فتحى الشقاقى .. الذى نسيه المقاومون والاستسلاميون
بقلم: دكتور رفعت سيد أحمد
هذا شهر الشقاقى ، فيه رحل ، ومعه رحلت القيم التى دافع عنها للأسف ، قيم الجهاد والوحدة وفلسطين من البحر إلى النهر ، وسط ربيع الثورات العربية ، الحقيقى منها ، والزائف ، العربى منها والمتأمرك ، تهل علينا بعد أيام ذكرى استشهاد القائد والمعلم الدكتور فتحى الشقاقى مؤسس وأمين عام حركة الجهاد الإسلامى فى فلسطين ، الذى استشهد فى الواحدة ظهر يوم 26/10/1995 فى مالطا بعد عودته بحراً من ليبيا المحاصرة دولياً – وقتها – والتى ذهب إليها لحل مشكلة المبعدين الفلسطينيين على الحدود الليبية / المصرية وكنت شاهداً معه على هذه الرحلة الأخيرة ، والتى أوصانى فيها بالكثير ، ولقد ضمنت وصيته فى الموسوعة التى أصدرناها عنه عام 1997 (1620 صفحة) .
* تحل ذكرى استشهاد الشقاقى ، وأهل المقاومة ، على اختلاف فصائلهم ، و(حناجرهم) مشغولون ، بالنضال عبر برامج التوك شو ؛ وتشكيل الحكومات التى تدعى المقاومة ، ولا تقاوم على الأرض ؛ وبالخلاف الأبدى بين حماس وفتح على كعكة السلطة تحت حراب الاحتلال ؛ تهل علينا الذكرى ، وصفقة الأسرى تثير من الخلاف أكثر مما تثير من الوحدة ، بعد قيام البعض بتجيير الصفقة لإغراء حماس بركوب قطار التسوية ، والتخلى عن خيار المقاومة وهنا تشير أصابع الاتهام إلى جماعة الإخوان المسلمين فى مصر وسوريا وصفقاتهم السرية عبر تركيا مع واشنطن وتل أبيب ، على أية حال تهل الذكرى ، والأمة ممزقة ويستخدم البعض لتمزيقها زيفاً وبهتاناً (الثورة) عنواناً لها ، وهى بريئة منه ، ووفق ما قرأنا فإن البعض من قادة حماس وباقى فصائل المقاومة والجهاد فى فلسطين ، يحلمون بأن تكون تلك (الثورات) لهم ، فصارت فى أغلبها ، عليهم ، خاصة تلك التى لم تر حرجاً فى الوصول إلى حكم بلادها عبر الدبابات الأمريكية ، والطائرات الفرنسية مثلما هو الحال فى (ليبيا) وغداً لا قدر الله فى (سوريا) (!!) .
تأتى ذكرى الشقاقى وفلسطين متوقفة فيها تماماً عجلة (المقاومة) لتحل محلها عجلة (السلام) والدولة الافتراضية الحارسة لأمن إسرائيل ، تأتى ذكرى أبو إبراهيم وبعض رفاق دربه تائهون عن الطريق الذى علمهم إياه ، منشغلون بالتوازن المُر بين حماس وفتح ، وبين إرضاء أهل المقاومة وحماتها المفترضين فى سوريا ولبنان وإيران ، وأهل التفاوض وكامب ديفيد فى قاهرة المعز ، قاهرة ما بعد الثورة التى تُغتال الآن وبهدوء .
* الشقاقى .. الشهيد إذن يطل علينا فى ذكراه السادسة عشر ، وقد نسيه الجميع ، ذوى قربى مقاومين ، أو ذوى عداوة استسلاميين ، حتى لو ادعى البعض غير ذلك ، فهو مجرد كلام ، وخطب لم تعد تجدى ، أو تقنع طفلاً ، ولا أحسب أن فلسطين ، ولا فتحى فى قبره ، يصدقهم ؛ لقد نسوه كفكرة ، وقيمة وإن تذكروه كفيلم على قناة فضائية عابرة ، أو كاحتفال كرنفالى يرتدى فيه الشباب علم فلسطين ويرفعون صوره ، لقد اختفى المعنى الذى ذرعه الشقاقى فى تربة فلسطين ، أو كاد – للأسف - لقد انمحت دلالات جهاده ، ومسيرته ، ولم يتبق منها غير كلمات يرددها البعض ، كل عام فى يوم ذكراه ، دون ترجمة حقيقية على الأرض ؛ والترجمة هنا – مثلاً – لمقولته الخالدة : أن فلسطين هى القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية ، تعنى سلسلة من العمليات الاستشهادية ، والجهادية دون تعقل يدعى ربط العمليات بالمصلحة العليا وطبيعة الظرو ف ؛ وكأن تهويد فلسطين وضياعها سينتظر هذا العقل البارد للحسابات ! إنها العمليات الاستشهادية التى تجبر هذه الأمة على أن تضع فلسطين فى أشفار عيونها ؛ وهو ما لم يتم منذ حرب غزة 2009 وحتى اليوم؟ وهو حين قال : (احملوا الإسلام العظيم ودوروا مع فلسطين حيث تدور)،كان يعنى ألا يسير أبناء فلسطين خلف خيار المصالحات البائسة بين (أهل التفاوض) أبو مازن وفريقه، و(أهل السلطة) حماس وإخواتها!!.
* إن للجهاد – كما فهمه الشقاقى وعلمه – طريقاً آخر ، يبدأ بالدم .. وينتهى حتماً بهزيمة السيف (إسرائيل) ، وهو نقيض ما جرى خلال السنوات التى تلت الانتفاضة الثانية وحتى يومنا هذا (2011) لقد أدخلوا فلسطين كلها فى هدنة طويلة توقف فيها الجهاد تماماً ، هدنة لزيارة (المخابرات المصرية) قبل الثورة وبعدها (وبالمناسبة لم يتغير أى شىء بداخل هذا الجهاز ولايزال شبح وسياسات عمر سليمان تحكمه تماماً !!) بهدف المصالحة المتهافتة بين فريقين أدمنا السلطة وأدمنا الصراع داخل الزنزانة التى سجنهما معاً فيها العدو فى رام الله وغزة ، لو كان (الشقاقى) حياً ، لما قبل بهذه الوسطية فى الحياة ، والجهاد ، ولما قبل بالتأجيل الطويل للمقاومة بدعوى أن الظروف غير مواتية ، ولما جعل جهاده فى الإعلام وبرامج التوك شو ، لو كان حياً لشق طريقاً ثالثاً ، هو الطريق الصحيح ، طريقاً يقول فيه وبوضوح أن فلسطي ن التى تضيع الآن ، لن يعيدها غير البندقية ، وأن ما يلمع من ثورات الربيع العربى ليس كله ذهباً ، والتى انبهر بها كلها دون فرز وتفرقة، بعض أبناء الجهاد فى فلسطين وسيدفعون غداً ثمن إنبهارهم الطفولى ، ببعضها ، وهو ثمن ربما تكون تغريبة (فلسطينية) جديدة وتهجير جديد هو الثمن ، من بلد مثل سوريا ، ومن قوى تدعى الديمقراطية والإسلام على النمط التركى ، الذى هو نمط من الإسلام البرجماتى ، الذى لا يقل خطورة عن البرجماتية الإسرائيلية فى تقسيم المنطقة وإعادة احتلالها .
* لو كان الشقاقى حياً ، فى أجواء تزييف الحقائق ، والصراعات ، وفى أجواء الخطابات الملتهبة ، والمدافع الصامتة على جبهة المقاومة ، لو كان فتحى الشقاقى حياً ، فى أجواء ربيع الثورات العربية ، الذى لا يصح منها عندنا سوى ثورة مصر واليمن وتونس ؛ وما عداها زائف ومضلل ، لو كان الرجل حياً ، وشاهد الانبهار الساذج لشيوخ فتنة كبار ومفكرين استراتيجيين ، وقادة مجاهدين اختلطت لديهم الأمور إلى الحد الذى تصوروا فيه أن (فلسطين) من الممكن أن تعود ، بالهتاف وبالخطب الرنانة فى مجلس الأمن أو فى طهران أو " القاهرة " ؛ لو كان أبو إبراهيم حياً ، وعلم أن القوم قد نسوا جملته المعبرة (إن فلسطين آية من الكتاب) ، وأن القوم ؛ المفاوض منهم والمقاوم ، قد نسوه فى غمرة انشغالهم بتوافه الأمور والأحداث وبالدنيا الزائلة لطلب الشهادة ثانية ، ولقالها على لسان القرآن (وعجلت إليك رب لترضى) !! رحمه الله رحمة واسعة .
بقلم: دكتور رفعت سيد أحمد
هذا شهر الشقاقى ، فيه رحل ، ومعه رحلت القيم التى دافع عنها للأسف ، قيم الجهاد والوحدة وفلسطين من البحر إلى النهر ، وسط ربيع الثورات العربية ، الحقيقى منها ، والزائف ، العربى منها والمتأمرك ، تهل علينا بعد أيام ذكرى استشهاد القائد والمعلم الدكتور فتحى الشقاقى مؤسس وأمين عام حركة الجهاد الإسلامى فى فلسطين ، الذى استشهد فى الواحدة ظهر يوم 26/10/1995 فى مالطا بعد عودته بحراً من ليبيا المحاصرة دولياً – وقتها – والتى ذهب إليها لحل مشكلة المبعدين الفلسطينيين على الحدود الليبية / المصرية وكنت شاهداً معه على هذه الرحلة الأخيرة ، والتى أوصانى فيها بالكثير ، ولقد ضمنت وصيته فى الموسوعة التى أصدرناها عنه عام 1997 (1620 صفحة) .
* تحل ذكرى استشهاد الشقاقى ، وأهل المقاومة ، على اختلاف فصائلهم ، و(حناجرهم) مشغولون ، بالنضال عبر برامج التوك شو ؛ وتشكيل الحكومات التى تدعى المقاومة ، ولا تقاوم على الأرض ؛ وبالخلاف الأبدى بين حماس وفتح على كعكة السلطة تحت حراب الاحتلال ؛ تهل علينا الذكرى ، وصفقة الأسرى تثير من الخلاف أكثر مما تثير من الوحدة ، بعد قيام البعض بتجيير الصفقة لإغراء حماس بركوب قطار التسوية ، والتخلى عن خيار المقاومة وهنا تشير أصابع الاتهام إلى جماعة الإخوان المسلمين فى مصر وسوريا وصفقاتهم السرية عبر تركيا مع واشنطن وتل أبيب ، على أية حال تهل الذكرى ، والأمة ممزقة ويستخدم البعض لتمزيقها زيفاً وبهتاناً (الثورة) عنواناً لها ، وهى بريئة منه ، ووفق ما قرأنا فإن البعض من قادة حماس وباقى فصائل المقاومة والجهاد فى فلسطين ، يحلمون بأن تكون تلك (الثورات) لهم ، فصارت فى أغلبها ، عليهم ، خاصة تلك التى لم تر حرجاً فى الوصول إلى حكم بلادها عبر الدبابات الأمريكية ، والطائرات الفرنسية مثلما هو الحال فى (ليبيا) وغداً لا قدر الله فى (سوريا) (!!) .
تأتى ذكرى الشقاقى وفلسطين متوقفة فيها تماماً عجلة (المقاومة) لتحل محلها عجلة (السلام) والدولة الافتراضية الحارسة لأمن إسرائيل ، تأتى ذكرى أبو إبراهيم وبعض رفاق دربه تائهون عن الطريق الذى علمهم إياه ، منشغلون بالتوازن المُر بين حماس وفتح ، وبين إرضاء أهل المقاومة وحماتها المفترضين فى سوريا ولبنان وإيران ، وأهل التفاوض وكامب ديفيد فى قاهرة المعز ، قاهرة ما بعد الثورة التى تُغتال الآن وبهدوء .
* الشقاقى .. الشهيد إذن يطل علينا فى ذكراه السادسة عشر ، وقد نسيه الجميع ، ذوى قربى مقاومين ، أو ذوى عداوة استسلاميين ، حتى لو ادعى البعض غير ذلك ، فهو مجرد كلام ، وخطب لم تعد تجدى ، أو تقنع طفلاً ، ولا أحسب أن فلسطين ، ولا فتحى فى قبره ، يصدقهم ؛ لقد نسوه كفكرة ، وقيمة وإن تذكروه كفيلم على قناة فضائية عابرة ، أو كاحتفال كرنفالى يرتدى فيه الشباب علم فلسطين ويرفعون صوره ، لقد اختفى المعنى الذى ذرعه الشقاقى فى تربة فلسطين ، أو كاد – للأسف - لقد انمحت دلالات جهاده ، ومسيرته ، ولم يتبق منها غير كلمات يرددها البعض ، كل عام فى يوم ذكراه ، دون ترجمة حقيقية على الأرض ؛ والترجمة هنا – مثلاً – لمقولته الخالدة : أن فلسطين هى القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية ، تعنى سلسلة من العمليات الاستشهادية ، والجهادية دون تعقل يدعى ربط العمليات بالمصلحة العليا وطبيعة الظرو ف ؛ وكأن تهويد فلسطين وضياعها سينتظر هذا العقل البارد للحسابات ! إنها العمليات الاستشهادية التى تجبر هذه الأمة على أن تضع فلسطين فى أشفار عيونها ؛ وهو ما لم يتم منذ حرب غزة 2009 وحتى اليوم؟ وهو حين قال : (احملوا الإسلام العظيم ودوروا مع فلسطين حيث تدور)،كان يعنى ألا يسير أبناء فلسطين خلف خيار المصالحات البائسة بين (أهل التفاوض) أبو مازن وفريقه، و(أهل السلطة) حماس وإخواتها!!.
* إن للجهاد – كما فهمه الشقاقى وعلمه – طريقاً آخر ، يبدأ بالدم .. وينتهى حتماً بهزيمة السيف (إسرائيل) ، وهو نقيض ما جرى خلال السنوات التى تلت الانتفاضة الثانية وحتى يومنا هذا (2011) لقد أدخلوا فلسطين كلها فى هدنة طويلة توقف فيها الجهاد تماماً ، هدنة لزيارة (المخابرات المصرية) قبل الثورة وبعدها (وبالمناسبة لم يتغير أى شىء بداخل هذا الجهاز ولايزال شبح وسياسات عمر سليمان تحكمه تماماً !!) بهدف المصالحة المتهافتة بين فريقين أدمنا السلطة وأدمنا الصراع داخل الزنزانة التى سجنهما معاً فيها العدو فى رام الله وغزة ، لو كان (الشقاقى) حياً ، لما قبل بهذه الوسطية فى الحياة ، والجهاد ، ولما قبل بالتأجيل الطويل للمقاومة بدعوى أن الظروف غير مواتية ، ولما جعل جهاده فى الإعلام وبرامج التوك شو ، لو كان حياً لشق طريقاً ثالثاً ، هو الطريق الصحيح ، طريقاً يقول فيه وبوضوح أن فلسطي ن التى تضيع الآن ، لن يعيدها غير البندقية ، وأن ما يلمع من ثورات الربيع العربى ليس كله ذهباً ، والتى انبهر بها كلها دون فرز وتفرقة، بعض أبناء الجهاد فى فلسطين وسيدفعون غداً ثمن إنبهارهم الطفولى ، ببعضها ، وهو ثمن ربما تكون تغريبة (فلسطينية) جديدة وتهجير جديد هو الثمن ، من بلد مثل سوريا ، ومن قوى تدعى الديمقراطية والإسلام على النمط التركى ، الذى هو نمط من الإسلام البرجماتى ، الذى لا يقل خطورة عن البرجماتية الإسرائيلية فى تقسيم المنطقة وإعادة احتلالها .
* لو كان الشقاقى حياً ، فى أجواء تزييف الحقائق ، والصراعات ، وفى أجواء الخطابات الملتهبة ، والمدافع الصامتة على جبهة المقاومة ، لو كان فتحى الشقاقى حياً ، فى أجواء ربيع الثورات العربية ، الذى لا يصح منها عندنا سوى ثورة مصر واليمن وتونس ؛ وما عداها زائف ومضلل ، لو كان الرجل حياً ، وشاهد الانبهار الساذج لشيوخ فتنة كبار ومفكرين استراتيجيين ، وقادة مجاهدين اختلطت لديهم الأمور إلى الحد الذى تصوروا فيه أن (فلسطين) من الممكن أن تعود ، بالهتاف وبالخطب الرنانة فى مجلس الأمن أو فى طهران أو " القاهرة " ؛ لو كان أبو إبراهيم حياً ، وعلم أن القوم قد نسوا جملته المعبرة (إن فلسطين آية من الكتاب) ، وأن القوم ؛ المفاوض منهم والمقاوم ، قد نسوه فى غمرة انشغالهم بتوافه الأمور والأحداث وبالدنيا الزائلة لطلب الشهادة ثانية ، ولقالها على لسان القرآن (وعجلت إليك رب لترضى) !! رحمه الله رحمة واسعة .
تعليق