من جولة إلى جولة نحن نقترب من الدخول الى قطاع غزة مرة أخرى
المصدر: "يديعوت أحرونوت ـ رون بن يشاي"
" من بادر بجولة التصعيد الراهنة هي منظمة الجهاد الإسلامي الفلسطينية. فقد بدأ الأمر في الأسبوع الماضي وقد يستمر بضعة أيام. وحتى أمس السبت، لم يعلن الذراع العسكري لحماس عن مسئوليته لإطلاق الصواريخ صوب إسرائيل، ولكنه قد يُسحب نحو التصعيد مثلما حدث في الجولة السابقة قبل شهرين. جولة القتال الحالية التي بادرت بها منظمة الجهاد الإسلامي هي أسلوب الجماعة لتوجيه رسالة من شأنها أن تُدوي في آذان قيادة حماس في غزة، وفي آذان نظام آية الله، راعيها الإيراني، وفي آذان المجلس العسكري الأعلى في مصر، وكما هو معروف في الشارع الفلسطيني أيضا.
إسرائيل ومواطنوها هم فقط مجرد "هدف صوري"، تريد منظمة الجهاد عبره أن تؤكد لجميع تلك المصادر أنها أصبحت مؤخرا لاعب مركزي في الساحة الغزاوية، لاعب جمع مؤخرا قوة عسكرية تساوي وربما تزيد بمعايير محددة عن قوة حماس بمساعدة فعالة من فيلق القدس. ولدى الجهاد الإسلامي صواريخ أطول مدى من تلك التي تملكها حماس، آلاف النشطاء، وآلاف المؤيدين والمتعاونين. المنظمة تسعى لإستغلال هذه القوة لكي تتحدى حماس وتجبرها على مواصلة الصراع المسلح ضد إسرائيل. ولدى الجهاد أيضا نوايا واضحة لتوسيع ساحة المواجهة مع إسرائيل إلى عمق أربعين كيلومترا، وربما أكثر داخل أراضيها.
إتجاه آخر يتعلق بزيادة العمليات من سيناء. ففي نهاية أغسطس، تم إحباط محاولة من قبل الجهاد الإسلامي لتنفيذ إعتداء إختطاف كبير من سيناء. ومن المحتمل أن النوايا كانت عرقلة إبرام صفقة شاليط. ويحتمل أيضا أن هذا الفشل كان من بين العوامل التي حفزت الجهاد الإسلامي للتظاهر بالقوة وتوريط حماس التي تحتفل بصفقة شاليط، من خلال إطلاق صواريخ إلى عمق إسرائيل في الأسبوع الماضي.
الذريعة الرسمية التي قدمتها جماعة الجهاد لإطلاق صاروخي الجراد – طويل المدى – في الأسبوع الماضي، كانت إحياء ذكرى مرور 16 عاما على إغتيال زعيم ومؤسس المنظمة فتحي الشقاقي (طبقا لتسريبات أجنبية، تم إغتيال الشقاقي بالرصاص في جزيرة مالطا بواسطة عميلين للموساد الإسرائيلي، كانا يستقلان دراجة بخارية). ولكن من الواضح تماما أن هذا الأمر كان إستفزازا هدفه النهائي هو تحقيق أهداف حالية.
وتقدر منظمة الجهاد الإسلامي وإيران أن حماس تعتزم حاليا الإرتياح على أمجاد الماضي، وتطبيق مزايا الإرث السياسي الذي حصلت عليه جراء صفقة شاليط. ومن أجل هذا، تخشى المنظمة أن تحافظ حماس على التهدئة التي تتيح لها تأسيس سلطتها، وبناء قوتها العسكرية، والتصالح مع أبو مازن وتعميق علاقاتها مع النظام الجديد في مصر. وتعتزم قيادة الجهاد عبر إطلاق الصواريخ صوب إسرائيل أن تمنع هذا التطور وأن تحدد جدول الأعمال المستقبلي في القطاع.
ولكن ليس هذا فقط.. فبناء على تقديرات مصادر مطلعة في إسرائيل، أرادت جماعة الجهاد عبر إطلاق الصواريخ، أن تختبر أيضا مدى كفاءة عناصرها والصواريخ الجديدة التي حصلت عليها من إيران، وخاصة – إختبار عمل منظومة الإنذار والدفاع الصاروخي في العمق الإسرائيلي، ورد فعل الشعب الإسرائيلي أمام الإطلاق صوب عمق إسرائيل بشكل مفاجئ، وخاصة طريقة رد الحكومة الإسرائيلية على إطلاق صواريخ طويلة المدى صوب ضواحي تجمعات سكنية كبيرة في جوش دان.
رد الجيش الإسرائيلي على إطلاق صواريخ متقطع من غزة على النقب الغربي كان قاصرا نسبيا في الأشهر الأخيرة. كما أن بطاريات (القبة الحديدية) نُقلت من المنطقة من أجل التدريبات وإعادة التنظيم. ومن المحتمل أن هذه الحقائق شجعت الجهاد الإسلامي الفلسطيني لإطلاق صواريخ طويلة المدى بشكل مفاجئ لإلحاق ضرر وفي الوقت نفسه لا يكلفها ثمنا باهظا من عناصرها.
الرد الفوري الإسرائيلي على الجراد في الأسبوع الماضي أكد للوهلة الأولى جميع الإفتراضات الأساسية للجهاد الإسلامي الفلسطيني. فالرد الفوري الإسرائيلي على الإطلاق لم يخرج عن النسبة والتناسب. القبة الحديدية لم تُستخدم، وسلاح الجو شن هجوما يوم الخميس على بضعة أهداف تخص البنية التحتية غير المهمة بشكل خاص لحماس. وإستنتجت الجهاد أنها قادرة على مواصلة التظاهر بالقوة وواصلت تحديها. ولكن متخذو القرار في القدس، في هيئة الأركان العامة، في الشاباك، وفي قيادة الجبهة الجنوبية فكروا في شئ آخر.
ففي إسرائيل تبلور إعتراف بأن ضبط النفس والتماسك في الظروف الراهنة ليس خيارا معقولا بالنسبة لإسرائيل. وفي هذه الأيام، والتي يعج فيها القطاع بالصواريخ الحديثة والمعدات القتالية الأخرى، وفي الوقت الذي تتحدى فيه المنظمات المارقة، وعلى رأسها الجهاد، تتحدى حماس وإنجازاتها في صفقة شاليط، وتسعى لتحديد جدول أعمال حربي – فإن الرد الإسرائيلي القوي والقاطع فقط يمكنه أن يرمم من جديد حالة الردع ويجبر حماس على فرض سيادتها على المنظمات المارقة بمساعدة النظام المصري الحالي. لذا، فقد قرروا صد التهديدات ولو كان الثمن هو إندلاع حرب كبرى في غزة.
الإستراتيجية التي تم إقرارها قبل أشهر، تقوم على مبدأين: الأول – إحباط مسبق لأي إعتداء أو إطلاق صواريخ حين يأتي إنذار نوعي مناسب وحين تكون هناك قدرة إستخباراتية وتنفيذية للقيام بهذا الإحباط. المبدأ الثاني – الرد بفاعلية على الإطلاق أو أي مبادرة لتنفيذ إعتداء من القطاع بهدف خلق حالة ردع حقيقي وعدم الإكتفاء بالرد طبقا للبروتوكول. ولو إقتضت الحاجة، من الممكن الإنتظار بضعة أيام إلى أن تتيح الظروف توجيه ضربة قوية للإرهابيين".
تعليق