تفاصيلٌ مثيرةٌ من عملية الثأر للشيخ ياسين وبطليها أحمد القواسمي ونسيم الجعبري
حلت يوم أمس الحادي والثلاثين من آب الذكرى السنوية السابعة لاستشهاد القساميين البطلين أحمد القواسمي ونسيم الجعبري، الذين فجَّرا نفسيهْما في عملية استشهادية مزدوجة داخل حافلتي ركاب تابعة لشركة "دان"، لدى مرورهما أمام مبنى البلدية في مدينة بئر السبع، إحدي الحافلتين.
وقد أسفر الهجوم الاستشهادي المزدوج عن مقتل (17) صهيونياً وجرح نحو (100) آخرين.
واليوم تفتح "أمامة" مجدداً ملف التفاصيل المثيرة للعملية كما تحدث عنها المسئول عنها الأسير القسامي البطل محمود علي القواسمي في لقاءٍ سابقٍ مع موقع " احرار ولدنا" المتخصص في شؤون الأسرى في سجون الاحتلال.
حديث البطولة
كان الانفجار الأول الساعة 12:45 ظهراً، وبعد خمس دقائق مباشرة كان الانفجار الثاني .. بئر السبع عاصمة الجنوب كانت تشهد يوماً في تاريخها .... المخابرات الصهيونية أعطت الضوء الأخضر لجيش الاحتلال ليقوم باغتيال الشيخ أحمد ياسين مدعيةً أنها أنهت البنية التحتية لـ"حماس" في الضفة الغربية، لكن اتضح أن ذلك كان قد استثنى خلايا القسام التي نشطت في مدينة الخليل على أقل تقدير ....هكذا تناول الإعلام الصهيوني خبر دخول القسام مدينة بئر السبع بعملية استشهادية مزدوجة ردا على اغتيال الشيخ احمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي.
الموعد ..اليوم .. في مدينة بئر السبع أيضا لكن هذه ليست محطة الحافلات المركزية التي أصبحت لا يرى فيها عوجا ولا أمتا ..
إنها بئر السبع .. المركزي .. حيث الأسير محمود علي القواسمي أحد العقول المدبرة لعملية بئر السبع البطولية التي أدّت إلى مقتل 16 صهيونيا وجرح المئات .. "عندما بدأنا التجهيز للقاء .. احترنا في أية محاور نجعل المقابلة .. ففي كلّ زاوية في بيته موقف وقصة مع أحد أصدقائه الشهداء.
إن كتابة كل ما قاله أبو محسن جعل من اللقاء رواية من الأحزان والآمال، هذا ما جاء على موقع "أحرار ولدنا"، أما "أمامة" فاختارت من الحديث قصة استشهاد أحمد القواسمي ونسيم الجعبري، وعملية الثأر للشيخ ياسين كما وردت على لسان القسامي الأسير القائد محمود القواسمي.
عملية بئر السبع البطولية
" بعد استشهاد الشيخ احمد ياسين -رضي الله عنه- أصبح هنالك توجه عام لدى القسام بضرورة الرد السريع على هذه الجريمة وذلك بعملية استشهادية ترقى إلى مستوى الحدث، حيث اتفقنا على ضرورة الرد بالسرعة والقوة الموجعة" .
هذا ما قاله الأسير محمود القواسمي مضيفاً الكثير من التفاصيل، ومنها:" اجتمعنا بالمجموعة واتفقنا بأن يبحث كل منا عن خط عسكري ميداني متقدم، وكنا قد شكلنا بداية الأمر خلية عسكرية تعمل من داخل الكيان مكونة من إخوة مقدسيين".
تم الاتفاق على رصد الأهداف وإيصال الاستشهاديين إليها، لكن مشاكل إدارية ميدانية حالت دون نجاح المجموعة حيث تمكن مصعب الهشلمون من فتح خط مع استشهاديين جاهزين لتنفيذ عملية والهدف جاهز في مدينة بئر السبع التي كان يعمل فيها أحدهما .
وفي إحدى الجُمع المباركة خرج مصعب الهشلمون برفقة نسيم الجعبري من المسجد، وبدأ نقاش طبيعي كالذي يحصل بين أي اثنين.
قال نسيم:" لماذا لا تثأر حماس للشيخ ياسين؟"، فرد عليه مصعب وقتها:" لماذا لا تثأر أنت للشيخ ؟"، وقف نسيم قليلاً ليحلل الحدث، وبدأنا السؤال والبحث وجمع المعلومات وكانت المجموعة تضم مصعب الهشلمون، وباسل الهيموني، ومحمد القواسمي.
انطلق مصعب إلى نسيم وأخبره أنه من طرف الكتائب وعرض عليه العمل الاستشهادي، فوافق نسيم على الفور وانتظر الأوامر لتنفيذ العملية.
طلب أحمد من نسيم أن ينظمه معه في العمل وقال له أن لديه هدفاً جاهزاً في مدينة بئر السبع التي يعمل فيها .
رجع نسيم وأخبر مصعب بما حدث فوافقنا على ذلك بعد مراجعة ودراسة مستفيضة .
لحظة الانطلاق للعملية
في يوم الاثنين 30/8 /2004م، الساعة (11) مساءً في شارع مستشفى الأهلي القديم كانت نقطة استلام الاستشهاديين ليتم تصويرهما في إحدى الشقق السكنية التي أعدت لذلك.
يقول محمود القواسمي:" دخلنا الشقة ملثمين، وكانت معنا قطعة من السلاح من نوع أم 16 ومسدس وقنبلة يدوية كي تظهر مع الاستشهاديين أثناء تصوير الوصية.
ويضيف:" وهنا أذكر موقفاً حصل أثناء التصوير، فقد تلعثم نسيم أثناء قراءته للوصية واضطررنا لإعادتها أكثر من مرة فضحك الاخوة من ذلك ومازحوا نسيم فرد عليهم " مش الدور على اللي بحكي، الدور على إلي يفعل ... وغداً تعرف الرجال ... وبالفعل عرفناهم !!
وفي يوم الثاني -الثلاثاء 31/ 8/ 2004 م، الساعة (8 ) صباحاً -حضر الاستشهاديان إلى النقطة الميتة كي يستلموا الأحزمة ونقوم باجتماع أخير للتأكد من الخطة والمحاذير.
يتذكر محمود أنه أثناء الاجتماع تقرر إعطاء الاستشهاديين مبلغ (1000) شيكل لأي طارئ قد يحصل على الطريق فقرأ الآية ( يا أيها الذين آمنوا جاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله) فرفضوا المبلغ وأصروا أن يكون على حسابهم الخاص.
ويضيف:" ودّعناهم الساعة 8:15 بعد توصيتهم بالشفاعة لنا وأن يسلموا على أحبتنا من الشهداء وأخذنا ننتظر خبر العملية.
خبر العملية
بعد أن ودعنا الاستشهاديين وسلمنا الأمر وأخذنا قراراً بإخلاء منازلنا خشية أي خطأ يؤدي للوصول إلينا وأخذنا ندعو ونبتهل إلى الله ، يقول محمود واصفاً اللحظات الأخيرة قبل العملية.
ويضيف:" خرجنا إلى الخلاء وأخّذنا جهاز راديو كي نسمع الأخبار من الإذاعات الصهيونية التي أوردت خبراً مفاده أن الجيش ألقى القبض على استشهادي على معبر إيرز، وقتها ظننا أن الخبر يخصنا وأنه قد موه استخبارياً.
افترق محمود عن مصعب ثم عاد إليه، وبعد فترة إذا بمصعبٍ جالس في سيارة وينادي على محمود ويكاد يبكي من الفرح وهو يقول ( محمود .. عملية في بئر السبع).
يقول محمود:" لقد شعرنا بعزة خالد بن الوليد بعد الظفر والانتصار ..
لم أملك نفسي إلا البكاء والتكبير ثم اقتربت من مصعب وعانقته .
لم أجد نفسي الا متوجهاً إلى البيت مباشرة لأشاهد صور العملية وأخبارها".
ويضيف:" هنا حصل حدث فريد إذ أن الشهيد أخي مراد كان مسئولي في العمل وعلى إطلاع على كل ما نقوم به، فرجع مثلي إلى البيت ليشاهد الصور وجلست وإياه على التلفاز لا أنا أعلم أنه مسؤولي ولا هو يعلم أني في المجموعة، وبدأنا نحلل الأخبار حول العملية فمرة أقول: إني أتوقع أن يكون مصدرها سيناء، وكلام من هذا القبيل" .
في هذه اللحظة كبّـرت ودعت للشهداء بالقبول والرحمة وإن يحفظ الله من أشرفوا على العملية.
ويضيف:" انطلقت بعدها إلى ( نقطة ميتة ) في مقبرة مسجد الرباط لأصنع شريط فيديو أبين فيه العملية، فوق قبور الشهداء، فادي الفاخوري وحازم القواسمي وسفيان احريز الذين أقسمت الكتائب أن تنتصر لهم، وبعد نصف ساعة كان يذاع على القنوات الإخبارية خبر عاجل: تتبنى الكتائب العملية وتعلن عن أسماء فرسانها.. نسيم الجعبري وأحمد القواسمي.
تعليق