الشهيد القائد "محمد سعيد الجمل"
كل الفقراء كانوا على موعد.. كل الحيارى كانوا بانتظارك.. تقدمت في أصعب الأوقات وحملت ثورة الإسلام أعلنت ألا ثورة بدونه.. فهو الأقدر على الجواب. أجبت على كل مراحل الحياة وتساؤلاتها الوقتية.. بدأت الرحلة بتحطيم أسطورة الوهم والحصار وارتحلت مع خمسة أقمار تطوف معهم بين أزقة الوطن وحواريه المضيئة بالوجع اليومي.
غيرت مجرى التاريخ كله وأقحمت روح التمرد إلى نفوس الملايين.. فلا نكران لفعل الجميل.. أججت مظاهر الثورة بعد سكون عميق.. وبعد زيف الطلقة وتقاليد الفكر البالي.. فكان دمك أجمل عنوان وأقدس خيار فلا لغة إلا لغة النار ولا خيار إلا خيار الأحرار.
الميلاد والنشأة
ولد الشهيد البطل محمد سعيد الجمل في بلدة «العريش» جنوبي مخيم رفح في أسرة متدينة ومحافظة على تعاليم الإسلام وروعته عاش مع والدته رحلة العذاب المضنية، فلقد انتقل والده من العريش إلى مخيم رفح بعد حرب حزيران 1967.
لقد شاهد بأم عينيه جنود الاحتلال سنة 1967 وهم يطلقون النار على والده والذي أصابوه بست عشر رصاصة اخترقت جسده، وكان محمد لم يتجاوز الأربع سنوات ولكنها الصورة التي طُبعت في ذاكرته حتى كانت حافزاً قوياً في إشعال النار التمرد في نفس محمد.. وشاهدهم مرة أخرى وهم ينهالون ضرباً على والده.. و هكذا نشأ شهيدنا في جو ممزوج بالإسلام.. وظلم بنى يهود الذي أجج احتراق شهيدنا.. وبعد ذلك استقر شهيدنا مع أسرته في مخيم رفح وبقى والده في العريش يتقاسم لوعة الأيام مع غربة وفراق أبنائه الثمانية.
صفاته
تميز شهيدنا بالهدوء الشديد وبالابتسامة التي لم تغب لحظة عن شفتيه..
لقد حافظ على الصلاة منذ الصغر وتمسك بكتاب الله فصدق إخلاصه.. حتى أصبح فيما بعد أحد الخطباء النشيطين في مخيم رفح.. أحبه كل من عرفه خلال حياته وحتى في السجون الإسرائيلية عرف بصوته العذب في قراءته للقرآن حتى أن إخوته المجاهدين كانوا يطلبون منه دوماً أن يؤم في المصلين..
ساهم في تخريج العشرات من أبناء هذا الخيار ولم يتوان لحظة في تدريسهم لقواعد الإسلام ومنهجه القيم..
يصفه أحد إخوانه.. عندما استشهد محمد ظننا أن شيئاً ثميناً قد ذهب من ندرة أمثاله في الأخلاق والأدب.
الاعتقال الأول - مشواره الجهادي
أعتقل شهيدنا البطل محمد الجمل سنة 1981 بتهمة العضوية في جبهة النضال الشعبي وسجن لمدة عامين عاش خلالها في إحدى السجون العبرية.. تعرف على العديد من الشخصيات الإسلامية التي كان لها الفضل الكبير من بعد الله في تحول هذا الفارس الجديد.. حتى التحق بالجماعة الإسلامية.
انكب شهيدنا على دراسة مبادئ الإسلام الحركية.. وتشرب فكر الجهاد والذي بدأ وكأنه شيئاً غريباً وقتها..
حتى أنه وبعد خروجه من السجن بدأت تتكون أولى المجموعات الجهادية التي كان هو أحد مسؤوليها.. عُرف بصحبته المتميزة مع الدكتور فتحي الشقاقي من خلال مرافقته للندوات الفكرية.. وقد لوحظ تأثير الدكتور الواضح على عقلية هذا الفارس الجميل..
مشواره الجهادي
عملت مجموعته في وسط القطاع حيث كان من ضمن رفاقه الفارس البطل خالد الجعيدي الذي قتل أربعة إسرائيليين في غزة، وفجر هو إخوانه من أبناء الجهاد الإسلامي معركة «السكاكين» قبيل الانتفاضة بشهور.. وكذلك خطط لقتل العديد من المتعاونين مع الاحتلال وزرع العبوات الناسفة.. وما لبث أن أعتقل الشهيد خالد مع بقية أخوته أمثاله الشهيد عمر الغولة وآخرين..
وكان شهيدنا قد تعرض لأبشع الأساليب للنيل منه ولكنه لم يدل بأي كلمة قد تتسبب في وقف الجهاد.. ولكن وبعد وقت قصير من التحقيق مع أفراد المجموعة تبين أن الشهيد الخالد (محمد الجمل) هو المخطط الرئيسي لعمليات خالد الجعيدي وكذلك هو صاحب وضع العبوات الناسفة على جانبي الطريق.
وبعد ذلك؛ انتقل شهيدنا إلى عُرف الأحكام العالية التي ميزت محمد الخالد من جديد.
كان البطل الخالد قمة العطاء اللامحدود، لقد عمل على تدريس أخوته المجاهدين، وزرع بوادر وخطوط الجهاد الإسلامي فكانت الجلسات يومياً من ثلاثة إلى أربعة دروس يتكفل في إعطاء قدر منها.
ولقد لمع اسم الشهيد الخالد في السجن بعد أن فرض احترامه على الجميع حيث كان من السباقين لفعل الخير من موقع المسؤولية، وكان الشهيد يعمل على حل مشاكل إخوانه ويواسيهم ويدخل الفرحة إلى نفوسهم..
الهروب الكبير
إنه القائد الوردي الذي تعرف على رفاقه الأطهار مصباح الصوري وسامي الشيخ خليل الذين رسموا معه ملامح هذا الفكر الرباني..
خطط هؤلاء الأطهار للهروب من السجن وبالفعل أدخلوا الأدوات الحادة وتم تهريبها بطرقهم الخاصة وبدأوا يعملون بسرعة كاملة إلى أن فوجئ من في الغرفة نفسها والتي عاش فيها الشهيد ورفاقه بتوديع إخوانهم الأحرار وذلك قبل الهروب بلحظات..
وفي 17 من شهر رمضان سنة 1987 وبعد قيام الليل قرر المجاهدون الهروب وبرعاية الله وفضله كانت السماء مليئة «بالضباب» والحراس غافلين وخرج المجاهدون الستة من السجن وبذلك استطاعوا أن يحطموا أسطورة الوهم التي يتباهى بها الطغاة.. لقد فر ستة مجاهدين في وقت واحد..
وبعدها بدأت مرحلة جديدة من الجهاد والمطاردة وبالرغم من وجود أوامر حركية للخروج قرر الشهداء مصباح الصوري ومحمد الجمل وسامي الشيخ خليل البقاء مرابطين على أرض الوطن ليجاهدوا في سبيل الله ولتعلوا راية الحق..
لقد بدأوا بالاتصال مع المعلم الفارس الدكتور فتحي الشقاقي وهو في (نفحة) وعمل على دعمهم بالسلاح والعتاد اللازم لتتم بعد ذلك أروع العمليات الجهادية التي كانت وباعتراف المعلق السياسي الإسرائيلي (زئيف شيف) لها الفضل الكبير في تأجيج الانتفاضة / الثورة لدى الفلسطينيين.
فقد قتلوا ضابطاً كبيراً في الجيش الصهيوني يدعى (رون طال) وكذلك قتل أحد الصهاينة على يد الشهيد البطل محمد الجمل بالقرب من ناحال عوز ولم يكتفوا بذلك بل خططوا للهجوم على موقع إسرائيلي وخلال ساعات ثم نقل الموقع قبل بدء المعركة!!!
لقد اشتد الحصار على المجاهدين وتم مراقبة تحركاتهم بعد أن رُسمت مرحلة جديدة من مراحل الشعب الفلسطيني المليئة بالأحزان ليأتي الأقمار الخمسة ليغيروا هذا الشعور بالعزة بدل الذل وبالكرامة بدل الرضوخ للباطل.
الاستشهاد
وفي السادس عشر من تشرين كان موعد الأقمار مع الله.. كان هذا اليوم هو المحطة الأخيرة في حياة الشهداء..
لقد كمن رجال المخابرات للمحاربين وقبل وصولهم لموقع الكمين تنبه الشهيد سامي الشيخ خليل والشهيد المجاهد محمد الجمل لهم وبادروا بإطلاق النار حتى سقط ضابط المخابرات (فكتور أرغوان) قتيلاً واستمرت المعركة مدة نصف ساعة جابت خلالها الطائرات والجيوش المدرعة بالسلاح.
نعم سقط أربعة أقمار محمد وزهدي وسامي وأحمد أولهم محمد الجمل الذي أصر وحتى آخر أنفاسه أن يدافع عن حل الأمة.. فسقط شهيدنا مستبشراً بالذين لم يلحقوا به.
شعور الأهل
تقول أم الشهيد محمد: لقد كان يطلب منى دوماً الدعاء له بالشهادة، الشهادة خلال مطاردته، والتي كانت تجيبه ( والله لا أكره لك أن تستشهد في سبيل الله ).
وهكذا بدأ الأقمار بدمائهم الرحلة وسيظل الأحرار على دربهم: النصر أو الشهادة.
· ولد الشهيد في بلدة العريش جنوب مخيم رفح.
· اعتقلته سلطات الاحتلال مرتين الأولى في العام 81 حيث أمضى سنتين والثانية في العام 86 بعد مشاركته في مجموعة «السكاكين» التابعة للجهاد الإسلامي.
· فر من سجن غزة المركزي هو وخمسة من أقمار الجهاد الإسلامي في عملية الهروب الشهيرة عام 1986.
· استشهد في السادس من أكتوبر 1987 في معركة الشجاعية البطولية
الشهيد القائد "سامي الشيخ خليل"
السادس من أكتوبر 1987 تاريخ يحفظه شعبنا جيداً، فهو يصادف ذكرى معركة الشجاعية البطلة بين طلائع (الجهاد الإسلامي) وبين جنود الجيش الصهيوني ففي ذلك المساء التشريني الخالد كان النشامى ينسابون كالماء المتدفق في أزقة (الشجاعية) الباسلة، كان سامي الشيخ خليل وأخوانه يرسمون في تلك اللحظات تاريخ أمة بأسرها ومقابل مسجد التوفيق في الشجاعية التقى الجمعان جمع الحق والإيمان من جهة وجمع الباطل والطاغوت من جهة أخرى، ويطلق سامي الرصاصة الأولى على الجسد الحرام ليبدأ النزال، وليزغرد الرصاص بعدها في سماء غزة الإسلام.. غزة الشموخ والكبرياء.
كان دم النشامى رصاصات في وعى الأمة لتفيق من سباتها، وكانت طلقاتهم القسامية نطفة طاهرة في رحم المعاناة ليتكون بعدها جنين الثورة، ويتم الحمل والوضع في أقل من شهرين لتولد الانتفاضة الثورة، وليدخل الشعب الفلسطيني معها أهم محطة في تاريخه المعاصر، وتدخل الأمة معها أجمل لحظاتها في النهوض والثقة بالنفس ويسقط الشهيد البطل سامى الشيخ خليل مدرجاً بدمائه الزكية ليلتحق بركب الصحابة والصديقين والشهداء.
ميلاده ونشأته
ولد شهيدنا البطل بمدينة غزة عام 1964 م، أي قبل ثلاث سنوات من حزيران النكسة، درس في المدارس حتى الصف الثالث الإعدادي، ثم ذهب ليتعلم في الصناعة «باتحاد الكنائس بغزة» قسم الحدادة، وحصل بعدها على شهادة، تتكون أسرته من شقيقين وخمسة أخوات، توفت والدته عام 1986 رحمها الله.
يقول والده «أبوعبد الرحمن» أن ابنه الشهيد كان له ميولات إسلامية منذ صباه، ويسرد قصة يتذكرها أثناء وجود الشهيد طالبا في اتحاد الكنائس حيث عمل مشكلة مع الإدارة، وجاءت هذه الأخيرة شاكية للوالد على البيت ويدور الخلاف حول الدين والإسلام، ويضيف الوالد ذهبت بعدها وأصلحت الأمر بين الطرفين.
انتمى الشهيد للمسجد منذ الصغر، وكان جميع أصدقائه من الشباب الذين تربوا في المساجد، كان نقياً طاهراً، لم يرتكب في حياته أي من الانحرافات، يقول والده «أبو عبد الرحمن» أنه في مرة من المرات تأخر سامى عن البيت على غير عادته وافتقدناه لأنه لم ينم في البيت وقلقنا عليه أنا ووالدته وعرفنا فيما بعد أنه في القدس ذهب للمرابطة في المسجد الأقصى والتصدى لتحرشات المستوطنين اليهود.
اعتقاله
كان الشهيد جهادياً منذ صباه، كان فؤاده ينبض بالمقاومة والجهاد ضد العدو المحتل، يقول والده انه في سنة 1985 كان سامى يسير في المدينة مع بعض أصدقائه وكان يلبس الكوفية الفلسطينية «الحطة» فاعتقله جنود الاحتلال مع أصحابه لأن مظهره كان استفزازاً لهم، وعند الإفراج عنه عاتبه أصدقاؤه وبشدة على موقفه فأجابهم بعناده المعهود بأن الجهاد لايعرف الوسطية أو الخوف.
وفي سنة 1986 اعتقل الشهيد سامى مع قريب له منظم في حركة فتح حيث كان قد نظم سامي معه، حيث ذهبا معاً لردع أحد العملاء، ومنذ الأيام الأولى انتمى الشهيد لحركة الجهاد الإسلامي في السجن وعمل مشاكل كثيرة مع تنظيم فتح في السجن بسبب قضية التحويل، ويقول والده ان صدى هذه المشاكل وصل الى بيتنا وعندما راجعته أثناء زيارته في السجن أجاب سامي «الجهاد الإسلامي هو الطريق الصحيح».
ويضيف والده أنه بعدها منعتنا إدارة السجن من زيارته مرتين وعند الاستفسار علمنا أنه ضرب أحد السجانين ضربة قوية في إحدى المرات حيث كان الشهيد يجيد الكراتية وكان على وشك الحصول على الحزام الأسود وكان يداوم على حضور تمارين الكراتية، لأنه يراها مسألة مهمة لمن يريد مقاومة الاحتلال، وبعدها ضربوه ومنعوا علينا زيارته، وبعدها زرناه وعاتبته على فعله، فأجاب بعناد سنواصل قتالهم لأنهم ظلمة ويجب مواجهتهم.
عملية الهروب الكبرى
يقول والده: أثناء وجود الشهيد سامي في السجن وفي أحد الأيام جاء الجنود والجيش بكثرة وبشكل مفاجئ إلى البيت ورابطوا فيه، عندها فهمنا ضمناً أن سامي حصل معه شيء، وبالفعل، سمعنا بعدها مباشرة من الأخبار عن الهروب من سجن غزة المركزي «السرايا» ويواصل أبو عبد الرحمن حديثه: كان يومها في رمضان المبارك وكانت ليلة عيد لليهود تقام فيه الحفلات.. ولقد احتفل الجنود الإسرائيليون في السرايا ليلتها بعيدهم وشربوا وسكروا، وكان الجو شديد الضبابية (غطيطة) - حيث رعاية الله سبحانه وتعالى ترعاهم وتحرسهم - وقفزوا من خلال نافذة حمام السجن التي نشرت من طرف صاحب الفكرة الشهيد القائد / مصباح حسن الصوري «رضوان الله عليه» وكان الحراس بجوارهم ولكنهم لم يروهم، ونزل الشباب المجاهد واحداً واحداً من الشباك على سطح الدور الأول لورشة كان فيها سيارات إسرائيلية وقفزوا من السطح الى الأرض وقطعوا المسافة جرياً حتى الكافتيريا التي كان يتناول الجنود الصهاينة طعامهم، وكانت للكافتيريا عند السور الشرقي للسجن فقفزوا فوق السور، وانطلقوا من غياهب الزنازين الى أزقة غزة المجاهدة يتنسمون عبير الحرية، ليبدأوا مشوارهم الجهادي على طريق إرساء أولى الأسس التي فجرت الانتفاضة فيما بعد. والجدير بالذكر هنا أن الشهيد القائد / مصباح الصوري العقل المدبر لعملية الهروب وقائدنا قد حاول الهرب عدة مرات من السجن المركزي ولكن جميع محاولاته باءت بالفشل، ومع ذلك فقد ظلت فكرة الهروب تراوده على الدوام حتى مكنه الله سبحانه وتعالى من الهدف لينطلق نحو مواصلة الجهاد المقدس ضد جيش الاحتلال.
مواصلة مسيرة الجهاد
عندما هرب الشهيد سامى مع إخوانه من السجن استقر بهم المقام حتى أحد البيوت في رفح، كان منظر الشهداء غير مألوف على الإطلاق في زمن سقطت فيه كل البنادق، كان الشهداء يمتشقون سلاحهم وهم يتبادلون النكت على الجندي الإسرائيلي الذي لا يهزم ومدى هشاشة الكيان الصهيوني لو تصد له المجاهدون الربانيون، وإحدى هذه النكت كانت بعد اغتيال مسئول الشرطة العسكرية في قطاع
غزة «رون طال» عند موقف جباليا حيث خرج الأخوة بأسلحتهم لنصب كمين لرجال المخابرات الصهاينة الذين اعتادوا المرور من شارع النصر، وقدر لهم أن ينتظروا كثيراً ولكن المخابرات لم يأتوا فرجعوا في سيارتهم، وعند موقف جباليا بالضبط لاحظ الشهيد / سامى أحد رجال المخابرات وهو يجلس في حالة من الاسترخاء في سيارته من بين السيارات التي ازدحم بها موقف جباليا، كأنه آمن على حياته، فنزل الشهيد سامى بمسدسه الذي صوبه على رأس رجل المخابرات وضغط على الزناد فلم يخرج الرصاص وانتبه ضابط المخابرات فأمسك بيد سامى يريد أن يخلص من يده المسدس، ولكن سامى تحرك في الوقت المناسب وسحب يده بقوة، وأنزل الأمان بسرعة وأطلق من مسدسه 6 رصاصات اطاحت بكبرياء إسرائيل على امتدادها.
ومن المفارقات المضحكة أن اغتيال الضابط الصهيوني جاء في يوم عيد الأضحى المبارك وكان الشهداء يضحكون، وكان سامى يومها مصابا بالأنفلونزا ونائماً فضحك الشهيد / مصباح وقال له مازحاً: «آه يا سامى.. الله ما في حدا زي سامى ضحى يوم العيد بالضابط، نحن بقينا بدون أضاحى» فضحك أحد الأخوة الذي استشهد معه فيما بعد..،. «آه يا عمى عامل حاله مش سامع.. ما هو بفكر في حدا غير الحور العين». ولقد كانت هذه الفترة مرحلة جهاد كبرى قادها الشهيد / سامى وأخوانه أوقعت العديد من جنود وضباط العدو ومستوطنيه بين قتلى وجرحى وبثت الفزع في أوساط أجهزة العدو وخرجت الصحف العبرية آنذاك بعناوين عريضة «الجهاد الإسلامي اسم جديد يثير الرعب في غزة».
يقول والده الذي قابله أثناء هروبه إنه طلب من المغادرة للخارج كما فعل بعض إخوانه فأجاب سامى: «الخروج سهل في ليلة بنطلع، ولكننا نريد البقاء هنا ونستشهد على هذه الأرض الطاهرة».
ولقد تعرضت عائلة الشهيد إثر الهروب لشتى أنواع الضغط والتضييق لاكراهها على الإدلاء بأى معلومات عن مكان اختبائه أو على الأقل تزويدها بمعلومات عنه، ولقد تمت مداهمة المنزل عشرات المرات، وتكسير الاثاث والشتم والتهديد والوعيد ولقد اعتقل والده وأخوه في السجن لمدة قصيرة متفاوتة، كان آخرها اعتقال الوالد لمدة 18 يوماً في محاولة لارغامه على الإبلاغ عن مكان وجوده ولقد ساوموه حتى على شرفه فأحضروا ابنته - شقيقة الشهيد - والتي لم يمض على زواجها إلا قليل ولكن كل محاولاتهم باءت بالفشل.
معركة الشجاعية واستشهاد الفارس البطل
خرج الوالد «أبو عبد الرحمن» من السجن في 25/ 9/ 1987م. بعدها بفترة بسيطة وبالتحديد في 6/10/1987م كانت عصبة الإيمان في سيارتين الأولى تضم الشهداء (حلس وقريقع) والثانية تضم الشهداء (الجمل وسامى الشيخ خليل) وغيرهم ممن لم تكتب لهم الشهادة، كان النشامى كما يبدو في مهمة جهادية أو استطلاعية لأنهم كانوا معاً وبأسلحتهم، وكان العدو ناصباً كميناً لهم قبالة مسجد التوفيق بالشجاعية وتركوا السيارة الأولى تمر دون اعتراض وعندما وصولت السيارة الثانية اعترضوها ووقف ضابط مخابرات صهيوني وقال بصريح العبارة «سلّم نفسك يا سامى» فعندها أسرع سامى بإطلاق الرصاص عليه من مسدسه فأرداه قتيلاً على الفور، وكان هذا الضابط - كما كشفت التفاصيل فيما بعد - هو الذي حقق مع سامى في السجن فضغط بالتهديد على سامى كثيراً فصرخ سامى عليه إنني سوف أقتلك ولو آخر يوم في حياتي، وآخر يوم في حياة الشهيد رحمه الله أطلق سامى رصاصة الوفاء للعهد والقسم على رأس الجلاد فأوفى بوعده كاملاً، وبعدها بدأت المعركة التي انتهت باستشهاد الفرسان الأربعة رضي الله عنهم أجمعين بعد مطاردة السيارة الأولى..
لقد وقعت المعركة مقابل مسجد التوفيق الذى تربى فيه سامى وبلور عقليته ورؤيته الجهادية الحضارية فكما كان المسجد شاهداً على حياته كان شاهداً كذلك على استشهاده.
وهكذا سقط الشهيد البطل متسربلاً بدم الطهارة، أحب الشهادة حتى العشق فأكرمه الله بها.. يقول والده: تساءل سامى ماذا دهى الناس، مالى أراهم راكنين الى الدنيا وشهواتها إننا نسعى لإماطة الذل والاحتلال وتحريك الجماهير المسلمة.
وأخيراً
هكذا صعدت أرواح الشهداء الأربعة الى خالقهم تسبقهم اليه دماءهم الطاهرة وشوقهم الى الجنة، وهكذا يا سامى، وهكذا.. يا سيدى يسقط الرجال، فكما سبقك القسام ومصباح ومعك الجمل وحلس وقريقع سقط بعدك على العيماوي وخالد شحادة وعماد عقل وياسر النمروطى وهشام حمد وهانى عابد.. وهكذا هو الدم يرسم أفق المرحلة شاهداً على امتلاكها مفردات القوة.
السادس من أكتوبر يا سيدي نحفظه جيداً فهو يوم رحيلك.. عفواً يوم ميلادك الجديد في فردوس السماء فترى ما هو تاريخ ميلادنا نحن؟؟..
· «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا» ونعاهدك يا سيدي ألا نبدل.. لن نبدل.. لن نبدل أبداً.
المجاهد الشهيد فايز الغرابلي
استشهد في تاريخ 6/10/1987 وهو أحد شهداء معركة الشجاعية التي كانت الشرارة الأولى لانطلاقة الانتفاضة والتي أسفرت عن مقتل ضابط مخابرات إسرائيلي وإصابة عدد من الجنود .
الشهيد القائد زهدي قريقع.. الوضع العائلي: متزوج.. تاريخ الاستشهاد: 06/10/1987
كيفية الاستشهاد: اشتباك مسلح أثناء معركة الشجاعية الخالدة .. أحد أبطال الجهاد الإسلامي في فلسطين، وهو أحد شهداء معركة الشجاعية التي كانت الشرارة الأولى لانطلاقة الانتفاضة والتي أسفرت عن مقتل ضابط مخابرات صهيوني وإصابة عدد من الجنود.
الشهيد المجاهد أحمد حلس
تاريخ الاستشهاد: 6/10/1987 .. أحد أبطال الجهاد الإسلامي في فلسطين، وهو أحد شهداء معركة الشجاعية التي كانت الشرارة الأولى لانطلاقة الانتفاضة والتي أسفرت عن مقتل ضابط مخابرات إسرائيلي وإصابة عدد من الجنود.
تعليق