تويت
لم يأتِ السّيد يوسف رزقة إلى تونس لأنّه فلسطينيّ بل لأنّه إخوانيّ. لم يأت ليحكي عن فلسطين.
جاء ليلّمّع صورة حزبه في ذهن المواطن التّونسيّ البسيط. جاء ليصوّر حركة حماس حركةً طاهرة نقيّة لا تشوبها شائبة،
حركةً لم تُخطِئ قطُّ، حركةً لا تعترف بإسرائيل ولا تتفاوض و لا تتنازل و لا تُهدي هُدْنات مجّانيّة، حركة يزورها جيمي كارتر فيعجب بها، حركة صُمودٍ و تصدّي ربّانيين
المقال كامل
منذُ كنت صغيرة، فتح لي أبي مكتبته الخاصّة بكلّ ما فيها من كتب و دواوين شعر و مجلاّت و مجلّدات و قال 'إقرئي'. و لا ادري لماذا شُغفت قبل كلّ شيء بمجلاّت ' فلسطين الثّورة ' و بكتاب ' الرّسائل 'التّي تبادلها محمود درويش و سميح القاسم. و في هذا الكتاب، ولعت أيّما ولع بقصيدة ' تغريبة '. كنت أُعيدها مراراً وأجد حزنها جميلاً و إيقاعها غنائيّاً. و كنتُ وقتها لا أفهم كلمة ' تَعْتَعات ' و كنت أظنّ أنّ ' غنغرينه ' اسم غربيّ لنوع من الورود، و لم تقدر مخيّلتي البسيطة وقتها أن تتصوّر كيف يكون ' الشّهيد صديقاً وفيّاً '. و كنتُ أُحسّ في هذه القصيدة بشيء إضافيّ خاص حين يذكر سميح القاسم ' تونس ' .
و كنت حين أقرأ ' لتونس وجهان/ وجهٌ لحيفا ' أغار غيرة الأطفال الفطريّة من ' حيفا ' هذه ذات الوجه الواحد و التّي يُفضّلها سميح على تونس و على بقيّة العواصم. و لم أكن أعرف وقتها أنّني حين أكبر سأحبُّ ' حيفا ' أكثر من كلّ المدن.
وها قد كبرتُ ( قليلاً ) و تيقّنتُ أنّ لتونس وجهان فعلاً، وجهٌ شعبيّ و وجهٌ حكوميّ. و هناك من يزورها لأنّه يُحبّ شعبها بينما يزورها آخر لأنّهُ صديق حاكمها.
بعد الثّورة خاصّة، أصبحت تونس مزاراً للعديد من الشّخصيّات و النّاشطين كما صارت مجالاً خصباً لرفع شعارات و رايات أيديولوجيات مختلفة.
يزورها حاليًّا و منذ أربعة أيّام وفد من غزّة برئاسة اسماعيل هنيّة القيادي في حركة حماس. تفاعُلُ النّاس مع هذه الزّيارة أخذ أشكالاً مختلفة فهناك من يرحّب به و يعتبره رمزاً للمقاومة و قد يصل الانبهار به إلى حدّ أن يلقّبه البعض ب ' أسد الأمّة ' و الغريب في الأمر أنّ هذا اللّقب بالذّات وهذا النّوع من التّمجيد و التّنزيه ينتقل عند الشّعوب العربيّة من جيل إلى آخر كمرض جينيّ وراثيّ يُقرنوه إلى العديد من الحكّام العرب كصدّام حسين و معمّر القذّافي و حسن نصر الله رغم أنّ معظمهم أنهك الأمّة و أهلكها.
و البعض الآخر من الشّعب التّونسيّ اعتبر في الزّيارة انفراداً لحركة النّهضة بحركة حماس لتوافق توجّهاتهما السّياسيّة و لا علاقة لفلسطين الصّامدة و تونس الثّائرة ككيانين بهذه الزّيارة، رغم خُطب هنيّة السّاخنة بالشّعارات التّي صدح بها في أكثر من مدينة تونسيّة.
أنا شخصيّاً حبّذت لو كان الوفد جامعاً لشخصيّات فلسطينيّة من أطياف سياسيّة مختلفة ليحصل التّلاحم فعلاً حكومياًّ و شعبياًّ و لكنّني لا يمكن أن أقرأ في هذه الزّيارة سوى تكريساً للانقسام الفلسطينيّ و رفضاً تاماًّ للاعتراف بالسّلطة الفلسطينيّة او بأي طرف آخر لا ينضوي تحت مظلّة الإخوان المُسلمين.
لستُ هنا بصدد الافتراء على أحد إذ كُلُّ ما راودني من تخمينات و أفكار تأكّدت لي يوم السّبت حين دُعيت إلى ندوة يقيمها المكتب الجهوي لحركة النّهضة يستضيف فيها السّيد يوسف رزقة المستشار السّياسي للسّيد اسماعيل هنيّة. حين تمّ اخباري بالأمر لم يُذكر لي اسم الضّيف. قيل لي فقط ' عضو من وفد حماس قادم ليحكي قليلاً، يمكنك الحضور للاستماع إلى ما سيقول و ربّما ستتاح فرصة طرح أسئلة عليه ' ، فقبلت الاستدعاء عازمة في نفسي على أن أذهب ليستمع هو لي. و تبيّن في آخر المطاف أنّه لم يُتَحْ للحضور سوى التّصفيق.
لم يكن في مقرّ النّدوة ما يُشير إلى فلسطين لا من قريب و لا من بعيد لضعف شديد في التّنظيم و التّحضير. و لم يكن الضّيف عند دخولي القاعة قد وصل بعد. فرجعت إلى البيت، و وضعتُ الكوفيّة على كتفيّ و حملت علم فلسطين ثمّ عُدتُ إلى النّدوة ثانية. و هناك تولّى أحد الشّباب تعليق العَلَم.
كان الضّيف حينها قد وصل و أخذ مكانه أمام عدد لا بأس به من الحضور. لم أتعرّف عليه، و حين قدّمه مدير المكتب الجهوي لحركة النّهضة قال أنّه الدّكتور يوسف رزقة المستشار السّياسيى لاسماعيل هنيّة رئيس وزراء الحكومة المُنتخبة و الشّرعيّة لفلسطين لا المقالة كما يُقال في الإعلام. عندما سمعت هذه الكلمات علمتُ أنّ النّدوة لن تكون سوى ' سَمَّة بَدَنْ '.
حين أخذ السّيد يوسف الكلمة هممتُ منذُ الدّقائق الأولى بالانصراف. أنا التّي تقرأ رواية القضيّة الفلسطينيّة كلّ يوم بكلّ تفاصليها الدّقيقة لا تقبل أنْ تستمع لنسخة مُحرّفة. و لكنّي تمالكتُ نفسي و أخرجتُ دفتري و قلمي من محفظتي و انكببتُ أدّون ملاحظاتي بينما انكبّ الباقون يُصفّقون. شدّة تعطّش التّونسّيين لفلسطين و لشعبها تجعلهم يرون في ضيفهم شخصاً ملائكيّاً مُبجّلاً. بينما كان السّيد يوسف يُدرك أنّ هناك نُقصاً نسبيّاً في الإلمام بجزئيّات الأحداث الواقعة على السّاحة الفلسطينيّة لدى المواطن البسيط العربي عمومًا و التّونسيّ خصوصاً لذلك أنشأ يُفصّل التّاريخ منذُ سنة ستّة و تسعين على مقاس حركته، بفصاحة و لباقة عاليتين، و بدا عداؤه لبقيّة الأطراف السّياسيّة الفلسطينيّة أشدّ من عدائه للاحتلال الإسرائيليّ.
لم يأتِ السّيد يوسف رزقة صاحب الدّكتوراه في الأدب و النّقد إلى تونس مُمثّلاً لفلسطين بل مُمثّلاً لحزبه السّياسيّ فقط. لم يأتِ ليحكي عن فلسطين التّاريخيّة كيف اغتصبت و لازالت تُغتصب، بل جاء ليقول أنّ انتخابات سنة ستّة و تسعين كانت مزيّفة و أنّ حماس لم تشارك فيها عن دراية سياسيّة لا لأنّها حرّمت الانتخاب و أنّ الحكومة المُنتخبة وقتها أساءت الإدارة و أفشت الفساد و أنّها كانت تجمع العديد من الصّفات السّيئّة التّي تتصّف بها باقي الحكومات العربيّة. لم يأتِ ضيفنا ليحكي كيف طُرد الفلسطينيّ من بيته و أرضه ليصبح لاجئاً بائساً في أكثر من دولة عربيّة، لم يصف وضع المُخيّمات السّيء و اللاّإنسانيّ، بل جاء ليفسخ ما في مخيّلات التوّنسيّين من صورة مشرقة و مُشرّفة للزّعيم ياسر عرفات و ليستبدلها بصورة أخرى لسياسيّ فاشل ذي تكتيك مُخطئ أقام حُكْماً على أرض غير مُحرّرة و نسي هو نفسه أو تناسى أنّ الحكومة في غزّة لا تحكم بلاداً محرّرة بل قطاعاً مُحاصراً و منتهكاً بالقصف كلّ حين و آخر. لم يأت السّيد يوسف ليحكي كيف اندلعت الثّورة الفلسطينيّة المُعاصرة و كيف تحوّل شعب اللاّجئين إلى شعب مُقاتلين من أجل الحُريّة و كيف لقّنت حركات نضاليّة فلسطينيّة كفتح و الجبهة الشّعبيّة الكيان الإسرائيلي دروساً في الكفاح المُسلّح و في الصّمود، بل جاء ليسرد كيف تغيّرت المعطيات الإستراتيجية و صبّت في صالح حركة حماس التّي قرّرت هذه المرّة خوض انتخابات سنة ألفين و ستّة و كيف أحبطت التّوقّعات و نجحت نجاحاً أعطاه الطّابع الرّبّانيّ.
لم يأتِ دكتور الأدب و النّقد ليحكي عن الانتفاضة الأولى و بطولاتها و انتفاضة الأقصى و تغييراتها و عن الاجتياح و قصصه بل جاء ليُخبر التّونسيّين كيف أراد محمود عبّاس أن يفتكّ منه السّلطة و كيف عطّل له مسار حكومته و كيف التجأت حركة حماس إلى أخذ زمام الأمور بيدها في قطاع غزّة بعد صراع لم يكن سببه إنشاء قوّة خاصّة بحماس تُدعى القّوة التّنفيذيّة و لم يذهب ضحيّته مئات المواطنين بل كانت هذه القّوة التّنفيذيّة الذراع اليمنى لتنفيذ أحكام قضاء شفّاف نزيه و عادل قام بحلّ قضاياَ عالقة منذ عشر سنوات و قضى نهائيّاً على ظاهرة العمالة إلى أنْ عمّ السّلام و الطّمأنينة و الازدهار و الدّيمقراطيّة في قطاع غزّة.
لم يأتِ السّيّد رزقة ليحكي عن الجدار العنصريّ الفاصل الذّي يتلوّى و يتمدّد كأفعى على الأرض الفلسطينيّة و عن المسيرات الشّعبيّة الأسبوعيّة التّي تُؤرّق بسلميّتها و عفويّتها جيش الاحتلال و عن الاستيطان الذّي يتفشّى كالسّرطان في عُقر القرى و المُدن وعن تهويد القدس متراً متراً و عن انتهاكات المستوطنين اليوميّة لحرمات المُقَدّرات و المُقدّسات و العباد بل جاء ليفخر بانجاز عظيم اسمه الأنفاق و ليصفّق الحاضرون و يكبّروا زهواً بهذا الابتكار الذّي تأتي عبره حكومة غزّة بالأكل و الشّرب و المال و السّيارات للشّعب، نعم للشّعب ليحيى الشّعب.
لم يأت مستشار السّيد هنيّة ليحكي عن عذابات غزّة في الحصار و مشاكل الحياة اليوميّة في الضّفة بسبب الحواجز التّي يعترض فيها جنود الاحتلال كالكلاب المسعورة المواطن الفلسطينيّ يوميّاً لإهانته و تركيعه و اللّعب على أعصابه و تدمير نفسيّته و عن عنصريّة الكيان الإسرائيلي الدّنيئة التّي يمارسها ضدّ فلسطينييّ الثّمانية و الأربعين و عن صمودهم ومعاناتهم و تفرّد حالتهم السّياسيّة و الاجتماعيّة بل جاء ليبرّر الهدنة المجّانيّة التّي أدخلت فيها حركة حماس نفسها و أقحمت فيها عنوة بقيّة الفصائل الفلسطينيّة في غزّة و ليحكي كيف تصرّف قادة حركة حماس بحكمة وقت الحرب الإسرائيلية على غزّة و كيف كانوا يحتمون بالمناطق ذات الكثافة السّكّانيّة العالية حتّى لا يطالهم القصف.
كدْتُ أصرخ وقتها في وجهه : عن أية حكمة تتحدّث ؟ هذا اسمه غباء. غباء و استهتار. هكذا إذن سقط ذلك العدد الهائل من الشّهداء و الجرحى، لانّ قادتك المُبجّلين اتخذوا من أهالي غزّة دروعاً بشريّة.
ثمّ أخذ يحكي عن انتصارهم في الحرب رغم آلاف الضّحايا و البيوت المهدّمة تماماً و المُنشئات المُخرّبة كُلّياً. اعتبر إدارة المعركة من السّراديب و النّجاة من الموت انتصاراً، بينما أذكر جيّداً بعد الحرب مباشرةً أنّ شيخاً غزّاويّاً قال في سخرية دامية ' نصر ؟ عن أيّا نصر بتحكوا ؟ إي و الله لو نصر ثاني زي هاظ بظلّش حدى عايش بهالبلاد، إيش هالخُرّاف هاظا ؟ '
عندما كان الضّيف يغسل أدمغة الحاضرين و يهيّج فيهم الشّعارات العاطفيّة البعيدة عن الفعل و العمل، كنتُ أغمغم بين الفينة و الأخرى مُعترضة عمّا بدّله من حقائق و زوّره من تاريخ و كانت البنت التّي تجلس بجانبي ترمقني بنظرات غريبة كأنّها تتساءل مستنكرة إن كنتُ أعرف أفضل منه و إن كنتُ مأهلّة أصلاً لأجادله أو حتّى إن كان من المُباح لي مخالفته. كان عليّ أن أسلّم بكلّ كلمة يقولها و أن أصفّق و أن أردّد مع الحاضرين هُتافاتهم و أن أعود بعدها إلى البيت راضية عن نفسي سعيدة بالجهاد الذّي قمتُ به من أجل فلسطين خلال هذه النّدوة المباركة.
لكنّني لم أفعل ذلك، بل ذهبت إليه بينما الكثيرين قد اندفعوا نحوه يسلّمون عليه و يأخذون معه الصّور التّذكاريّة. حين اقتربت إليه عرّفني إليه أحد أقاربي و أخبره أنّ والدي فلسطينيّ من طولكرم. ثمّ سألته على الفور ' لمَاذا لَم تذكر المصالحة ؟' أجابني أنّ الوقت لم يسمح بذلك. فسألته مجّدداً كأنّني لم أستمع إلى جوابه ' لماذا لم تُخبر التّونسيّين أنّ الفلسطينيين يعملون على تحسين الأمور في ما بينهم من أجل إنجاح المصالحة و إنهاء الانقسام ؟ '. و أمام إلحاحي سحب قصاصة ورق من جيب سترته و أشار إليها ثمّ قال ' انظري، لقد وضعت المصالحة و الشّراكة ضمن النّقاط التّي سأتعرّض إليها اليوم، و لكن كما ترين، لا وقت'.
لم يُقنعني جوابه فأردفت ' كان من المفروض أن تحكي عن فلسطين، عن الحياة الفلسطينية، عن الجوّ السّائد فيها، لا أن تجعل الحاضرين يعودون إلى بيوتهم و قد اختزلوا فلسطين في أذهانهم في فكرة واحدة و هي أنّ سلطة الضّفة شرّيرة و حكومة حماس خيّرة '. فأجاب نافياً ' لا، لا، لم أفعل ذلك. لقد تحدّثت عن التّاريخ السّياسي لحركة حماس ..' فقاطعته من جديد ' كان يجب أن تتحدّث عن فلسطين.. '.
ظلّ مبتسماً كعادته و قال ' طبعاً، طبعاً، كلّنا أمام العدوّ واحد. نحنُ لم نقطع علاقاتنا بباقي الفصائل، حتّى مع اليسار. هناك مشاورات و اجتماعات بيننا و بينهم. حركة فتح فيها الخير الكثير.. '. كنت أهمّ بأن أقول له ' و في حركة حماس الشّر الكثير ' لكّني لا أعرف كيف خرجت الجملة على النّحو التّالي ' كلّ الحركات فيها مناح و عاطلين '. ثمّ أضفت ' لماذا لم تسمح حماس بدخول الوفد القادم من الضّفة اليوم ؟ ' أخذ يُحرّك يده كمن يُفتّش عن شيء في جيبه، فأعدت السّؤال ' هل علمت بالأمر أم لا ؟ '. فقال ' نعم، علمت '.
- حسناً، لماذاَ لم يدخُلوا غزّة ؟
- في الحقيقة لا أعرف السّبب.
- يجب أن تعرف السّبب.
- أ لَمْ يدخل رَوْحِي فتّوح؟ لقد دخل فتّوح.
- فلنفترض أنهم سمحوا لروحي فتّوح بالدّخول، هل يجوز أن يمنعوا البقيّة و نحن على أبواب مصالحة ؟
- لا أعرف لماذا لم يسمحوا لهم بالدّخول.
-كيف تمنعونهم من الدّخول إلى مدينتهم ؟
- بسبب عدم توفّر تنسيق
بدا عليّ الاستياء من تناقض إجاباته، ثمّ سألته في اندهاش ' تنسيق بين من و من ؟ ' و كان قد خطر ببالي أنّه يقصد تنسيقاً مع الإسرائيليين. لكنّه أجاب بكلّ بساطة ' بين حماس و فتح '.
أشرتُ إلى رأسي و قلت ' هذا الكلام مش عم يفوت عقلي '
و تركته لينضمّ إلى حلقة من أعضاء حركة النّهضة و انصرفت.
لم يأتِ السّيد يوسف رزقة إلى تونس لأنّه فلسطينيّ بل لأنّه إخوانيّ. لم يأت ليحكي عن فلسطين. جاء ليلّمّع صورة حزبه في ذهن المواطن التّونسيّ البسيط. جاء ليصوّر حركة حماس حركةً طاهرة نقيّة لا تشوبها شائبة، حركةً لم تُخطِئ قطُّ، حركةً لا تعترف بإسرائيل ولا تتفاوض و لا تتنازل و لا تُهدي هُدْنات مجّانيّة، حركة يزورها جيمي كارتر فيعجب بها، حركة صُمودٍ و تصدّي ربّانيين.
لقد جاء ليعطي التّونسيّين درساً في الفتنة.
خُلاصة الأمر هي أنّني تأكدّت يا شاعرنا سميح القاسم أنّ ' لتونس وجهان ' فعلاً، وجهٌ شعبيُّ بسيط و وجهٌ حكوميٌّ ماكر.
جاء ليلّمّع صورة حزبه في ذهن المواطن التّونسيّ البسيط. جاء ليصوّر حركة حماس حركةً طاهرة نقيّة لا تشوبها شائبة،
حركةً لم تُخطِئ قطُّ، حركةً لا تعترف بإسرائيل ولا تتفاوض و لا تتنازل و لا تُهدي هُدْنات مجّانيّة، حركة يزورها جيمي كارتر فيعجب بها، حركة صُمودٍ و تصدّي ربّانيين
المقال كامل
منذُ كنت صغيرة، فتح لي أبي مكتبته الخاصّة بكلّ ما فيها من كتب و دواوين شعر و مجلاّت و مجلّدات و قال 'إقرئي'. و لا ادري لماذا شُغفت قبل كلّ شيء بمجلاّت ' فلسطين الثّورة ' و بكتاب ' الرّسائل 'التّي تبادلها محمود درويش و سميح القاسم. و في هذا الكتاب، ولعت أيّما ولع بقصيدة ' تغريبة '. كنت أُعيدها مراراً وأجد حزنها جميلاً و إيقاعها غنائيّاً. و كنتُ وقتها لا أفهم كلمة ' تَعْتَعات ' و كنت أظنّ أنّ ' غنغرينه ' اسم غربيّ لنوع من الورود، و لم تقدر مخيّلتي البسيطة وقتها أن تتصوّر كيف يكون ' الشّهيد صديقاً وفيّاً '. و كنتُ أُحسّ في هذه القصيدة بشيء إضافيّ خاص حين يذكر سميح القاسم ' تونس ' .
و كنت حين أقرأ ' لتونس وجهان/ وجهٌ لحيفا ' أغار غيرة الأطفال الفطريّة من ' حيفا ' هذه ذات الوجه الواحد و التّي يُفضّلها سميح على تونس و على بقيّة العواصم. و لم أكن أعرف وقتها أنّني حين أكبر سأحبُّ ' حيفا ' أكثر من كلّ المدن.
وها قد كبرتُ ( قليلاً ) و تيقّنتُ أنّ لتونس وجهان فعلاً، وجهٌ شعبيّ و وجهٌ حكوميّ. و هناك من يزورها لأنّه يُحبّ شعبها بينما يزورها آخر لأنّهُ صديق حاكمها.
بعد الثّورة خاصّة، أصبحت تونس مزاراً للعديد من الشّخصيّات و النّاشطين كما صارت مجالاً خصباً لرفع شعارات و رايات أيديولوجيات مختلفة.
يزورها حاليًّا و منذ أربعة أيّام وفد من غزّة برئاسة اسماعيل هنيّة القيادي في حركة حماس. تفاعُلُ النّاس مع هذه الزّيارة أخذ أشكالاً مختلفة فهناك من يرحّب به و يعتبره رمزاً للمقاومة و قد يصل الانبهار به إلى حدّ أن يلقّبه البعض ب ' أسد الأمّة ' و الغريب في الأمر أنّ هذا اللّقب بالذّات وهذا النّوع من التّمجيد و التّنزيه ينتقل عند الشّعوب العربيّة من جيل إلى آخر كمرض جينيّ وراثيّ يُقرنوه إلى العديد من الحكّام العرب كصدّام حسين و معمّر القذّافي و حسن نصر الله رغم أنّ معظمهم أنهك الأمّة و أهلكها.
و البعض الآخر من الشّعب التّونسيّ اعتبر في الزّيارة انفراداً لحركة النّهضة بحركة حماس لتوافق توجّهاتهما السّياسيّة و لا علاقة لفلسطين الصّامدة و تونس الثّائرة ككيانين بهذه الزّيارة، رغم خُطب هنيّة السّاخنة بالشّعارات التّي صدح بها في أكثر من مدينة تونسيّة.
أنا شخصيّاً حبّذت لو كان الوفد جامعاً لشخصيّات فلسطينيّة من أطياف سياسيّة مختلفة ليحصل التّلاحم فعلاً حكومياًّ و شعبياًّ و لكنّني لا يمكن أن أقرأ في هذه الزّيارة سوى تكريساً للانقسام الفلسطينيّ و رفضاً تاماًّ للاعتراف بالسّلطة الفلسطينيّة او بأي طرف آخر لا ينضوي تحت مظلّة الإخوان المُسلمين.
لستُ هنا بصدد الافتراء على أحد إذ كُلُّ ما راودني من تخمينات و أفكار تأكّدت لي يوم السّبت حين دُعيت إلى ندوة يقيمها المكتب الجهوي لحركة النّهضة يستضيف فيها السّيد يوسف رزقة المستشار السّياسي للسّيد اسماعيل هنيّة. حين تمّ اخباري بالأمر لم يُذكر لي اسم الضّيف. قيل لي فقط ' عضو من وفد حماس قادم ليحكي قليلاً، يمكنك الحضور للاستماع إلى ما سيقول و ربّما ستتاح فرصة طرح أسئلة عليه ' ، فقبلت الاستدعاء عازمة في نفسي على أن أذهب ليستمع هو لي. و تبيّن في آخر المطاف أنّه لم يُتَحْ للحضور سوى التّصفيق.
لم يكن في مقرّ النّدوة ما يُشير إلى فلسطين لا من قريب و لا من بعيد لضعف شديد في التّنظيم و التّحضير. و لم يكن الضّيف عند دخولي القاعة قد وصل بعد. فرجعت إلى البيت، و وضعتُ الكوفيّة على كتفيّ و حملت علم فلسطين ثمّ عُدتُ إلى النّدوة ثانية. و هناك تولّى أحد الشّباب تعليق العَلَم.
كان الضّيف حينها قد وصل و أخذ مكانه أمام عدد لا بأس به من الحضور. لم أتعرّف عليه، و حين قدّمه مدير المكتب الجهوي لحركة النّهضة قال أنّه الدّكتور يوسف رزقة المستشار السّياسيى لاسماعيل هنيّة رئيس وزراء الحكومة المُنتخبة و الشّرعيّة لفلسطين لا المقالة كما يُقال في الإعلام. عندما سمعت هذه الكلمات علمتُ أنّ النّدوة لن تكون سوى ' سَمَّة بَدَنْ '.
حين أخذ السّيد يوسف الكلمة هممتُ منذُ الدّقائق الأولى بالانصراف. أنا التّي تقرأ رواية القضيّة الفلسطينيّة كلّ يوم بكلّ تفاصليها الدّقيقة لا تقبل أنْ تستمع لنسخة مُحرّفة. و لكنّي تمالكتُ نفسي و أخرجتُ دفتري و قلمي من محفظتي و انكببتُ أدّون ملاحظاتي بينما انكبّ الباقون يُصفّقون. شدّة تعطّش التّونسّيين لفلسطين و لشعبها تجعلهم يرون في ضيفهم شخصاً ملائكيّاً مُبجّلاً. بينما كان السّيد يوسف يُدرك أنّ هناك نُقصاً نسبيّاً في الإلمام بجزئيّات الأحداث الواقعة على السّاحة الفلسطينيّة لدى المواطن البسيط العربي عمومًا و التّونسيّ خصوصاً لذلك أنشأ يُفصّل التّاريخ منذُ سنة ستّة و تسعين على مقاس حركته، بفصاحة و لباقة عاليتين، و بدا عداؤه لبقيّة الأطراف السّياسيّة الفلسطينيّة أشدّ من عدائه للاحتلال الإسرائيليّ.
لم يأتِ السّيد يوسف رزقة صاحب الدّكتوراه في الأدب و النّقد إلى تونس مُمثّلاً لفلسطين بل مُمثّلاً لحزبه السّياسيّ فقط. لم يأتِ ليحكي عن فلسطين التّاريخيّة كيف اغتصبت و لازالت تُغتصب، بل جاء ليقول أنّ انتخابات سنة ستّة و تسعين كانت مزيّفة و أنّ حماس لم تشارك فيها عن دراية سياسيّة لا لأنّها حرّمت الانتخاب و أنّ الحكومة المُنتخبة وقتها أساءت الإدارة و أفشت الفساد و أنّها كانت تجمع العديد من الصّفات السّيئّة التّي تتصّف بها باقي الحكومات العربيّة. لم يأتِ ضيفنا ليحكي كيف طُرد الفلسطينيّ من بيته و أرضه ليصبح لاجئاً بائساً في أكثر من دولة عربيّة، لم يصف وضع المُخيّمات السّيء و اللاّإنسانيّ، بل جاء ليفسخ ما في مخيّلات التوّنسيّين من صورة مشرقة و مُشرّفة للزّعيم ياسر عرفات و ليستبدلها بصورة أخرى لسياسيّ فاشل ذي تكتيك مُخطئ أقام حُكْماً على أرض غير مُحرّرة و نسي هو نفسه أو تناسى أنّ الحكومة في غزّة لا تحكم بلاداً محرّرة بل قطاعاً مُحاصراً و منتهكاً بالقصف كلّ حين و آخر. لم يأت السّيد يوسف ليحكي كيف اندلعت الثّورة الفلسطينيّة المُعاصرة و كيف تحوّل شعب اللاّجئين إلى شعب مُقاتلين من أجل الحُريّة و كيف لقّنت حركات نضاليّة فلسطينيّة كفتح و الجبهة الشّعبيّة الكيان الإسرائيلي دروساً في الكفاح المُسلّح و في الصّمود، بل جاء ليسرد كيف تغيّرت المعطيات الإستراتيجية و صبّت في صالح حركة حماس التّي قرّرت هذه المرّة خوض انتخابات سنة ألفين و ستّة و كيف أحبطت التّوقّعات و نجحت نجاحاً أعطاه الطّابع الرّبّانيّ.
لم يأتِ دكتور الأدب و النّقد ليحكي عن الانتفاضة الأولى و بطولاتها و انتفاضة الأقصى و تغييراتها و عن الاجتياح و قصصه بل جاء ليُخبر التّونسيّين كيف أراد محمود عبّاس أن يفتكّ منه السّلطة و كيف عطّل له مسار حكومته و كيف التجأت حركة حماس إلى أخذ زمام الأمور بيدها في قطاع غزّة بعد صراع لم يكن سببه إنشاء قوّة خاصّة بحماس تُدعى القّوة التّنفيذيّة و لم يذهب ضحيّته مئات المواطنين بل كانت هذه القّوة التّنفيذيّة الذراع اليمنى لتنفيذ أحكام قضاء شفّاف نزيه و عادل قام بحلّ قضاياَ عالقة منذ عشر سنوات و قضى نهائيّاً على ظاهرة العمالة إلى أنْ عمّ السّلام و الطّمأنينة و الازدهار و الدّيمقراطيّة في قطاع غزّة.
لم يأتِ السّيّد رزقة ليحكي عن الجدار العنصريّ الفاصل الذّي يتلوّى و يتمدّد كأفعى على الأرض الفلسطينيّة و عن المسيرات الشّعبيّة الأسبوعيّة التّي تُؤرّق بسلميّتها و عفويّتها جيش الاحتلال و عن الاستيطان الذّي يتفشّى كالسّرطان في عُقر القرى و المُدن وعن تهويد القدس متراً متراً و عن انتهاكات المستوطنين اليوميّة لحرمات المُقَدّرات و المُقدّسات و العباد بل جاء ليفخر بانجاز عظيم اسمه الأنفاق و ليصفّق الحاضرون و يكبّروا زهواً بهذا الابتكار الذّي تأتي عبره حكومة غزّة بالأكل و الشّرب و المال و السّيارات للشّعب، نعم للشّعب ليحيى الشّعب.
لم يأت مستشار السّيد هنيّة ليحكي عن عذابات غزّة في الحصار و مشاكل الحياة اليوميّة في الضّفة بسبب الحواجز التّي يعترض فيها جنود الاحتلال كالكلاب المسعورة المواطن الفلسطينيّ يوميّاً لإهانته و تركيعه و اللّعب على أعصابه و تدمير نفسيّته و عن عنصريّة الكيان الإسرائيلي الدّنيئة التّي يمارسها ضدّ فلسطينييّ الثّمانية و الأربعين و عن صمودهم ومعاناتهم و تفرّد حالتهم السّياسيّة و الاجتماعيّة بل جاء ليبرّر الهدنة المجّانيّة التّي أدخلت فيها حركة حماس نفسها و أقحمت فيها عنوة بقيّة الفصائل الفلسطينيّة في غزّة و ليحكي كيف تصرّف قادة حركة حماس بحكمة وقت الحرب الإسرائيلية على غزّة و كيف كانوا يحتمون بالمناطق ذات الكثافة السّكّانيّة العالية حتّى لا يطالهم القصف.
كدْتُ أصرخ وقتها في وجهه : عن أية حكمة تتحدّث ؟ هذا اسمه غباء. غباء و استهتار. هكذا إذن سقط ذلك العدد الهائل من الشّهداء و الجرحى، لانّ قادتك المُبجّلين اتخذوا من أهالي غزّة دروعاً بشريّة.
ثمّ أخذ يحكي عن انتصارهم في الحرب رغم آلاف الضّحايا و البيوت المهدّمة تماماً و المُنشئات المُخرّبة كُلّياً. اعتبر إدارة المعركة من السّراديب و النّجاة من الموت انتصاراً، بينما أذكر جيّداً بعد الحرب مباشرةً أنّ شيخاً غزّاويّاً قال في سخرية دامية ' نصر ؟ عن أيّا نصر بتحكوا ؟ إي و الله لو نصر ثاني زي هاظ بظلّش حدى عايش بهالبلاد، إيش هالخُرّاف هاظا ؟ '
عندما كان الضّيف يغسل أدمغة الحاضرين و يهيّج فيهم الشّعارات العاطفيّة البعيدة عن الفعل و العمل، كنتُ أغمغم بين الفينة و الأخرى مُعترضة عمّا بدّله من حقائق و زوّره من تاريخ و كانت البنت التّي تجلس بجانبي ترمقني بنظرات غريبة كأنّها تتساءل مستنكرة إن كنتُ أعرف أفضل منه و إن كنتُ مأهلّة أصلاً لأجادله أو حتّى إن كان من المُباح لي مخالفته. كان عليّ أن أسلّم بكلّ كلمة يقولها و أن أصفّق و أن أردّد مع الحاضرين هُتافاتهم و أن أعود بعدها إلى البيت راضية عن نفسي سعيدة بالجهاد الذّي قمتُ به من أجل فلسطين خلال هذه النّدوة المباركة.
لكنّني لم أفعل ذلك، بل ذهبت إليه بينما الكثيرين قد اندفعوا نحوه يسلّمون عليه و يأخذون معه الصّور التّذكاريّة. حين اقتربت إليه عرّفني إليه أحد أقاربي و أخبره أنّ والدي فلسطينيّ من طولكرم. ثمّ سألته على الفور ' لمَاذا لَم تذكر المصالحة ؟' أجابني أنّ الوقت لم يسمح بذلك. فسألته مجّدداً كأنّني لم أستمع إلى جوابه ' لماذا لم تُخبر التّونسيّين أنّ الفلسطينيين يعملون على تحسين الأمور في ما بينهم من أجل إنجاح المصالحة و إنهاء الانقسام ؟ '. و أمام إلحاحي سحب قصاصة ورق من جيب سترته و أشار إليها ثمّ قال ' انظري، لقد وضعت المصالحة و الشّراكة ضمن النّقاط التّي سأتعرّض إليها اليوم، و لكن كما ترين، لا وقت'.
لم يُقنعني جوابه فأردفت ' كان من المفروض أن تحكي عن فلسطين، عن الحياة الفلسطينية، عن الجوّ السّائد فيها، لا أن تجعل الحاضرين يعودون إلى بيوتهم و قد اختزلوا فلسطين في أذهانهم في فكرة واحدة و هي أنّ سلطة الضّفة شرّيرة و حكومة حماس خيّرة '. فأجاب نافياً ' لا، لا، لم أفعل ذلك. لقد تحدّثت عن التّاريخ السّياسي لحركة حماس ..' فقاطعته من جديد ' كان يجب أن تتحدّث عن فلسطين.. '.
ظلّ مبتسماً كعادته و قال ' طبعاً، طبعاً، كلّنا أمام العدوّ واحد. نحنُ لم نقطع علاقاتنا بباقي الفصائل، حتّى مع اليسار. هناك مشاورات و اجتماعات بيننا و بينهم. حركة فتح فيها الخير الكثير.. '. كنت أهمّ بأن أقول له ' و في حركة حماس الشّر الكثير ' لكّني لا أعرف كيف خرجت الجملة على النّحو التّالي ' كلّ الحركات فيها مناح و عاطلين '. ثمّ أضفت ' لماذا لم تسمح حماس بدخول الوفد القادم من الضّفة اليوم ؟ ' أخذ يُحرّك يده كمن يُفتّش عن شيء في جيبه، فأعدت السّؤال ' هل علمت بالأمر أم لا ؟ '. فقال ' نعم، علمت '.
- حسناً، لماذاَ لم يدخُلوا غزّة ؟
- في الحقيقة لا أعرف السّبب.
- يجب أن تعرف السّبب.
- أ لَمْ يدخل رَوْحِي فتّوح؟ لقد دخل فتّوح.
- فلنفترض أنهم سمحوا لروحي فتّوح بالدّخول، هل يجوز أن يمنعوا البقيّة و نحن على أبواب مصالحة ؟
- لا أعرف لماذا لم يسمحوا لهم بالدّخول.
-كيف تمنعونهم من الدّخول إلى مدينتهم ؟
- بسبب عدم توفّر تنسيق
بدا عليّ الاستياء من تناقض إجاباته، ثمّ سألته في اندهاش ' تنسيق بين من و من ؟ ' و كان قد خطر ببالي أنّه يقصد تنسيقاً مع الإسرائيليين. لكنّه أجاب بكلّ بساطة ' بين حماس و فتح '.
أشرتُ إلى رأسي و قلت ' هذا الكلام مش عم يفوت عقلي '
و تركته لينضمّ إلى حلقة من أعضاء حركة النّهضة و انصرفت.
لم يأتِ السّيد يوسف رزقة إلى تونس لأنّه فلسطينيّ بل لأنّه إخوانيّ. لم يأت ليحكي عن فلسطين. جاء ليلّمّع صورة حزبه في ذهن المواطن التّونسيّ البسيط. جاء ليصوّر حركة حماس حركةً طاهرة نقيّة لا تشوبها شائبة، حركةً لم تُخطِئ قطُّ، حركةً لا تعترف بإسرائيل ولا تتفاوض و لا تتنازل و لا تُهدي هُدْنات مجّانيّة، حركة يزورها جيمي كارتر فيعجب بها، حركة صُمودٍ و تصدّي ربّانيين.
لقد جاء ليعطي التّونسيّين درساً في الفتنة.
خُلاصة الأمر هي أنّني تأكدّت يا شاعرنا سميح القاسم أنّ ' لتونس وجهان ' فعلاً، وجهٌ شعبيُّ بسيط و وجهٌ حكوميٌّ ماكر.
.gif "(7)")
.gif "(28)")
تعليق