة مجهولة.

    وقال المحقّق العدلي في هذه القضيّة القاضي حاتم ماضي عن نبعة، إنّه كان من أعضاء مجموعة بيروت في جماعة الضنية ودرّسها الأمور الدينية على مدار شهرين بسبب غياب أميرها خليل عكّاوي، كما أنّه أعطى دروساً دينية في المخيّم الذي أقامه أمير هذه الجماعة بسّام كنج الملقّب بـ«أبي عائشة» قبل أن يقتل في الاشتباكات مع الجيش اللبناني. وسقطت الملاحقة القضائية بحقّ نبعة لجهة الشقّ الجزائي بأحداث الضنية بموجب قانون العفو الصادر في 18 تموز 2005 في هذه القضيّة بالتوازي مع العفو عن قائد «القوّات اللبنانية» سمير جعجع، وعن المتهمين من أبناء بلدة مجدل عنجر البقاعية بالانتماء لشبكة إرهابية كانت تنوي القيام بأعمال مخلّة بالأمن تطال السفارة الإيطالية في لبنان.

    وأوقفت «مجموعة الـ13» بين نهاية العام 2005 ومطلع كانون الثاني 2006، حيث كان أفرادها موزّعين بين شقق مختلفة في بيروت وجبل لبنان، وتحديداً في مناطق البسطة التحتا، طريق الجديدة، الرملة البيضاء، عين الرمّانة والأوزاعي.

    وأبرز من ضمّت بالإضافة إلى نبعة، السعودي فيصل أسعد هاشم حسين أكبر الذي قدّم نفسه عند اعتقاله في شقّته في محلّة عين الرمّانة في 31 كانون الأوّل 2005، على أنّه يدعى فهد محمّد خادم اليماني، قبل أن تظهر حقيقته وهو صاحب الباع الطويل في العمل الأمني، مستخدماً أسماء وألقاباً وهمية كثيرة للتمويه وهي: طارق، راني، فهد، صالح، فارس، عبد الغني، حسن، الشيخ، وأبو سليمان.

    و«المجاهد في تنظيم القاعدة» كما يعرّف أكبر عن نفسه، أنهى دراسة أصول الدين في جامعة الإمام محمّد بن سعود في القصيم. ومن شدّة إعجابه بمواطنه الشيخ أسامة بن لادن، التحق به في العام 1999 في أفغانستان لمبايعته والقيام بالجهاد إلى جانبه، وشارك في القتال في صفوف حركة «طالبان»، ضدّ قوّات أحمد شاه مسعود بعد سقوط حكومة برهان الدين ربّاني، وهو ما مهّد لانتقال السلطة إلى يد «طالبان».

    وادعى أكبر في وثائق التحقيق اللبناني، أنّ تنظيم «القاعدة» هو من اغتال الحريري، لوقوفه إلى جانب حكومة إيّاد علاّوي ضدّ المقاومة العراقية، وأنّ دوره وهو المسؤول العسكري والمدرّب الدائم، انحصر خلال مجريات الاغتيال، على المراقبة قبل تنفيذ العملية وخلالها، وكيفية انسحاب مجموعة التنفيذ والمراقبة إلى محلّة الحمراء، مقدّماً وصفاً بالغ الدقّة لمسرح الجريمة ومحيطه جاء مطابقاً بكلّ تفاصيله للواقع وهو الذي لم يأتِ إلى لبنان سوى مرّتين كان آخرها أثناء توقيفه في شقّة عين الرمّانة التي كان موجوداً فيها أيضاً خالد طه الملقّب بـ«نور» و«بدر» خلال حصول المداهمة والتوقيف، وقد اختفى ولم يعد يظهر بتاتاً، برغم أنّ هناك معلومات تردّدت في البدء، وتقول إنّه فرّ إلى مخيّم عين الحلوة في شرق صيدا، لكنّ بعض العارفين بخبايا هذا المخيّم نفوا وصول طه إليه، ليبقى طه لغزاً محيّراً حتى الآن.

    وفي سياق شهادته، قال فيصل أكبر إنّه استقبل مع خالد طه أبو عدس في ساحة المرجة في دمشق في الشهر الأوّل من العام 2005 بعدما أوصله إليهما المهرّب أحمد الذي تتعامل معه المجموعة وهو من بلدة مجدل عنجر، وانتقل الثلاثة إلى مضافة في حيّ ركن الدين في دمشق.

    وأيضاً التزمت المحكمة العسكرية الدائمة عند محاكمة أفراد «مجموعة الـ13» على مدار أربع سنوات بين العامين 2006 و2010، بمضمون القرار الاتهامي الذي اكتفى بأنّ هؤلاء يؤلّفون تنظيماً إرهابياً، وأصدرت المحكمة بتاريخ 22 آذار 2010، حكمها بحقّهم وكانت عقوبة الأشغال الشاقة مدّة عشر سنوات وجاهياً من نصيب نبعة وأكبر، وعقوبة الأشغال الشاقة مدّة سبع سنوات وجاهياً للسوريين محمّد وفائي، ومحمّد كوجة، وبراء فؤاد، ومعاذ شوشة، وعقوبة الأشغال الشاقة مدّة خمس سنوات للبناني من أصل أردني هاني الشطي، وعقوبة الأشغال الشاقة مدّة أربع سنوات للفلسطيني عامر الحلاق، وعقوبة الأشغال الشاقة مدّة ثلاث سنوات للسوري طارق الناصر، واللبناني مالك نبعة، والسجن عامين للبنانيين فؤاد أحمد المصري وجهاد ضاهر، وإدانة القاصر ع.ش. بجنحة نقل أسلحة.

    أمّا العقوبة الأشدّ غيابياً والبالغة خمسة عشر عاماً، فأنزلت بالفلسطينيين خالد طه، وسليم حليمة، ورمزي حسين، واللبناني بلال زعرورة، والسوريين صلاح صالح، ومحمّد المسلماني، وأحمد عبد الحقّ، مع تجريد الجميع، موقوفين وفارين، من حقوقهم المدنية
يعمل...
X