بسم الله الرحمن الرحيم
الشهداء الستة .. كلمات من دمهم المسفوح
منذ أن نزل على الجميع خبر استشهادهم كالصاعقة .. و بعد مواراتهم الثرى .. و أنا أفكر في الكتابة عنهم .. أولئك هم الأكرم و الأطهر و الأشرف منا جميعا .. و منذ أيام قليلة , أمسكت ورقا و قلما لأكتب عنهم , فلم أستطع أن أكتب شيئا , تبعثرت الكلمات , وتداخلت الأفكار , و جف القلم فلم يكتب شيئا , حينها لم أعلم من أين أبدأ , هل أبدأ بالكتابة عنهم ؟؟ أم عن رفح التي أنجبتهم ؟؟ أم عن استشهادهم ؟؟ .. فألقيت الورق و القلم و لم أكتب سوى عنوان الموضوع .. حاولت الكتابة مرة أخرى , لكن قلمي وقف خجلا أمام عظمة الشهداء , لكني كنت مصرا على الكتابة هذه المرة .
إنها رفح العزة و البطولة .. رفح الأشلاء المتناثرة و الدماء المسفوحة .. رفح التي خرج من رحمها هؤلاء العظماء .. كما خرج منها قبلهم فتحي الشقاقي و أبو العيش و الشيخ خليل و أبو عطايا .. رفح التي مرغت أنف صهيون في التراب .. رفح التي ركع فيها الجيش الذي لا يقهر بحثا عن أشلاء جنوده كالكلاب .. رفح التي أسر على أرضها الجندي الصهيوني ( جلعاد شاليط ) .. رفح التي ما ذكرت في مكان إلا و ذكرت عمليات فتح خيبر و الفتح المبين و محور صلاح الدين .. رفح التي ما فتئت تخرج العظماء و الشهداء .. إنها التي صرخت في وجه الطغاة و المستكبرين " هيهات منا الذلة " .
أما عن الستة الشهداء .. فإليكم هذه الكلمات ..
أما أولهم الأمين العام للجان المقاومة القائد كمال النيرب " أبو عوض " , فهو رجل خرج من وسط المخيم , يرعى العديد من مراكز تحفيظ القرآن .. له الفضل الكبير بعد الله تعالى في حل أي مشكلة أو خلاف بين الفصائل في رفح .. يتمتع بحسن العلاقة مع الجميع ..
أما ثانيهم و شيخهم و القائد العام لألوية الناصر الشهيد القائد عماد حماد .. الملقب " العمدة " , من في رفح لا يعرف العمدة ؟ و أي مسجد في رفح لا يشهد له بالصلاة فيه ؟؟ من من أهل رفح سمعته يوما لا يذكره بخير ؟؟ من لا يعرف هذا الرجل صاحب اللحية الطويلة الكثيفة ؟؟ , أذكر أني رأيته قبل استشهاده بأيام في صلاة التراويح في أحد مساجد رفح و كان في الصف الأول و قد كان برفقته الشهيد القائد أبو عوض , و قد تكلم الشيخ يومها بموعظة قصيرة و كان فيها قصة مضحكة فلم أر العمدة يضحك مثل هذا اليوم .. لكننا لم نكن نعلم أنها ضحكة مودع , و أنه بعدها لن يصلي معنا مرة أخرى ..
أما الثالث و ما أدراكم عنه و عن مزاحه و شدة تواضعه .. إنه الشهيد القائد عماد نصر " أبو غسان " .. إنه ذلك الرجل الذي لا تفارق الابتسامة وجهه , يحب الشباب كثيرا , و يحب المزاح , متواضع بشكل كبير , إلى أنه يوم ارتقائه شهيدا رآه أحد أقاربه فقال له : " وين يا قيادي ؟ " فابتسم له أبو غسان و كأنه يعلم أنها الابتسامة الأخيرة و رد قائلا : " من تواضع لله رفعه " .. محبوب من جميع أقاربه و أصدقائه و جيرانه .. صليت الجمعة في المسجد الذي اعتاد على صلاة الجمعة فيه , فشعرت بفراغ في المسجد و كأن جدران المسجد تبكي فراقه .. كان ينوي السفر لأداء العمرة قبل استشهاده بيومين .. لكن قدر الله له أن لا يسافر ليصطفيه شهيدا .. اشترى قبل استشهاده بيومين فقط 500 مصحف و 500 سواك ليوزعها على الناس .. لكن شاء الله أن توزع على المهنئين باستشهاده .. غالبا ما يذكر بالموت فيقول : " اعمل للحفرة الصغيرة " .. يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر .. رحمك الله أبا غسان و تقبلك في عليين ..
أما رابعهم فهو قائد التصنيع في الألوية و الذي تم استهداف الشهداء في بيته .. إنه الشهيد القائد خالد شعت " أبو جميل " يشهد له مسجد علي بن أبي طالب القريب من منزله .. يشهد له كل من عرفه .. تشهد له جدران المخيم و حواريه و أزقته ..
و خامسهم أحد القادة العسكريين لألوية الناصر إنه الشهيد خالد المصري " أبو فراس " : ذلك الشاب المتواضع الصامت , قليل الكلام كثير الأفعال , تشهد له كل شوارع و جدران مدينة رفح ..
أما الطفل البرئ "مالك " الذي لا ذنب له سوى أنه طفل فلسطيني , كان والده يربيه على حمل الأمانة التي حملها هو من قبل , لم يصبر على فراق والد فارتقى معه شهيدا ..
رحم الله أولئك الشهداء .. رحمك الله يا أبا عوض .. رحمك الله يا عماد حماد .. رحمك الله يا أبا غسان .. رحمك الله يا أبا جميل .. رحمك الله يا أبا فراس .. و رحمك الله أيها الطفل مالك .. رحم الله جميع الشهداء و تقبلهم عنده في عليين .. مع النبيين و الصديقين و الشهداء و حسن أولئك رفيقا .. صحيح أن استشهادكم كان ضربة ليس للمقاومة وحدها , لكنه ضربة و فاجعة لكل فلسطين إلا المرجفين في الأرض الذين أسرهم خبر استشهادكم و أولئك نرد عليهم بقوله تعالى " فليضحكوا قليلا و ليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون " .. أما أنتم أيها الشهداء فنقول لكم : اطمئنوا فسيحمل الراية بعدكم رجال كثير و بلغوا منا رسول الله و صحابته و الشهداء السلام ..
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخوكم المحب لكم : عزالدين الفارس
السبت 12 شوال 1432
10/9/2011 م
الشهداء الستة .. كلمات من دمهم المسفوح
منذ أن نزل على الجميع خبر استشهادهم كالصاعقة .. و بعد مواراتهم الثرى .. و أنا أفكر في الكتابة عنهم .. أولئك هم الأكرم و الأطهر و الأشرف منا جميعا .. و منذ أيام قليلة , أمسكت ورقا و قلما لأكتب عنهم , فلم أستطع أن أكتب شيئا , تبعثرت الكلمات , وتداخلت الأفكار , و جف القلم فلم يكتب شيئا , حينها لم أعلم من أين أبدأ , هل أبدأ بالكتابة عنهم ؟؟ أم عن رفح التي أنجبتهم ؟؟ أم عن استشهادهم ؟؟ .. فألقيت الورق و القلم و لم أكتب سوى عنوان الموضوع .. حاولت الكتابة مرة أخرى , لكن قلمي وقف خجلا أمام عظمة الشهداء , لكني كنت مصرا على الكتابة هذه المرة .
إنها رفح العزة و البطولة .. رفح الأشلاء المتناثرة و الدماء المسفوحة .. رفح التي خرج من رحمها هؤلاء العظماء .. كما خرج منها قبلهم فتحي الشقاقي و أبو العيش و الشيخ خليل و أبو عطايا .. رفح التي مرغت أنف صهيون في التراب .. رفح التي ركع فيها الجيش الذي لا يقهر بحثا عن أشلاء جنوده كالكلاب .. رفح التي أسر على أرضها الجندي الصهيوني ( جلعاد شاليط ) .. رفح التي ما ذكرت في مكان إلا و ذكرت عمليات فتح خيبر و الفتح المبين و محور صلاح الدين .. رفح التي ما فتئت تخرج العظماء و الشهداء .. إنها التي صرخت في وجه الطغاة و المستكبرين " هيهات منا الذلة " .
أما عن الستة الشهداء .. فإليكم هذه الكلمات ..
أما أولهم الأمين العام للجان المقاومة القائد كمال النيرب " أبو عوض " , فهو رجل خرج من وسط المخيم , يرعى العديد من مراكز تحفيظ القرآن .. له الفضل الكبير بعد الله تعالى في حل أي مشكلة أو خلاف بين الفصائل في رفح .. يتمتع بحسن العلاقة مع الجميع ..
أما ثانيهم و شيخهم و القائد العام لألوية الناصر الشهيد القائد عماد حماد .. الملقب " العمدة " , من في رفح لا يعرف العمدة ؟ و أي مسجد في رفح لا يشهد له بالصلاة فيه ؟؟ من من أهل رفح سمعته يوما لا يذكره بخير ؟؟ من لا يعرف هذا الرجل صاحب اللحية الطويلة الكثيفة ؟؟ , أذكر أني رأيته قبل استشهاده بأيام في صلاة التراويح في أحد مساجد رفح و كان في الصف الأول و قد كان برفقته الشهيد القائد أبو عوض , و قد تكلم الشيخ يومها بموعظة قصيرة و كان فيها قصة مضحكة فلم أر العمدة يضحك مثل هذا اليوم .. لكننا لم نكن نعلم أنها ضحكة مودع , و أنه بعدها لن يصلي معنا مرة أخرى ..
أما الثالث و ما أدراكم عنه و عن مزاحه و شدة تواضعه .. إنه الشهيد القائد عماد نصر " أبو غسان " .. إنه ذلك الرجل الذي لا تفارق الابتسامة وجهه , يحب الشباب كثيرا , و يحب المزاح , متواضع بشكل كبير , إلى أنه يوم ارتقائه شهيدا رآه أحد أقاربه فقال له : " وين يا قيادي ؟ " فابتسم له أبو غسان و كأنه يعلم أنها الابتسامة الأخيرة و رد قائلا : " من تواضع لله رفعه " .. محبوب من جميع أقاربه و أصدقائه و جيرانه .. صليت الجمعة في المسجد الذي اعتاد على صلاة الجمعة فيه , فشعرت بفراغ في المسجد و كأن جدران المسجد تبكي فراقه .. كان ينوي السفر لأداء العمرة قبل استشهاده بيومين .. لكن قدر الله له أن لا يسافر ليصطفيه شهيدا .. اشترى قبل استشهاده بيومين فقط 500 مصحف و 500 سواك ليوزعها على الناس .. لكن شاء الله أن توزع على المهنئين باستشهاده .. غالبا ما يذكر بالموت فيقول : " اعمل للحفرة الصغيرة " .. يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر .. رحمك الله أبا غسان و تقبلك في عليين ..
أما رابعهم فهو قائد التصنيع في الألوية و الذي تم استهداف الشهداء في بيته .. إنه الشهيد القائد خالد شعت " أبو جميل " يشهد له مسجد علي بن أبي طالب القريب من منزله .. يشهد له كل من عرفه .. تشهد له جدران المخيم و حواريه و أزقته ..
و خامسهم أحد القادة العسكريين لألوية الناصر إنه الشهيد خالد المصري " أبو فراس " : ذلك الشاب المتواضع الصامت , قليل الكلام كثير الأفعال , تشهد له كل شوارع و جدران مدينة رفح ..
أما الطفل البرئ "مالك " الذي لا ذنب له سوى أنه طفل فلسطيني , كان والده يربيه على حمل الأمانة التي حملها هو من قبل , لم يصبر على فراق والد فارتقى معه شهيدا ..
رحم الله أولئك الشهداء .. رحمك الله يا أبا عوض .. رحمك الله يا عماد حماد .. رحمك الله يا أبا غسان .. رحمك الله يا أبا جميل .. رحمك الله يا أبا فراس .. و رحمك الله أيها الطفل مالك .. رحم الله جميع الشهداء و تقبلهم عنده في عليين .. مع النبيين و الصديقين و الشهداء و حسن أولئك رفيقا .. صحيح أن استشهادكم كان ضربة ليس للمقاومة وحدها , لكنه ضربة و فاجعة لكل فلسطين إلا المرجفين في الأرض الذين أسرهم خبر استشهادكم و أولئك نرد عليهم بقوله تعالى " فليضحكوا قليلا و ليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون " .. أما أنتم أيها الشهداء فنقول لكم : اطمئنوا فسيحمل الراية بعدكم رجال كثير و بلغوا منا رسول الله و صحابته و الشهداء السلام ..
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخوكم المحب لكم : عزالدين الفارس
السبت 12 شوال 1432
10/9/2011 م
تعليق