إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(وطوت قلبها على ذكريات لا تموت)..بقلم / عبد الله الشاعر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • (وطوت قلبها على ذكريات لا تموت)..بقلم / عبد الله الشاعر

    (وطوت قلبها على ذكريات لا تموت)..

    عبد الله الشاعر

    حنانيك يا الله.. ماذا يصنع القدر.. كيف ستمضي الأخبار مثقلة بالحزن ومبللة بالدموع ؟..
    وهل تقوى على امتحان صبرهم وجلدهم؟..
    هو طارق يقارع السجان.. يحطم غروره.. يلقنه في التحدي دروسا, وزرع في يقينه قناعات من اليأس لا تنفد..
    هي منى ترتل في ظلمة الزنزانة آيات صمودها.. يحاول السجان كسر إرادتها فتستعصي على الهزيمة.. تخاطب في ذروة المحنة طيفا لأمها، فيرد الطيف: صبرا أيا أماه صبرا, فتزداد منى إصرارا وشموخا..
    وعلى حافة الموت وأهبة الرحيل كانت الأم تلقي بجسدها وأحلامها.. بصمت تئن.. ولطالما صُبت عليها البلايا ولم تجزع..
    كانوا ثلاثة من الأبناء وأخرى شقيقة.. محمود, وطارق, ومعاوية, ومنى.. وكان القيد يدمي معاصمهم ولم تجزع.. تبيّض عيناها من الحزن ولم تجزع.. لكن المرض واصل زحفه فوق جسدها وظلت تستعصم بحبل الله, وتهدهد في الليل أحزانها وتغفو على وعد "بان الأحبة موعدهم غدا"..
    ومضى طارق ومنى في رحلة الواجب, وعلى أكفهم يتأهب المستحيل.. لكن ثمة شيء صار يقلقهم, وطيف الأم لم يبرحهم أبدا.. "هل أصاب الحجة مكروه؟".. تصرخ منى بأعلى كبريائها.. فيرد طيف لطارق: "لا يا اخيّة فأمي تعودت الانتصار على المرض بالصبر والدعاء.. فهل أصبحت تجهلين أمي؟"..
    - "لكنني رأيتها تبكي وأخوتي يسترقون الدمع بعيدا عن ناظريها"..
    - "هذي وساوس القيد, وحنينك لأم تعودت –آخر الليل- أن تلقي برأسك على صدرها"..
    - "آمل ذلك لكنني لا أستطيع إخفاء قلقي هذه المرة يا أبا خالد"..
    كانا أخوين وبينهما حبل سريّ وأطياف ورؤيا.. لكن أم محمود -على غير ما تعودت من المرض- يجلس الأبناء والخلان حول سريرها فتحدق فيهم بصمت.. تقلّب وجهها في الحاضرين وفي عينيها أسئلة موجعة.. شفتاها بلا حراك لكنهما أوحتا بكلام كثير..
    أدرك محمود ومعاوية أنها تفتش عن مهجتيها منى وطارق, فماذا عساهم يجيبون؟..
    يتمالك محمود نفسه ويكتم في القلب حزنه ويهمس في أذن أمه شيئا من الوعد والآمل, ثم يقول: "أليس كذلك يا معاوية ؟.." يجيب معاوية بصوت لا يستطيع إخفاء حشرجته: "بلى يا حبيبة قلبي، فمنى وطارق عما قريب سيفرج عنهما ويعودان للبيت, وينعمان برؤيتك".
    لكن أم محمود لا تجيب, وصار الموت يزحف نحو أطرافها, ولكنها بصمت تئن, وبصمت –كذلك– تلفظ آخر أنفاسها"..
    خيّم الصمت على الحاضرين, واستغرقوا جميعا في الصمت والتأمل, ولكن الأجهزة الطبية المثبتة على جسدها قطعت كل صمت وأنهت كل أمل، وقد توقف ما تبقى لديها من قلب عن العمل.
    آه يا قدس.. لقد عاشتك أم محمود وجعا وحلما وأمانيّ.. على حبها اجتمعت والأبناء.. ولأجلها عانقوا الغربة والقيد والجراح.. وها هي ذي تأبى أن تموت إلا في رحابها, وتقضي آخر ما تبقى لها من حياة قرب مسجدها.. كان يوما أو بعض يوم فلا بأس لكنه كان في رحابها..
    ومضت جنازتها تمشي الهوينى.. فما بين القدس وجنين أحزان وحواجز وواقع يفطر القلب, ولكن جسدها أصر على وداع مدن كانت تطوي عليها شغافها, وشبان كانت تربّت على أكتافهم وتدعو لهم بالنصر..
    وصل الجثمان مسقط الرأس "عرابة".. وهناك ثمة أمل لدى عائلات الشهداء بأن توارى أم محمود قرب أبنائهم.. إنها الرغبة المكتومة لدى ذوي الشهيد أنور حمران, وكذا الحال لدى ذوي الشهداء إياد الحردان, وسفيان العارضة, ووائل عساف, وقائمة من المجد تطول.. لكن أم محمود لا تملك إلا جسدا واحدا فكيف ستوزعه على كل مقابر عرابة؟..
    قبل الرحيل كان القلب موزعا على الجميع, ولسانها يلهج بالدعاء للجميع, فكيف لها بعد الموت أن تضمهم جميعا؟..
    ثمة من يقترح بأن تجمع أشلاء الشهداء وتوضع معها في القبر وبذاك ترضي طموح العائلات, "وإذا تعذّر ذلك فليكن معها في القبر شيء من ذكراهم"..
    - "لكن منى وطارق في الأسر فمن سيوصل لهم النبأ؟"..
    على استحياء ستمشي الاقتدار.. تدقّ على طارق أبواب زنزانته وتلقي على مسامعه الناب وتمضي.. حياء تعود الأقدار أدراجها قبل أن تبصر في عيني أبي خالد الغصّة والدمع، وقد تعودت ألا ترى في محيّاه إلا الصمود والتحدي..
    آه ما أعصب أن يبكي الرجال.. لكنها الأم يا عالم, وهذا الموت يعني فراقا للأبد!!..
    صرخ طارق بأعلى صوته: "أمي.. أمي.. أمي".. تجاوز الصوت حدود السجن.. تلقفته حاسة الإخوة وكان في القلب جوع لحنين لا ينضب.. أدركت منى أن القلب الذي طالما غمرها بالحب قد توقف عن الخفقان, وأن الجسد الذي طالما فتح ذراعيه لضمها قد ضمه القبر.. بكت الخنساء بحرقة وأخفت عن السجان دموعها.. أحست في ذروة الحزن أن القلب قد بلغ الترقوة, وأن روحها في صعود لكنها آنست من جانب الزنزانة يدا تشد على يديها, وصوتا شجيا ينادي: "أيا أماه صبرا, فتجمّلت بالصبر, واستعصمت بالحبل, وطوت قلبها على ذكريات لا تصدأ"..

    ***
    أم محمود هي والدة المجاهدين من آل قعدان، ولها ولدان في السجن هما: طارق ومنى، وقد وافتها المنية يوم الجمعة بعد معاناة طويلة مع الاحتلال والمرض.. رحمها الله وأسكنها فسيح جناته..

    هيك فلّ من عنّا اخر مرة حدا فكر يسحب سلاح المقاومة ! << يقول لبنانيون ..

  • #2
    رد: (وطوت قلبها على ذكريات لا تموت)..بقلم / عبد الله الشاعر

    اخواننا "طارق ومنى " دفعو ضريبتهم للدين من حريتهم ,,
    والناس تزعم نصر الدين مجانا ,, يامن تدعى نصر الاسلام مجانا ..
    هلا أقمت على كلامك هذا برهانا ,,
    هذا هوق قدر العظماء ,,



    التحية كل التحية للاخوة القادة الشيخ "طارق قعدان "
    وللداعية الاخت "منى قعدان "..
    ورحم الله الام الصابرة والمحتسبة "ام محمود "

    تعليق

    يعمل...
    X