"لا تفارقني"
الصحافية إيمان تراقب قلب زوجها الصحفي محمد عثمان
الصحافية إيمان تراقب قلب زوجها الصحفي محمد عثمان
" أرجوك لا تفارقني، لم يمض كثيرا من الوقت لنفترق" كلمات لم تبح بها بعد إيمان إنها تعصف برأسها، تضربها، تكاد تخنقها، تريد أن تطمئن أن زوجها الذي حمل الكاميرا وبدأ مشوار حياته كمصور صحفي سينهض مجدداً ويقهر الجراح ويحمل بين يديه طفله الأول بعد وقت قريب.
إيمان كتبت كثيراً عمن أصيبوا بنيران الاحتلال، عمن كتب مذكراته وفارق أهله ليستشهد في سبيل وطنه، كتبت عمن أوصى وصية وعمن نسي أن يوصي، إيمان هرعت إلى المستشفى لأن توأم روحها ورفيق دربها لشهور بات ليلته رهين الألم والإصابة.
في زاوية ممر مستشفى كمال عدوان كانت تنتظر، تترقب كل معلومة عن زوجها المصاب والدموع تنهمر من عيونها غير مصدقة أن رفيق عمرها يرقد على فراش الموت بعد أن اخترقت جسده عدة شظايا قذائف مدفعية أطلقتها قوات الاحتلال على مسيرات سلمية في ذكرى النكبة شمال القطاع.
إنها الصحفية إيمان عامر زوجة المصور الصحفي محمد عثمان زوجان لم يمض على زواجهما سوى 8 أشهر وينتظران مولودهما الأول بفارغ الصبر إلا أن القذائف المدفعية الإسرائيلية التي لطالما فرقت الأحباء لعبت اليوم دورها وكانت كفيلة لتسرق من إيمان سعادة 8 أشهر لم تكتمل بعد بقدوم طفلها.
تضارب الأنباء حول إصابة زوجها مما شتت تفكيرها، أصبحت غير مدركة لما يحدث إلا أن حدسها الأول عندما سمعت بإصابة احد المصورين جعلها تشعر أنه زوجها وعبثا فعل المحيطين بها بإخفاء الحقيقة عنها فكانت الأسرع لاكتشافها.
"أصيب في رأسه، أصيب في يده، رصاص مطاط وليس حي، إذا كان مطاط لماذا المستشفى" اختلطت عليها الأمور هرعت إلى المستشفى وهي الحامل في شهرها الأخير.
وجدته ملقياً بدمائه على السرير فلم تقو على النظر إليه هربت من الغرفة وأخذت تسترق النظر إليه عن بعد لا تصدق أي معلومة تأتيها من هناك أو هناك.
قالت":محمد مصاب في قلبه، لقد كان في العناية المركزة" فقلت لها: "فكيف يكون مصابا في قلبه ويبقى على قيد الحياة، أيعقل أن تكون حالته الصحية خطيرة ويبقى خارج العناية المركزة "أرجوكي كفكفي دموعك ولا تعاقبيه فوق مصابه".
لم تجد التوسلات لها بأن تذهب لتنال قسطاً من الراحة بينما يرقد هو بانتظار أن يتم تحويله إلى مستشفى الشفاء قالت والدموع تنهمر منها:"أنا مرتاحة هون، هيك بطمن عليه اكتر" ولم تغادر إلا عندما أيقنت انه بخير وسينتقل إلى مستشفى الشفاء.
ليلا كانت المصيبة عندما اكتشفت أن تطمينات الأطباء كانت غير دقيقة فمحمد إصابته خطيرة فإحدى الشظايا قريبة من النخاع الشوكي كادت تؤدي إلى شلل في قدميه ويستدعي نقله إلى -مشافي إسرائيل- في اقرب وقت.
تشعر بخوف شديد أن يصاب زوجها بالشلل لا وقت لديها إلا للبكاء والدعاء، المفارقة أن المستشفى أخطأ في رقم هويته فكانت التحويلة المرضية لإسرائيل غير مجدية ما أدى إلى الانتظار للحصول على تحويلة أخرى تأخر معها الوقت ورفضت إسرائيل التنسيق له بحجة إغلاق المعبر فكان لا بد من عملية مستعجلة لمحمد، دخل غرفة العمليات وخرج سليما بحمد الله وعونه.
تعليق