أثـقـلته بالهموم والعذاب كل حين*** ألف ذكرى راودت قلبـاً حزين
ليت للفراق قلباً لدمـوعي يستـكين*** حين يبتعد الرفاق يبصم القلب الحزين
يا ترى أين اللقاء ومن يصبرني السنين*** يا ترى البعد يطول أم قريباً ملتقين
تغرب الكلمات أمـام قداسة دمـك وطهـر أشلاءك القـادم مـن ثنـايـا التاريـخ ، من وجع الأمة وكيف لا والشهــداء يصطفـون اليـوم يعلنون اليـوم براءتهـم من كل أشكال المساومـة والخنـوع والـركــون،الشهــداء اليــوم بدمائهـم وأشلائهم يشكلون وجه المرحلة وعنوانها ، فهم وحدهم في الميدان تركوا ما لذ وطـاب وفضلوا الشهادة والجنان
على الذهب والفضة والمال والقصور هـم الشهـداء قناديـل تضـيء طريق الحق ، نهج الأخيار ، خيـار الشـهـادة
فعندما يرتقي الشهـداء ، عندمـا تـراق الدماء ، عندما تتناثر الأشلاء ، عندما يرحل الشهيد يترجل إلى ملكوت الله يزداد حبنـا وشوقنـا إلـى لقـاء الله تعالـى ، يزداد حبنـا للشهادة وللشهداء ، يزداد حقدنا على هذا المحتل المجــرم
يزداد تشبثنـا بهـذا الفكـر الأصـيل ، الفكر الجهادي ، فرحـيل الأحباب يزيـد من قوتنـا وعزيمتنـا وإرادتنـا الصلبـة
يبثُ فينا الشجاعة وقوة الإيمان ويثبتنا على طريقنا
يزداد تشبثنـا بهـذا الفكـر الأصـيل ، الفكر الجهادي ، فرحـيل الأحباب يزيـد من قوتنـا وعزيمتنـا وإرادتنـا الصلبـة
يبثُ فينا الشجاعة وقوة الإيمان ويثبتنا على طريقنا
فبدورنا نحن لا بد لنـا مـن الوفـاء والإخـلاص لهــم فوفاءنا لهم يكون بالتمسك بالفكرة التي قتلوا من أجلها وبالسيـر على ذات الشوكة التي سار سلفنـا الكريـم من قبـلنـا إبتداءً من رســول أمتنـا عليه الصلاة والسلام ومـروراً بصحابتـه العظـام والتابعيـن وبعظمـاء التـاريـخ الجهـادي المشـرق ، الوفـاء بالتمسـك بالسلاح
والسلاح نوعيـن الأول السلاح الـذي لطالما قتـل وقتـل من أعداء الله هذا السلاح الذي صانه الشهداء فالوفـاء أن
لا نفـرط به ولا نسـاوم عليه ولا نجعلـه مصفـف علـى الرفـوف فالسـلاح شرف الأمة ، أما السلاح الآخر والأهم
ولأهميته أخرنا الحديث عنه إنه سلاح الإيمان ، الإيمان الراسخ في القلب وفي الوجدان ، رسوخ الجبال ، الإيمان الذي يفعل الأفاعيل ، ويصنع الأعاجيب ، ولهذا الجانب قصص كثرة من سيرة الخالدين السابقين من الصحابة ومن الجيل القرآني الآن من العظماء الشهداء الذين بإيمانهم الصلب قهروا العدى، بعقولهم الربانية التي شغلوها في خدمة الدين والإسلام وخدمة المجاهدين في تحرير أرضهم وعرضهم ، من دنس الصهاينة المجرمين الجبناء
ولأهميته أخرنا الحديث عنه إنه سلاح الإيمان ، الإيمان الراسخ في القلب وفي الوجدان ، رسوخ الجبال ، الإيمان الذي يفعل الأفاعيل ، ويصنع الأعاجيب ، ولهذا الجانب قصص كثرة من سيرة الخالدين السابقين من الصحابة ومن الجيل القرآني الآن من العظماء الشهداء الذين بإيمانهم الصلب قهروا العدى، بعقولهم الربانية التي شغلوها في خدمة الدين والإسلام وخدمة المجاهدين في تحرير أرضهم وعرضهم ، من دنس الصهاينة المجرمين الجبناء
تستمر قوافل الشهداء على تراب الوطن.. ويعود الرجال الرجال يصولون ويجولون في ساحات الجهاد.. ويثيرون النقع في كل مكان، من اجل رفع راية لا اله الله خفاقة عالية... ويتقدمون الصفوف حين ينادي المنادي للجهاد بكل شجاعة وقوة، لا يخافون في الله لومة لائم... فها هم يتقدمون مشرعين صدورهم نحو الشهادة... يستقبلونها بكل فرح وسرور.. ليجعلوا من أجسادهم جسراً لمواكب الشهداء، ووقوداً دافعاً للمجاهدين الذين يحملون اللواء من بعدهم، ويسيرون على نهجهم... ونارا ملتهبة للانتقام من أعداء الله و أعداء الدين والإنسانية..والذين تلطخت أياديهم الغادرة بدماء أطفال وشباب وشيوخ ونساء فلسطين.
اليوم نتذكر ثلة من أبطال الجهاد الإسلامي من الرعيل الأول لهذاه الحركة المباركة نتذكر أقماراً غابت عنا جسداً ولكن ما زالو فينا روحاً ، لم يزل طيفهم يمر علينا صبح مساء وفي كل وقت، إنهم باقون فينا بقاء الروح بالجسد نتحدث اليوم عن الشهيد القائد الأسطورة فارس الأبطـال ، وشيـخ الأحـرار ، القائد الكبيـر أسعـد دقـة أبا الركـاب
ونتحدث عن الشهيد المغوار ، الأسد العنيد ، الفـارس وائــل عســاف جنـدي من جنود ســـرايـا القـــدسـ المظفـرة ونتحدث عن المجاهد المعطاء الذي جعل من بيته مـأوى لــسرايــا القدس ولأبطـالــهـا الشهـيد سفيـان العـارضـة ونتحدث عن المجاهدة المعطاءه زهرة الإسلام والجهاد وفلسطيـن ، رمـزاً وفخـراً للفتيـات للمؤمنـات المجاهـدات
الشهيد المجاهد القائد أسعد دقة "
أبا الركــاب"
الميلاد والنشأة:
ولد الشهيد القائد أسعد دقة في مدينة عمان بتاريخ (20/11/1971م)، لأسرة فلسطينية أرضعته أمه فيها حليب العزة والأنفة والإباء، وربته منذ الصغر على الصدق والشجاعة والالتزام بالمسجد والصلاة، فلم يكن يغيب عن المسجد لارتباطه الشديد به وحبه الكبير ليبقى دائماً في رحاب الرحمن يعمل على تربية إخوانه التربية الصحيحة، نشأ أبو الركاب في ظل ظروف اقتصادية صعبة جعلته يتحمل المسؤولية منذ الصغر، أنهى الشهيد دراسته الأساسية والثانوية في مدارس بلدته عتيل حيث عرف عنه الذكاء والفطنة، بل كان من الطلبة المتميزين حيث كان من المتفوقين بالثانوية العامة مما أ هّله أن يلتحق بجامعة بيرزيت تخصص الهندسة الكهربائية، لكنه لم يستطع إكمال دراسته الجامعية بسبب تعرضه للمطاردة والاعتقال بسبب نشاطه البارز في صفوف حركة الجهاد الإسلامي.
صفاته:
إن من أهم ما كان يتميز به الشهيد القائد اسعد دقة رحمه الله انه كان صادقاً مخلصاً تقياً ورعاً عرف الإسلام منذ الصغر كمنهج للحياة فالتزم به وعاش، ومما يميز الشهيد اسعد صمته الذي كان يخفي وراءه بركاناً ثائراً من الجهاد والمقاومة، لم يكن يتكلم إلا بما هو هام وضروري، إن من يعرفه أو عايشه يدرك أن اسعد لم يكن على صفات عادية إنما كان مميزاً بكل صفاته وأخلاقه، كان يحب الأطفال الصغار حباً جما، حتى أن من يعرفه وكان يخالطه عندما كان مطارداً يعرف انه كان لا يترك صغيراً إلا ويداعبه ويمسح على رأسه، كان بمقام الأب للكثير من الأشبال الذين تربوا على يديه، كان فارساً مجاهداً صلباً عنيداً لا يخشى في الله لومة لائم، كان شامخاً كالجبال واسع الصدر كالصحراء الممتدة، ليّن الجانب كالغصن الطري، لم يكن يوماً متشائماً بل كان على الدوام يدعو الله أن يرزقه ما يطلب، كان رحمه الله يردد كثيراً من القرآن، بل انه كان يبدأ رسائله إلى إخوانه في السجون أو من يريد أن يبعث له برسالة بقوله تعالى في سورة براءة }وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ { (التوبة ـ 120)، هكذا كان لسان حال الشهيد دوماً يسعى دائماً ليغيظ أعداء الله ويدعو أصحابه لذلك لينالوا الأجر الذي أقره الله تعالى لهم في الآية الكريمة.
مشواره الجهادي:
إن ما يميز الشهيد أسعد مما جعله يستحق لقب القائد بجدارة هو مشواره الجهادي الممتد على أكثر من اثني عشر عاماً قضاها في الدعوة لله ومن اجل رفع راية الإسلام ونشر فكر حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، فمع حصول الشهيد على شهادة التوجيهي أخذ يدرس الهندسة في جامعة بيرزيت وهناك وجد الشهيد البيئة الإسلامية التي يسعى لها فوجد إخوانه أبناء الجهاد الإسلامي الذين كان يسمع بهم ويعشقهم، لأنهم يحملون كما كان يقول الفكر الإسلامي الأصوب، نعم لم يكن الشهيد مجرد عنصر يتلقى الأوامر ويلقي السمع فقط بل كان يحاور ويناقش بكل شيء لا يقتنع به، ولا يكتفي دائماً بأن يكون مجرد ناقلٍ بل كان يسعى لأن يطرح آرائه التي صنعت منه قائداً عظيماً، ومع ممارسة الشهيد لعمله النقابي الطلابي في إطار الجماعة الإسلامية في جامعة بيرزيت، تفتحت عيون الأعداء عليه وقاموا باعتقاله لفترة بسيطة، ولم يتمكنوا من انتزاع اعتراف منه لأنه كان صلباً لا ينكسر، كان يخشى أن يعترف للعدو لأنه يعتبر ذلك خيانة، وبما أن الجامعة هي نقطة التحول لدى الشعوب المكافحة، وبعد خروج الشهيد من السجن وعودته لممارسة نشاطه الطلابي، وعندما كان طلاب جامعة بيرزيت في مظاهرة، وكان الشهيد اسعد الدقة ممن قادوا هذه المظاهرة حيث كان كالأسد في أول الصفوف، أصيب برصاص المحتل إصابات قاتلة، حتى أشيع انه استشهد، وأخذت الجامعة طلاباً وإدارة يتوجهون للمستشفى للإطلاع على وضع الشهيد اسعد دقة، وبعد نقله للمستشفى ادخل إلى العناية المكثفة بعد إجراء العديد من العمليات الجراحية، وبعد فترة قليلة استعاد الشهيد عافيته، وخرج من المستشفى واستعاد نشاطه الجهادي، واستمر الاحتلال في ملاحقة الشهيد حتى تم اعتقاله، إن الشهيد اسعد الدقة اعتقل لدى العدو الصهيوني أكثر من خمس مرات وعند السلطة الفلسطينية 6 مرات، حيث تعرض للتعذيب الشديد في أريحا وجنيد وبيتونيا حيث عانى الشهيد كما عند الاحتلال من التعذيب الكثير إلا أن هذا كله لم ينل من عزيمته ولم تجعله يتزحزح قيد أنملة عن موقفه الرافض حتى للحديث مع جلاديه، كان أبو الركاب شامخاً يعلو فوق السحاب بروحه البهية وطلته الشامخة وبسمته المرسومة على وجهه الملائكي، ومع بداية انتفاضة الأقصى المباركة كان الشهيد يقبع في سجون السلطة للعام الثاني على التوالي في ظل اعتقاله السادس عند السلطة الذي لاقى فيه أصنافاً كثيرة من العذابات هو ووالدته الصابرة المجاهدة التي تم اعتقالها أيضا هي وأخوه المجاهد محمد، حيث كانت تعتقل ذويه بهدف ابتزازه والضغط عليه إلا أنه لم يكن يكترث بما يفعلون معه لأنه مقتنع انه على الصواب وهم على الخطأ، ومع خروجه من السجن بدأ الشهيد القائد مع إخوانه الشهداء إياد الحردان وأنور حمران وخالد زكارنة ومحمد بشارات بتأسيس سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وامتداداً للقوى الإسلامية المجاهدة (قسم) الذراع العسكري السابق للحركة.
كان للشهيد القائد دوراً بارزاً في قيادة السرايا في شمال الضفة الغربية حيث بدأ بتشكيل المجموعات والسرايا العسكرية واخذ يدرب إخوانه على السلاح وإعداد العبوات الناسفة والسيارات والأحزمة حتى أصبح على رأس قائمة المطلوبين لقوات الاحتلال، فحاولت قوات الاحتلال اغتياله في عام 2001 في مخيم طولكرم إلا انه برعاية الرحمن أصيب إصابات طفيفة ونجا من المحاولة الجبانة، كان للشهيد حضور متميز من خلال الاشتباكات المسلحة وزرع العبوات وإرسال السيارات المفخخة، حيث أرسل ألاستشهادي عبد الفتاح راشد، وكان يقف وراء قتل عدد كبير من الجنود في الاشتباكات وزرع العبوات، وكان من آخر عملياته البطولية ما يعرف بعملية معسكر بثان غربي طولكرم، حيث تسلل إلى داخل المعسكر وقتل جنديين وأصاب آخرين حسب إعلام العدو، وهذه العملية التي جعلت الاحتلال يكثف الحملة للنيل من الشهيد القائد اسعد الدقة.
الشهادة:
بعد أحداث 11 أيلول 2001 وحيث كان العالم كله موجهاً أنظاره ومسامعه إلى أمريكا كان الجيش الصهيوني يقتحم بلدة عرابة في جنين التي أحبها الشهيد القائد وعمل مع الكثير من المجاهدين فيها إياد الحردان وأنور الحمران، كان الشهيد موجوداً هو وإخوانه المجاهدين في منزل الشهيد المجاهد سفيان العارضة وعندما احكم الجيش الصهيوني إغلاق المنطقة ومحاصرة المنزل اخذ ينادي على الشهداء القادة اسعد دقة ووائل عساف وسفيان العارضة بالخروج والاستسلام، إلا أن لغة الشهداء كانت مع العدو فقط الرصاص والقنابل وخاضوا معركة الفصل مع عدوهم لعدة ساعات حيث شاركت طائرات الأباتشي والدبابات في قصف المنزل الذي قاد من خلاله الشهيد القائد أسعد الدقة معركة بطولية وملحمة للأجيال فأخذ يقصف خراف بني صهيون الذين يسعون لقتله هو وإخوانه الشهداء.
بعد ساعات عدة من الاشتباك المتواصل صمت الرصاص فجأة علا التكبير أرض عرابة الفداء، واعتلت أرواح الشهداء فوق عرابة لتعانق ارض الوطن ولتصطف نجوماً في سماء الوطن تنير الطريق للجيل القادم.
نعم لقد سقط الشهداء اسعد وسفيان ووائل وكذلك استشهدت شقيقة الشهيد سفيان الشهيدة الطفلة بلقيس عارضة، حيث هبت لتضميد جراح المجاهدين فاعتلت معهم إلى الجنان.
وبعد انتهاء العملية العسكرية في عرابة أعلن متحدث باسم الجيش أنه تم القضاء على خلية عسكرية كانت تشكّل خطراً كبيراً على الدولة العبرية وأن استشهاد المجاهدين كان من اكبر العمليات التي يقوم بها الجيش الضهيوني.
أبا الركاب وداعاً لروحك الطاهرة التي تلهمنا الإصرار لمواصلة الجهاد على دربك وإخوانك الشهداء وائل عساف وسفيان عارضة والشهيدة الزهرة بلقيس عارضة. هنيئاً لك الجنة التي كنت دائماً تسعى لها.
ولد الشهيد القائد أسعد دقة في مدينة عمان بتاريخ (20/11/1971م)، لأسرة فلسطينية أرضعته أمه فيها حليب العزة والأنفة والإباء، وربته منذ الصغر على الصدق والشجاعة والالتزام بالمسجد والصلاة، فلم يكن يغيب عن المسجد لارتباطه الشديد به وحبه الكبير ليبقى دائماً في رحاب الرحمن يعمل على تربية إخوانه التربية الصحيحة، نشأ أبو الركاب في ظل ظروف اقتصادية صعبة جعلته يتحمل المسؤولية منذ الصغر، أنهى الشهيد دراسته الأساسية والثانوية في مدارس بلدته عتيل حيث عرف عنه الذكاء والفطنة، بل كان من الطلبة المتميزين حيث كان من المتفوقين بالثانوية العامة مما أ هّله أن يلتحق بجامعة بيرزيت تخصص الهندسة الكهربائية، لكنه لم يستطع إكمال دراسته الجامعية بسبب تعرضه للمطاردة والاعتقال بسبب نشاطه البارز في صفوف حركة الجهاد الإسلامي.
صفاته:
إن من أهم ما كان يتميز به الشهيد القائد اسعد دقة رحمه الله انه كان صادقاً مخلصاً تقياً ورعاً عرف الإسلام منذ الصغر كمنهج للحياة فالتزم به وعاش، ومما يميز الشهيد اسعد صمته الذي كان يخفي وراءه بركاناً ثائراً من الجهاد والمقاومة، لم يكن يتكلم إلا بما هو هام وضروري، إن من يعرفه أو عايشه يدرك أن اسعد لم يكن على صفات عادية إنما كان مميزاً بكل صفاته وأخلاقه، كان يحب الأطفال الصغار حباً جما، حتى أن من يعرفه وكان يخالطه عندما كان مطارداً يعرف انه كان لا يترك صغيراً إلا ويداعبه ويمسح على رأسه، كان بمقام الأب للكثير من الأشبال الذين تربوا على يديه، كان فارساً مجاهداً صلباً عنيداً لا يخشى في الله لومة لائم، كان شامخاً كالجبال واسع الصدر كالصحراء الممتدة، ليّن الجانب كالغصن الطري، لم يكن يوماً متشائماً بل كان على الدوام يدعو الله أن يرزقه ما يطلب، كان رحمه الله يردد كثيراً من القرآن، بل انه كان يبدأ رسائله إلى إخوانه في السجون أو من يريد أن يبعث له برسالة بقوله تعالى في سورة براءة }وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ { (التوبة ـ 120)، هكذا كان لسان حال الشهيد دوماً يسعى دائماً ليغيظ أعداء الله ويدعو أصحابه لذلك لينالوا الأجر الذي أقره الله تعالى لهم في الآية الكريمة.
مشواره الجهادي:
إن ما يميز الشهيد أسعد مما جعله يستحق لقب القائد بجدارة هو مشواره الجهادي الممتد على أكثر من اثني عشر عاماً قضاها في الدعوة لله ومن اجل رفع راية الإسلام ونشر فكر حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، فمع حصول الشهيد على شهادة التوجيهي أخذ يدرس الهندسة في جامعة بيرزيت وهناك وجد الشهيد البيئة الإسلامية التي يسعى لها فوجد إخوانه أبناء الجهاد الإسلامي الذين كان يسمع بهم ويعشقهم، لأنهم يحملون كما كان يقول الفكر الإسلامي الأصوب، نعم لم يكن الشهيد مجرد عنصر يتلقى الأوامر ويلقي السمع فقط بل كان يحاور ويناقش بكل شيء لا يقتنع به، ولا يكتفي دائماً بأن يكون مجرد ناقلٍ بل كان يسعى لأن يطرح آرائه التي صنعت منه قائداً عظيماً، ومع ممارسة الشهيد لعمله النقابي الطلابي في إطار الجماعة الإسلامية في جامعة بيرزيت، تفتحت عيون الأعداء عليه وقاموا باعتقاله لفترة بسيطة، ولم يتمكنوا من انتزاع اعتراف منه لأنه كان صلباً لا ينكسر، كان يخشى أن يعترف للعدو لأنه يعتبر ذلك خيانة، وبما أن الجامعة هي نقطة التحول لدى الشعوب المكافحة، وبعد خروج الشهيد من السجن وعودته لممارسة نشاطه الطلابي، وعندما كان طلاب جامعة بيرزيت في مظاهرة، وكان الشهيد اسعد الدقة ممن قادوا هذه المظاهرة حيث كان كالأسد في أول الصفوف، أصيب برصاص المحتل إصابات قاتلة، حتى أشيع انه استشهد، وأخذت الجامعة طلاباً وإدارة يتوجهون للمستشفى للإطلاع على وضع الشهيد اسعد دقة، وبعد نقله للمستشفى ادخل إلى العناية المكثفة بعد إجراء العديد من العمليات الجراحية، وبعد فترة قليلة استعاد الشهيد عافيته، وخرج من المستشفى واستعاد نشاطه الجهادي، واستمر الاحتلال في ملاحقة الشهيد حتى تم اعتقاله، إن الشهيد اسعد الدقة اعتقل لدى العدو الصهيوني أكثر من خمس مرات وعند السلطة الفلسطينية 6 مرات، حيث تعرض للتعذيب الشديد في أريحا وجنيد وبيتونيا حيث عانى الشهيد كما عند الاحتلال من التعذيب الكثير إلا أن هذا كله لم ينل من عزيمته ولم تجعله يتزحزح قيد أنملة عن موقفه الرافض حتى للحديث مع جلاديه، كان أبو الركاب شامخاً يعلو فوق السحاب بروحه البهية وطلته الشامخة وبسمته المرسومة على وجهه الملائكي، ومع بداية انتفاضة الأقصى المباركة كان الشهيد يقبع في سجون السلطة للعام الثاني على التوالي في ظل اعتقاله السادس عند السلطة الذي لاقى فيه أصنافاً كثيرة من العذابات هو ووالدته الصابرة المجاهدة التي تم اعتقالها أيضا هي وأخوه المجاهد محمد، حيث كانت تعتقل ذويه بهدف ابتزازه والضغط عليه إلا أنه لم يكن يكترث بما يفعلون معه لأنه مقتنع انه على الصواب وهم على الخطأ، ومع خروجه من السجن بدأ الشهيد القائد مع إخوانه الشهداء إياد الحردان وأنور حمران وخالد زكارنة ومحمد بشارات بتأسيس سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وامتداداً للقوى الإسلامية المجاهدة (قسم) الذراع العسكري السابق للحركة.
كان للشهيد القائد دوراً بارزاً في قيادة السرايا في شمال الضفة الغربية حيث بدأ بتشكيل المجموعات والسرايا العسكرية واخذ يدرب إخوانه على السلاح وإعداد العبوات الناسفة والسيارات والأحزمة حتى أصبح على رأس قائمة المطلوبين لقوات الاحتلال، فحاولت قوات الاحتلال اغتياله في عام 2001 في مخيم طولكرم إلا انه برعاية الرحمن أصيب إصابات طفيفة ونجا من المحاولة الجبانة، كان للشهيد حضور متميز من خلال الاشتباكات المسلحة وزرع العبوات وإرسال السيارات المفخخة، حيث أرسل ألاستشهادي عبد الفتاح راشد، وكان يقف وراء قتل عدد كبير من الجنود في الاشتباكات وزرع العبوات، وكان من آخر عملياته البطولية ما يعرف بعملية معسكر بثان غربي طولكرم، حيث تسلل إلى داخل المعسكر وقتل جنديين وأصاب آخرين حسب إعلام العدو، وهذه العملية التي جعلت الاحتلال يكثف الحملة للنيل من الشهيد القائد اسعد الدقة.
الشهادة:
بعد أحداث 11 أيلول 2001 وحيث كان العالم كله موجهاً أنظاره ومسامعه إلى أمريكا كان الجيش الصهيوني يقتحم بلدة عرابة في جنين التي أحبها الشهيد القائد وعمل مع الكثير من المجاهدين فيها إياد الحردان وأنور الحمران، كان الشهيد موجوداً هو وإخوانه المجاهدين في منزل الشهيد المجاهد سفيان العارضة وعندما احكم الجيش الصهيوني إغلاق المنطقة ومحاصرة المنزل اخذ ينادي على الشهداء القادة اسعد دقة ووائل عساف وسفيان العارضة بالخروج والاستسلام، إلا أن لغة الشهداء كانت مع العدو فقط الرصاص والقنابل وخاضوا معركة الفصل مع عدوهم لعدة ساعات حيث شاركت طائرات الأباتشي والدبابات في قصف المنزل الذي قاد من خلاله الشهيد القائد أسعد الدقة معركة بطولية وملحمة للأجيال فأخذ يقصف خراف بني صهيون الذين يسعون لقتله هو وإخوانه الشهداء.
بعد ساعات عدة من الاشتباك المتواصل صمت الرصاص فجأة علا التكبير أرض عرابة الفداء، واعتلت أرواح الشهداء فوق عرابة لتعانق ارض الوطن ولتصطف نجوماً في سماء الوطن تنير الطريق للجيل القادم.
نعم لقد سقط الشهداء اسعد وسفيان ووائل وكذلك استشهدت شقيقة الشهيد سفيان الشهيدة الطفلة بلقيس عارضة، حيث هبت لتضميد جراح المجاهدين فاعتلت معهم إلى الجنان.
وبعد انتهاء العملية العسكرية في عرابة أعلن متحدث باسم الجيش أنه تم القضاء على خلية عسكرية كانت تشكّل خطراً كبيراً على الدولة العبرية وأن استشهاد المجاهدين كان من اكبر العمليات التي يقوم بها الجيش الضهيوني.
أبا الركاب وداعاً لروحك الطاهرة التي تلهمنا الإصرار لمواصلة الجهاد على دربك وإخوانك الشهداء وائل عساف وسفيان عارضة والشهيدة الزهرة بلقيس عارضة. هنيئاً لك الجنة التي كنت دائماً تسعى لها.
تعليق