تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين .
وبعد :
فقد فوجئت وفجعت في بعض المواقع بهذا البيان :
جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم) تطالب السلطات السعودية تشكيل لجنة تقصي حقائق للتحقيق فيما ورد في شكوى النساء المعتقلات في سجن ذهبان السياسي ومعاقبة المتورطين في الانتهاكات الخطيرة والمخزية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه الذين أقاموا معالم العدل والشورى.
وصلت لجمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم) في السعودية شكوى من مجموعة من النساء المعتقلات في سجن ذهبان السياسي، فعلى الرغم من إعتقالهن التعسفي لفترات جاوزت الستة أشهر، دون توجيه تهم لهن أو تقديمهن لمحاكمة علانية وعادلة، كما ينص على ذلك نظام الإجراءات الجزائية، عمدت المباحث العامة إلى سجنهن في زنزانات إنفرادية، معزولات عن العالم الخارجي، ولم يشفع لبعضهن سنها الصغير الذي لم يتجاوز 24 ربيعاً، كما هو حال السجينة (نجلاء الرومي( المعتقلة في زنزانة إنفرادية لأكثر من عام، لأجل الضغط عليها بالإعتراف بتهم مفبركة لم تقترفها، وقد منعت من زيارة أهلها لها دون وجود مبررات منطقية، كما حرموها من حق الإتصال الهاتفي على ذويها لفترة طويلة جاوزت الستة أشهر، وقد أصابها السجن الإنفرادي بإنهيار عصبي حاد، هذا بالإضافة إلى شتى صنوف العذاب النفسي والجسدي، وممارسات عناصر المباحث للضغط عليها لأجل الإعتراف بتهم ملفقة، وقد أدت تلك المعاملة القاسية إلى إصابتها بالجنون، فبقية السجينات يسمعن بكاءها وعويلها وصراخها كل ليلة، وتقوم بطرق زنزانتها مطالبة بنقلها في غرفة جماعية، ومع نزيلات أخريات... ويأتي في هذا السياق المعاملة السيئة والمحطة للكرامة الإنسانية، التي تتلقاها المعتقله (هيفاء الأحمدي) والمعتقله (نجوى الصاعدي)، اللتان تقبعان في زنزانات إنفرادية منذ إعتقالهما في 17 رجب 1432هـ، الموافق 18 يونيو 2011م، تحت ذريعة تهم مفبركة، في حين كان نشاطهن بارز في العمل مع أسر المعتقلين السياسيين لسنين طويلة في سجون المباحث العامة، فالدافع الأساسي وراء إعتقالهن هو نشاطهن الحقوقي، لأجل إسكات أصواتهن، ولعل ذلك يفسر المعاملة القاسية اللاتي يتجرعنها على أيدي السجانين، وقد دخلن في إضراب عن الطعام لأجل وضعهن في سجن جماعي، إلا أن إدارة السجن تجاهلت مطالبهن.
وهناك جملة من الممارسات القاسية التي تتعمد إدارة سجن ذهبان السياسي القيام بها ضد السجينات، فالطعام الذي يُقدم لهن غير صالح للإستهلاك البشري، وقد شاهدن "الدود" و"الصراصير" تخرج منه، وعندما يشتكين لإدارة السجن، يرد عليهن ضباط السجن باستهتار وسخرية: "أكتبن محضر في الصرصار!!"، مما حداهن إلى أكل الخبز والزبادي واللبن طوال فترة سجنهن الطويل، ناهيك عن تعمد ضباط التحقيق التلفظ عليهن بكلمات خادشة للحياء، فمثلاً يقوم المحققون بالجلوس مع السجينات في غرف مغلقة أثناء التحقيق، مع عدم وجود السجانات، ويضايقهن بكلام بذيء لأجل الضغط عليهن، فعلى سبيل المثال ذكرت إحدى المعتقلات أن أحد المحققين قال لها أثناء التحقيق: " أنت الآن تحت تصرفي، أستطيع أن أفعل بك ما أشاء ولن يعلم بك أحد!!"، بل إن أحد ضباط السجن قال لأحد السجينات:" أنت بنت قبيلة، أين قبيلتك من نصرتك!!"، بل إن أحد العناصر الفاسدة من ضباط التحقيق قد قال للمعتقلة (نجلاء الرومي): "والله إني أشتهيك أنت وهيفاء!!" ...إلى آخر البيان.
***
ماذا بعد هذا الجرم يا أبناء بلاد الحرمين ؟
أيتلاعب الأنذال بالعفيفات، والمسلمون ساكتون ؟
ألا تستحق هؤلاء المسلمات في سجون الطواغيت أن يهب المسلمون من أجل نصرتهن؟
كم يستغيث بنا المستضعفون وهـم قتلـى وأسـرى فمـا يهـتـز إنـسـان
مـاذا التقاطـع فـي الإســلام بينـكـم وأنــتـــم يـا عــبــاد الله إخـــــوان
ألا نـفــوس أبـيــات لــهــا هــمــم أمـا علـى الخيـر أنصـار وأعــوان !!
لقد تجبر هؤلاء الطغاة وانتهكوا الحرمات واستباحوا الدماء وعبثوا بآدمية البشر، وحاولوا أن يجعلوا منهم مجرد حيوانات أنيسة في حديقتهم التي يسمونها "المملكة" ..!
لا كلام ..
لا همس ..
لا شكوى ..
لا بكاء ..
حتى غدت البلاد جريحة بكماء !
وصار حال الناس كما قال الشاعر أحمد مطر :
صرخت : لا ..
من شدة الألم ..!
لكن صدى صوتي ..
خاف من الموت ..
فارتد لي : نعم ..!
***
ودخلت الفتاوى على الخط فقال الشيوخ :
لا تنصح إلا سرا ..
وأعلى السر عند الفقهاء أن يسمع المرء نفسه ..!
فإذا صرخت فاصرخ في نفسك ..
وإذا جاهدت فجاهد نفسك الأمارة بالسوء..
وإذا تظاهرت فلا تجاوز غرفة النوم ..!
***
يا أهل العلم في بلاد الحرمين:
أين انتم من نصرة المستضعفين ؟
أين أنتم من الصدع بالحق والوقوف في وجه الظالمين ؟
كيف تؤيدون حكم هذه "المهلكة" بعد أن اعترف أبناء عبد العزيز بن سعود بأن أباهم كان عميلا للإنجليز يتقاضى منهم راتبا ؟
أم أنكم ملكيون أكثر من الملك ؟!!
أتظنون أن الله يديم حكم هؤلاء الطواغيت ؟
كلا والله..ليأخذنهم الله كما أخذ غيرهم ولينزعن الحكم منهم كما نزعه من غيرهم {وتلك الأيام نداولها بين الناس}.
يا أهل العلم في بلاد الحرمين:
هذا زمن الملاحم والجهاد والصدع بالحق والثورة على الظالمين ..
إن لم تضحوا في سبيل دينكم وأمتكم الآن فمتى ستضحون ؟
إن لم تقفوا الآن في وجه الطغاة فمتى ستقفون ؟
لم تترددون ؟.. ومما تخافون ؟
« إن العالم إذا أراد بعلمه وجه الله هابه كل شيء، وإذا أراد به أن يكثر به الكنوز، هاب من كل شيء » !! أخرجه الخطيب وابن عساكر، عن حماد بن سلمة .
يا أهل العلم في بلاد الحرمين لم لا تقودون الناس وتتصدرون الجموع ؟
ألا تعلمون أن للعلم شرفا ومنزلة عظيمة ..وأن لهذه المنزلة كلفة وضريبة جسيمة ..؟
أما ترون النساء تحلين بالجلد وتسلحن بالعزيمة !
أين أنتم من خلق أهل العلم الصادعين بالحق كالإمام احمد وشيخ الإسلام ابن تيمية والعز ابن عبد السلام ؟
أما تخشون أن تكونوا من أعوان الظلمة ؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (أعوان الظلمة كل من أعانهم ولو أنه لاق لهم دواة أو برى لهم قلمًا).
ألا تدركون أنكم اليوم تمارسون دور الصوفية باسم التوحيد ؟
أمن التوحيد أن تكونوا عبيدا للطغاة الحاكمين ؟
أمن التوحيد أن تخشوا الناس كخشية الله أو أشد ؟
أمن التوحيد أن تكونوا عونا للظالم على المظلوم ؟
أمن التوحيد أن توالوا من والى أعداء الله وألحد في حرم الله وأفسد في أرض الله وتجبر على عباد الله ؟
أمن التوحيد أن تنصروا من حارب الجهاد وملأ السجون بالعلماء والموحدين واعتدى على المسلمات ؟
يا أهل العلم في بلاد الحرمين لقد أفسدتم دينكم بإصلاح دنيا هؤلاء الطواغيت فمتى تقلعون عن نصرتهم ومتى ترجعون ؟
لقد تاب سحرة فرعون في آخر لحظة وقالوا له : {لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا}..فلا تكونوا شرا من سحرة فرعون .
واعلموا أنكم الآن في الوقت الضائع ..فانجوا بأنفسكم واقفزوا من سفينة الطغاة قبل أن تغرقوا معها .
***
يا عباد الحرمين:
أتنشغلون بنوافل الصوم والصلاة وصراخ المسلمات من حولكم يملأ الآفاق ؟
أي ركوع هذا وأي سجود الذي يقتل الغيرة ويبيد المروءة ؟
كأني بكل عفيفة في السجون تصرخ بكم وتقول :
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب !!
أما علمتم أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ؟
وهل من منكر أكبر من خذلانكم لأخواتكم المسلمات ؟
أما علمتم أن الله تعالى أوحى إلى ملك من الملائكة أن اقلب مدينة كذا وكذا على أهلها، قال يا رب إن فيه عبدك فلانا لم يعصك طرفة عين .. قال اقلبها عليه وعليهم فإن وجهه لم يتمعر لي ساعة قط ..![1].
أتظنون أن دموعكم في الصلوات تكفر التغاضي عن دموع أخواتكم الأسيرات ؟
أم تريدون أن تستروا بالخشوع والبكاء خضوعكم وخنوعكم للطواغيت ؟
أما آن لكم أن تكفروا بالطواغيت وتفردوا الله وحده بالخشوع والخضوع ؟
يا عباد الحرمين هل تركتم ما أوجب الله عليكم من الجهاد ونصرة المستضعفين للتفرغ لنوافل الصوم والصلاة ؟
أما سمعتم قول النبي صلى الله عليه وسلم : "موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود"[2].
أوما علمتم أن "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" ؟
يا من ازدحمتم في صحون الحرم ..أترضون أن يقوم الطغاة بتدنيس الحرم وأنتم بالعبادة تلعبون ؟
أوما علمتم أن حرمة المسلمات أعظم عند الله من حرمة الحرم ؟
أما سمعتم قول عبد الله بن عمرو بن العاص وهو يقول في الكعبة : "اشهد أنك بيت الله وأن الله عظم حرمتك وأن حرمة المسلم أعظم من حرمتك" ؟ [3].
يا عباد الحرمين :
إذا لم يكن لكم غيرة على الدين فأين الغيرة على الأعراض ؟..
تركنا الدين والدنيا جميعاً وأسلمنا الحلائل والبنينا
فما كنا أناساً أهل دينفنصبر في البلاء إذا ابتلينا
وما كنا أناساً أهل دنيا فنمنعها ولو لم نرجُ دينا
***
يا أبناء بلاد الحرمين :
لا يطرق اللصوصُ إلا أبوابَ الجبناء ..
ولا يكتسب الطغاة الشجاعة إلا من جبن الرعية الدهماء ..
ولا يرضخ قوم لقهر الطواغيت إلا إذا كانوا هم السفهاء ..
{فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين} ..
يا أبناء بلاد الحرمين :
لقد كانت جمعة الراجحي" خطوة جبارة وبداية حسنة تدل على وجود التحدي والصمود لدى هذا الشعب الكريم ..
طيران من أول يوم !!
ترى من هذا الجيش الذي جاء من أجله الطيران ؟
أقوي أنت أيها الشعب ولا تدري ؟
أم ضعيف جلادك المرعوب؟
ولماذا يفرَق الطاغية المدجج بالسلاح والطيران من جموع عزل جاءت للصلاة ؟
نعم .. إنهم عزل من السلاح ..لكنهم جاءوا ليلقوا بين يديه قنبلة "لا" ..وهي أعظم سلاح
فتاك يخشاه الطواغيت.
بدأ العملاق يرتعش .. وهو يحاول أن يخفي ارتعاشه بجبينه المقطب وصوته المزمجر !
لكنه مخذول بإذن الله .
وإذا كانت وقعة "البكيرية" هي التي ثبتت حكم آل سعود فإن وقعة "الجمعة" هي التي ستقضي على حكمهم إن شاء الله.
فتفاءلوا بهذا اليوم العظيم ..
روى مسلم عن أبى هريرة أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال « خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا فى يوم الجمعة ».
تأكدوا يا إخواني أنكم منصورون ..
لقد خدشتم زجاج بيت الطاغوت ولم يبق إلا كسره، وسوف يظهر لكم إن شاء الله أنه أوهى من بيت العنكبوت .
ولن تجدي الحشود الأمنية ولا الاعتقالات العشوائية ..
لكنكم في حاجة إلى تحويل النشاط الإعلامي إلى نشاط ميداني .
فحصر الأنشطة التحريضية في وسائل الإعلام والمواقع الألكترونية فقط لن تكون له نتائج سريعة ..
بل ربما تكون نتائجه غير محمودة، لأن الناس إذا رأوا التصعيد الإعلامي غير مصحوب بتصعيد ميداني فسوف يعتبرونه مجرد فقاعات إعلامية !
لا بد من وجود عمل تحريضي على أرض الميدان بحيث يصل صوت المطالبة بالاعتصام حتى إلى الذين لا يتابعون وسائل الإعلام ..
يمكن مثلا أن يقوم الإخوة بما يلي :
كتابة عبارات تحريضية وجمل تفضح النظام على الجدران .
يكتب في بعض العبارات مثلا : عدد السجناء المأسورين، عدد الأخوات الأسيرات، عدد العلماء المسجونين، أسماء بعض المعرفين من العلماء المسجونين .
لصق بعض المنشورات في مداخل الأماكن العمومية .أو حتى توزيعها بشكل سري إن أمكن (تدخل المسجد أو المنتزه أو أي مكان عمومي وتترك الورقة في مكان جلوسك).
توزيع رسائل وكتب للعلماء المسجونين يكتب على غلافها مكان وتاريخ اعتقالهم .
قبل أي اعتصام من المهم أن يسبق بتكوين تجمعات وخلايا صغيرة تتعارف كل خلية فيما بينها وتكون على موعد في مكان الاعتصام .
ويمكن أن يستغل الجانب الاجتماعي والقبلي لدعم هذه الاعتصامات والتحركات ..
إن تكرار محاولات الاعتصام سوف يؤدي إلى إرهاق النظام وتوتره ...فاحرصوا على محاولة الاعتصام والتظاهر مرة بعد مرة وجمعة بعد جمعة.. وكلما تكررت المحاولة ازددتم خبرة واكتسبتم أنصارا، أما زيادة الاعتقالات وانتشارها فلا تحسبوها شرا لكم بل هي خير ..
فالطغاة إن تركوكم وما أردتم من الاعتصام تجرأ الناس عليهم .. وإن اعتقلوكم زاد عدد المعتقلين ..
وهم الآن في حرج شديد من عدد الاعتقالات الموجود.. فإن ازداد العدد زاد الحرج، وهذه الاعتصامات هي الوسيلة لإيقاعهم في هذا الحرج .
الناس محكومون من طرف النظام بسلطان الخوف، ومهمة الإخوة القائمين على الاعتصامات هي كسر الحواجز وتحرير الناس من هذا السلطان، ولن ينجحوا في ذالك إلا إذا تحرروا هم أولا .
أما إذا رأى الناس أن القائمين على هذه الاعتصامات في خوف ووجل فسوف يزدادون هم خوفا ووجلا ..
كان سعد بنّ أبي وقاص يعلم بنيه التعوذ من الجبن، كما في البخاري:
"كان سعد يعلّم بنيه هؤلاء الكلمات كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة ويقول: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يتعوّذ منهن دبر الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر"
من أجل الوصول إلى الانتصار المنشود لا بد من الانتصار الداخلي ..الانتصار على النفس وما فيها من أمراض الخوف والحرص والأنانية وعدم الاستعداد للتضحية وإيثار العاجل على الآجل .
وهذا كما قال تعالى في قصة طالوت وجنوده :
{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة:249)
فقد اجتمع إليه ممن اختارهم ثمانون ألفاً وكان الوقت قَيظاً وسلكوا مفازةً فسألوا أن يُجرِيَ الله تعالى لهم نهراً وكان طلبهم هذا دليلا على أن فيهم من هو غير مستعد لتحمل المشقة، فأخبرهم بأن الله تعالى سوف يجري لهم هذا النهر على وجه الابتلاء لا على وجه العطاء .
وفي ذالك يقول القرطبي :
(ومعنى هذا الابتلاء أنه اختبار لهم، فمن ظهرت طاعته في ترك الماء علم أنه مطيع فيما عدا ذلك، ومن غلبته شهوته وعصى الامر فهو في العصيان في الشدائد أحرى، فروى أنهم أتوا النهر وقد نالهم عطش وهو في غاية العذوبة والحسن، فلذلك رخص للمطيعين في الغرفة ليرتفع عنهم أذى العطش بعض الارتفاع وليكسروا نزاع النفس في هذه الحال. وبين أن الغرفة كافة ضرر العطش عند الحزمة الصابرين على شظف العيش الذين همهم في غير الرفاهية، ) تفسير القرطبي - (3 / 251).
وقال العلامة السعدي :
(وفي هذا الابتلاء ما يدل على أن الماء قد قل عليهم ليتحقق الامتحان، فعصى أكثرهم وشربوا من النهر الشرب المنهي عنه، ورجعوا على أعقابهم ونكصوا عن قتال عدوهم وكان في عدم صبرهم عن الماء ساعة واحدة أكبر دليل على عدم صبرهم على القتال الذي سيتطاول وتحصل فيه المشقة الكبيرة، وكان في رجوعهم عن باقي العسكر ما يزداد به الثابتون توكلا على الله، وتضرعا واستكانة وتبرؤا من حولهم وقوتهم، وزيادة صبر لقلتهم وكثرة عدوهم، ) تفسير السعدي - (1 / 108).
ولا ينبغي التعويل في هذا الأمر على أصحاب المناصب والمكانة الاجتماعية والمتعلقين بحب المال والجاه والشرف ..
إنما ينبغي التعويل على الشباب الذي لم تشب فيه هذه الخصال ولم تجذبه العوائق والمثبطات ..
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أن نبيا من الأنبياء غزا بأصحابه فقال : لا يتبعني رجل بنى دارا لم يسكنها أو تزوج امرأة لم يدخل بها أو له حاجة في الرجوع " رواه ابن حبان في صحيحه .
الناس الآن بحاجة إلى من يقودهم في هذه الاعتصامات وهو متسلح بالإرادة والاستعداد للتضحية .
يحتاجون إلى من يفكر كتفكير "الغلام" الذي كان كل همه أن يؤمن الناس ولو كان الثمن هو حياته فأرشد الملك إلى طريقة قتله وقال : "قل باسم الله رب الغلام" فسمى الملك ومات الغلام وأسلم الناس .
عندما يقرر كل من خرج للاعتصام أنه سيكون أول من يعتقل لا بد أن ينجح الاعتصام .
الناس يحتاجون إلى عمل يشد انتباههم ويشعرهم بأن الوضع قد تغير ..
وكل عمل مهما كان صغيرا سوف يكون كبيرا ..
الناس في انتظار وتلهف ..
والنظام في ترقب وتوجس ..
وبلاد الحرمين تستحق أن يضحى من أجلها ..
والعلماء والموحدون في السجون لهم حق علينا ..
والأخوات الأسيرات يصرخن في المعتقلات ..
فهل من ملب للنداء ؟
اللهم عليك بالطغاة في كل بلاد المسلمين، اللهم انتقم منهم وأرح البلاد والعباد من شرهم ..
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبيه الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه :
أبو المنذر الشنقيطي
الأربعاء 16 صفر 1433 هـ .
الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين .
وبعد :
فقد فوجئت وفجعت في بعض المواقع بهذا البيان :
جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم) تطالب السلطات السعودية تشكيل لجنة تقصي حقائق للتحقيق فيما ورد في شكوى النساء المعتقلات في سجن ذهبان السياسي ومعاقبة المتورطين في الانتهاكات الخطيرة والمخزية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه الذين أقاموا معالم العدل والشورى.
وصلت لجمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم) في السعودية شكوى من مجموعة من النساء المعتقلات في سجن ذهبان السياسي، فعلى الرغم من إعتقالهن التعسفي لفترات جاوزت الستة أشهر، دون توجيه تهم لهن أو تقديمهن لمحاكمة علانية وعادلة، كما ينص على ذلك نظام الإجراءات الجزائية، عمدت المباحث العامة إلى سجنهن في زنزانات إنفرادية، معزولات عن العالم الخارجي، ولم يشفع لبعضهن سنها الصغير الذي لم يتجاوز 24 ربيعاً، كما هو حال السجينة (نجلاء الرومي( المعتقلة في زنزانة إنفرادية لأكثر من عام، لأجل الضغط عليها بالإعتراف بتهم مفبركة لم تقترفها، وقد منعت من زيارة أهلها لها دون وجود مبررات منطقية، كما حرموها من حق الإتصال الهاتفي على ذويها لفترة طويلة جاوزت الستة أشهر، وقد أصابها السجن الإنفرادي بإنهيار عصبي حاد، هذا بالإضافة إلى شتى صنوف العذاب النفسي والجسدي، وممارسات عناصر المباحث للضغط عليها لأجل الإعتراف بتهم ملفقة، وقد أدت تلك المعاملة القاسية إلى إصابتها بالجنون، فبقية السجينات يسمعن بكاءها وعويلها وصراخها كل ليلة، وتقوم بطرق زنزانتها مطالبة بنقلها في غرفة جماعية، ومع نزيلات أخريات... ويأتي في هذا السياق المعاملة السيئة والمحطة للكرامة الإنسانية، التي تتلقاها المعتقله (هيفاء الأحمدي) والمعتقله (نجوى الصاعدي)، اللتان تقبعان في زنزانات إنفرادية منذ إعتقالهما في 17 رجب 1432هـ، الموافق 18 يونيو 2011م، تحت ذريعة تهم مفبركة، في حين كان نشاطهن بارز في العمل مع أسر المعتقلين السياسيين لسنين طويلة في سجون المباحث العامة، فالدافع الأساسي وراء إعتقالهن هو نشاطهن الحقوقي، لأجل إسكات أصواتهن، ولعل ذلك يفسر المعاملة القاسية اللاتي يتجرعنها على أيدي السجانين، وقد دخلن في إضراب عن الطعام لأجل وضعهن في سجن جماعي، إلا أن إدارة السجن تجاهلت مطالبهن.
وهناك جملة من الممارسات القاسية التي تتعمد إدارة سجن ذهبان السياسي القيام بها ضد السجينات، فالطعام الذي يُقدم لهن غير صالح للإستهلاك البشري، وقد شاهدن "الدود" و"الصراصير" تخرج منه، وعندما يشتكين لإدارة السجن، يرد عليهن ضباط السجن باستهتار وسخرية: "أكتبن محضر في الصرصار!!"، مما حداهن إلى أكل الخبز والزبادي واللبن طوال فترة سجنهن الطويل، ناهيك عن تعمد ضباط التحقيق التلفظ عليهن بكلمات خادشة للحياء، فمثلاً يقوم المحققون بالجلوس مع السجينات في غرف مغلقة أثناء التحقيق، مع عدم وجود السجانات، ويضايقهن بكلام بذيء لأجل الضغط عليهن، فعلى سبيل المثال ذكرت إحدى المعتقلات أن أحد المحققين قال لها أثناء التحقيق: " أنت الآن تحت تصرفي، أستطيع أن أفعل بك ما أشاء ولن يعلم بك أحد!!"، بل إن أحد ضباط السجن قال لأحد السجينات:" أنت بنت قبيلة، أين قبيلتك من نصرتك!!"، بل إن أحد العناصر الفاسدة من ضباط التحقيق قد قال للمعتقلة (نجلاء الرومي): "والله إني أشتهيك أنت وهيفاء!!" ...إلى آخر البيان.
***
ماذا بعد هذا الجرم يا أبناء بلاد الحرمين ؟
أيتلاعب الأنذال بالعفيفات، والمسلمون ساكتون ؟
ألا تستحق هؤلاء المسلمات في سجون الطواغيت أن يهب المسلمون من أجل نصرتهن؟
كم يستغيث بنا المستضعفون وهـم قتلـى وأسـرى فمـا يهـتـز إنـسـان
مـاذا التقاطـع فـي الإســلام بينـكـم وأنــتـــم يـا عــبــاد الله إخـــــوان
ألا نـفــوس أبـيــات لــهــا هــمــم أمـا علـى الخيـر أنصـار وأعــوان !!
لقد تجبر هؤلاء الطغاة وانتهكوا الحرمات واستباحوا الدماء وعبثوا بآدمية البشر، وحاولوا أن يجعلوا منهم مجرد حيوانات أنيسة في حديقتهم التي يسمونها "المملكة" ..!
لا كلام ..
لا همس ..
لا شكوى ..
لا بكاء ..
حتى غدت البلاد جريحة بكماء !
وصار حال الناس كما قال الشاعر أحمد مطر :
صرخت : لا ..
من شدة الألم ..!
لكن صدى صوتي ..
خاف من الموت ..
فارتد لي : نعم ..!
***
ودخلت الفتاوى على الخط فقال الشيوخ :
لا تنصح إلا سرا ..
وأعلى السر عند الفقهاء أن يسمع المرء نفسه ..!
فإذا صرخت فاصرخ في نفسك ..
وإذا جاهدت فجاهد نفسك الأمارة بالسوء..
وإذا تظاهرت فلا تجاوز غرفة النوم ..!
***
يا أهل العلم في بلاد الحرمين:
أين انتم من نصرة المستضعفين ؟
أين أنتم من الصدع بالحق والوقوف في وجه الظالمين ؟
كيف تؤيدون حكم هذه "المهلكة" بعد أن اعترف أبناء عبد العزيز بن سعود بأن أباهم كان عميلا للإنجليز يتقاضى منهم راتبا ؟
أم أنكم ملكيون أكثر من الملك ؟!!
أتظنون أن الله يديم حكم هؤلاء الطواغيت ؟
كلا والله..ليأخذنهم الله كما أخذ غيرهم ولينزعن الحكم منهم كما نزعه من غيرهم {وتلك الأيام نداولها بين الناس}.
يا أهل العلم في بلاد الحرمين:
هذا زمن الملاحم والجهاد والصدع بالحق والثورة على الظالمين ..
إن لم تضحوا في سبيل دينكم وأمتكم الآن فمتى ستضحون ؟
إن لم تقفوا الآن في وجه الطغاة فمتى ستقفون ؟
لم تترددون ؟.. ومما تخافون ؟
« إن العالم إذا أراد بعلمه وجه الله هابه كل شيء، وإذا أراد به أن يكثر به الكنوز، هاب من كل شيء » !! أخرجه الخطيب وابن عساكر، عن حماد بن سلمة .
يا أهل العلم في بلاد الحرمين لم لا تقودون الناس وتتصدرون الجموع ؟
ألا تعلمون أن للعلم شرفا ومنزلة عظيمة ..وأن لهذه المنزلة كلفة وضريبة جسيمة ..؟
أما ترون النساء تحلين بالجلد وتسلحن بالعزيمة !
أين أنتم من خلق أهل العلم الصادعين بالحق كالإمام احمد وشيخ الإسلام ابن تيمية والعز ابن عبد السلام ؟
أما تخشون أن تكونوا من أعوان الظلمة ؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (أعوان الظلمة كل من أعانهم ولو أنه لاق لهم دواة أو برى لهم قلمًا).
ألا تدركون أنكم اليوم تمارسون دور الصوفية باسم التوحيد ؟
أمن التوحيد أن تكونوا عبيدا للطغاة الحاكمين ؟
أمن التوحيد أن تخشوا الناس كخشية الله أو أشد ؟
أمن التوحيد أن تكونوا عونا للظالم على المظلوم ؟
أمن التوحيد أن توالوا من والى أعداء الله وألحد في حرم الله وأفسد في أرض الله وتجبر على عباد الله ؟
أمن التوحيد أن تنصروا من حارب الجهاد وملأ السجون بالعلماء والموحدين واعتدى على المسلمات ؟
يا أهل العلم في بلاد الحرمين لقد أفسدتم دينكم بإصلاح دنيا هؤلاء الطواغيت فمتى تقلعون عن نصرتهم ومتى ترجعون ؟
لقد تاب سحرة فرعون في آخر لحظة وقالوا له : {لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا}..فلا تكونوا شرا من سحرة فرعون .
واعلموا أنكم الآن في الوقت الضائع ..فانجوا بأنفسكم واقفزوا من سفينة الطغاة قبل أن تغرقوا معها .
***
يا عباد الحرمين:
أتنشغلون بنوافل الصوم والصلاة وصراخ المسلمات من حولكم يملأ الآفاق ؟
أي ركوع هذا وأي سجود الذي يقتل الغيرة ويبيد المروءة ؟
كأني بكل عفيفة في السجون تصرخ بكم وتقول :
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب !!
أما علمتم أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ؟
وهل من منكر أكبر من خذلانكم لأخواتكم المسلمات ؟
أما علمتم أن الله تعالى أوحى إلى ملك من الملائكة أن اقلب مدينة كذا وكذا على أهلها، قال يا رب إن فيه عبدك فلانا لم يعصك طرفة عين .. قال اقلبها عليه وعليهم فإن وجهه لم يتمعر لي ساعة قط ..![1].
أتظنون أن دموعكم في الصلوات تكفر التغاضي عن دموع أخواتكم الأسيرات ؟
أم تريدون أن تستروا بالخشوع والبكاء خضوعكم وخنوعكم للطواغيت ؟
أما آن لكم أن تكفروا بالطواغيت وتفردوا الله وحده بالخشوع والخضوع ؟
يا عباد الحرمين هل تركتم ما أوجب الله عليكم من الجهاد ونصرة المستضعفين للتفرغ لنوافل الصوم والصلاة ؟
أما سمعتم قول النبي صلى الله عليه وسلم : "موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود"[2].
أوما علمتم أن "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" ؟
يا من ازدحمتم في صحون الحرم ..أترضون أن يقوم الطغاة بتدنيس الحرم وأنتم بالعبادة تلعبون ؟
أوما علمتم أن حرمة المسلمات أعظم عند الله من حرمة الحرم ؟
أما سمعتم قول عبد الله بن عمرو بن العاص وهو يقول في الكعبة : "اشهد أنك بيت الله وأن الله عظم حرمتك وأن حرمة المسلم أعظم من حرمتك" ؟ [3].
يا عباد الحرمين :
إذا لم يكن لكم غيرة على الدين فأين الغيرة على الأعراض ؟..
تركنا الدين والدنيا جميعاً وأسلمنا الحلائل والبنينا
فما كنا أناساً أهل دينفنصبر في البلاء إذا ابتلينا
وما كنا أناساً أهل دنيا فنمنعها ولو لم نرجُ دينا
***
يا أبناء بلاد الحرمين :
لا يطرق اللصوصُ إلا أبوابَ الجبناء ..
ولا يكتسب الطغاة الشجاعة إلا من جبن الرعية الدهماء ..
ولا يرضخ قوم لقهر الطواغيت إلا إذا كانوا هم السفهاء ..
{فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين} ..
يا أبناء بلاد الحرمين :
لقد كانت جمعة الراجحي" خطوة جبارة وبداية حسنة تدل على وجود التحدي والصمود لدى هذا الشعب الكريم ..
طيران من أول يوم !!
ترى من هذا الجيش الذي جاء من أجله الطيران ؟
أقوي أنت أيها الشعب ولا تدري ؟
أم ضعيف جلادك المرعوب؟
ولماذا يفرَق الطاغية المدجج بالسلاح والطيران من جموع عزل جاءت للصلاة ؟
نعم .. إنهم عزل من السلاح ..لكنهم جاءوا ليلقوا بين يديه قنبلة "لا" ..وهي أعظم سلاح
فتاك يخشاه الطواغيت.
بدأ العملاق يرتعش .. وهو يحاول أن يخفي ارتعاشه بجبينه المقطب وصوته المزمجر !
لكنه مخذول بإذن الله .
وإذا كانت وقعة "البكيرية" هي التي ثبتت حكم آل سعود فإن وقعة "الجمعة" هي التي ستقضي على حكمهم إن شاء الله.
فتفاءلوا بهذا اليوم العظيم ..
روى مسلم عن أبى هريرة أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال « خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا فى يوم الجمعة ».
تأكدوا يا إخواني أنكم منصورون ..
لقد خدشتم زجاج بيت الطاغوت ولم يبق إلا كسره، وسوف يظهر لكم إن شاء الله أنه أوهى من بيت العنكبوت .
ولن تجدي الحشود الأمنية ولا الاعتقالات العشوائية ..
لكنكم في حاجة إلى تحويل النشاط الإعلامي إلى نشاط ميداني .
فحصر الأنشطة التحريضية في وسائل الإعلام والمواقع الألكترونية فقط لن تكون له نتائج سريعة ..
بل ربما تكون نتائجه غير محمودة، لأن الناس إذا رأوا التصعيد الإعلامي غير مصحوب بتصعيد ميداني فسوف يعتبرونه مجرد فقاعات إعلامية !
لا بد من وجود عمل تحريضي على أرض الميدان بحيث يصل صوت المطالبة بالاعتصام حتى إلى الذين لا يتابعون وسائل الإعلام ..
يمكن مثلا أن يقوم الإخوة بما يلي :
كتابة عبارات تحريضية وجمل تفضح النظام على الجدران .
يكتب في بعض العبارات مثلا : عدد السجناء المأسورين، عدد الأخوات الأسيرات، عدد العلماء المسجونين، أسماء بعض المعرفين من العلماء المسجونين .
لصق بعض المنشورات في مداخل الأماكن العمومية .أو حتى توزيعها بشكل سري إن أمكن (تدخل المسجد أو المنتزه أو أي مكان عمومي وتترك الورقة في مكان جلوسك).
توزيع رسائل وكتب للعلماء المسجونين يكتب على غلافها مكان وتاريخ اعتقالهم .
قبل أي اعتصام من المهم أن يسبق بتكوين تجمعات وخلايا صغيرة تتعارف كل خلية فيما بينها وتكون على موعد في مكان الاعتصام .
ويمكن أن يستغل الجانب الاجتماعي والقبلي لدعم هذه الاعتصامات والتحركات ..
إن تكرار محاولات الاعتصام سوف يؤدي إلى إرهاق النظام وتوتره ...فاحرصوا على محاولة الاعتصام والتظاهر مرة بعد مرة وجمعة بعد جمعة.. وكلما تكررت المحاولة ازددتم خبرة واكتسبتم أنصارا، أما زيادة الاعتقالات وانتشارها فلا تحسبوها شرا لكم بل هي خير ..
فالطغاة إن تركوكم وما أردتم من الاعتصام تجرأ الناس عليهم .. وإن اعتقلوكم زاد عدد المعتقلين ..
وهم الآن في حرج شديد من عدد الاعتقالات الموجود.. فإن ازداد العدد زاد الحرج، وهذه الاعتصامات هي الوسيلة لإيقاعهم في هذا الحرج .
الناس محكومون من طرف النظام بسلطان الخوف، ومهمة الإخوة القائمين على الاعتصامات هي كسر الحواجز وتحرير الناس من هذا السلطان، ولن ينجحوا في ذالك إلا إذا تحرروا هم أولا .
أما إذا رأى الناس أن القائمين على هذه الاعتصامات في خوف ووجل فسوف يزدادون هم خوفا ووجلا ..
كان سعد بنّ أبي وقاص يعلم بنيه التعوذ من الجبن، كما في البخاري:
"كان سعد يعلّم بنيه هؤلاء الكلمات كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة ويقول: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يتعوّذ منهن دبر الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر"
من أجل الوصول إلى الانتصار المنشود لا بد من الانتصار الداخلي ..الانتصار على النفس وما فيها من أمراض الخوف والحرص والأنانية وعدم الاستعداد للتضحية وإيثار العاجل على الآجل .
وهذا كما قال تعالى في قصة طالوت وجنوده :
{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة:249)
فقد اجتمع إليه ممن اختارهم ثمانون ألفاً وكان الوقت قَيظاً وسلكوا مفازةً فسألوا أن يُجرِيَ الله تعالى لهم نهراً وكان طلبهم هذا دليلا على أن فيهم من هو غير مستعد لتحمل المشقة، فأخبرهم بأن الله تعالى سوف يجري لهم هذا النهر على وجه الابتلاء لا على وجه العطاء .
وفي ذالك يقول القرطبي :
(ومعنى هذا الابتلاء أنه اختبار لهم، فمن ظهرت طاعته في ترك الماء علم أنه مطيع فيما عدا ذلك، ومن غلبته شهوته وعصى الامر فهو في العصيان في الشدائد أحرى، فروى أنهم أتوا النهر وقد نالهم عطش وهو في غاية العذوبة والحسن، فلذلك رخص للمطيعين في الغرفة ليرتفع عنهم أذى العطش بعض الارتفاع وليكسروا نزاع النفس في هذه الحال. وبين أن الغرفة كافة ضرر العطش عند الحزمة الصابرين على شظف العيش الذين همهم في غير الرفاهية، ) تفسير القرطبي - (3 / 251).
وقال العلامة السعدي :
(وفي هذا الابتلاء ما يدل على أن الماء قد قل عليهم ليتحقق الامتحان، فعصى أكثرهم وشربوا من النهر الشرب المنهي عنه، ورجعوا على أعقابهم ونكصوا عن قتال عدوهم وكان في عدم صبرهم عن الماء ساعة واحدة أكبر دليل على عدم صبرهم على القتال الذي سيتطاول وتحصل فيه المشقة الكبيرة، وكان في رجوعهم عن باقي العسكر ما يزداد به الثابتون توكلا على الله، وتضرعا واستكانة وتبرؤا من حولهم وقوتهم، وزيادة صبر لقلتهم وكثرة عدوهم، ) تفسير السعدي - (1 / 108).
ولا ينبغي التعويل في هذا الأمر على أصحاب المناصب والمكانة الاجتماعية والمتعلقين بحب المال والجاه والشرف ..
إنما ينبغي التعويل على الشباب الذي لم تشب فيه هذه الخصال ولم تجذبه العوائق والمثبطات ..
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أن نبيا من الأنبياء غزا بأصحابه فقال : لا يتبعني رجل بنى دارا لم يسكنها أو تزوج امرأة لم يدخل بها أو له حاجة في الرجوع " رواه ابن حبان في صحيحه .
الناس الآن بحاجة إلى من يقودهم في هذه الاعتصامات وهو متسلح بالإرادة والاستعداد للتضحية .
يحتاجون إلى من يفكر كتفكير "الغلام" الذي كان كل همه أن يؤمن الناس ولو كان الثمن هو حياته فأرشد الملك إلى طريقة قتله وقال : "قل باسم الله رب الغلام" فسمى الملك ومات الغلام وأسلم الناس .
عندما يقرر كل من خرج للاعتصام أنه سيكون أول من يعتقل لا بد أن ينجح الاعتصام .
الناس يحتاجون إلى عمل يشد انتباههم ويشعرهم بأن الوضع قد تغير ..
وكل عمل مهما كان صغيرا سوف يكون كبيرا ..
الناس في انتظار وتلهف ..
والنظام في ترقب وتوجس ..
وبلاد الحرمين تستحق أن يضحى من أجلها ..
والعلماء والموحدون في السجون لهم حق علينا ..
والأخوات الأسيرات يصرخن في المعتقلات ..
فهل من ملب للنداء ؟
اللهم عليك بالطغاة في كل بلاد المسلمين، اللهم انتقم منهم وأرح البلاد والعباد من شرهم ..
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبيه الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه :
أبو المنذر الشنقيطي
الأربعاء 16 صفر 1433 هـ .
.gif "(5)")
تعليق