سندفع بعد عن حرب ايران
الثلاثاء 27 كانون الأول 2011، آخر تحديث 19:06 اليكيم هعتنسي - "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية
بعد ما لا يحصى من صيحات «ذئب، ذئب»، ليس من الممتنع ان يأتي الذئب في الصيف وان تهاجم الولايات المتحدة (مع اسرائيل أو من غيرها) ايران عسكريا. فقد غيرت اميركا النغمة – من الحديث الغامض عن ان «كل شيء على المائدة» الى الكلام الصريح بصورة مدهشة لرئيس مقر القيادة المشتركة الجنرال مارتن دامبسي («أكبر قلق عندي ان تخطئ ايران تقدير تصميمنا وان نُجر الى صراع ذي نتائج مأساوية على المنطقة والعالم»).
وتغيرت موسيقى الانشودة الثنائية الاميركية – الاسرائيلية الى أفضل: فهناك لقاء مفاجئ حميم بين اوباما وباراك، وتدريب عسكري مشترك ذو أبعاد لم يسبق لها مثيل، وتوبيخ للاوروبيين لتوبيخهم اسرائيل في مجلس الامن لبناء المستوطنات.
التعليل الرسمي هو استعدادات ايرانية متقدمة لتركيب القنبلة بالفعل. ربما. لكن شيئا آخر اضافيا ايضا جعل عملية عسكرية اميركية محتومة ألا وهو الانسحاب من العراق وإلا فان اميركا ستُصور بأنها عملاق أعمى بدل ان يهاجم ايران انقض خطأ على العراق وضحى هناك بـ 4500 من أبنائه وبـ 800 مليار دولار من ماله، وكل ذلك لتمكين آيات الله من السيطرة على الدولة التي تُرتب ثالثة من جهة احتياطيها من النفط العالمي.
في الازمة السورية أصبح رئيس حكومة العراق نوري المالكي الشيعي يؤيد أعداء اميركا. أي ان ايران تستطيع من داخل العراق المنتقضة العُرى ان تهدد مباشرة الكويت والسعودية. وتوجد اسباب اخرى للحرب مثل المسؤولية عن الارهاب الشيعي القاتل أو اعلان قاض فيدرالي في نيويورك نيته اتهام ايران بدعم جوهري لارهاب برجي التوائم ووزارة الدفاع الاميركية.
هل سيصنف الهجوم على ايران بأنه «حرب يهودية»؟ لم يقصف الحلفاء أوشفيتس خشية ان يضر هذا التصور بمعنويات الجنود. وافتروا على حربي الخليج أنهما كانتا ترميان الى خدمة اليهود. فكيف يكون الهجوم على ايران الذي تطلبه اسرائيل بأعلى صوت. ولما كانت أنجح الحروب مقرونة بخسائر وآلام فسيطلب الى جهة ما ان تدفع. وستكون هذه اسرائيل لا المستحثين من وراء ستار والسعودية في المقدمة. لأن السعودية – ومستهلكي الطاقة في العالم – أشد تعرضا للخطر الايراني منا.
اليكم تفصيلا صغيرا. أعلنت ايران رسميا أن البحرين التي هي قاعدة الاسطول الخامس الاميركي هي «محافظتها الـ 14». وفي البحرين كثرة شيعية كبيرة تسيطر عليها وتميزها تمييزا سيئا قلة سنية. وقد سببت تظاهرات الربيع العربي هناك دخول جيش سعودي وقمعا قاسيا وكل ذلك من غير ملاحظة من قبل هيلاري كلينتون.
هناك في الخليج مركز الضغط. وهم يرون ان ايران الذرية مسألة وجود. وهم لا يملكون سلاحا ذريا خاصا كما ينسبونه الى اسرائيل، وقد استعملوا هذا السلاح حتى الآن على من لم يكن عنده (الولايات المتحدة – اليابان في مقابلة الولايات المتحدة – الاتحاد السوفياتي).
وللأسف الشديد سجلت الدبلوماسية الاسرائيلية على هذه الخلفية اخفاقا لمجرد حقيقة أننا نُصور بأننا المبادرون الى الحرب بدل دول النفط. فهي بحكمتها تعرف كيف تستعمل الضغط في هدوء ومن غير ان تعرف.
إننا متسرعون وبدل ان نتظاهر بأننا منضبطون متريثون وأن ننتظر ان يأتوا ليطلبوا إلينا ان نسهم بقدرتنا العسكرية الكبيرة في الجهد الدولي المعادي لايران، دُفعنا لنعرض أنفسنا على أننا المعنيون الرئيسون وعن هذا سيُطلب منا ان ندفع.
لو كنا حكماء واعين لطلبنا نحن الى السعودية وقطر وغيرهما مكافأة مناسبة مقابل منح دعم عسكري وتعريض مدننا لهجمات صواريخ. كأن نطلب مثلا احترام مصالحنا القومية في القدس وفي يهودا والسامرة. لأن هذه الحرب ستخدم قبل كل شيء انظمة الحكم العربية في الخليج وبعد ذلك مستهلكات الطاقة في العالم، وفي المحل الثالث فقط حماية اسرائيل من تهديد بين الخطابي والواقعي.
لا يزال الامر غير متأخر، ولا تزال اسرائيل تستطيع وإن تكن متأخرة، ان تغير النغمة وان تظهر شيئا من ضبط النفس. ينبغي ألا نكون آخر الامر المغفلين وكبش الفداء الذي يطرحون القضية عليه.
الثلاثاء 27 كانون الأول 2011، آخر تحديث 19:06 اليكيم هعتنسي - "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية
بعد ما لا يحصى من صيحات «ذئب، ذئب»، ليس من الممتنع ان يأتي الذئب في الصيف وان تهاجم الولايات المتحدة (مع اسرائيل أو من غيرها) ايران عسكريا. فقد غيرت اميركا النغمة – من الحديث الغامض عن ان «كل شيء على المائدة» الى الكلام الصريح بصورة مدهشة لرئيس مقر القيادة المشتركة الجنرال مارتن دامبسي («أكبر قلق عندي ان تخطئ ايران تقدير تصميمنا وان نُجر الى صراع ذي نتائج مأساوية على المنطقة والعالم»).
وتغيرت موسيقى الانشودة الثنائية الاميركية – الاسرائيلية الى أفضل: فهناك لقاء مفاجئ حميم بين اوباما وباراك، وتدريب عسكري مشترك ذو أبعاد لم يسبق لها مثيل، وتوبيخ للاوروبيين لتوبيخهم اسرائيل في مجلس الامن لبناء المستوطنات.
التعليل الرسمي هو استعدادات ايرانية متقدمة لتركيب القنبلة بالفعل. ربما. لكن شيئا آخر اضافيا ايضا جعل عملية عسكرية اميركية محتومة ألا وهو الانسحاب من العراق وإلا فان اميركا ستُصور بأنها عملاق أعمى بدل ان يهاجم ايران انقض خطأ على العراق وضحى هناك بـ 4500 من أبنائه وبـ 800 مليار دولار من ماله، وكل ذلك لتمكين آيات الله من السيطرة على الدولة التي تُرتب ثالثة من جهة احتياطيها من النفط العالمي.
في الازمة السورية أصبح رئيس حكومة العراق نوري المالكي الشيعي يؤيد أعداء اميركا. أي ان ايران تستطيع من داخل العراق المنتقضة العُرى ان تهدد مباشرة الكويت والسعودية. وتوجد اسباب اخرى للحرب مثل المسؤولية عن الارهاب الشيعي القاتل أو اعلان قاض فيدرالي في نيويورك نيته اتهام ايران بدعم جوهري لارهاب برجي التوائم ووزارة الدفاع الاميركية.
هل سيصنف الهجوم على ايران بأنه «حرب يهودية»؟ لم يقصف الحلفاء أوشفيتس خشية ان يضر هذا التصور بمعنويات الجنود. وافتروا على حربي الخليج أنهما كانتا ترميان الى خدمة اليهود. فكيف يكون الهجوم على ايران الذي تطلبه اسرائيل بأعلى صوت. ولما كانت أنجح الحروب مقرونة بخسائر وآلام فسيطلب الى جهة ما ان تدفع. وستكون هذه اسرائيل لا المستحثين من وراء ستار والسعودية في المقدمة. لأن السعودية – ومستهلكي الطاقة في العالم – أشد تعرضا للخطر الايراني منا.
اليكم تفصيلا صغيرا. أعلنت ايران رسميا أن البحرين التي هي قاعدة الاسطول الخامس الاميركي هي «محافظتها الـ 14». وفي البحرين كثرة شيعية كبيرة تسيطر عليها وتميزها تمييزا سيئا قلة سنية. وقد سببت تظاهرات الربيع العربي هناك دخول جيش سعودي وقمعا قاسيا وكل ذلك من غير ملاحظة من قبل هيلاري كلينتون.
هناك في الخليج مركز الضغط. وهم يرون ان ايران الذرية مسألة وجود. وهم لا يملكون سلاحا ذريا خاصا كما ينسبونه الى اسرائيل، وقد استعملوا هذا السلاح حتى الآن على من لم يكن عنده (الولايات المتحدة – اليابان في مقابلة الولايات المتحدة – الاتحاد السوفياتي).
وللأسف الشديد سجلت الدبلوماسية الاسرائيلية على هذه الخلفية اخفاقا لمجرد حقيقة أننا نُصور بأننا المبادرون الى الحرب بدل دول النفط. فهي بحكمتها تعرف كيف تستعمل الضغط في هدوء ومن غير ان تعرف.
إننا متسرعون وبدل ان نتظاهر بأننا منضبطون متريثون وأن ننتظر ان يأتوا ليطلبوا إلينا ان نسهم بقدرتنا العسكرية الكبيرة في الجهد الدولي المعادي لايران، دُفعنا لنعرض أنفسنا على أننا المعنيون الرئيسون وعن هذا سيُطلب منا ان ندفع.
لو كنا حكماء واعين لطلبنا نحن الى السعودية وقطر وغيرهما مكافأة مناسبة مقابل منح دعم عسكري وتعريض مدننا لهجمات صواريخ. كأن نطلب مثلا احترام مصالحنا القومية في القدس وفي يهودا والسامرة. لأن هذه الحرب ستخدم قبل كل شيء انظمة الحكم العربية في الخليج وبعد ذلك مستهلكات الطاقة في العالم، وفي المحل الثالث فقط حماية اسرائيل من تهديد بين الخطابي والواقعي.
لا يزال الامر غير متأخر، ولا تزال اسرائيل تستطيع وإن تكن متأخرة، ان تغير النغمة وان تظهر شيئا من ضبط النفس. ينبغي ألا نكون آخر الامر المغفلين وكبش الفداء الذي يطرحون القضية عليه.
تعليق