هل من المعقول أن نظل نراوح في المكان بعد أن أشبعنا الناس 'حكي' عن المصالحة؟ هل غابت عن حسابات القادة ما يمكن أن يكون ردُّ فعل الشارع بعد تكرار الانتكاسات والتراجع، وغياب الالتزام بما تمَّ التوافق عليه، والذي يمكن أن يمنح لشعبنا جرعة من التطمينات بجدية التعهدات وصدقيّة التحركات التي تدور في أروقة الفصائل الفلسطينية، وخاصة حركتي فتح وحماس؟
لماذا كلما شعرنا بأن هناك أملاً بإنهاء الانقسام طعنتنا الأجهزة الأمنية بممارساتها التعسفية، والتي تفتقد - أحياناً - للحس الوطني، لتلقي بظلال الشك في إمكانية نجاح المصالحة، وأن ما نسمعه بعد كل لقاء هو مجرد لغط حالمين، لأن الأرضية لم تتهيأ بعد لمثل هذه النقلة في الوعي السياسي لكوادر الحركتين (فتح وحماس)، وبالتالي فإن كل ما تمَّ الاتفاق عليه في لقاءات القاهرة لم يصل بعد كتعليمات أو سياسات يتوجب على الجميع خلق الأجواء لها، حتى تتمتع لقاءات القادة السياسيين بالتقدير والمصداقية والاحترام.
واقع مليء بالتناقضات:
نحن لا نريد نبش الماضي واستدعاء التاريخ، فالكل مارس الأخطاء تجاه الطرف الآخر، والكل عمل بسياسة الاقصاء والتهميش ولم يقدم النموذج الذي يجعله متميزاً ويمنحه الحجة على أنه الأفضل، فنحن مازلنا – جميعاً – نعيش بمخاوف أن الآخر يتآمر علينا ويمكر بنا، وبالتالي فإن ملاحقته وحصر أنفاسه وتضييق مساحات الطريق أمامه هي ديدن سياساتنا، باعتبار ما يشكله حراك هذا 'الآخر' من تحرشات ومخاوف وأخطار، وبالتالي فإن 'سياسة القبضة الحديدية' هي التي تستحوذ على تفكير الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
إن الأجهزة الأمنية في كل مكان يجب أن تخضع لحسابات المستوى السياسي وتقديرات مواقفه، أما أن تتحرك طليقة اليد، فإن هذا يعني أن أوضاعها النفسية المأزومة بالهواجس والمثقلة بالشكوك الأمنية تجعلها تتصرف بتعجل واستهتار، متجاوزة بذلك كل المسلكيات المطلوبة لتهدئة خواطر كل طرف تجاه الطرف الآخر.
بعد توقيع حماس لوثيقة المصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني في مايو 2011 بالقاهرة، كانت هناك لغة واضحة وصريحة في ورقة التفاهمات الفلسطينية – الفلسطينية بتجريم أو تحريم الاعتقال السياسي، وضرورة الإفراج عن كل المعتقلين على خلفيات تنظيمية، ولكن للأسف لم نشاهد – عملياً – خطوات جادة في هذا الاتجاه.. صحيح، ربما تكون الممارسات في قطاع غزة أقل قبحاً أو إيذاءً ولكن هناك إجراءات على الأرض تجعل الجميع يستوي في المعصية من جهة الاستخفاف بكرامة هذا الشعب العظيم وحرماته.
ليس هناك أحد طاهر الذيل في الأجهزة الأمنية، كلهم – للأسف – بمثابة فراعين هذا العصر وأباطرة هذا الزمان.. من هنا، جاءت انتفاضات الشعوب وثوراتها في العالم العربي، لأن مظالم هذه الأجهزة الأمنية لا تُعدُّ ولا تحصى، وليس هناك من هو قادر على مطالبتها – باسم القانون – أن تلزم غرزها وتقف عند حدّها..!!
في الحقيقة، إن جزءاً من عمل المجلس التشريعي هو الرقابة والمحاسبة على كافة أشكال التجاوزات، والعمل على وضع حدٍّ لها، لكن – للأسف – فإن اللجان المختصة بالمجلس التشريعي شبه معطلّة، وغير قادرة - في ظل الواقع المختل - على ممارسة دورها وأداء واجبها بالشكل الصحيح والفعّال.
لقد شاهدت وسمعت عن العديد من الوقائع التي كان يتحرك فيها بعض النواب في الضفة الغربية وقطاع غزة لممارسة الرقابة والمحاسبة، ولكن عند نقطة معينة تبدأ التدخلات وتتعدد أشكال 'الواسطات' لإبطال الجهد وتفريغ المضمون، حتى لا تصل الملاحقة إلى كبيرهم الذي علمهم السحر.!
إن مظاهر الخلل والتجاوز تعاني منها كل أرجاء الوطن المحتل، حيث نشاهد أحداثاً ينطبق عليها واقع 'إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد'..!!
أنا لا أفهم كيف تتجرأ الجهات الأمنية في الضفة الغربية – مثلاً – على استدعاء الأسرى المحررين والتحقيق معهم بالمنطق – التهكمي – 'تفضل اشرب معنا فنجان قهوة'..!!
إذا كان هذا هو نمط التعامل مع أشرف الناس وأكرمهم وبهذه الطريقة التي تفتقر إلى اللياقة والأدب، فكيف نتوقع من هذه الأجهزة الأمنية معاملة حسنة لباقي الناس بحيث تحفظ لهم مكانتهم وتحمي هيبتهم؟!
وبنفس القدر الذي نوجه فيه اللوم والانتقاد – بجراءة - إلى الممارسات الخاطئة للأجهزة الأمنية في الضفة الغربية نقول الشيء نفسه لسلوكيات مشابهة – أحياناً – من الدوائر الأمنية في قطاع غزة.. لاشك أن الكثير من هذه المسلكيّات الخاطئة هي تصرفات فردية لعناصر متجبرة داخل هذه الأجهزة وليس بالضرورة سياسات عامة.. ويبقى السؤال المشروع: إلى متى تمضي هذه الأخطاء بلا عقاب، والتي تتحول - أحياناً - إلى خطايا بحق الشعب والوطن.؟!!
يقولون في السياسة إن بداية الوعي والإصلاح هو الإحساس بالمشكلة والاعتراف بوجودها، ونحن من واجبنا الإقرار بأن هناك أخطاءً نمارسها تجاه بعضنا البعض.. ففي كل مناسبة تبدو فيها الفرصة متاحة لكل طرف لإظهار حضوره وقوته واستثمار شعبيته، تعمل الأجهزة الأمنية على تطويقها ووأدها في المهد.!! وهذا ما نلحظه في المناسبات ذات العلاقة بكلٍّ من فتح وحماس، حيث تعمل الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة على توجيه رسائل استدعاء لقيادات وكوادر كل من الحركتين للمثول أمامها، وتحذيرها من القيام بأية فعاليات تعكس لونها الحزبي أومدى جماهيريتها داخل الشارع الفلسطيني.. فغير مسموح لحماس – بتهديدات الأجهزة الأمنية – في الضفة الغربية القيام بأي عمل يعكس زخم حضورها هناك، وتعمد إظهارها وكأنها غير موجودة على الخريطة الوطنية، ونفس الشيء في قطاع غزة وإن بدرجة أقل مما يحدث عادة في الضفة الغربية.
مسلكان خاطئان يجب أن ندينهما، وعلينا أن نحفظ للجميع الحق في القيام بالفعاليات الوطنية والإسلامية، بالقدر الذي يراعي حالتنا النضالية وأوضاعنا الداخلية، وبالشكل الذي يحفظ وحدة الشارع الفلسطيني ويعمل على تعزيز تماسك نسيجنا الوطني والمجتمعي.
لماذا كلما شعرنا بأن هناك أملاً بإنهاء الانقسام طعنتنا الأجهزة الأمنية بممارساتها التعسفية، والتي تفتقد - أحياناً - للحس الوطني، لتلقي بظلال الشك في إمكانية نجاح المصالحة، وأن ما نسمعه بعد كل لقاء هو مجرد لغط حالمين، لأن الأرضية لم تتهيأ بعد لمثل هذه النقلة في الوعي السياسي لكوادر الحركتين (فتح وحماس)، وبالتالي فإن كل ما تمَّ الاتفاق عليه في لقاءات القاهرة لم يصل بعد كتعليمات أو سياسات يتوجب على الجميع خلق الأجواء لها، حتى تتمتع لقاءات القادة السياسيين بالتقدير والمصداقية والاحترام.
واقع مليء بالتناقضات:
نحن لا نريد نبش الماضي واستدعاء التاريخ، فالكل مارس الأخطاء تجاه الطرف الآخر، والكل عمل بسياسة الاقصاء والتهميش ولم يقدم النموذج الذي يجعله متميزاً ويمنحه الحجة على أنه الأفضل، فنحن مازلنا – جميعاً – نعيش بمخاوف أن الآخر يتآمر علينا ويمكر بنا، وبالتالي فإن ملاحقته وحصر أنفاسه وتضييق مساحات الطريق أمامه هي ديدن سياساتنا، باعتبار ما يشكله حراك هذا 'الآخر' من تحرشات ومخاوف وأخطار، وبالتالي فإن 'سياسة القبضة الحديدية' هي التي تستحوذ على تفكير الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
إن الأجهزة الأمنية في كل مكان يجب أن تخضع لحسابات المستوى السياسي وتقديرات مواقفه، أما أن تتحرك طليقة اليد، فإن هذا يعني أن أوضاعها النفسية المأزومة بالهواجس والمثقلة بالشكوك الأمنية تجعلها تتصرف بتعجل واستهتار، متجاوزة بذلك كل المسلكيات المطلوبة لتهدئة خواطر كل طرف تجاه الطرف الآخر.
بعد توقيع حماس لوثيقة المصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني في مايو 2011 بالقاهرة، كانت هناك لغة واضحة وصريحة في ورقة التفاهمات الفلسطينية – الفلسطينية بتجريم أو تحريم الاعتقال السياسي، وضرورة الإفراج عن كل المعتقلين على خلفيات تنظيمية، ولكن للأسف لم نشاهد – عملياً – خطوات جادة في هذا الاتجاه.. صحيح، ربما تكون الممارسات في قطاع غزة أقل قبحاً أو إيذاءً ولكن هناك إجراءات على الأرض تجعل الجميع يستوي في المعصية من جهة الاستخفاف بكرامة هذا الشعب العظيم وحرماته.
ليس هناك أحد طاهر الذيل في الأجهزة الأمنية، كلهم – للأسف – بمثابة فراعين هذا العصر وأباطرة هذا الزمان.. من هنا، جاءت انتفاضات الشعوب وثوراتها في العالم العربي، لأن مظالم هذه الأجهزة الأمنية لا تُعدُّ ولا تحصى، وليس هناك من هو قادر على مطالبتها – باسم القانون – أن تلزم غرزها وتقف عند حدّها..!!
في الحقيقة، إن جزءاً من عمل المجلس التشريعي هو الرقابة والمحاسبة على كافة أشكال التجاوزات، والعمل على وضع حدٍّ لها، لكن – للأسف – فإن اللجان المختصة بالمجلس التشريعي شبه معطلّة، وغير قادرة - في ظل الواقع المختل - على ممارسة دورها وأداء واجبها بالشكل الصحيح والفعّال.
لقد شاهدت وسمعت عن العديد من الوقائع التي كان يتحرك فيها بعض النواب في الضفة الغربية وقطاع غزة لممارسة الرقابة والمحاسبة، ولكن عند نقطة معينة تبدأ التدخلات وتتعدد أشكال 'الواسطات' لإبطال الجهد وتفريغ المضمون، حتى لا تصل الملاحقة إلى كبيرهم الذي علمهم السحر.!
إن مظاهر الخلل والتجاوز تعاني منها كل أرجاء الوطن المحتل، حيث نشاهد أحداثاً ينطبق عليها واقع 'إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد'..!!
أنا لا أفهم كيف تتجرأ الجهات الأمنية في الضفة الغربية – مثلاً – على استدعاء الأسرى المحررين والتحقيق معهم بالمنطق – التهكمي – 'تفضل اشرب معنا فنجان قهوة'..!!
إذا كان هذا هو نمط التعامل مع أشرف الناس وأكرمهم وبهذه الطريقة التي تفتقر إلى اللياقة والأدب، فكيف نتوقع من هذه الأجهزة الأمنية معاملة حسنة لباقي الناس بحيث تحفظ لهم مكانتهم وتحمي هيبتهم؟!
وبنفس القدر الذي نوجه فيه اللوم والانتقاد – بجراءة - إلى الممارسات الخاطئة للأجهزة الأمنية في الضفة الغربية نقول الشيء نفسه لسلوكيات مشابهة – أحياناً – من الدوائر الأمنية في قطاع غزة.. لاشك أن الكثير من هذه المسلكيّات الخاطئة هي تصرفات فردية لعناصر متجبرة داخل هذه الأجهزة وليس بالضرورة سياسات عامة.. ويبقى السؤال المشروع: إلى متى تمضي هذه الأخطاء بلا عقاب، والتي تتحول - أحياناً - إلى خطايا بحق الشعب والوطن.؟!!
يقولون في السياسة إن بداية الوعي والإصلاح هو الإحساس بالمشكلة والاعتراف بوجودها، ونحن من واجبنا الإقرار بأن هناك أخطاءً نمارسها تجاه بعضنا البعض.. ففي كل مناسبة تبدو فيها الفرصة متاحة لكل طرف لإظهار حضوره وقوته واستثمار شعبيته، تعمل الأجهزة الأمنية على تطويقها ووأدها في المهد.!! وهذا ما نلحظه في المناسبات ذات العلاقة بكلٍّ من فتح وحماس، حيث تعمل الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة على توجيه رسائل استدعاء لقيادات وكوادر كل من الحركتين للمثول أمامها، وتحذيرها من القيام بأية فعاليات تعكس لونها الحزبي أومدى جماهيريتها داخل الشارع الفلسطيني.. فغير مسموح لحماس – بتهديدات الأجهزة الأمنية – في الضفة الغربية القيام بأي عمل يعكس زخم حضورها هناك، وتعمد إظهارها وكأنها غير موجودة على الخريطة الوطنية، ونفس الشيء في قطاع غزة وإن بدرجة أقل مما يحدث عادة في الضفة الغربية.
مسلكان خاطئان يجب أن ندينهما، وعلينا أن نحفظ للجميع الحق في القيام بالفعاليات الوطنية والإسلامية، بالقدر الذي يراعي حالتنا النضالية وأوضاعنا الداخلية، وبالشكل الذي يحفظ وحدة الشارع الفلسطيني ويعمل على تعزيز تماسك نسيجنا الوطني والمجتمعي.
تعليق