عمد فلسطينيو لبنان الذكرى الثالثة والستين لنكبة فلسطين عام 1948 بالدماء، اذ سقط 10 شهداء وأكثر من 112 جريحا إصابات بعضهم خطرة، سالت على بعد أمتار من الاراضي الفلسطينية المحتلة قرب الشريط الشائك في بلدة "مارون الراس" لتصرخ غضبا ثائرا بوجه المحتل الصهيوني القابع خلف دباباته "الشعب يريد العودة.. الى فلسطين.. واننا عائدون".
حول لاجئو مخيمات لبنان ذكرى النكبة من "الالم الى الأمل" رغم الدماء التي سالت، اذ زحف الالاف من ابناء المخيمات منذ ساعات الصباح الاولى ومن مختلف الاعمار: كبارا وصغارا، رجالا ونساء يميزهم جيل الشباب ومن كافة الانتماءات السياسية والشعبية الى جانب مستقلين الى بلدة مارون الراس تحت شعار "الشعب يريد العودة الى فلسطين"، فوقفوا على بعد مئات الامتار من الحدود الفلسطينية المحتلة يظللهم العلم الفلسطيني وحده وشعارات تؤكد على حق العودة ورفض التوطين، فتلاقى صدى هتافهم مع هتاف اخوانهم في الداخل الفلسطيني والاردن والجولان ومصر لتؤكد أن الشعب الفلسطين واحد.
عند الساعة الواحدة الا ربعا، اقيمت صلاة الظهر التي أمها رئيس رابطة علماء فلسطين الشيخ بسام كايد الذي رفع دعاء الى الله قال فيه يالله ردناالى فلسطين سالمين غانمين، نسألك بعزتك العظمة وكلماتك ان تنصرناعلى اعدائك اليهود الغاصبين، فانت اقوى منطائراتهم ودباباتهم وجموعهم، لقد تركنا بيوتنا ونقف عند مشارف بلادجنا فلسطين فردنا اليها سالمين غانمين".
شهداء وجرحى
وعلى وقع الاغاني الوطنية وهتافات فلسطين، بدأت نشاطات اليوم المفتوح لاحياء الذكرى، وسرعان ما اندفع المئات من الشبان الذيتتتراوح اعمارهم ما بين 12 ـ 20 عاما الى النزول الى الشريط الشائك ودون اي تعلميات من احد، باندفاع ذاتي تأخذهم الحماسة والعزة، وحاول عناصر الجيش اللبناني ولجنة الانضباط منعهم دون جدوى، فأطلق العيارات النارية في الهواء قبل ان يبدأوا برشق الحجارة تجاه فلسطين المحتلة وجنود الاحتلال الاسرائيلي الذين كانوا على بعد منهم، وهم يرددون "اننا عائدون"، "بالدم بالروح نفديك يافلسطين"، لكن المفاجأة ان جنود الاحتلال فتحوا النار الحي والمباشر ودون سابق انذار على الرؤوس والصدور، ما ادى الى سقوط 10 شهداء واكثر من 112 جريحا بعضهم في حال خطرة وقد توزع الجرحى على مستشفيات: صلاح غندور، المستشفى الحكومي في مدينة بنت جبيل كما تم نقل ست جرحى الى مستشفيات صور لخطورة اصابتهم.
الشهداء والجرحى
وذكرت مصادر أمنية لـ "صدى البلد"، ان الشهداء هم "عماد ابو شقرا، عبد سعيد صبحة (عين الحلوة)، محمد ابو شليح (المية ومية)، صالح ابو رشيد، محمد سمير صالح، حسن موسى، محمد صياد الصفدي، ومحمد سمير الفندي ـ البرج، محمود سالم ـ البص..
ومن بين الجرحى المعاون في قوى الامن الداخلي حاتم جبر، والجندي في فوج المغاوير في الجيش اللبناني مصطفى بكور والجرحى هم: جابر العبد غزالي، حسن محمد موسى، عزي قندالي، محمد احمد شليطي، عادل عدنان عداوي، اسامة محمد احمد، محمد عبد النصار الحسن، وسام محمد الجردي، حسين اليوسف، عمر عاصي، احمد عمر سعيد، وائل نبيل صادر، محمد رضوان ذياب، عماد مصطفى عبد الله، محمد حسين الرفاعي، محمد عزام، علي فرج محمد، عيسى محمد، هناء يحي، محمد الرفاعي، حسين حسن السيد، محمد فرحات، وجدي شحادي البداوي، هيثم محمد هيرس، خضر حصري، شادية دراع، محمد يوسف ابو الشيخ، محمد يوسف سليمان، محمد منير مزين، محمد العربي، رضوان الوافي، شادية محمد، عادل زهير الخطيب، رفعت شبايطة، عماد عوض، سعيد الجبري، زكريا علي، سعيد عامري، وليد دياب، محمد المعنى، محمد اسماعيل الرحمن، وليد خالد الميس، مروان محمد الدرويش، يعرب محاميد، عيسى يوسف القط، منير المصري، محمود سلوم، علي خدوج، غسان حماد، عماد وهبي، محمد زكور، محمد الحاج احمد، اسعد ديب، يوسف شعبان وقاسم موسى.
بينما ذكرت مصادر طبية، ان صعوبات جمة واجهت فرق الاسعاف في نقل جثامين الشهداء وانقاذ الجرحى، اذ ان المنطقة القريبة من الشريط الشائك تقع في منحدر زراعي على بعد مئات الامتار من الطريق العام، ما إضطر الشبان انفسهم الى نقلهم بعضهم قبل وصول فرق الاسعاف.
وعلى مدى أكثر من اربع ساعات، تواصلت المواجهة بين الطرفين: شبان فلسطينيون عزل الا من العلم الفلسطيني يرشقون الحجارة غير آبهين بالموت او الاصابة حتى انهم لم يحاولوا قص الشريط الشائك، فيما جنود الاحتلال يتمركزون خلف الاشجار والاليات العسكرية ويطلقون الرصاص الحي، الى ان جرت اتصالات دولية ـ لبنانية اثمرت على ارض الواقع نزول الجيش اللبناني الى المنطقة وتفريق الشبان منعا لسقوط المزيد من الشهدجاء والجرحى، بينما كانت طائرات مروحية اسرائيلية تحلق في الأجواء مقابل المنطقة وتراقب كل حركة فيها.
وتزامنا مع المواجهات، كانت انشطة اليوم المفتوح لاحياء ذكرى النكبة تتواصل وسط حماسة مع ارتفاع عدد الشهداء والجرحى، خيث القى عدد من الشبان اللبنانيين والفلسطينيين كلمات اكدت على حق العودة ورفض التوطين وان تحرير فلسطين كل فلسطين هدف نبيل يستحق الاستشهاد من اجله"، ثم جرى اطلاق بالونات بلون العلم الفلسطيني ووصلات فنية فلكلورية من وحي النكبة.
مشاركون: عائدون
وقال الحاج علي الحنفي الذي كان يحمل مفتاح منزله في فلسطين "لقد جئت لاتنشق هواء وطني من جديد، وامتع ناظري بجماله، كل يوم انام واستيقظ واحلم بالعودة اليه"، بينما قالت الحاجة فاطمة موسى "ان الأمل بالعودة اقترب، زحفنا نحو الحدود هذا العام وهو بداية نهاية اسرائيل والعام القادم انشاء سنزحف نحو فلسطين نفسها".
وفيما قالت الطالبة علا شناعة "جئت ارفع الصوت عاليا واقول للعالم اجمع والمجتمع الدولي ان ذكرى النكبة لن تمر بعد اليوم مرور الكرام، واننا متمسكون بحق العودة ولا تنازل عنه مهما طال ليل الاحتلال"، قال الشاب مصطفى حجير "لقد رشقت جنود الاحتلال الاسرائيلي بالحجارة، لقد شفيت غليلي، اردت ان اقول لهم نحن عائدون.. ولن نتراجع".
شكوى النقص
وكان يوم احياء الذكرى قد بدأ باكرا، حيث احتشد المشاركون في محطات حددتها لجنة المسيرة وشكا كثيرون من قلة الحافلات، الامر الذي دفع بعضهم الى الاحتجاج وافتراش الارض عند مدخلي عين الحلوة، بينما انتشر عناصر قوى الامن الداخلي بمواكبة مباشرة من قائد منطقة الجنوب الاقليمية العميد منذر الايوبي على طول الطرق المؤدية الى الحدود مع فلسطين المحتلة وقاموا بتسهيل حركة مرور الحافلات والسيارات، الا ان كثافة المشاركة والتي قدرت بنحو 40 الف، ارخت زحمة سير خانقة وتوقف بعضها في بنت جبيل وسار مشيا على الاقدام الى مارون الراس.
هذا، واقيمت مراكز استقبال على النقاط الرئيسية المؤدية الى الحدود ونصبت الخيم واعد طعام الفطور وجرى توزيع المياه والاعلام الفلسطنية واللبنانية واعلام المقاومة الاسلامية في المراكز المذكورة، كما إنتشرت سيارات الدفاع المدني والاسعاف الاولى لعدد من الجمعيات الانسانية اللبنانية والفلسطينية.
اتصالات ومسؤولية
سياسيا، سارعت حكومة "اسرائيل" الى تحميل الرئيس السوري بشار الاسد مسؤولية ما جرى، واعلنت المنطقة الشمالية عسكرية مغلفة، ودفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة حيث انتشر عدد كبير من جنود العدو الاسرائيلي عند الحدود اللبنانية الى جانب دبابات الميركافا وسيارات الجيب الهامر التي تمركزت في البساتين والاراضي المجاورة لبلدة مارون الراس، وذلك على وقع اتصالات دولية لضبط الوضع حيث اعلن الناطق باسم قوات "اليونيفيل" ميراج سنغ ان "اليونيفيل" قامت باتصالات مع الاطراف كافة لحضهم على إبداء اقصى درجات ضبط النفس من اجل تفادي وقوع اصابات أخرى في صفوف المتظاهرين الفلسطينيين.
وحلقت طائرات مروحية تابعة لقوات "اليونيفيل" فوق المحتشدين واوضح نائب الناطق الرسمي باسم اليونيفيل اندريا تيننتي اشار ان القوات المسلحة اللبنانية طلبت من اليونيفيل المساعدة في المراقبة من الجو لمناطق تقع على طول الخط الازرق، قائلا "ان مروحيات اليونيفيل تقوم بمساعدة الجيش اللبناني في هذا الاطار كما تستمر بالقيام باعمالها في شكل عادي، ويبقى تركيزها على امور تتعلق بمهماتها المنصوص عليها في قرار مجلس الامن 1701، وان القوات المسلحة اللبنانية هي المسؤولة عن الامن والنظام والقانون في المنطقة و"اليونيفيل" تعمل في اطار تنسيق وثيق مع الجيش اللبناني".
تعليق