"ألو مرحبا.. فيتامين واو معي"..
الواسطة.. وصفة الحصول على وظيفة.. وحملة الشهادات "على الدور" !!
الاستقلال/ آمنة حميد
"رش بتخش".. كلمتان تعادلان ألفا في قاموس الشباب المحاصر بغزة ما بين حصار سياسي متمثل بإغلاق المداخل والمخارج والمنافس الاقتصادية من جهة، وحصار اجتماعي يرتكز أساسا على تثبيط الهمم وطمس القدرات الإبداعية لدى الشباب الكفء من الجهة الأخرى.
فالواسطة والمحسوبية قتلتا معايير التوظيف في غزة، وأبادتا جميع المقاييس والقوانين التي سُنت من أجل حماية إبداع الشباب وضمان مستوى معيشي يسمح لهم بحياة مستقرة اجتماعيا واقتصاديا وفكريا وإبداعيا ليتحول سوق العمل في غزة تصرا على حجم "الواسطة" المتدخلة في قرار التوظيف ومكانتها الاعتبارية لا بناء على كفاءات وقدرات، ولا حتى على ما يحمله الشاب من شهادة أكاديمية، سواء كان ذلك في مؤسسات المجتمع الحكومي أو في المؤسسات الخاصة.
أحلام مهنا خريجة كلية التربية -تخصص تكنولوجيا- من الجامعة الإسلامية بغزة بتقدير عام جيد جدا مرتفع.. أوضحت لـ"الاستقلال" أنها اعتادت منذ فترة طويلة أن تتقدم بطلب التوظيف للمؤسسات التعليمية في غزة سواء أكانت حكومية أو "وكالة"، ورغم نجاحها الدائم في اختبارات القبول فإنها لم تقبل بعد، مشيرة إلى شعورها بالحزن الشديد عندما تجد عددا من صديقاتها اللاتي تم توظيفهن بعيدا عن كفاءاتهن أو حتى معدل تخرجهن.
بينما اقتصرت إجابة محمد محيي الدين البالغ 25 عاما على: "احتراف النفاق= وظيفة في غزة".
أما المواطن بلال سلامة فقد قال: "أينما وجدت السلطة وجد الفساد طبعا، وفيتامين واو (الواسطة) مكون أساسي من مكونات الوظيفة في غزة والضفة، وغالبا ما يلعب وجود الانتماء السياسي للحزب المُراد الانتساب عنده في وظيفة عاملا يؤهل للفوز بالوظيفة دون أي تعب".
وفي السياق تحدث الشاب حسين حماد لـ"الاستقلال" عن أن ديوان الموظفين ومنذ فترة يعلن عن فتح باب تقديم الطلبات، "وهذا الأمر طبيعي، ولكن، لا جدوى من وراء تقديم الطلبات بل يتم التعامل مع الموضوع وفقا لنوع الواسطة الحزبية ومدى قوتها"، على حد وصفه.
وردا على سؤال "هل من الممكن أن يعود تفعيل الموضوع إعلاميا بالنفع على تحديد معايير الوظيفة في الضفة وغزة بعد إنهاء الانقسام؟" أجمع غالبية الشباب أن هذا الموضوع لن ينتهي إلا بعد أن يجري التوصل لاتفاق تطبيقي للمصالحة على أرض الواقع بضمان استمرارية الحياة باستقرار على كل الأصعدة.
غياب الحس الوطني
وحول موضوع الواسطة والمحسوبية للظفر بوظيفة حكومية أشار الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل إلى انتشار هذه الظاهرة بالفعل على أرض الواقع في فلسطين، "وذلك اعتمادا على قيام الشارع الفلسطيني بالأصل على النظام القبلي العشائري والنظام القبلي التنظيمي؛ مما قاد المجتمع الفلسطيني إلى انقسامه على نفسه وابتعاده كليا عن مراعاة المعايير الوطنية أو المهنية في كل أموره".
واعتبر عوكل -في حديث لـ"الاستقلال"- غياب المؤسسة التشريعية وغياب استقلالية القوانين وتغييب مراقبة السلطات التنفيذية.. الأسباب الأساسية لاستنزاف الوظائف وعدم وجود شواغر، "في ظل توظيف الشباب تبعا لمعايير تنظيمية فصائلية بحتة ليس لها أدنى علاقة بالمعايير والمقاييس الوطنية"، وفق تعبيره.
وزاد بالقول: "السلطة الفلسطينية بنيت على أساس فصائلي على امتداد تاريخها، وحين انقسمت أيضا انقسمت على أساس فصائلي لا انقساما لخدمة المصلحة العامة، وهذا الأمر هو الذي زاد تحكم الحزبية في كل مفاصل العمل الوطني وعلى كل أصعدته الخاصة والعامة".
وأكد المحلل السياسي أن نشر نظم المسائلة وسيادة النزاهة في المشهد الفلسطيني ليس بعيد المنال، "وليس حلما إذا كان التعامل مع القضية الفلسطينية على أساس يخدم المصلحة الوطنية فقط".
ليست عامة
الدكتور يوسف صافي -مدير مركز هدف لحقوق الإنسان- أكد بدوره أن ظاهرة انتشار المحسوبية والمحاباة في التوظيف موجودة لا شك، "لكنها في النهاية ليست ظاهرة عامة، وإنما مشكلة تحتاج للمعالجة".
وأوضح صافي لـ"الاستقلال" أهمية النزاهة الاجتماعية في ظل انتشار التغليب السياسي "الفصائلي" على الترجيح المهني، وقال: "غالبا ما يكون هناك معايير حزبية وأمنية لدى كل طرف من الأطراف في العمل الحكومي على صعيدي غزة والضفة"، مشيرا إلى أن هناك العديد من الظواهر التي ساهمت في وجود الواسطة وانتشارها، "وهي تضخيم ظاهرة الأنا بعد انتشار البطالة وما آلت إليه الأمور.. نهاية إلى قلة التناسب بين التخصصات الأكاديمية كما وكيفا مع سوق العمل".
وأضاف د. صافي: "القضاء على مثل هذه الظاهرة يتطلب وحدة الصف الفلسطيني إضافة إلى ضرورة التركيز على تفعيل ثقافة "المتابعة" في المجتمع المدني عبر تآلف قلوب المؤسسات الحكومية والأهلية والمدنية والقطاع الخاص للعمل على تعزيز ثقافة العدالة والنزاهة المجتمعية".
الواسطة.. وصفة الحصول على وظيفة.. وحملة الشهادات "على الدور" !!
الاستقلال/ آمنة حميد
"رش بتخش".. كلمتان تعادلان ألفا في قاموس الشباب المحاصر بغزة ما بين حصار سياسي متمثل بإغلاق المداخل والمخارج والمنافس الاقتصادية من جهة، وحصار اجتماعي يرتكز أساسا على تثبيط الهمم وطمس القدرات الإبداعية لدى الشباب الكفء من الجهة الأخرى.
فالواسطة والمحسوبية قتلتا معايير التوظيف في غزة، وأبادتا جميع المقاييس والقوانين التي سُنت من أجل حماية إبداع الشباب وضمان مستوى معيشي يسمح لهم بحياة مستقرة اجتماعيا واقتصاديا وفكريا وإبداعيا ليتحول سوق العمل في غزة تصرا على حجم "الواسطة" المتدخلة في قرار التوظيف ومكانتها الاعتبارية لا بناء على كفاءات وقدرات، ولا حتى على ما يحمله الشاب من شهادة أكاديمية، سواء كان ذلك في مؤسسات المجتمع الحكومي أو في المؤسسات الخاصة.
أحلام مهنا خريجة كلية التربية -تخصص تكنولوجيا- من الجامعة الإسلامية بغزة بتقدير عام جيد جدا مرتفع.. أوضحت لـ"الاستقلال" أنها اعتادت منذ فترة طويلة أن تتقدم بطلب التوظيف للمؤسسات التعليمية في غزة سواء أكانت حكومية أو "وكالة"، ورغم نجاحها الدائم في اختبارات القبول فإنها لم تقبل بعد، مشيرة إلى شعورها بالحزن الشديد عندما تجد عددا من صديقاتها اللاتي تم توظيفهن بعيدا عن كفاءاتهن أو حتى معدل تخرجهن.
بينما اقتصرت إجابة محمد محيي الدين البالغ 25 عاما على: "احتراف النفاق= وظيفة في غزة".
أما المواطن بلال سلامة فقد قال: "أينما وجدت السلطة وجد الفساد طبعا، وفيتامين واو (الواسطة) مكون أساسي من مكونات الوظيفة في غزة والضفة، وغالبا ما يلعب وجود الانتماء السياسي للحزب المُراد الانتساب عنده في وظيفة عاملا يؤهل للفوز بالوظيفة دون أي تعب".
وفي السياق تحدث الشاب حسين حماد لـ"الاستقلال" عن أن ديوان الموظفين ومنذ فترة يعلن عن فتح باب تقديم الطلبات، "وهذا الأمر طبيعي، ولكن، لا جدوى من وراء تقديم الطلبات بل يتم التعامل مع الموضوع وفقا لنوع الواسطة الحزبية ومدى قوتها"، على حد وصفه.
وردا على سؤال "هل من الممكن أن يعود تفعيل الموضوع إعلاميا بالنفع على تحديد معايير الوظيفة في الضفة وغزة بعد إنهاء الانقسام؟" أجمع غالبية الشباب أن هذا الموضوع لن ينتهي إلا بعد أن يجري التوصل لاتفاق تطبيقي للمصالحة على أرض الواقع بضمان استمرارية الحياة باستقرار على كل الأصعدة.
غياب الحس الوطني
وحول موضوع الواسطة والمحسوبية للظفر بوظيفة حكومية أشار الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل إلى انتشار هذه الظاهرة بالفعل على أرض الواقع في فلسطين، "وذلك اعتمادا على قيام الشارع الفلسطيني بالأصل على النظام القبلي العشائري والنظام القبلي التنظيمي؛ مما قاد المجتمع الفلسطيني إلى انقسامه على نفسه وابتعاده كليا عن مراعاة المعايير الوطنية أو المهنية في كل أموره".
واعتبر عوكل -في حديث لـ"الاستقلال"- غياب المؤسسة التشريعية وغياب استقلالية القوانين وتغييب مراقبة السلطات التنفيذية.. الأسباب الأساسية لاستنزاف الوظائف وعدم وجود شواغر، "في ظل توظيف الشباب تبعا لمعايير تنظيمية فصائلية بحتة ليس لها أدنى علاقة بالمعايير والمقاييس الوطنية"، وفق تعبيره.
وزاد بالقول: "السلطة الفلسطينية بنيت على أساس فصائلي على امتداد تاريخها، وحين انقسمت أيضا انقسمت على أساس فصائلي لا انقساما لخدمة المصلحة العامة، وهذا الأمر هو الذي زاد تحكم الحزبية في كل مفاصل العمل الوطني وعلى كل أصعدته الخاصة والعامة".
وأكد المحلل السياسي أن نشر نظم المسائلة وسيادة النزاهة في المشهد الفلسطيني ليس بعيد المنال، "وليس حلما إذا كان التعامل مع القضية الفلسطينية على أساس يخدم المصلحة الوطنية فقط".
ليست عامة
الدكتور يوسف صافي -مدير مركز هدف لحقوق الإنسان- أكد بدوره أن ظاهرة انتشار المحسوبية والمحاباة في التوظيف موجودة لا شك، "لكنها في النهاية ليست ظاهرة عامة، وإنما مشكلة تحتاج للمعالجة".
وأوضح صافي لـ"الاستقلال" أهمية النزاهة الاجتماعية في ظل انتشار التغليب السياسي "الفصائلي" على الترجيح المهني، وقال: "غالبا ما يكون هناك معايير حزبية وأمنية لدى كل طرف من الأطراف في العمل الحكومي على صعيدي غزة والضفة"، مشيرا إلى أن هناك العديد من الظواهر التي ساهمت في وجود الواسطة وانتشارها، "وهي تضخيم ظاهرة الأنا بعد انتشار البطالة وما آلت إليه الأمور.. نهاية إلى قلة التناسب بين التخصصات الأكاديمية كما وكيفا مع سوق العمل".
وأضاف د. صافي: "القضاء على مثل هذه الظاهرة يتطلب وحدة الصف الفلسطيني إضافة إلى ضرورة التركيز على تفعيل ثقافة "المتابعة" في المجتمع المدني عبر تآلف قلوب المؤسسات الحكومية والأهلية والمدنية والقطاع الخاص للعمل على تعزيز ثقافة العدالة والنزاهة المجتمعية".
تعليق