ليسوا ثواراً .. وليسوا مسلمين ..!!
تذكرت قولة البنا الشهيرة يوم اغتيل النقراشي...!! وشعرت بالخجل ،والتبرؤ من تاريخ كامل لأمة غائبة..!! يطفح بنقمة المغلوب ،وانتقام الغالب بالسحل ،والسمل والثمثيل ، ونبش القبور، والحرق ،والصلب ،والخوزقة ،والشنق و... و....
هكذا تقيات ما في ذاكرتي ..،و لن ابيع مشاعري لحساب صيحات القطيع..!!
نعم شعرت بالخجل ....
و أنا أشاهد الجزيرة تنتصر ...!! ،وتعرض بكل فخر أخر فيديو للقذافي الأسير وهو يساق الى حتفه بأيدي (المصراتيين )ملطخا بدمه ،ويسحب كبعير الى عربة من عربات الفاتحين..!!
لا يظنن أحد إني منفعل من اجل القذافي ..فلا شبهة قرابة بيننا ولا نسب .. !! ولا يظنن احد آني من المتيمين بثورة الفاتح ،والكتاب الاخضر..فانا لا أحب من الأخضر الا البقدونس ..!! ،وإنما أنا منفعل على كرامة الإنسان كانسان ..مهما فعل ،ومهما كان!!
لن اختلف مع أاحد أن القذافي قد ارتكب الخطايا بحق الشعب الليبي على مدي 42 عاما ، وقتل ما قتل من أبنائه ،وكانت له مشاكل وتحديات عصية في كل مكان
ساهمت في الاستعداء عليه ..!!والطمع فيما بين يديه..!!
ونحن الفلسطينيين لم نسلم من عنتريات وممارسات زعيم كرنفالي كان يعاني من جنون العظمة..!! ويا ما رحل العائلات الفلسطينية في ليل ما هو نهار..!!
ولكن...
مالا يجوز ان يحدث ولا يليق بمن قدموا أنفسهم للعالم ثوارا مسلمين مسالمين ..!! ان يقوموا بقتل من اسراهم ....، وهم وان فعلوا ذلك فقد وطئوا قصدا ببساطيرالناتو المستوردة شرائع ،وقوانين دولية تصون حرمة الانسان..!! تماما كما فعل أجدادهم في أيام الجاهلية ،وكما فعل نابشوا قبورخلفاء السلف من خلفاء الخلف ..!! وكما فعل ساحلوا عبد الكريم قاسم وشانقوا صدام..وناهشوا جثة المدهون..!!
يذكر التاريخ الاسلامي ان قتل (مالك بن نويرة )في الاسر ظل نقطة ضعف في سيرة خالد بن الوليد سيف الله المسلول ..!!
وكلنا يعرف ان نبينا الاعظم صلى الله عليه وسلم أكد على حرمة الانسان بقولة :اذا قتلتم فاحسنوا القتلة..!!
لم يكن مفاجئا ان بسقط القذافي في زنقة بعد ان ضاقت به السبل في مسقط راسه .. ،وكان من الطبيعي ان يقتل في معركة او يستسلم ..،لكن لم يكن مشرفا لأي مسلم ان يقضي بين اسريه ضربا بالرصاص أو بالنعال..!! سيان ..،رغم التبريرات المرتبكة التي قدمها إعلام المجلس الانتقالي في بنغازي..!!
القذافي يحسب له التاريخ غير الموتور انه صمد ببقايا كتائبه في سرت شهرين امام الناتو وثواره..، وهذا ما زاد النقمة عليه .. !! وطالما ان الرجل القي القبض عليه حيا في سرداب أو وراء الباب كان يجب ان يقدم لمحاكمة وطنية ،أو دوليةعادلة ..!! ليعرف العالم ماذا فعل .. !!
لم يختلف المشهد كثيرا بين شنق صدام في العيد ،وقتل القذافي قبيل نفس العيد ...فالفرنجة يتئكون على الحدث وليفرح الثوار ما شاءوا ..!!
المجد للناتو الذي قصف ..!! والنصر للفاتحين..!! وما ان قالت السيدة كلينتون (اقتلوا القذافي ) ..!!حتى قتل قبل ان تغيب شمس يوم الانتصار..!!
لقد بات من الواضح رغم مساحيق التجميل التي تضفيها قناة الجزيرة على المشهد أن لا سيطرة ميدانية لمشايخ بنغازي على اللحى المصراتية التي تكبر برايات الاستقلال السنوسية للانتقام من سرت وبني وليد..!!
استطيع القول باختصار رغم قتامة الصورة وبعبارة رياضية بسيطة.... بالأمس فاز القذاذفة بالثورة..!! ،واليوم يفوز الورفله..، وغدا الله اعلم..!!
لقد أعطى التاريخ ،ويعطى درسا للحكام الطغاة ،وبني البشر ( أن القاتل يقتل ولو بعد حين ) .. هكذا أكدت الأيام التي حملت نعوش من قتلهم القذافي..!! وهكذا أيضا تؤكد الشريعة الإسلامية التي يتشدق بها قتلة القذافي ..!!
انا اقدر حجم المعاناة والقهر الذي دشنه القذافي في قلوب الامهات الثكالي والاباء المكلومين ولكن هذا لا يعطي السلاح الحق في قتل قاتل اعزل ودون محاكمة. .!!
كان الأولى بمن يكبرون أمام الفضائيات ان يتعالوا على نقمتهم وانتقامهم ،ولا يجعلوننا نشاهد فيلما دمويا حيا ممنوع لاقل من 18 سنة..!!
ابو بكر يونس يقتل ضربا بالنعال ويرش وجهه بلون ازرق ،وتعرض الجزيرة هذا الانجاز الإنساني غير المسبوق ثم تتراجع بخزي وتغطي وجهه ..!!
لن يغفر التاريخ لقاتل..!! مهما برر، وكرر .. ،وكما لم يستطع القذافي ان يمحو تاريخ السنوسي..!! لن يستطيع ثوار17 فبراير محو تاريخ القذافي..!!
فقد حاول خرتشوف من قبل ان يمحو تاريخ ستالين وفشل..!!
أتذكر كيف قتل تشاوشسكو وزوجته على أيدي ثوار الهامبورجر..!! وأتذكر كيف قتل احد امراء الخليج قهرا بعد أن أغلق عليه الحمام..!!
ان ما يدعو للرثاء هو شماتة الشامتين من عرب وعجم ميامين..!! وما يدعو للاحتقار هو أناشيد العهد الجديد عن (حقوق الإنسان )التي تعزفها جوقة اليورو..!!
صحيفة الشرق الاوسط السعودية والحريصة على التقاليد الاسلامية العريقة تأسف على ان القذافي لم يلفظ الشهادتين قبل موته!!
ان مقتل القذافي اضاع الصندوق الاسود بداخله والذي يحوي اسرارا قد تفضح قاتليه..!!
ما حدث اليوم من رقص على جثة القتيل ..!! لن يعجل بالتصالح بين أبناء الشعب الليبي ،بل انه قد يضع الحاضر الليبي على فوهة بركان قبلي ، قابل للثورة في أي لحظة ،ولا ضمانة للاستقرار الليبي الا باحترام حقوق المواطنة والعدل.
ان هذه السقطة الشنيعة من ثوار عبد الجليل..!!تزيد الشكوك في أمام مصداقية حكام ليبيا الجدد ، وأنهم وان طالت لحاهم لن يختلفوا كثيرا عن حكم الفاتح..!! ولعل الخلافات بين الثوار ،والثوار في الليل ،أو في النهار تؤكد ما ينتظر ليبيا..!!
مع التحية لكاتب الموضوع الدكتور توفيق الحاج .!!
تعليق