{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه ومن والاه.
وبعد:
فقد تناهى إلى اسماع الجميع نية اكثر من حركة إسلامية في فلسطين المشاركة في الانتخابات التشريعية المزمع اجراؤها في شهر تموز القادم، وتنادى غيرهم من الفصائل والقبائل إلى لملمة شتاتهم وتجميع صفوفهم لذات الامر، وبدا التحضير لدى الاحزاب والجماعات والطوائف والعشائر، كل يشحذ سيفه ويعد عدته وحمي الوطيس او اقترب، غير متاثمين ولا متحرجين.
وغاب عن هؤلاء واولئك ان المشاركة في اي انتخابات تشريعية ودخول البرلمانات في فلسطين وغيرها، ليس مجرد معصية من المعاصي، بل نجزم بلا شك ولا تردد انه شرك مخرج من الملة بعد قيام الحجة وتوفر الشروط وانتفاء الموانع.
وذلك ببساطة لان مهمة المجالس التشريعية او ما يسمى بالبرلمانات في كل الدنيا هي سن التشريعات والقوانين وفق مبدا الاغلبية، فمهمة النائب الذي ينتخبه الناس ان يشرع من دون الله، وذلك ما يقولونه بانفسهم على موقع المجلس التشريعي على الانترنت، وما شرعوه بانفسهم في القانون الاساسي [1]، وذلك شرك اكبر وكفر مغلظ لا يختلف عليه مسلمان يعرفان الف باء التوحيد والشرك، لان التشريع من خصائص الالوهية.
واليك اخي المسلم البيان باختصار لضيق المقام:
1) قال تعالى: {افحكم الجاهلية يبغون؟ ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون؟} [2].
وفي تفسيرها قال ابن كثير: (ان من خرج عن حكم الله عز وجل وعدل عنه إلى سواه من الاراء والاهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير) [3].
2) وقال الشيخ حامد الفقي معلقا على كلام ابن كثير السابق: (ومثل هذا وشر منه من اتخذ من كلام الفرنجة قوانين يتحاكم اليها في الدماء والفروج والاموال، ويقدمها على ما علم وتبين له من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو بلا شك كافر مرتد اذا اصر عليها ولم يرجع إلى الحكم بما انزل الله ولا ينفعه اي اسم تسمى به ولا اي عمل من ظواهر اعمال الصلاة والصيام والحج ونحوها) اهـ بنصه [4].
وصدق، فان استيراد القوانين الغربية وتحكيمها - كما سنرى - في حياة المسلمين صار صنعة القانونيين والبرلمانيين المشرعين من دون الله.
3) وقال الشيخ الامام المحدث الهمام احمد شاكر عليه الرحمة والرضوان: (ان الامر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس هي كفر بواح لا خفاء فيه ولا مداورة، ولا عذر لاحد ممن ينتسب للاسلام كائنا من كان في العمل بها او الخضوع لها او اقرارها - فضلا عن تشريعها او القسم على احترامها - فليحذر امرؤ لنفسه، وكل امرئء حسيب نفسه، الا فليصدع العلماء بالحق غير هيابين، وليبلغوا ما امروا بتبليغه غير موانين ولا مقصرين) [5].
نقول: وهل مهمة النائب في هذه المجالس الوثنية الشركية الا سن وتشريع هذه القوانين الكفرية؟ وهل دورك ايها الناخب الا توكيله بفعل هذا الامر الكفري؟ وحتى لو صوت ضد هذه القوانين فانه سيقسم اليمين البرلمانية على احترامها.
4) قال تعالى: {ولا يشرك في حكمه احدا} [6]، وفي قراءة اخرى سبعية لابن عامر: {ولا تشرك في حكمه احدا}، بصيغة النهي.
قال ترجمان القران في هذا العصر الامام الشنقيطي رحمه الله: (وحكمه جل وعلا المذكور في قوله: {ولا يشرك في حكمه احدا} شامل لكل ما يقضيه جل وعلا، ويدخل في ذلك التشريع دخولا اوليا...)، إلى ان قال: (ان الذين يتبعون القوانين الوضعية - ناهيك عن تشريعها او القسم على احترامها - التي شرعها الشيطان على السنة اوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على السنة رسله صلى الله عليه وسلم انه لا يشك في كفرهم وشركهم الا من طمس الله بصيرته واعماه عن نور الوحي مثلهم) اهـ بلفظه [7].
5) وكان موقف الشيخ عبد الله عزام رحمه الله من هذه القوانين وتشريعها وتحكيمها واضحا وصارما، قال رحمه الله: (كل من رفض التحاكم إلى شريعة الله او فضل اي تشريع على تشريع الله او اشرك مع شرع الله شرائع اخرى من وضع البشر، وكل من رضي ان يستبدل بشرع الله قانونا آخر فقد خرج من حوزة هذا الدين، والقى ربقة الاسلام من عنقه، ورضي لنفسه ان يخرج من هذه الملة كافرا) [8] أهـ بنصه.
اخي المسلم:
هذه خمسة نقول توضح كلها ان التشريع من دون الله او تحكيم القوانين الوضعية او الرضا بها او قبولها او تجويز العمل بها - ومن ذلك القسم على احترامها وتبجيلها - توضح ان ذلك من الكفر البواح الذي لا شك فيه، فالمسألة ليست خلافية كما يشيع من لا علم عنده ولا فقه، والمسألة يا عبد الله ليست معصية ولا كبيرة، بل المسألة مسالة ايمان وتوحيد او شرك وكفر والعياذ بالله، ولدينا من النقول ما يزيد على المائتين، فلا تغرنك شقشقات القوم ولا شعاراتهم ولا تلبيسات ابليس، قال تعالى: {انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة وماواه النار وما للظالمين من انصار} [9]، فلا تخاطر بعقيدتك وايمانك، ولا تخاطر بخسارة الجنة ودخول جهنم لاجل احد من الخلق، فان فعلت فانك من المغبونين في دينهم ودنياهم، {ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا} [10].
واعلم يا عبد الله؛ ان الانتخاب توكيل، فمن انتخبته فقد وكلته بالتشريع والقسم على احترام القانون الكفري، اي وكلته بالكفر، فان الردء والمعين له حكم المباشر لا محالة، وهذا بدوره كفر لمن قامت عليه الحجة بشروطها وانتفت عنه الموانع.
ودعك من الاستدلالات المتهافتة كالاستدلال بقصة يوسف عليه الصلاة والسلام والنجاشي وغيرها، فما سقناه لك من ادلة ونقول هو قول الفحول من اهل العلم والايمان، وهي نصوص محكمة مفسرة لا يقاومها الاستدلال المحدث باشارات النصوص وايحاءاتها وايماءاتها في قصة يوسف عليه الصلاة والسلام - وسنفرد باذن الله هذا الافتراء على نبي الله يوسف وغيره من الشبه في هذا المقام بنشرات لاحقة باذن الله، ابراء للذمة وصدعا بالحق -
اخي المسلم:
ان لبَس عليك الشيطان وقال لك: النائب المسلم انما يدخل ليعارض هذه القوانين لا ليشرع!
فاعلم؛ ان هذا من تلبيسات ابليس، واعلم؛ ان كل نائب سيقسم على احترام القانون الاساسي حسبما نصت عليه اليمين البرلمانية في المادة رقم "3"، وهذا القانون اشتمل على كثير من تحريم الحلال القطعي وتحليل الحرام القطعي، ومن هذه الطامات الشركية التي سيقسم النائب على احترامها وتبجيلها والخضوع لها حسب القانون الاساسي:
ان الشعب هو مصدر التشريع [11]، وان الشريعة الاسلامية ليست هي المصدر الوحيد للتشريعات [12]، وان نظام الحكم في فلسطين هو ديمقراطي برلماني [13]، وان السيادة للقانون لا للشرع [14]، والغاء الفوارق بين المسلم والكافر، ملحدا كان او كتابيا [15]، والاقرار بالحريات العامة وفق المنظور الغربي حسبما تنص عليه اعلانات حقوق الانسان العالمية [16]، ما يعني حرية الزنا واللواط وشرب الخمر والسفور، والردة عن الاسلام، وحرية الطعن في الاسلام لا محالة، كما ونص على عدم تجريم المخالفات الشرعية لان القانون لا يعتبرها جريمة [17]، وجوز الردة للمسلم صراحة باباحة حرية الاعتقاد [18]، واباح الربا صراحة والاحتكار [19]، واجاز انشاء احزاب علمانية ولا دينية باسم التعددية الحزبية [20]، وجرم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بتجريم الاعتداء على ما يسمى بالحرية الشخصية [21]، واعطى رئيس رئيس السلطة ونواب المجلس التشريعي حقا في التشريع وسن القوانين وهو اساس الشرك في القانون كله [22]، واجاز الاقتراض بالربا [23]، واجاز انشاء محاكم تحكم قوانين وضعية [24]، واستبدل عقوبات وضعية بالحدود والعقوبات الشرعية [25]، وغير ذلك من المخالفات للاحكام القطعية وانما اقتصرنا على رؤوس المسائل.
فهل يعني احترام هذه القوانين - التي يقسم عليها النائب - الا تعظيمها وتبجيلها والتسليم بشرعيتها والرضا والقبول بها؟ وقد علمنا ان هذه القوانين هي كفر بواح وشرك صراح بالكفر، والرضا بالكفر كفر بالاجماع، وبلا نزاع بين اهل العلم.
واياك ان تخدع بالاستدلال بالمصلحة هنا، فالمصلحة هنا ليست مرسلة بل هي مصلحة ملغاة شهد الكتاب والسنة على بطلانها والغائها، فالتشريع شرك ومفسدة محضة، والشرك لا يبيحه شيء على الاطلاق الا الاكراه بنص القران، ولا مجال لإعمال فقه الموازنات الا فيما هو دون الشرك والكفر.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية: (ان الشرك والقول على الله بغير علم والفواحش ما ظهر منها وما بطن، والظلم لا يكون فيها شيء من المصلحة) أهـ بنصه [26].
والشرك اعظم مفسدة في الوجود، ولو اقتتل اهل الحاضرة والبادية حتى تفانوا جميعا لكان اهون عند الله من الشرك، وكذلك فعل ربك ببني اسرائيل لما عبدوا العجل فامرهم ان يقتلوا انفسهم توبة من الشرك [27]، وقال تعالى: {والفتنة اكبر من القتل} [28]، وقال: {والفتنة اشد من القتل} [29]، والفتنة في هاتين الايتين وغيرهما هي الشرك - كما فسرها الامام احمد وغيره - فالشرك اعظم واكبر واشد من سفك الدم والقتل ولا تعادله كل مصالح الوجودالحقيقية فضلا عن المصالح المدعاة المتوهمة، اذ ان دعوى المصالح ينقضها واقع التجارب البرلمانية في الكويت والاردن والجزائر فلم يستطيعوا اي يغيروا شيئا ذا بال، والمجرب لا يجرب كما يقال.
كلمة اخيرة اخي المسلم:
احذر ان تقلد دينك احدا من الناس ولا تكن امعة تقول؛ "انا مع الناس ان احسن الناس احسنت وان اساؤوا اسات"، فتبوء بالخسران والندامة يوم القيامة، فان اهل سقر اجابوا ربهم لما سالهم عن سبب دخولهم جهنم: {وكنا نخوض مع الخائضين} [30]، فلا تتخذ المضلين عضدا ولا سندا، ولا تكن للمجرمين ظهيرا نصيرا، فان هذا الانتخابات ستعطي شرعية لكل الاتفاقات والمعاهدات القادمة، فتكون شريكا في اثم التنازل عن الارض والمقدسات.
واحذر ان تكون من الذين قال الله فيهم: {واذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما الفينا عليه آباءنا} [31].
واحذر ان يصدق عليك الحق تبارك وتعالى: {اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله... سبحان الله عما يشركون} [32]؛ فجعل طاعة الاحبار والرهبان ومثلهم العلماء والامراء في معصية الله شركا بالله، واعلم انك ستموت وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك، ولن تغني عنك جماعتك ولا حزبك ولا قومك ولا عشيرتك.
اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل [33].
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه ومن والاه.
وبعد:
فقد تناهى إلى اسماع الجميع نية اكثر من حركة إسلامية في فلسطين المشاركة في الانتخابات التشريعية المزمع اجراؤها في شهر تموز القادم، وتنادى غيرهم من الفصائل والقبائل إلى لملمة شتاتهم وتجميع صفوفهم لذات الامر، وبدا التحضير لدى الاحزاب والجماعات والطوائف والعشائر، كل يشحذ سيفه ويعد عدته وحمي الوطيس او اقترب، غير متاثمين ولا متحرجين.
وغاب عن هؤلاء واولئك ان المشاركة في اي انتخابات تشريعية ودخول البرلمانات في فلسطين وغيرها، ليس مجرد معصية من المعاصي، بل نجزم بلا شك ولا تردد انه شرك مخرج من الملة بعد قيام الحجة وتوفر الشروط وانتفاء الموانع.
وذلك ببساطة لان مهمة المجالس التشريعية او ما يسمى بالبرلمانات في كل الدنيا هي سن التشريعات والقوانين وفق مبدا الاغلبية، فمهمة النائب الذي ينتخبه الناس ان يشرع من دون الله، وذلك ما يقولونه بانفسهم على موقع المجلس التشريعي على الانترنت، وما شرعوه بانفسهم في القانون الاساسي [1]، وذلك شرك اكبر وكفر مغلظ لا يختلف عليه مسلمان يعرفان الف باء التوحيد والشرك، لان التشريع من خصائص الالوهية.
واليك اخي المسلم البيان باختصار لضيق المقام:
1) قال تعالى: {افحكم الجاهلية يبغون؟ ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون؟} [2].
وفي تفسيرها قال ابن كثير: (ان من خرج عن حكم الله عز وجل وعدل عنه إلى سواه من الاراء والاهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير) [3].
2) وقال الشيخ حامد الفقي معلقا على كلام ابن كثير السابق: (ومثل هذا وشر منه من اتخذ من كلام الفرنجة قوانين يتحاكم اليها في الدماء والفروج والاموال، ويقدمها على ما علم وتبين له من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو بلا شك كافر مرتد اذا اصر عليها ولم يرجع إلى الحكم بما انزل الله ولا ينفعه اي اسم تسمى به ولا اي عمل من ظواهر اعمال الصلاة والصيام والحج ونحوها) اهـ بنصه [4].
وصدق، فان استيراد القوانين الغربية وتحكيمها - كما سنرى - في حياة المسلمين صار صنعة القانونيين والبرلمانيين المشرعين من دون الله.
3) وقال الشيخ الامام المحدث الهمام احمد شاكر عليه الرحمة والرضوان: (ان الامر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس هي كفر بواح لا خفاء فيه ولا مداورة، ولا عذر لاحد ممن ينتسب للاسلام كائنا من كان في العمل بها او الخضوع لها او اقرارها - فضلا عن تشريعها او القسم على احترامها - فليحذر امرؤ لنفسه، وكل امرئء حسيب نفسه، الا فليصدع العلماء بالحق غير هيابين، وليبلغوا ما امروا بتبليغه غير موانين ولا مقصرين) [5].
نقول: وهل مهمة النائب في هذه المجالس الوثنية الشركية الا سن وتشريع هذه القوانين الكفرية؟ وهل دورك ايها الناخب الا توكيله بفعل هذا الامر الكفري؟ وحتى لو صوت ضد هذه القوانين فانه سيقسم اليمين البرلمانية على احترامها.
4) قال تعالى: {ولا يشرك في حكمه احدا} [6]، وفي قراءة اخرى سبعية لابن عامر: {ولا تشرك في حكمه احدا}، بصيغة النهي.
قال ترجمان القران في هذا العصر الامام الشنقيطي رحمه الله: (وحكمه جل وعلا المذكور في قوله: {ولا يشرك في حكمه احدا} شامل لكل ما يقضيه جل وعلا، ويدخل في ذلك التشريع دخولا اوليا...)، إلى ان قال: (ان الذين يتبعون القوانين الوضعية - ناهيك عن تشريعها او القسم على احترامها - التي شرعها الشيطان على السنة اوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على السنة رسله صلى الله عليه وسلم انه لا يشك في كفرهم وشركهم الا من طمس الله بصيرته واعماه عن نور الوحي مثلهم) اهـ بلفظه [7].
5) وكان موقف الشيخ عبد الله عزام رحمه الله من هذه القوانين وتشريعها وتحكيمها واضحا وصارما، قال رحمه الله: (كل من رفض التحاكم إلى شريعة الله او فضل اي تشريع على تشريع الله او اشرك مع شرع الله شرائع اخرى من وضع البشر، وكل من رضي ان يستبدل بشرع الله قانونا آخر فقد خرج من حوزة هذا الدين، والقى ربقة الاسلام من عنقه، ورضي لنفسه ان يخرج من هذه الملة كافرا) [8] أهـ بنصه.
اخي المسلم:
هذه خمسة نقول توضح كلها ان التشريع من دون الله او تحكيم القوانين الوضعية او الرضا بها او قبولها او تجويز العمل بها - ومن ذلك القسم على احترامها وتبجيلها - توضح ان ذلك من الكفر البواح الذي لا شك فيه، فالمسألة ليست خلافية كما يشيع من لا علم عنده ولا فقه، والمسألة يا عبد الله ليست معصية ولا كبيرة، بل المسألة مسالة ايمان وتوحيد او شرك وكفر والعياذ بالله، ولدينا من النقول ما يزيد على المائتين، فلا تغرنك شقشقات القوم ولا شعاراتهم ولا تلبيسات ابليس، قال تعالى: {انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة وماواه النار وما للظالمين من انصار} [9]، فلا تخاطر بعقيدتك وايمانك، ولا تخاطر بخسارة الجنة ودخول جهنم لاجل احد من الخلق، فان فعلت فانك من المغبونين في دينهم ودنياهم، {ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا} [10].
واعلم يا عبد الله؛ ان الانتخاب توكيل، فمن انتخبته فقد وكلته بالتشريع والقسم على احترام القانون الكفري، اي وكلته بالكفر، فان الردء والمعين له حكم المباشر لا محالة، وهذا بدوره كفر لمن قامت عليه الحجة بشروطها وانتفت عنه الموانع.
ودعك من الاستدلالات المتهافتة كالاستدلال بقصة يوسف عليه الصلاة والسلام والنجاشي وغيرها، فما سقناه لك من ادلة ونقول هو قول الفحول من اهل العلم والايمان، وهي نصوص محكمة مفسرة لا يقاومها الاستدلال المحدث باشارات النصوص وايحاءاتها وايماءاتها في قصة يوسف عليه الصلاة والسلام - وسنفرد باذن الله هذا الافتراء على نبي الله يوسف وغيره من الشبه في هذا المقام بنشرات لاحقة باذن الله، ابراء للذمة وصدعا بالحق -
اخي المسلم:
ان لبَس عليك الشيطان وقال لك: النائب المسلم انما يدخل ليعارض هذه القوانين لا ليشرع!
فاعلم؛ ان هذا من تلبيسات ابليس، واعلم؛ ان كل نائب سيقسم على احترام القانون الاساسي حسبما نصت عليه اليمين البرلمانية في المادة رقم "3"، وهذا القانون اشتمل على كثير من تحريم الحلال القطعي وتحليل الحرام القطعي، ومن هذه الطامات الشركية التي سيقسم النائب على احترامها وتبجيلها والخضوع لها حسب القانون الاساسي:
ان الشعب هو مصدر التشريع [11]، وان الشريعة الاسلامية ليست هي المصدر الوحيد للتشريعات [12]، وان نظام الحكم في فلسطين هو ديمقراطي برلماني [13]، وان السيادة للقانون لا للشرع [14]، والغاء الفوارق بين المسلم والكافر، ملحدا كان او كتابيا [15]، والاقرار بالحريات العامة وفق المنظور الغربي حسبما تنص عليه اعلانات حقوق الانسان العالمية [16]، ما يعني حرية الزنا واللواط وشرب الخمر والسفور، والردة عن الاسلام، وحرية الطعن في الاسلام لا محالة، كما ونص على عدم تجريم المخالفات الشرعية لان القانون لا يعتبرها جريمة [17]، وجوز الردة للمسلم صراحة باباحة حرية الاعتقاد [18]، واباح الربا صراحة والاحتكار [19]، واجاز انشاء احزاب علمانية ولا دينية باسم التعددية الحزبية [20]، وجرم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بتجريم الاعتداء على ما يسمى بالحرية الشخصية [21]، واعطى رئيس رئيس السلطة ونواب المجلس التشريعي حقا في التشريع وسن القوانين وهو اساس الشرك في القانون كله [22]، واجاز الاقتراض بالربا [23]، واجاز انشاء محاكم تحكم قوانين وضعية [24]، واستبدل عقوبات وضعية بالحدود والعقوبات الشرعية [25]، وغير ذلك من المخالفات للاحكام القطعية وانما اقتصرنا على رؤوس المسائل.
فهل يعني احترام هذه القوانين - التي يقسم عليها النائب - الا تعظيمها وتبجيلها والتسليم بشرعيتها والرضا والقبول بها؟ وقد علمنا ان هذه القوانين هي كفر بواح وشرك صراح بالكفر، والرضا بالكفر كفر بالاجماع، وبلا نزاع بين اهل العلم.
واياك ان تخدع بالاستدلال بالمصلحة هنا، فالمصلحة هنا ليست مرسلة بل هي مصلحة ملغاة شهد الكتاب والسنة على بطلانها والغائها، فالتشريع شرك ومفسدة محضة، والشرك لا يبيحه شيء على الاطلاق الا الاكراه بنص القران، ولا مجال لإعمال فقه الموازنات الا فيما هو دون الشرك والكفر.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية: (ان الشرك والقول على الله بغير علم والفواحش ما ظهر منها وما بطن، والظلم لا يكون فيها شيء من المصلحة) أهـ بنصه [26].
والشرك اعظم مفسدة في الوجود، ولو اقتتل اهل الحاضرة والبادية حتى تفانوا جميعا لكان اهون عند الله من الشرك، وكذلك فعل ربك ببني اسرائيل لما عبدوا العجل فامرهم ان يقتلوا انفسهم توبة من الشرك [27]، وقال تعالى: {والفتنة اكبر من القتل} [28]، وقال: {والفتنة اشد من القتل} [29]، والفتنة في هاتين الايتين وغيرهما هي الشرك - كما فسرها الامام احمد وغيره - فالشرك اعظم واكبر واشد من سفك الدم والقتل ولا تعادله كل مصالح الوجودالحقيقية فضلا عن المصالح المدعاة المتوهمة، اذ ان دعوى المصالح ينقضها واقع التجارب البرلمانية في الكويت والاردن والجزائر فلم يستطيعوا اي يغيروا شيئا ذا بال، والمجرب لا يجرب كما يقال.
كلمة اخيرة اخي المسلم:
احذر ان تقلد دينك احدا من الناس ولا تكن امعة تقول؛ "انا مع الناس ان احسن الناس احسنت وان اساؤوا اسات"، فتبوء بالخسران والندامة يوم القيامة، فان اهل سقر اجابوا ربهم لما سالهم عن سبب دخولهم جهنم: {وكنا نخوض مع الخائضين} [30]، فلا تتخذ المضلين عضدا ولا سندا، ولا تكن للمجرمين ظهيرا نصيرا، فان هذا الانتخابات ستعطي شرعية لكل الاتفاقات والمعاهدات القادمة، فتكون شريكا في اثم التنازل عن الارض والمقدسات.
واحذر ان تكون من الذين قال الله فيهم: {واذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما الفينا عليه آباءنا} [31].
واحذر ان يصدق عليك الحق تبارك وتعالى: {اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله... سبحان الله عما يشركون} [32]؛ فجعل طاعة الاحبار والرهبان ومثلهم العلماء والامراء في معصية الله شركا بالله، واعلم انك ستموت وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك، ولن تغني عنك جماعتك ولا حزبك ولا قومك ولا عشيرتك.
اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل [33].
تعليق