تويت
الثورة السورية على أعتاب الشهر السابع لها على التوالي، والصورة لا تزال مبهمة وضبابية إلى حد كبير فيما يخص المستقبل القريب، فالثورة التي انطلقت في منتصف شهر آذار/مارس المنصرم من درعا، انتشرت اليوم لتغطي كافة المدن السورية وعلى قدر متقارب من النشاط والكثافة والاتساع.
انطلقت الثورة السورية ضمن ما عرف ربيع الثورات العربية وقد سبقها في ذلك تونس ومصر واليمن وليبيا، وتخلصت ثلاثة منها من أنظمتها ولا يزال النظام في سوريا قائم ويملك من المقومات التي تدع المجتمع الدولي يغض الطرف في أحيان كثيرة عما يرتكبه من قتل وتشريد واعتقال.
مؤخراً اقتحم الثوار الليبيون باب العزيزية – معقل القذافي ومخبأه منذ اندلاع الثورة الليبية – ليسدلوا الستار عن نظام القذافي بعد نزاع مسلح استمر ما يقارب ستة أشهر ونصف وبتدخل دولي وإقليمي ممثل بحلف الناتو، وتكوين مجلس انتقالي - برئاسة أحد وزراء نظام القذافي - بات اليوم هو الممثل الشرعي للشعب الليبي بعد أن نال الاعتراف من الدول العظمى في العالم وعدد لا بأس به من دول المنطقة. فما هي صورة الوضع السوري القريبة ضمن هذه الأحداث والمتغيرات، وهل يمكن أن يتم تكرار السيناريو الليبي في سوريا؟؟
الموقف الدولي والعربي
لا تزال المواقف الإقليمية والدولية متذبذبة، فمنذ أن أعلنت الولايات المتحدة وفرنسا سقوط شرعية الأسد ووجوب تنحيه عن السلطة لم يطرأ تطور واضح على المشهد السياسي فيما يخض سوريا إلا ما اتخذت من إجراءات بمقاطعة صادرات النفط السورية، القرار الذي نال مباركة دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا.
على صعيد حلفاء النظام بدا مؤخرا تباين في المواقف وتطور ملحوظ فيما يخص الموقف الروسي والإيراني، فإيران – الحليف الإستراتيجي للنظام السوري – أعلنت مؤخراً دعمها أي مبادرة قد تخلق حوارًا إيجابيا بين جميع الأطراف في سوريا، وضرورة تأدية الحقوق المشروعة للشعب السوري، واعتبار أن الحل الأمني لن يؤدي إلى أي نتيجة تذكر، وهو مايعتبر نقلة نوعية في الموقف الإيراني الذي ظهر منذ بداية الثورة السورية بالمدافع والمبرر عن تصرفات وافعال النظام السوري.
أما من جهة الموقف الروسي الذي بدا أكثر دفاعاً ومحافظة على النظام السوري فقد صرح الرئيس الروسي أنه برغم إدانة وشجب قتل المدنيين إلا أنه لا يؤيد إدانة لطرف النظام السوري فقط، وإنما يتعين توجيه "رسالة صارمة" للمعارضة كذلك.
عربياً، فبعد التحرك الذي تم اعتباره ايجابياً فيما يخص استدعاء بعض الدول العربية سفرائهم لدى سوريا للتشاور، لم يكتمل المشهد كما كان يأمله الشارع السوري، فالمبادرة العربية لحل الأزمة في سورية والتي اشتملت على خمسة بنود كان أبرزها الوقف الفوري للقتل، وبدء حوار مابين المعارضة والسلطة مع بقاء الرئيس الأسد على رأس السلطة حتى انتهاء فترة رئاسته الحالية في 2014، وهو الأمر الذي يراه المحللون العائق الأكبر في هذه المبادرة.
وفي ذات السياق زار الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي دمشق والتقي بالأسد حاملاً له المبادرة العربية في أجواء رفض لزيارة العربي من قبل المتظاهرين رافعين شعار "لا نبيل ولا عربي"، وصرح الأسد بعد انتهاء الزيارة بحسب وكالة الأنباء السورية سانا "انه لا يجب على العربي الانسياق وراء حملات التضليل والتحريض الإعلامي التي تستهدف سوريا" منوهاً إلى ما يحدث من حملة تشويه صورة سوريا ومحاولة زعزعة الاستقرار والأمن.
الموقف التركي الذي بات يعتبره الشارع السوري مواقف لا تتعدى الكلمات التي ينطق بها هذا المسئول أو ذاك بات في موقف حرج أمام المواطن السوري، فالتصريحات التي أطلقتها الحكومة التركية بداية الأحداث على لسان رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان من أنها لن تسمح بحماة ثانية أصبحت اليوم هي من تهز الصورة التركية في الشارع السوري، فاللافتات التي يرفعها المتظاهرين والتي تنتقد موقف الحكومة التركية وتخاذلها بحسب وصف اللافتات تعكس خيبة الأمل وانعدام الثقة. ولعل الكثير من المراقبين يعزي هشاشة الموقف التركي استناداً على المصالح التركية الاقتصادية الواسعة مع النظام السوري، ويرون أنه لن يحدث هناك تغيير في الموقف التركي قبل أن يكون ذلك قرارً دولياً فعلياً.
وعود إصلاح هلامية
لم تغب عن الثورة منذ بدايتها وعود الإصلاح التي أطلقها النظام السوري على لسان رجالاته، فمنذ بداية الثورة وبعد أحداث الجامع العمري أطلت مستشارة الرئيس الأسد في مؤتمر صحفي لتسرد قائمة كبيرة من الوعود والقوانين والتعديلات التي تخلق جواً من الحرية وتعطي بعض الحقوق التي غابت عن المواطن السوري لمدة عقود، ومن أبرز تلك الإصلاحات التي نادت بها قوانين الأحزاب والإعلام، وقوانين الإصلاح الاقتصادي، وتشكيل لجان للتحقيق بأحداث القتل. وتلا ذلك خطابات للرئيس الأسد أكد فيها أن الإصلاحات قادمة وانها تريد المزيد من الوقت وستكون ملحوظة.
وقد حاول النظام بتقديمه لوعود الإصلاحات كسب المزيد من الوقت وتخفيف الضغط الدولي عليه، ومن أبرز المواضيع التي قام بها اصدار مرسوم لقانون الإعلام الجديد الذي ينص على منع اعتقال أي صحفي، ولكن لا تزال هذه القوانين بعيدة عن التطبيق والواقع.
المعارضة.. والنفق المظلم
لا تزال المعارضة في الداخل والخارج تحاول تجميع نفسها وترتيب صفوفها حتى تكون بحجم المحلة الراهنة وبحجم التحدي الملقى على عاتقها، فمهمة تشكيل مجلس انتقالي على غرار ذاك الذي نشأ في ليبيا لتحمل مهام مرحلة انتقالية، قادر على التحاور مع القوى الإقليمية والدولية لا يزال هو العائق الأكبر أمام المعارضة بعد مرور سبعة أشهر على انطلاقة الثورة.
المؤتمرات واللقاءات المتتابعة التي تعقدها المعارضة وتحاول فيها الخروج بمخرج يكون ضمن رضى الشارع السوري هي مهمة باتت أشبه بالمستحيلة في ظل تنافس بات مذموما من قبل رموز المعارضة وتياراتها المختلفة، فالمجالس الوطني الذي أعلن عنه مؤخراً في أنقرة والذي افتقر إلى التنسيق وافتقر حتى إلى إبلاغ رئيسه المعلن عنه – برهان غليون – يعكس ماهية الأزمة التي تمر بها قوى المعارضة.
ولعل آخر تلك الجهود هو ما حصل من لقاء في الدوحة لتبني مبادرة الجامعة العربية التي تؤكد على إبقاء الرئيس الأسد في السلطة حتى 2014 مع البدء بحوار وطني وإنهاء حالة القتل ومظاهر السلاح في الشارع، يبدوا أنه لم يحالفه النجاح حسب الصورة المبدئية بعد انسحاب الإسلاميين منه ممن حظر، وانتقاد تهميش للتيار الإسلامي بعدم دعوته للقاء بما في ذلك التيارين السلفي والإخواني، ولم يخلوا الأمر من حضور بعض الشخصيات ممن يسمون بالإسلاميين المستقلين بصفة شخصية.
والأمر ليس ببعيد ذلك عن الإعلان مؤخراً عن المجلس الوطني الذي أعلن عنه باسطنبول والذي بات محط جدل واسع وكبير، وبات مدعاة لإقصاء جهات على حساب جهات أخرى، ولكنه قد يكون المحاولة الأكثر اكتمالاً وإن غابت من مكونات أساسية مثل الإسلاميين عدا المستقلين منهم والذين هم بالأصل من المنشقين عن مجموعات وجهات أكبر
وباتت هناك دعوات مؤخراً ليست بالقليلة إلى عمل ثورة على رموز المعارضة التقليدية وإبراز وجوه جديدة قادرة على التعاطي بشكل مرن أكثر مع ما يحدث، ويرى المراقبون للمشهد السوري أن الحل الدبلوماسي وحده لن يؤتي أكله في القريب في ظل موجات من التخوين والاتهامات المتبادلة بين أطراف المعارضة المختلفة.
التطور الميداني إلى أين؟
باتت الثورة السورية أكثر تنسيقاً وتنظيماً، فالمكون الأساسي التنسيقي في الثورة أو ما بات يعرف بـ"التنسيقيات"، والتي أصبحت منتشرة وقادرة على إدارة العمل الميداني في التظاهرات والتغطيات الإعلامية بشكل أكبر في ظل التعتيم الإعلامي ومنع الجهات الإعلامية من تغطية الأحداث الجارية.
ومن الملاحظ أن شهر رمضان وظهور المظاهرات فيه بشكل يومي أعطى شكلاً آخر للثورة وشكل منعطفاً هاماً في صيغة التظاهر فاليوم يوجد هناك ما يزيد عن خمسمائة نقطة تظاهر ساخنة على مستوى سوريا.
ومع استمرار التظاهرات السلمية، بدأت هناك في الآونة الأخيرة إعادة لطرح جدوى السلمية والاستمرار فيها خصوصاً مع قناعة لدى الكثير من الناشطين الميدانيين بالوصول إلى طريق مسدود خصوصاً بعد سقوط مايزيد عن 3500 قتيل منذ بداية الثورة حسب غالبية التقديرات، وأتى ذلك بالتزامن مع دعوات للتسليح ولو الجزئي خلال الفترة القادمة، مع تحذير من خطر حرب أهلية قد يسببها التسليح.
كما برزت في الأيام القليلة الماضية دعوات للتدخل الخارجي وحماية المتظاهرين، ونادت المظاهرات في "جمعة الحماية الدولية" بالتدخل من خلال بعثات وهيئات حقوقية ورقابية لما يحدث، بالإضافة إلى دعوات لفرض حظر جوي مما يسهل للقطع العسكرية المنشقة الإعلان عن انشقاقها، خصوصاً وأنه يتوقع أن هناك انشقاقات في الجيش على مستوى واسع وضمن رتب عالية، وهو ما يؤكده إعلان الكتيبة (62) انشقاقها بكامل عدتها وعتادها والتي تحوي من 400 إلى 500 جندي مع ضباطهم، و 30 ناقلة جند مدرعة وآليتين مضادات للطيران في درعا واشتباكها مع قوات الأمن قبل أيام، وأنباء عن استيلاء الجيش المنشق على ما يقارب من 60% من المدينة.
من جهة أخرى لا تزال السلطات تنهج ذات الطريقة التي بدأت بها الصراع مع الشعب ميدانياً والمتمثلة بحصار المدن بالمدرعات والآليات العسكرية وعزلها عن بعضها البعض وقطع الإمدادات الغذائية والدوائية والتيار الكهربائي والماء والاتصالات عنها، واستخدام الذخيرة الحية والرصاص المتفجر والغازات المسيلة للدموع ضد المتظاهرين، كما بدأت السلطات منذ فترات باستخدام الطائرات للقصف، والزوارق الحربية في المدن الساحلية.
انطلقت الثورة السورية ضمن ما عرف ربيع الثورات العربية وقد سبقها في ذلك تونس ومصر واليمن وليبيا، وتخلصت ثلاثة منها من أنظمتها ولا يزال النظام في سوريا قائم ويملك من المقومات التي تدع المجتمع الدولي يغض الطرف في أحيان كثيرة عما يرتكبه من قتل وتشريد واعتقال.
مؤخراً اقتحم الثوار الليبيون باب العزيزية – معقل القذافي ومخبأه منذ اندلاع الثورة الليبية – ليسدلوا الستار عن نظام القذافي بعد نزاع مسلح استمر ما يقارب ستة أشهر ونصف وبتدخل دولي وإقليمي ممثل بحلف الناتو، وتكوين مجلس انتقالي - برئاسة أحد وزراء نظام القذافي - بات اليوم هو الممثل الشرعي للشعب الليبي بعد أن نال الاعتراف من الدول العظمى في العالم وعدد لا بأس به من دول المنطقة. فما هي صورة الوضع السوري القريبة ضمن هذه الأحداث والمتغيرات، وهل يمكن أن يتم تكرار السيناريو الليبي في سوريا؟؟
الموقف الدولي والعربي
لا تزال المواقف الإقليمية والدولية متذبذبة، فمنذ أن أعلنت الولايات المتحدة وفرنسا سقوط شرعية الأسد ووجوب تنحيه عن السلطة لم يطرأ تطور واضح على المشهد السياسي فيما يخض سوريا إلا ما اتخذت من إجراءات بمقاطعة صادرات النفط السورية، القرار الذي نال مباركة دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا.
على صعيد حلفاء النظام بدا مؤخرا تباين في المواقف وتطور ملحوظ فيما يخص الموقف الروسي والإيراني، فإيران – الحليف الإستراتيجي للنظام السوري – أعلنت مؤخراً دعمها أي مبادرة قد تخلق حوارًا إيجابيا بين جميع الأطراف في سوريا، وضرورة تأدية الحقوق المشروعة للشعب السوري، واعتبار أن الحل الأمني لن يؤدي إلى أي نتيجة تذكر، وهو مايعتبر نقلة نوعية في الموقف الإيراني الذي ظهر منذ بداية الثورة السورية بالمدافع والمبرر عن تصرفات وافعال النظام السوري.
أما من جهة الموقف الروسي الذي بدا أكثر دفاعاً ومحافظة على النظام السوري فقد صرح الرئيس الروسي أنه برغم إدانة وشجب قتل المدنيين إلا أنه لا يؤيد إدانة لطرف النظام السوري فقط، وإنما يتعين توجيه "رسالة صارمة" للمعارضة كذلك.
عربياً، فبعد التحرك الذي تم اعتباره ايجابياً فيما يخص استدعاء بعض الدول العربية سفرائهم لدى سوريا للتشاور، لم يكتمل المشهد كما كان يأمله الشارع السوري، فالمبادرة العربية لحل الأزمة في سورية والتي اشتملت على خمسة بنود كان أبرزها الوقف الفوري للقتل، وبدء حوار مابين المعارضة والسلطة مع بقاء الرئيس الأسد على رأس السلطة حتى انتهاء فترة رئاسته الحالية في 2014، وهو الأمر الذي يراه المحللون العائق الأكبر في هذه المبادرة.
وفي ذات السياق زار الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي دمشق والتقي بالأسد حاملاً له المبادرة العربية في أجواء رفض لزيارة العربي من قبل المتظاهرين رافعين شعار "لا نبيل ولا عربي"، وصرح الأسد بعد انتهاء الزيارة بحسب وكالة الأنباء السورية سانا "انه لا يجب على العربي الانسياق وراء حملات التضليل والتحريض الإعلامي التي تستهدف سوريا" منوهاً إلى ما يحدث من حملة تشويه صورة سوريا ومحاولة زعزعة الاستقرار والأمن.
الموقف التركي الذي بات يعتبره الشارع السوري مواقف لا تتعدى الكلمات التي ينطق بها هذا المسئول أو ذاك بات في موقف حرج أمام المواطن السوري، فالتصريحات التي أطلقتها الحكومة التركية بداية الأحداث على لسان رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان من أنها لن تسمح بحماة ثانية أصبحت اليوم هي من تهز الصورة التركية في الشارع السوري، فاللافتات التي يرفعها المتظاهرين والتي تنتقد موقف الحكومة التركية وتخاذلها بحسب وصف اللافتات تعكس خيبة الأمل وانعدام الثقة. ولعل الكثير من المراقبين يعزي هشاشة الموقف التركي استناداً على المصالح التركية الاقتصادية الواسعة مع النظام السوري، ويرون أنه لن يحدث هناك تغيير في الموقف التركي قبل أن يكون ذلك قرارً دولياً فعلياً.
وعود إصلاح هلامية
لم تغب عن الثورة منذ بدايتها وعود الإصلاح التي أطلقها النظام السوري على لسان رجالاته، فمنذ بداية الثورة وبعد أحداث الجامع العمري أطلت مستشارة الرئيس الأسد في مؤتمر صحفي لتسرد قائمة كبيرة من الوعود والقوانين والتعديلات التي تخلق جواً من الحرية وتعطي بعض الحقوق التي غابت عن المواطن السوري لمدة عقود، ومن أبرز تلك الإصلاحات التي نادت بها قوانين الأحزاب والإعلام، وقوانين الإصلاح الاقتصادي، وتشكيل لجان للتحقيق بأحداث القتل. وتلا ذلك خطابات للرئيس الأسد أكد فيها أن الإصلاحات قادمة وانها تريد المزيد من الوقت وستكون ملحوظة.
وقد حاول النظام بتقديمه لوعود الإصلاحات كسب المزيد من الوقت وتخفيف الضغط الدولي عليه، ومن أبرز المواضيع التي قام بها اصدار مرسوم لقانون الإعلام الجديد الذي ينص على منع اعتقال أي صحفي، ولكن لا تزال هذه القوانين بعيدة عن التطبيق والواقع.
المعارضة.. والنفق المظلم
لا تزال المعارضة في الداخل والخارج تحاول تجميع نفسها وترتيب صفوفها حتى تكون بحجم المحلة الراهنة وبحجم التحدي الملقى على عاتقها، فمهمة تشكيل مجلس انتقالي على غرار ذاك الذي نشأ في ليبيا لتحمل مهام مرحلة انتقالية، قادر على التحاور مع القوى الإقليمية والدولية لا يزال هو العائق الأكبر أمام المعارضة بعد مرور سبعة أشهر على انطلاقة الثورة.
المؤتمرات واللقاءات المتتابعة التي تعقدها المعارضة وتحاول فيها الخروج بمخرج يكون ضمن رضى الشارع السوري هي مهمة باتت أشبه بالمستحيلة في ظل تنافس بات مذموما من قبل رموز المعارضة وتياراتها المختلفة، فالمجالس الوطني الذي أعلن عنه مؤخراً في أنقرة والذي افتقر إلى التنسيق وافتقر حتى إلى إبلاغ رئيسه المعلن عنه – برهان غليون – يعكس ماهية الأزمة التي تمر بها قوى المعارضة.
ولعل آخر تلك الجهود هو ما حصل من لقاء في الدوحة لتبني مبادرة الجامعة العربية التي تؤكد على إبقاء الرئيس الأسد في السلطة حتى 2014 مع البدء بحوار وطني وإنهاء حالة القتل ومظاهر السلاح في الشارع، يبدوا أنه لم يحالفه النجاح حسب الصورة المبدئية بعد انسحاب الإسلاميين منه ممن حظر، وانتقاد تهميش للتيار الإسلامي بعدم دعوته للقاء بما في ذلك التيارين السلفي والإخواني، ولم يخلوا الأمر من حضور بعض الشخصيات ممن يسمون بالإسلاميين المستقلين بصفة شخصية.
والأمر ليس ببعيد ذلك عن الإعلان مؤخراً عن المجلس الوطني الذي أعلن عنه باسطنبول والذي بات محط جدل واسع وكبير، وبات مدعاة لإقصاء جهات على حساب جهات أخرى، ولكنه قد يكون المحاولة الأكثر اكتمالاً وإن غابت من مكونات أساسية مثل الإسلاميين عدا المستقلين منهم والذين هم بالأصل من المنشقين عن مجموعات وجهات أكبر
وباتت هناك دعوات مؤخراً ليست بالقليلة إلى عمل ثورة على رموز المعارضة التقليدية وإبراز وجوه جديدة قادرة على التعاطي بشكل مرن أكثر مع ما يحدث، ويرى المراقبون للمشهد السوري أن الحل الدبلوماسي وحده لن يؤتي أكله في القريب في ظل موجات من التخوين والاتهامات المتبادلة بين أطراف المعارضة المختلفة.
التطور الميداني إلى أين؟
باتت الثورة السورية أكثر تنسيقاً وتنظيماً، فالمكون الأساسي التنسيقي في الثورة أو ما بات يعرف بـ"التنسيقيات"، والتي أصبحت منتشرة وقادرة على إدارة العمل الميداني في التظاهرات والتغطيات الإعلامية بشكل أكبر في ظل التعتيم الإعلامي ومنع الجهات الإعلامية من تغطية الأحداث الجارية.
ومن الملاحظ أن شهر رمضان وظهور المظاهرات فيه بشكل يومي أعطى شكلاً آخر للثورة وشكل منعطفاً هاماً في صيغة التظاهر فاليوم يوجد هناك ما يزيد عن خمسمائة نقطة تظاهر ساخنة على مستوى سوريا.
ومع استمرار التظاهرات السلمية، بدأت هناك في الآونة الأخيرة إعادة لطرح جدوى السلمية والاستمرار فيها خصوصاً مع قناعة لدى الكثير من الناشطين الميدانيين بالوصول إلى طريق مسدود خصوصاً بعد سقوط مايزيد عن 3500 قتيل منذ بداية الثورة حسب غالبية التقديرات، وأتى ذلك بالتزامن مع دعوات للتسليح ولو الجزئي خلال الفترة القادمة، مع تحذير من خطر حرب أهلية قد يسببها التسليح.
كما برزت في الأيام القليلة الماضية دعوات للتدخل الخارجي وحماية المتظاهرين، ونادت المظاهرات في "جمعة الحماية الدولية" بالتدخل من خلال بعثات وهيئات حقوقية ورقابية لما يحدث، بالإضافة إلى دعوات لفرض حظر جوي مما يسهل للقطع العسكرية المنشقة الإعلان عن انشقاقها، خصوصاً وأنه يتوقع أن هناك انشقاقات في الجيش على مستوى واسع وضمن رتب عالية، وهو ما يؤكده إعلان الكتيبة (62) انشقاقها بكامل عدتها وعتادها والتي تحوي من 400 إلى 500 جندي مع ضباطهم، و 30 ناقلة جند مدرعة وآليتين مضادات للطيران في درعا واشتباكها مع قوات الأمن قبل أيام، وأنباء عن استيلاء الجيش المنشق على ما يقارب من 60% من المدينة.
من جهة أخرى لا تزال السلطات تنهج ذات الطريقة التي بدأت بها الصراع مع الشعب ميدانياً والمتمثلة بحصار المدن بالمدرعات والآليات العسكرية وعزلها عن بعضها البعض وقطع الإمدادات الغذائية والدوائية والتيار الكهربائي والماء والاتصالات عنها، واستخدام الذخيرة الحية والرصاص المتفجر والغازات المسيلة للدموع ضد المتظاهرين، كما بدأت السلطات منذ فترات باستخدام الطائرات للقصف، والزوارق الحربية في المدن الساحلية.
تعليق