قصص متفرقة - ياسر عبد ربه لا يحلق ذقنه واسماعيل يحب اسماء
كتب رئيس التحرير - أعرف ان الجيل الجديد لا يملك الوقت الكافي للقراءة ، وخصوصا قراءة الكتب الكبيرة التي تحتاج الى اسابيع ، ولذلك احاول دائما ان اّتي على ذكر بعض العبارات التي تحبّب الناس بالمطالعة ، وفي بطن المكتبة العربية ما يثير الفضول ويفتح الشهية للاستدراك والاستنتاج بصورة غنية ومفيدة ... وفي قصص العرب ما يمكن ان يغني عن الاف المقالات السياسية التي تلعب في رؤوسنا ليل نهار ولا نصل معها الى نتيجة ... ولو أن المعنى كان دائما في بطن الشاعر .
نشرت صحيفة هارتس مؤخرا مذكرات المسؤول الاسرائيلي دان مريدور عن مفاوضات كامب ديفيد عام 2000 ، وجاء فيها حكايا وقصص كثيرة لم يؤكدها اي جانب فلسطيني او امريكي ، الا انها تبقى قصص من وجهة نظر المفاوض الاسرائيلي ، ومن بين ما نشر ان الزعيم عرفات رفض مقترحا امريكيا اسرائيليا يدعو الى تسمية مفاوض يتولى امر كل ملف من الملفات النهائية ، مثلا ابو علاء قريع يتولى ملف القدس ، عبد ربه يتولى امر ملف حق العودة وهكذا . الا ان عرفات رفض رفضا قاطعا هذا الاقتراح وبحسب وجهة نظر مرديدور ان عرفات لم يكن يثق ان يتولى اعضاء الوفد هذه الملفات من دونه لانهم ربما يوافقوا على الحلول الامريكية المقترحة .
ومن بين القصص ورد حرفيا : الساعة 14:00 نزلت انا ويوسي جينوسار بسيارته الى غرفة الطعام في كامب ديفيد على وجبة الغداء ، وكان جينوسار فشل في اقناع ايهود باراك بقبول الجلوس مع عرفات لوحدهما في مفاوضات باربع عيون وان باراك رفض الجلوس مع عرفات لوحدهما طوال 8 ايام مفاوضات ، ورفض ان ينفرد به عرفات ( بعكس القادة اليوم حيث الصورة انقلبت واسرائيل تطلب لقاءات ثنانية باربع عيون والقادة الفلسطينيون يرفضون ) ، في غرفة الطعام لم نجد سوى ابو علاء وياسر عبد ربه ، وكان ياسر عبد ربه قرر عدم حلاقة ذقنه الى حين تنجح المفاوضات ويوقع الاتفاق لكنه عاد وحلق ذقنه وعلى ما يبدو فقد الامل بنجاح اوسلو !!
ومن القصص ان المفاوضات كانت تتم في قاعدة عسكرية تابعة للمارينز وكان الاسرائيليون يخشون انه يجري التنصت على كل لكمة يقولونها فكان رئيس لجنة الخارجية والامن الاسرائيلي دان مريدور يكتب قصاصات ورق ويعطيها لباراك خشية التنصت .حيث كان الامريكيون مقتنعون انه يمكن الضغط على اسرائيل في ملفين هما اللاجئين والقدس . لذلك لم يكن الاسرائيليون يرمون قصاصات الورق خشية ان تقوم المخابرات الامريكية باعادة الصاقها وقراءتها .
والى بطون الكتب ، الى إسماعيل صبري باشا وهو أحد فرسان الإحياء والبعث في تاريخ الشعر العربي في العصر الحديث، و يُلقب بشيخ الشعراء. ولد سنة 1854م في القاهرة كتب شعرا رومانسيا جدا ، ومن اجمل الاشعار التي ظلّ الناس يحفظونها لظرافتها ، عن شاب اسمه اسماعيل يحب فتاة اسمها اسماء ، وبما انه لم يكن بين الناس حينها انترنت ولا تشات ولا فيس بوك ولا بلوتوث ، فقد كان يذهب ليطرق باب المنزل الثقيل بيده ، حتى تتعب يداه وظهره ، فكتب ينشدها ويقول :
طرقت الباب حتى كلّ متني ..فلما كلّ متني كلمتني
فقالت ايا اسماعيل صبرا فقلت يا اسما عيل صبرى
* ومن قصص العرب ان اعرابيا وجد طفلا يبكي على والده فاراد ان يعزيه وكان الاعرابي مولعا بالنحو في اللغة وسأله كيف وقعت الوفاة ؟
الإبن: لقد مات والدي يا عم .
العم النحوي: وكيف حدث ذلك، صفه لي ؟
الإبن: لقد تورمت رجليه.
العم: بل قل رجلاه
الإبن: ثم صعد الورم إلى ركبتاه
العم: بل قل ركبتيه
الإبن: ثم ما لبث أن تقرحت عينيه
العم: بل قل عيناه
وهنا رد الابن وقد فاض به الغضب : والله يا عم لموت أبي أهون علي من نحوك هذا .
والى العراق حيث كان عبد الكريم قاسم ضابط عراقي حارب في 1948 من اجل فلسطين وصار اول رئيس وزراء عراقي حتى اغتاله عبد الرحمن عارف، وقيل عنه انه صاحب نكتة ، ومن اشهرها انه ذهب لافتتاح مستشفى للامراض العقلية ، فوقف على بابها وقال انه يجب ان نضع اليافطة من داخل المستشفى وليس من خارجها ... ما يعني ان المجانين خارج المشفى وليس داخل اسوارها .
والى قصة حقيقية حدثت امامي عام 1999، حين جاء فنان معروف ، وطلب مني ان اساعده في الجلوس مع محمود درويش ، وكان هذا الفنان ، مقاطعا من جهة نقابة الفنانين لانه زار قبر اسحق رابين وقرأ الفاتحة على قبره !!!
ساعدته في الالتقاء بمحمود درويش وجلسنا في السكاكيني برام الله ، وقص الفنان قصته وشكى للشاعر درويش حاله المرير ، ظلّ محمود درويش يسمع ولا يرد ، ثم قال للفنان : هل انت سياسي ؟ هل تفكر ان ترشح نفسك للبرلمان ؟ ورد الفنان بالنفي . فصرخ في وجهه ( وانت مالك ومال رابين ولماذا تحشر نفسك في وارهاصات السياسة فتدمر ذاتك ؟ ) .
وامام الحاح الفنان ان يأخذ نصيحة الشاعر محمود درويش ، اعطاه النصيحة التالية : اياك ان ترد او ان تحاول الرد على غضب الناس ، فكلما عاندت الناس ورغبت في اقناعهم بالقوة عاندوك اكثر ، ولكن هناك نقطة واحدة في صالحك ، وهي ان الشعب الفلسطيني شعب طيب ويسامح وينسى .
تعليق