[b]بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
أيها الإخوة المسلمون في كل مكان:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:
مرّت على أمتنا في الفترةِ الأخيرةِ عدةُ أحداث أودُّ أن أُعلق على بعضها، وأبدأ بالتطورات الأخيرة التي حدثت في فلسطين وخاصة الجدال الحاصل حول الوحدة الوطنية وما حولها.
فأتساءل: هل غاب عنا مَن هو محمود عباس، ومن هي السلطة الوطنية ؟
هل غاب عنا أنهم مجموعةٌ علمانيةٌ لا تتحاكم للشريعة الإسلامية، وأن مبادئهم التي يزعمونها هي خليط من القومية والعلمانية والنفعية وتقديس الشرعية الدولية ؟
أما واقع حالهم فهو تقديسهم للمصالح الشخصية والتسابق على نهب المال العام وخدمة الصهاينة والأمريكان، وأنهم حتى بمقياس الوطنية والقومية قد خانوا وتنازلوا عن أهم قضية قومية، وأنهم كَذَبَة حتى في ادعائهم أنهم حركة تحرر وطني، فليس هناك حركة تحرر وطني تعترف بشرعية المحتل الغاصب لأرضها!
وليس هناك حركة تحرر وطني تتنازل عن تسعة أعشار وطنها!
وليس هناك حركة تحرر وطني تعيش كبلدية وجهاز أمن لصالح الاحتلال!
وليس هناك حركة تحرر وطني تُسلِم أبناء شعبها لعدوها!
وليس هناك حركة تحرر وطني تعقد مؤتمرها العام تحت سلطة ومراقبة وإشراف الاحتلال!
وليس هناك حركة تحرر وطني تعترف بحق المحتل في مراقبة حركاتها وتنقلاتها وينتظر رئيسها ومَن دونه إذن المحتل في كل خطوة يخطونها!
وليس هناك حركة تحرر وطني تقبل بحصار المحتل لأرضها وتوقع الاتفاقيات على ذلك!
وليست هناك حركة تحرر وطني تقبل بأن يُسمّم من يزعمونه أباهم وقائدهم ورمز وحدتهم ونضالهم ثم يتواطؤون جميعهم على تمرير تلك الجريمة والتكتم عليها وطمرها تحت ركام النسيان!
هل غاب عنا أن محمود عباس هو من ضمن المتنازلين عن تسعة أعشار فلسطين في سلسلة من اتفاقيات الخزي والعار والاستسلام، بداية من اتفاقية أوسلو حتى أنابوليس ولقاء نيويورك الثلاثي الأخير مروراً بواي ريفر وكامب ديفيد واتفاقية مكة.
وهل غاب عنا أن محمود عباس هو من وقّع الاتفاقات الأمنية مع العدو الصهيوني، وهو من يعمل تحت إشراف الجنرال دايتون ؟
وهل غاب عنا أن محمود عباس هو من يقتل ويعذب ويدل اليهود على المجاهدين ؟
وهل غاب عنا أن محمود عباس ونائبه -رمز الطهارة والشرف!- محمد دحلان قد اشتركا في إقرار اتفاقية المعابر ؟
وهل غاب عنا أن محمود عباس بناءً على ورقة مصالحة مصرية يصر على أن يُعاد العمل بنفس الاتفاقية الآثمة التي تخنق أهلنا في غزة حتى بعد أن انتهت مدتها ؟
هل غاب عنا أن هذه الزمرة وأشباههم من أمثال مبارك وابن سعود وابن الحسين هم الصهاينة العرب في أبشع صورهم ؟
هل غاب عنا كل هذا وأكثر منه ؟
فلماذا إذاً قُبِل به رئيساً شرعياً لسلطة أوسلو ؟
ولماذا القبول بحكومة تحت رئاسته ؟
ولماذا القبول بمشاركة رجاله في حكومة اتفاق مكة ؟
ولماذا تم تفويضه في نفس الاتفاق على التفاوض باسم الفلسطينيين ؟
ثم أليس ما أعلنه محمود عباس أخيراً عن رغبته في عدم الترشح لانتخابات الرئاسة تشبه غضبة الشريف حسين ابن علي ضد أسياده البريطانيين بعد أن غدروا به ومنحوا فلسطينَ لليهود والشامَ للفرنسيين.
فلماذا الإصرار على الوحدة الوطنية مع العلمانيين الرافضين للشريعة المتنازلين عن معظم فلسطين والقاتلين والمعذبين للمجاهدين والعاملين من خلال برنامج السي آي إيه والجنرال دايتون؟
ولماذا الإصرار على الوحدة الوطنية مع من سيخنق الجهاد ويطارد المجاهدين في غزة كما خنق الجهاد وطارد المجاهدين في الضفة ؟
ولماذا الإصرار على الوحدة الوطنية مع من لا يقبل إلا بحكومة تحترم وتخضع وترضخ للقرارات الدولية المُسلِّمة لفلسطين ؟
ثم ما هذه الوحدة الوطنية ؟ أصنمٌ هي يُعبد من دون الله ؟
إن الله لم يتعبدنا بالوحدة الوطنية ولكنه سبحانه تعبدنا بالوحدة مع أهل الإيمان والتقوى والجهاد يقول الحق سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
فأمرنا الله سبحانه وتعالى بالاعتصام بحبله الذي هو شرعه وتوحيده وليس بالدستور العلماني وبالشرعية الدولية.
وفي المقابل ينهانا الله سبحانه وتعالى عن موالاة الإخوة والآباء والأبناء والأزواج والعشائر إن كانوا مخالفين ومعادين لدين الله فيقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)، ويقول عز من قائل: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)، ويقول عز من قائل: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ)، ويقول سبحانه وتعالى: (لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
إن تقديس الوحدة الوطنية ثمرة خبيثة من ثمرات سايكس بيكو التي قسّمت الأمة المسلمة لأسلاب متفرقة نهباً لتركة الدولة العثمانية، ثم عشّشت هذه السياسة الغازية المجرمة في عقولنا حتى أصبحت صنماً مقدساً فيجب على المسلم طِبقاً لها في كل قُطر أن يتحد مع أبناء قطره وبلده حتى لو كانوا من أعدى أعداء الإسلام وأخبث خلق الله من الخونة وبائعي المبادئ والقيم، وقد أخبرنا القرآن الكريم أنه ما من نبي أُرسِل إلا وحاربه قومه وخالفوه، يقول الحق تبارك وتعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ). ( وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ). (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ).
وكذلك أخبرنا المولى سبحانه وتعالى أنه أرسل رسله ليدعوا الناس للتوحيد حتى وإن فرقوا أقوامهم بين ضال ومهتدٍ، يقول الحق تبارك وتعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)، ويقول سبحانه: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ). ويقول عز من قائل: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ).
ثم لنتفكر قليلاً: ما هي أهم أهداف المسلمين العملية في فلسطين وسائر الدنيا ؟
أهم هدفين والله أعلم هما:
إقامة الحكومة المسلمة وتحرير ديار المسلمين من الغزاة المعتدين الكافرين، فإذا كانت الوحدة الوطنية لن تؤدي لإقامة شرع الله وإنشاء الحكومة المسلمة بل ستؤدي لإقامة الحكومة العلمانية القومية المتحاكمة للدستور وللقوانين الوضعية التي تعبد شرعية الجماهير من دون الله فلماذا نقبل بتلك الوحدة الوطنية ؟
وإذا كانت الوحدة الوطنية لن تؤدي لتحرير فلسطين من الغزاة الصهاينة بل ستؤدي إلى التنازل عن تسعة أعشارها وتسليمها لليهود فلماذا القبول بتلك الوحدة الوطنية ؟
وكما استمعنا مراراً للحديث عن "الأخ" أبي مازن و"الأخ" محمد دحلان! فكذلك استمعنا ونستمع للحديث عن "الأشقاء!" في مصر والثناء على جهودهم ومجهودهم وسعيهم المشكور إلى آخر هذه الأساليب! وكل مسلم يعلم من هم هؤلاء الأشقاء في مصر، إنهم الصهاينة العرب أشقاء الصهاينة اليهود والأمريكان، إنهم الأشقاء الذين حاصروا غزة وتواطؤوا على قصفها ولا زالوا حتى اليوم يحاصرونها ويدمرون أنفاقها، إنهم الأشقاء الذين يعذبون الفلسطينيين لينتزعوا منهم الاعترافات عن الناشطين والقادة لتقوم إسرائيل باغتيالهم، ونسأل الله سبحانه أن يعيننا على الثأر من كل من شارك في تعذيب المسلمين وأن يعيننا على العمل على تحريرهم والنكاية في من أسرهم ونحن لم ننسهم ولن ننساهم بإذن الله.
لن ننسى بإذن الله عمر عبد الرحمن، ولا رمزي يوسف ورفاقه، ولا خالد شيخ محمد ورفاقه، ولا أسرانا في مصر والمغرب الإٍسلامي وفلسطين والعراق وأفغانستان وفي كل مكان بعون الله وقوته، لا ننساهم وندعو كل مسلم ألا ينساهم، وما يقوم به أولئك الأشقاء الصهاينة العرب من تعذيب لأسارى المسلمين في الحملة الصليبية على الإٍسلام التي يسمونها الحرب على الإرهاب هو أحد أسباب الرضا الأمريكي عنهم وهو جزء من الثمن الذي يدفعه نظام مبارك ليستمر في البقاء في الحكم وليتمكن الطاغية الأكبر من توريث الحكم لابنه الطاغية الأصغر بناء على الرضا الأمريكي والمباركة الصهيونية.
إن هؤلاء الأشقاء الأشقياء يشكلون ركناً ركيناً في المنظومة الصليبية الصهيونية المعادية للإسلام والمسلمين، إن أشقاء الشيطان أولئك شركاء أساسيون في الحملة الصليبية الصهيونية على فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال وسائر ديار الإسلام.
قد يُقبل مثلاً أن يُقال: المسؤولون في مصر أو الجهات الرسمية في مصر وما أشبه، أما هذه الأخوة فما أدري من أين أتت وعلى ماذا انبنت!
ثم ما فائدة هذه الأساليب مع هؤلاء الصهاينة العرب الذين باعوا دينهم وأوطانهم للقوى الطاغوتية الاستكبارية الأمريكية الصهيونية؟
اسمعوها مني يا إخواني :
لو أنشد المادحون في أولئك الصهاينة العرب كل ما نظمته العرب في المدح وكالوا لهم كل ما في اللغة من عبارات الثناء فلن يتراجعوا قيد أنملة عن السعي في إذلالكم وحصاركم وإخضاعكم للمخططات الأمريكية والصهيونية.
ألا نسأل أنفسنا:
لماذا تحرص مصر على إتمام هذا الاتفاق وهي الخانقة المحاصرة لغزة المدمرة للأنفاق والمعذبة لأسرى الفلسطينيين، بينما يدخل لها عشرات الألوف من السياح الإسرائيليين بلا تأشيرة بل محفوفين بالإكرام والاحترام والحفظ والتأمين؟
لماذا هذا الإصرار على أن يكون النظام المصري وحده هو الوسيط في فلسطين؟
ولماذا يحرص ذلك النظام على استبعاد الآخرين من هذا الدور؟
ولماذا المباركة الأمريكية لهذه اللعبة؟
الإجابة واضحة ولا تحتاج لذكاء:
إن الذي يسعى لتركيع الفلسطينيين عبر الحصار هو نفسه الذي يسعى لتوريطهم في التنازلات عبر المفاوضات والاتفاقات.
هؤلاء هم صبيان أوباما وأزلامه عبيد النظام العالمي الجديد ورُسُله وسماسرته وجنوده، وهم ينفذون تعليماته بكل ما يملكون، تعليمات أوباما التي كشفت للمسلمين في فلسطين وفي كل مكان مخططه الحقيقي الداعم لإسرائيل والمغلف بالابتسامات ودعوات الاحترام والتفاهم والتعاون، هل اتضح لنا أن سياسة أوباما ليست إلا حلقة جديدة في حملة الصليبيين الصهاينة لاستعبادنا وإذلالنا واحتلال أرضنا وسرقة ثرواتنا ومحاربة ديننا وشريعتنا.
ماذا قدم لنا أوباما حتى الآن إلا مزيداً من الضغوط والحصار والتضييق؟ ونفس الدور الذي يؤديه محمود عباس في فلسطين يؤديه الجيش والحكومة الباكستانيتان اللذان يبذلان قصارى جهدهما ويضحيان بدماء الآلاف من جنودهما لإنقاذ الجيش الأمريكي وحلفائه في أفغانستان من الهزيمة المتحققة قريباً بإذن الله.
إن معركة الجيش الباكستاني في وزيرستان هي مشاركة أساسية في حرب أمريكا الصليبية على الإسلام والمسلمين في أفغانستان وجنوب آسيا، إن دفاع الجيش الباكستاني الأمريكي البائس عن الإمبراطورية الأمريكية الصليبية هو نفس الدور الذي كان يؤديه سلفه الجيش الهندي البريطاني في خدمة الإمبراطورية البريطانية الصليبية، فقد هلك من الجيش الهندي البريطاني سلف الجيش الباكستاني الأمريكي عشرات آلاف القتلى في الحربين العالميتين دفاعاً عن الجيش البريطاني، والخدمة التي يقدمها الجيش الباكستاني الأمريكي اليوم للأمريكان هي نفس الخدمة التي قدمتها قوات الشريف حسين صاحب الثورة العربية الذي طعن الدولة العثمانية في ظهرها من أجل انتصار بريطانيا الصليبية وهو نفس الدور الذي قام به الجنود والضباط من المغرب الإسلامي خدمة لفرنسا الصليبية.
إن الدور القذِر الذي قام به شاه شجاعة في أفغانستان والشريف حسين في بلاد العرب في خدمة الإمبراطورية البريطانية هو نفس الدور الذي يقوم به مشرف وكياني وزرداري في خدمة الإمبراطورية الأمريكية وهو نفس دور محمود عباس ومبارك وعبد الله آل سعود وعبد الله ابن الحسين وكرزاي وشيخ شريف وأمثالهم، إنها نفس الصورة القديمة الجديدة، صورة أولياء اليهود والنصارى الذين يقتلون المسلمين ويستبيحون حرماتهم خدمة لأسيادهم.
يقول الحق تبارك وتعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
إن المعركة في وزيرستان والمعركة في باكستان والمعركة في أفغانستان ليست معركة قبيلة أو قوم أو منطقة أو قُطر أو بلد، إنها معركة الإسلام ضد الكفر، معركة الإسلام في مواجهة النفاق، معركة المسلمين ضد الصليبيين، إنها ليست معركة وطنية قومية بل هي معركة إسلامية إيمانية، معركة الشريعة ضد العلمانية الوطنية الخانعة للقوى الاستكبارية، بل هي معركة كل المستضعفين في العالم ضد أكابر المجرمين، إنها معركة الحرية والعزة والكرامة والعدالة والاستقلال في مُقابل العُبودية والمذلة والظلم والتبعية، إنها معركة عزة الإسلام في مقابل تسول العملاء.
وعلى المسلمين في كل مكان أن يُدركوا هذا وأن يدركوا أن الأبطال المجاهدين الذين يُنزِلون أشد الخسائر بالجيش الباكستاني في وزيرستان وبالجيش الأمريكي وحلف الناتو في أفغانستان إنما يدافعون عن عِزة الإسلام وكرامة المسلمين.
لقد حدد أمير المؤمنين الملا محمد عمر مجاهد حفظه الله طبيعة المعركة من بدايتها حين قال:
"إن المسألة ليست مسألة تسليم أسامة ولكنها مسألة عِزة الإسلام"
وكل داعم للجهاد في وزيرستان وأفغانستان وفلسطين والعراق والصومال والمغرب الإسلامي إنما يدفع عن عِزة الإسلام وكرامة المسلمين، وكل مُثبط ومخذِّل ومتخلف عن الجهاد اليوم إنما يعين أعداء الإٍسلام عليه ويفت في عضد الإسلام والمسلمين خدمة للصليبيين والصهاينة المحتلين.
وبعد كل ما ذكرته قد يثور السؤال:
حسناً وما العمل وما السبيل وما المخرج ؟
فبداية أرى أنه لا بد من تحديد الهدف من عملنا وسعينا هل نحن نعمل ونسعى ونناضل من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا أم من أجل أن تكون كلمة القوم والشعب والدستور والوحدة الوطنية والدولة القومية والتوافق الدولي والشرعية الدولية والقبول العالمي والانتعاش الاقتصادي والانتفاع الشخصي وغيرها من المتاهات هي العليا ؟
يقول الحق تبارك وتعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، وقال سبحانه: (الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً).
وجاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "الرجل يقاتل حمية، ويقاتل شجاعة، ويقاتل رياء، فأي ذلك في سبيل الله ؟"، قال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".
لذا فعلينا أن نحدد ماذا نريد، هل نريد الدولة المسلمة التي تتحاكم للشريعة وتحرر كل ديار المسلمين في فلسطين وغيرها ؟
أم نريد دولة علمانية قومية تابعة لإسرائيل ومحشورة في عُشر فلسطين ؟
فإذا كان هدفنا في فلسطين هو تحريرها من اليهود لإقامة الدولة المسلمة التي تتحاكم للشريعة فعلينا أن نتخلى عن كل مبدأ وسياسة وسعي يتعارض مع ذلك وعلينا أن نثبُت ونتمسك بأمرين:
الأول: عقيدة التوحيد وحاكمية الشريعة.
وأن نسعى سعياً حثيثاً أكيداً لإقامة الدولة المسلمة التي لا تتحاكم إلا للشريعة ولا تقبل مرجعية سواها.
والأمر الثاني: أن نتمسك باستمرار ومواصلة الجهاد الذي لا يمكن أن تتحرر فلسطين بدونه.
وأن نبذل في تحقيق هاذين الأمرين كل ما نستطيع بأيدينا وألسنتنا وقلوبنا، وأن نصمد على عقيدتنا ومبادئنا حتى ولو لم يتيسر لنا النصر الآن، ولا نتنازل قيد أُنملة حتى نستطيع أو يأتي بعدنا من يستطيع أن يحرر فلسطين كل فلسطين من احتلال اليهود الصهاينة وأن يقيم فيها الدولة المسلمة.
فالمقصود إخواني الكِرام أن نثبُت على عقيدتنا وننبذ كل ما يخالفها من وسائل وسياسات.
وأن نسعى في جهاد اليهود بكل ما نستطيع بل وفي جهاد كل من يعينهم وخاصة من الأمريكان والغربيين، فإنّ إسرائيل ما هي إلا رأس حربة الحملة الصليبية الصهيونية المُعاصرة، وإن ضُيِّق على المجاهدين في فلسطين أو الضفة أو غزة فالفُرص متاحة في أنحاء الأرض (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً).
وعلينا ألا نقبل بأن يفرض العدو علينا الميدان والمكان والزمان ثم يُحاصرنا فيه.
فيا إخواني :
الثبات الثبات على حاكمية الشريعة وعلى الولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين وعلى مواصلة تتبع العدو حيث كان (وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً).
بقيت كلمة أخيرة لأعضاء فتح وحماس :
هل رأيتم إلى أية هاوية رمتكم قيادتكم التي انتخبتموها ؟
هل اتضح لكم الفرق بين سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين ؟
هل بعدما رأيتم من حجة وبعدما أوغلتم من أوبة ؟
لا أدعوكم لأن تنظموا لكذا أو كذا من الجماعات أو التنظيمات ولكني أدعوكم لأن تنحازوا للإسلام والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين. تحرروا من قيد الرواتب والوظائف والعصبيات التي لا تُغني من الله شيئاً.
تبرؤوا من الاستسلام والمستسلمين من عباس ودحلان ومبارك وسائر الصهاينة العرب.
توكلوا على الله وثِقوا به (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. [/b]
أيها الإخوة المسلمون في كل مكان:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:
مرّت على أمتنا في الفترةِ الأخيرةِ عدةُ أحداث أودُّ أن أُعلق على بعضها، وأبدأ بالتطورات الأخيرة التي حدثت في فلسطين وخاصة الجدال الحاصل حول الوحدة الوطنية وما حولها.
فأتساءل: هل غاب عنا مَن هو محمود عباس، ومن هي السلطة الوطنية ؟
هل غاب عنا أنهم مجموعةٌ علمانيةٌ لا تتحاكم للشريعة الإسلامية، وأن مبادئهم التي يزعمونها هي خليط من القومية والعلمانية والنفعية وتقديس الشرعية الدولية ؟
أما واقع حالهم فهو تقديسهم للمصالح الشخصية والتسابق على نهب المال العام وخدمة الصهاينة والأمريكان، وأنهم حتى بمقياس الوطنية والقومية قد خانوا وتنازلوا عن أهم قضية قومية، وأنهم كَذَبَة حتى في ادعائهم أنهم حركة تحرر وطني، فليس هناك حركة تحرر وطني تعترف بشرعية المحتل الغاصب لأرضها!
وليس هناك حركة تحرر وطني تتنازل عن تسعة أعشار وطنها!
وليس هناك حركة تحرر وطني تعيش كبلدية وجهاز أمن لصالح الاحتلال!
وليس هناك حركة تحرر وطني تُسلِم أبناء شعبها لعدوها!
وليس هناك حركة تحرر وطني تعقد مؤتمرها العام تحت سلطة ومراقبة وإشراف الاحتلال!
وليس هناك حركة تحرر وطني تعترف بحق المحتل في مراقبة حركاتها وتنقلاتها وينتظر رئيسها ومَن دونه إذن المحتل في كل خطوة يخطونها!
وليس هناك حركة تحرر وطني تقبل بحصار المحتل لأرضها وتوقع الاتفاقيات على ذلك!
وليست هناك حركة تحرر وطني تقبل بأن يُسمّم من يزعمونه أباهم وقائدهم ورمز وحدتهم ونضالهم ثم يتواطؤون جميعهم على تمرير تلك الجريمة والتكتم عليها وطمرها تحت ركام النسيان!
هل غاب عنا أن محمود عباس هو من ضمن المتنازلين عن تسعة أعشار فلسطين في سلسلة من اتفاقيات الخزي والعار والاستسلام، بداية من اتفاقية أوسلو حتى أنابوليس ولقاء نيويورك الثلاثي الأخير مروراً بواي ريفر وكامب ديفيد واتفاقية مكة.
وهل غاب عنا أن محمود عباس هو من وقّع الاتفاقات الأمنية مع العدو الصهيوني، وهو من يعمل تحت إشراف الجنرال دايتون ؟
وهل غاب عنا أن محمود عباس هو من يقتل ويعذب ويدل اليهود على المجاهدين ؟
وهل غاب عنا أن محمود عباس ونائبه -رمز الطهارة والشرف!- محمد دحلان قد اشتركا في إقرار اتفاقية المعابر ؟
وهل غاب عنا أن محمود عباس بناءً على ورقة مصالحة مصرية يصر على أن يُعاد العمل بنفس الاتفاقية الآثمة التي تخنق أهلنا في غزة حتى بعد أن انتهت مدتها ؟
هل غاب عنا أن هذه الزمرة وأشباههم من أمثال مبارك وابن سعود وابن الحسين هم الصهاينة العرب في أبشع صورهم ؟
هل غاب عنا كل هذا وأكثر منه ؟
فلماذا إذاً قُبِل به رئيساً شرعياً لسلطة أوسلو ؟
ولماذا القبول بحكومة تحت رئاسته ؟
ولماذا القبول بمشاركة رجاله في حكومة اتفاق مكة ؟
ولماذا تم تفويضه في نفس الاتفاق على التفاوض باسم الفلسطينيين ؟
ثم أليس ما أعلنه محمود عباس أخيراً عن رغبته في عدم الترشح لانتخابات الرئاسة تشبه غضبة الشريف حسين ابن علي ضد أسياده البريطانيين بعد أن غدروا به ومنحوا فلسطينَ لليهود والشامَ للفرنسيين.
فلماذا الإصرار على الوحدة الوطنية مع العلمانيين الرافضين للشريعة المتنازلين عن معظم فلسطين والقاتلين والمعذبين للمجاهدين والعاملين من خلال برنامج السي آي إيه والجنرال دايتون؟
ولماذا الإصرار على الوحدة الوطنية مع من سيخنق الجهاد ويطارد المجاهدين في غزة كما خنق الجهاد وطارد المجاهدين في الضفة ؟
ولماذا الإصرار على الوحدة الوطنية مع من لا يقبل إلا بحكومة تحترم وتخضع وترضخ للقرارات الدولية المُسلِّمة لفلسطين ؟
ثم ما هذه الوحدة الوطنية ؟ أصنمٌ هي يُعبد من دون الله ؟
إن الله لم يتعبدنا بالوحدة الوطنية ولكنه سبحانه تعبدنا بالوحدة مع أهل الإيمان والتقوى والجهاد يقول الحق سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
فأمرنا الله سبحانه وتعالى بالاعتصام بحبله الذي هو شرعه وتوحيده وليس بالدستور العلماني وبالشرعية الدولية.
وفي المقابل ينهانا الله سبحانه وتعالى عن موالاة الإخوة والآباء والأبناء والأزواج والعشائر إن كانوا مخالفين ومعادين لدين الله فيقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)، ويقول عز من قائل: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)، ويقول عز من قائل: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ)، ويقول سبحانه وتعالى: (لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
إن تقديس الوحدة الوطنية ثمرة خبيثة من ثمرات سايكس بيكو التي قسّمت الأمة المسلمة لأسلاب متفرقة نهباً لتركة الدولة العثمانية، ثم عشّشت هذه السياسة الغازية المجرمة في عقولنا حتى أصبحت صنماً مقدساً فيجب على المسلم طِبقاً لها في كل قُطر أن يتحد مع أبناء قطره وبلده حتى لو كانوا من أعدى أعداء الإسلام وأخبث خلق الله من الخونة وبائعي المبادئ والقيم، وقد أخبرنا القرآن الكريم أنه ما من نبي أُرسِل إلا وحاربه قومه وخالفوه، يقول الحق تبارك وتعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ). ( وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ). (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ).
وكذلك أخبرنا المولى سبحانه وتعالى أنه أرسل رسله ليدعوا الناس للتوحيد حتى وإن فرقوا أقوامهم بين ضال ومهتدٍ، يقول الحق تبارك وتعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)، ويقول سبحانه: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ). ويقول عز من قائل: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ).
ثم لنتفكر قليلاً: ما هي أهم أهداف المسلمين العملية في فلسطين وسائر الدنيا ؟
أهم هدفين والله أعلم هما:
إقامة الحكومة المسلمة وتحرير ديار المسلمين من الغزاة المعتدين الكافرين، فإذا كانت الوحدة الوطنية لن تؤدي لإقامة شرع الله وإنشاء الحكومة المسلمة بل ستؤدي لإقامة الحكومة العلمانية القومية المتحاكمة للدستور وللقوانين الوضعية التي تعبد شرعية الجماهير من دون الله فلماذا نقبل بتلك الوحدة الوطنية ؟
وإذا كانت الوحدة الوطنية لن تؤدي لتحرير فلسطين من الغزاة الصهاينة بل ستؤدي إلى التنازل عن تسعة أعشارها وتسليمها لليهود فلماذا القبول بتلك الوحدة الوطنية ؟
وكما استمعنا مراراً للحديث عن "الأخ" أبي مازن و"الأخ" محمد دحلان! فكذلك استمعنا ونستمع للحديث عن "الأشقاء!" في مصر والثناء على جهودهم ومجهودهم وسعيهم المشكور إلى آخر هذه الأساليب! وكل مسلم يعلم من هم هؤلاء الأشقاء في مصر، إنهم الصهاينة العرب أشقاء الصهاينة اليهود والأمريكان، إنهم الأشقاء الذين حاصروا غزة وتواطؤوا على قصفها ولا زالوا حتى اليوم يحاصرونها ويدمرون أنفاقها، إنهم الأشقاء الذين يعذبون الفلسطينيين لينتزعوا منهم الاعترافات عن الناشطين والقادة لتقوم إسرائيل باغتيالهم، ونسأل الله سبحانه أن يعيننا على الثأر من كل من شارك في تعذيب المسلمين وأن يعيننا على العمل على تحريرهم والنكاية في من أسرهم ونحن لم ننسهم ولن ننساهم بإذن الله.
لن ننسى بإذن الله عمر عبد الرحمن، ولا رمزي يوسف ورفاقه، ولا خالد شيخ محمد ورفاقه، ولا أسرانا في مصر والمغرب الإٍسلامي وفلسطين والعراق وأفغانستان وفي كل مكان بعون الله وقوته، لا ننساهم وندعو كل مسلم ألا ينساهم، وما يقوم به أولئك الأشقاء الصهاينة العرب من تعذيب لأسارى المسلمين في الحملة الصليبية على الإٍسلام التي يسمونها الحرب على الإرهاب هو أحد أسباب الرضا الأمريكي عنهم وهو جزء من الثمن الذي يدفعه نظام مبارك ليستمر في البقاء في الحكم وليتمكن الطاغية الأكبر من توريث الحكم لابنه الطاغية الأصغر بناء على الرضا الأمريكي والمباركة الصهيونية.
إن هؤلاء الأشقاء الأشقياء يشكلون ركناً ركيناً في المنظومة الصليبية الصهيونية المعادية للإسلام والمسلمين، إن أشقاء الشيطان أولئك شركاء أساسيون في الحملة الصليبية الصهيونية على فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال وسائر ديار الإسلام.
قد يُقبل مثلاً أن يُقال: المسؤولون في مصر أو الجهات الرسمية في مصر وما أشبه، أما هذه الأخوة فما أدري من أين أتت وعلى ماذا انبنت!
ثم ما فائدة هذه الأساليب مع هؤلاء الصهاينة العرب الذين باعوا دينهم وأوطانهم للقوى الطاغوتية الاستكبارية الأمريكية الصهيونية؟
اسمعوها مني يا إخواني :
لو أنشد المادحون في أولئك الصهاينة العرب كل ما نظمته العرب في المدح وكالوا لهم كل ما في اللغة من عبارات الثناء فلن يتراجعوا قيد أنملة عن السعي في إذلالكم وحصاركم وإخضاعكم للمخططات الأمريكية والصهيونية.
ألا نسأل أنفسنا:
لماذا تحرص مصر على إتمام هذا الاتفاق وهي الخانقة المحاصرة لغزة المدمرة للأنفاق والمعذبة لأسرى الفلسطينيين، بينما يدخل لها عشرات الألوف من السياح الإسرائيليين بلا تأشيرة بل محفوفين بالإكرام والاحترام والحفظ والتأمين؟
لماذا هذا الإصرار على أن يكون النظام المصري وحده هو الوسيط في فلسطين؟
ولماذا يحرص ذلك النظام على استبعاد الآخرين من هذا الدور؟
ولماذا المباركة الأمريكية لهذه اللعبة؟
الإجابة واضحة ولا تحتاج لذكاء:
إن الذي يسعى لتركيع الفلسطينيين عبر الحصار هو نفسه الذي يسعى لتوريطهم في التنازلات عبر المفاوضات والاتفاقات.
هؤلاء هم صبيان أوباما وأزلامه عبيد النظام العالمي الجديد ورُسُله وسماسرته وجنوده، وهم ينفذون تعليماته بكل ما يملكون، تعليمات أوباما التي كشفت للمسلمين في فلسطين وفي كل مكان مخططه الحقيقي الداعم لإسرائيل والمغلف بالابتسامات ودعوات الاحترام والتفاهم والتعاون، هل اتضح لنا أن سياسة أوباما ليست إلا حلقة جديدة في حملة الصليبيين الصهاينة لاستعبادنا وإذلالنا واحتلال أرضنا وسرقة ثرواتنا ومحاربة ديننا وشريعتنا.
ماذا قدم لنا أوباما حتى الآن إلا مزيداً من الضغوط والحصار والتضييق؟ ونفس الدور الذي يؤديه محمود عباس في فلسطين يؤديه الجيش والحكومة الباكستانيتان اللذان يبذلان قصارى جهدهما ويضحيان بدماء الآلاف من جنودهما لإنقاذ الجيش الأمريكي وحلفائه في أفغانستان من الهزيمة المتحققة قريباً بإذن الله.
إن معركة الجيش الباكستاني في وزيرستان هي مشاركة أساسية في حرب أمريكا الصليبية على الإسلام والمسلمين في أفغانستان وجنوب آسيا، إن دفاع الجيش الباكستاني الأمريكي البائس عن الإمبراطورية الأمريكية الصليبية هو نفس الدور الذي كان يؤديه سلفه الجيش الهندي البريطاني في خدمة الإمبراطورية البريطانية الصليبية، فقد هلك من الجيش الهندي البريطاني سلف الجيش الباكستاني الأمريكي عشرات آلاف القتلى في الحربين العالميتين دفاعاً عن الجيش البريطاني، والخدمة التي يقدمها الجيش الباكستاني الأمريكي اليوم للأمريكان هي نفس الخدمة التي قدمتها قوات الشريف حسين صاحب الثورة العربية الذي طعن الدولة العثمانية في ظهرها من أجل انتصار بريطانيا الصليبية وهو نفس الدور الذي قام به الجنود والضباط من المغرب الإسلامي خدمة لفرنسا الصليبية.
إن الدور القذِر الذي قام به شاه شجاعة في أفغانستان والشريف حسين في بلاد العرب في خدمة الإمبراطورية البريطانية هو نفس الدور الذي يقوم به مشرف وكياني وزرداري في خدمة الإمبراطورية الأمريكية وهو نفس دور محمود عباس ومبارك وعبد الله آل سعود وعبد الله ابن الحسين وكرزاي وشيخ شريف وأمثالهم، إنها نفس الصورة القديمة الجديدة، صورة أولياء اليهود والنصارى الذين يقتلون المسلمين ويستبيحون حرماتهم خدمة لأسيادهم.
يقول الحق تبارك وتعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
إن المعركة في وزيرستان والمعركة في باكستان والمعركة في أفغانستان ليست معركة قبيلة أو قوم أو منطقة أو قُطر أو بلد، إنها معركة الإسلام ضد الكفر، معركة الإسلام في مواجهة النفاق، معركة المسلمين ضد الصليبيين، إنها ليست معركة وطنية قومية بل هي معركة إسلامية إيمانية، معركة الشريعة ضد العلمانية الوطنية الخانعة للقوى الاستكبارية، بل هي معركة كل المستضعفين في العالم ضد أكابر المجرمين، إنها معركة الحرية والعزة والكرامة والعدالة والاستقلال في مُقابل العُبودية والمذلة والظلم والتبعية، إنها معركة عزة الإسلام في مقابل تسول العملاء.
وعلى المسلمين في كل مكان أن يُدركوا هذا وأن يدركوا أن الأبطال المجاهدين الذين يُنزِلون أشد الخسائر بالجيش الباكستاني في وزيرستان وبالجيش الأمريكي وحلف الناتو في أفغانستان إنما يدافعون عن عِزة الإسلام وكرامة المسلمين.
لقد حدد أمير المؤمنين الملا محمد عمر مجاهد حفظه الله طبيعة المعركة من بدايتها حين قال:
"إن المسألة ليست مسألة تسليم أسامة ولكنها مسألة عِزة الإسلام"
وكل داعم للجهاد في وزيرستان وأفغانستان وفلسطين والعراق والصومال والمغرب الإسلامي إنما يدفع عن عِزة الإسلام وكرامة المسلمين، وكل مُثبط ومخذِّل ومتخلف عن الجهاد اليوم إنما يعين أعداء الإٍسلام عليه ويفت في عضد الإسلام والمسلمين خدمة للصليبيين والصهاينة المحتلين.
وبعد كل ما ذكرته قد يثور السؤال:
حسناً وما العمل وما السبيل وما المخرج ؟
فبداية أرى أنه لا بد من تحديد الهدف من عملنا وسعينا هل نحن نعمل ونسعى ونناضل من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا أم من أجل أن تكون كلمة القوم والشعب والدستور والوحدة الوطنية والدولة القومية والتوافق الدولي والشرعية الدولية والقبول العالمي والانتعاش الاقتصادي والانتفاع الشخصي وغيرها من المتاهات هي العليا ؟
يقول الحق تبارك وتعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، وقال سبحانه: (الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً).
وجاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "الرجل يقاتل حمية، ويقاتل شجاعة، ويقاتل رياء، فأي ذلك في سبيل الله ؟"، قال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".
لذا فعلينا أن نحدد ماذا نريد، هل نريد الدولة المسلمة التي تتحاكم للشريعة وتحرر كل ديار المسلمين في فلسطين وغيرها ؟
أم نريد دولة علمانية قومية تابعة لإسرائيل ومحشورة في عُشر فلسطين ؟
فإذا كان هدفنا في فلسطين هو تحريرها من اليهود لإقامة الدولة المسلمة التي تتحاكم للشريعة فعلينا أن نتخلى عن كل مبدأ وسياسة وسعي يتعارض مع ذلك وعلينا أن نثبُت ونتمسك بأمرين:
الأول: عقيدة التوحيد وحاكمية الشريعة.
وأن نسعى سعياً حثيثاً أكيداً لإقامة الدولة المسلمة التي لا تتحاكم إلا للشريعة ولا تقبل مرجعية سواها.
والأمر الثاني: أن نتمسك باستمرار ومواصلة الجهاد الذي لا يمكن أن تتحرر فلسطين بدونه.
وأن نبذل في تحقيق هاذين الأمرين كل ما نستطيع بأيدينا وألسنتنا وقلوبنا، وأن نصمد على عقيدتنا ومبادئنا حتى ولو لم يتيسر لنا النصر الآن، ولا نتنازل قيد أُنملة حتى نستطيع أو يأتي بعدنا من يستطيع أن يحرر فلسطين كل فلسطين من احتلال اليهود الصهاينة وأن يقيم فيها الدولة المسلمة.
فالمقصود إخواني الكِرام أن نثبُت على عقيدتنا وننبذ كل ما يخالفها من وسائل وسياسات.
وأن نسعى في جهاد اليهود بكل ما نستطيع بل وفي جهاد كل من يعينهم وخاصة من الأمريكان والغربيين، فإنّ إسرائيل ما هي إلا رأس حربة الحملة الصليبية الصهيونية المُعاصرة، وإن ضُيِّق على المجاهدين في فلسطين أو الضفة أو غزة فالفُرص متاحة في أنحاء الأرض (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً).
وعلينا ألا نقبل بأن يفرض العدو علينا الميدان والمكان والزمان ثم يُحاصرنا فيه.
فيا إخواني :
الثبات الثبات على حاكمية الشريعة وعلى الولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين وعلى مواصلة تتبع العدو حيث كان (وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً).
بقيت كلمة أخيرة لأعضاء فتح وحماس :
هل رأيتم إلى أية هاوية رمتكم قيادتكم التي انتخبتموها ؟
هل اتضح لكم الفرق بين سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين ؟
هل بعدما رأيتم من حجة وبعدما أوغلتم من أوبة ؟
لا أدعوكم لأن تنظموا لكذا أو كذا من الجماعات أو التنظيمات ولكني أدعوكم لأن تنحازوا للإسلام والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين. تحرروا من قيد الرواتب والوظائف والعصبيات التي لا تُغني من الله شيئاً.
تبرؤوا من الاستسلام والمستسلمين من عباس ودحلان ومبارك وسائر الصهاينة العرب.
توكلوا على الله وثِقوا به (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. [/b]
تعليق