لم يتجاوز العامين ..
خرج بجرحٍ بسيط برأسه، وعاد جثة محترقة لم تشفع له طفولته!
الاستقلال / آمنة حميد
ضحكاتهُ التي مازالت عالقة في جدران البيت، وقُبَلهِ التي طبعها على رؤوس الأطفال الذين كانوا يلعبون معه قبل استشهاده بأقل من ساعة، وتلكَ الأحضان التي انهمرت على أمه وكأنهُ يخبرها فيها بأنه لقاؤنا الأخير يا أمي ..
المشهد: إسلام –ابن العامين- يلعب في ممر المنزل ينادي أبناء أعمامه وعماته وبناتهم للعب معه، يخرجُ ألعابه بعد أن قال لأمه " ماما مومي بدي ألعب" بمعنى أنه ينوي اللعب لكي تساعده في إخراج ألعابه لممر المنزل، يلعب إسلام؛ يضحك يناغي أمه برقة، يسقط إسلام فيصاب بجرح بسيط في رأسه ليهرع عمه الطبيب منذر قريقع ليطبب جرحه فيذهب مع أبيه وعمه على متن دراجة نارية على مجمع الشفاء الطبية رغم أنه جرحه البسيط جدا لا يستدعي تلك القطبة "الغرزة" لكن من شدة حرصهم على أن لا يتألم "إسلام" طويلا وكي يشفى بسرعة لكن قدر الله النافذ أن يستشهد إسلام ووالدهُ وعمه في نفس يوم ميلاده، التاسع عشر من رمضان ..
أم الشهيد إسلام قريقع،التي تصلبت خلف باب المنزل ترقب الرائح والغادي علّ إسلام يعود بسرعة بصحبة أبيه وعمه كي تملأ ضحكته المنزل حياة، لكن الفاجعة تمثلت في أن يكون انتظارها هذا لثلاث جثث متفحمة كانت جثة إسلام وصغر سنه الذي لم يشفع له عند صواريخ الطواغيت الأشد إيلاماً لها..
أم إسلام بصوتها المخنوق ودموعها التي مافتئت تتساقط كمطر قالت لــــــ" الاستقلال" : إسلام كان يحبني جدا، ومتعلقُ فيّ لدرجة جنونية كان لا يحب أن نذكر أمامه بأني حبلى أو أن في أحشائي شقيقاً له كي ينال هو وحده حظه الوافر مني، كما أنه كان يملأ عليّ الكون بضحكه ولعبه " مشيرة خلال حديثها إلى أن كل من يعرف إسلام لا يمكنه أن يتخيل أنه لم يتجاوز العامين لأنه يحب الناس ويخالطهم ذكي ونبيه ..
وأضافت أم الشهيد إسلام" زوجي معتز والذي كنت أتوقع دائما أنه سيفارقني وكان دائما يطلب مني أن استعد لهذا اليوم لكن الصدمة كانت أكبر من قدر تحملي فاستشهاد ابني وزوجي في ساعة واحدة وآن واحد كانت فاجعة حقيقية، لم أكن أتوقعها أبدا "
أم الشهيدين "معتز ومنذر" وجدة الشهيد "إسلام" قالت لــــ" الاستقلال" : استشهادهم الثلاثة كان جدا مرير على قلبي، لكن الأمر كان رؤيتي لجثة إسلام الذي لم يتجاوز العامين" محتسبة فقدهم عند الله عز وجل ..
وأضافت الحاجة أم منذر " الذي احتضنته منذ كان عمره أسبوع حتى تخرجت أمه، شاركته أدق تفاصيل حياته الصغيرة في نظر الجميع إلا نظري "إسلام ومنذر ومعتز" صدمة فقدهم بمثابة نار مشتعلة تحرق أضلعي"
مضت الجنازة تحمل جاثمين الثلاثة وخلفهم مئاتٌ من المحبين مكلومين مفجوعين على مشهد تفحم أشلائهم وتمزقهم وتحديداً جثمان الشهيد إسلام، جده الذي كان يضمه في طريق الجنازة بحزن شديد "المريض بورم في الدماغ" كان شديد الحزن على فقد إسلام يتحسر على أيامه بعد فقده ..
فقد صعد إسلام للجنة بصحبة عمه منذر الذي ترك خلفه زوجة وطفلين "باسم، يارا" وأبيه معتز وترك أمه وحيدةً تبكيهِ حد أنها لا تكاد تشعر للحياة طعم بعد أن فارقاها وتركاها وحيدة هي وجنينها الذي سيولدُ يتيماً وبلا شقيق .
تعليق