إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الغموض لا يفيد بين "فتح" و "حماس"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الغموض لا يفيد بين "فتح" و "حماس"

    على الرغم من عودة الهدوء ألى غزة، يبقى واضحاً أن أفاق الحلول بين "فتح" و "حماس" لا تزال مسدودة. فقد تبيّن مع مرور الأيّام أن الأتفاق الذي توصلت أليه الحركتان قبل ثلاثة أشهر، لم تكن له فائدة تذكر بأستثناء توفير هدنة بين الجانبين أستٌغلّت لتشكيل حكومة وحدة وطنية على أسس أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها قابلة لتفسيرات وتقويلات عدّة. في أستطاعة كلّ من الرئاسة و"فتح" تفسير البيان الذي نالت الحكومة على أساسه الثقة في المجلس التشريعي بما يشير ألى "حماس"، التي لا تزال تحتفظ برئاسة الحكومة، قبلت الأعتراف باسرائيل ضمناً. وهذا يعكس عملياً، من وجهة نظر معينة، تحوّلاً في موقف الحركة الأسلامية وفهماً لموازين القوى في المنطقة والعالم. هذا هو تفسير الرئاسة الفلسطينية و "فتح" للأتفاق، في حين تصرّ "حماس" على موقفها الداعي ألى تحرير فلسطين من البحر ألى النهر.

    لا يمكن البناء على الغموض لدى السعي ألى التوصل ألى أتفاق بين "فتح" و "حماس". كان هناك من يريد البناء على الغموض من أجل كسب الوقت فقط. ولذلك صار الأتفاق في مهب الريح بعد الهزة الحقيقية الأولى التي تعرّض لها. ولكن أبعد من أنهيار الأتفاق، أن ما بات على المحك مستقبل السلطة الوطنية. لقد تبيّن أن "حماس" لا تؤمن بهذه السلطة وتريد أستخدامها مطيّة وأن لديها أجندة مختلفة كلّياً. ترتبط الأجندة "الحماسية" ألى حدّ كبير بالخارج من جهة، بأيران تحديداً ومشروعها الأقليمي، وبرغبتها في تغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني من جهة أخرى كي تتمكن من السيطرة عليه والتحكم به. أنّها تسير في هذا الخط بغض النظر عما أذا كان ذلك يفيد في معركة تحقيق الهدف الأستراتيجي القاضي بأقامة دولة فلسطينية "قابلة للحياة" تعيش جنباً ألى جنب مع أسرائيل. هدف "حماس" السلطة وليس الدولة. وهذا ما يفسّر أنقضاضها على "فتح" أخيراً. ولذلك، باتت السلطة الفلسطينية مهددة أضافة ألى أن أستمرار الحكومة الحالية صار مستحيلاً. لا يمكن أن تلتقي "فتح" و "حماس" على قواسم مشتركة بعد الآن ما دامت الحركة الأسلامية مصممة على المضي في مشروع الأستيلاء على السلطة وتطويع المجتمع الفلسطيني.

    تكمن مشكلة "حماس" والذين يسيّرونها من خارج في أنها لا تدرك أن الوقت لا يعمل لمصلحة القضية الفلسطينية. لو كانت تدرك ذلك، لكانت أستوعبت أن مواجهة الأحتلال الأسرائيلي لا تكون بالتحالف الضمني مع الأحتلال بغية أضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية، خصوصا رئيس السلطة السيّد محمود عبّاس (أبو مازن) الذي لا يزال يحظى بأحترام العالم وأعترافه. ليس صدفة أن يكون هناك تفاهم ضمني بين المتطرفين في الجانبين العربي والأسرائيلي على تقويض السلطة الوطنية ومؤسساتها. والواضح، أن "حماس" تكمل حالياً ما بدأه أرييل شارون والذين خلفوه في مجال ضرب كلّ المؤسسات الفلسطينية. ماذا فعل شارون منذ بداية العام 2001 غير ضرب مؤسسات السلطة من أي نوع كان مع تركيز خاص على الأجهزة الأمنية التابعة لها؟

    يقضي أنفجار الوضع في غزة على أي أمل في أستمرار الحكومة الحالية التي هي الثمرة الوحيدة لأتفاق غزة، أضافة بالطبع ألى هدنة الأشهر الثلاثة التي وفّرها لأهل القطاع. ويقضي أيضاً على الآمال الضئيلة في أمكان تحقيق تسوية بين الفلسطينيين والأسرائيليين. وما يثير القلق الشديد، أن الجانب الأسرائيلي أخذ في ما يبدو علماً بالنتائج الكارثية التي ستترتب على أحداث غزة. وكان أفضل تعبير عن النيات الأسرائيلية المبيتة كلام شمعون بيريس في مؤتمر البتراء للحائزين على جائزة نوبل عن رفضه لأستخدام كلمة "أحتلال" لوصف الوضع في الضفة الغربية. أنّه كلام في غاية الخطورة ذلك الذي صدر في مؤتمر البتراء قبل أيّام عن نائب رئيس الوزراء الأسرائيلي الذي يعتبر نفسه من الحمائم. أذا كان الوضع السائد في الضفة الغربية منذ أربعين عاماً ليس أحتلالاً، فما هو أذا التوصيف المتعارف عليه عالمياً للأحتلال؟ يبدو أن أسرائيل تتوقع، من خلال كلام بيريس، أحداثاً كبيرة في المنطقة وهي تهيء نفسها لمرحلة ما بعد هذه الأحداث حين سيعود الحديث عن أراض "متنازع عليها" بدل "أراض محتلة" لدى التطرق ألى مستقل الضفة الغربية.

    مرة أخرى، يخسر الفلسطينيون المعركة سياسياً. هذه المرة يضحون بما يزيد على أربعة عقود من النضال السياسي من أجل أن يكونوا مجدداً وقوداً لمعارك القوى الأقليمية ونزاعاتها. هذه جريمة ترتكب في حق الشعب الفلسطيني الذي يواجه محاولة أسرائيلية جديدة لتكريس الأحتلال. ولذلك، يفترض في حركة مثل "حماس" الأنتباه والتنبه للمشروع الأستعماري الأسرائيلي الذي لا يقاوم ألاّ ببرنامج سياسي واضح يخاطب العالم بلغة العصر من جهة وبتصرّفات تظهر أن الشعب الفلسطيني يستأهل دولة مستقلة قابلة للحياة وليس من هواة فوضى السلاح من جهة أخرى. من دون الأقدام على هاتين الخطوتين المبنيتين على الوضوح أوّلا، يخشى أن يكون ما قالته شخصية فلسطينية كبيرة صحيحاً. لدى سؤال هذه الشخصية، على هامش مؤتمر البتراء، عن الأسباب التي تحول دون أمتداد الحرب الأهلية من غزّة ألى الضفّة الغربية، كان جوابها أن "حماس" تمتنع عن عرض عضلاتها في الضفة بسبب وجود الأحتلال. الخوف كل الخوف أن يكون هناك أساس لهذا الكلام واقعياً بعدما شهدنا ما يفعله الفلسطينيون بأنفسهم وما يرتكبون في حق قضيتهم...

    تركت فيكم حروفاَ، أعيدوا بها رسم الحكاية، ولا تذكروني
يعمل...
X