مرايا / عبد الله الشاعر
من أين أبدا وكل ما يتصدر الأخبار موجع حتى الموت ؟
كنت ولم أزل بصدد كتابة مقال عن ضحايا الإعلام وضحايا الحكام وإذا بسفراء الجريمة والنوايا القبيحة والذين يوزعون رسائل الدمار في الوطن الإسلامي ينقلون للعالم فجر يوم الاثنين من هذا الأسبوع نبا (بطولاتهم العظيمة) وفي التفاصيل مقتل الشيخ ابن لادن ... وأمام عدسات التلفزة يتبجح (اوباما) بهذا الانجاز الكبير . أي عظمة في هذا الجرم وأمريكا وأذنابها تطارده منذ ما يزيد على عقد من الزمن... أي عبقرية استخباراتية هذه التي تستنزف المليارات والضحايا في البحث عن مجاهد وتظل عاجزة عنه لما يزيد على عقد من الزمن , أم هو الإعلام الذي يضخم ما يريد وبقزم ما يريد وعلى الناس أن تقتات من موائده وقد دس السم بالدسم !!!
رحل ابن لادن وقد ظلت كلماته التي تثير في الكثيرين الحمية والنخوة والإباء , لم تكن كرسيا هزازا يساعد على الارتخاء أو عزفا يجلب النعاس ... أشعل اللغة من أول نقطة حبر أصر على أن تكون ممزوجة بالدم , وظل يكتب على ضفاف الجرح العربي النازف منذ قرون , ويعيش حالة صدام يومي مع الذين يحترفون الزنى السياسي العلني على أرصفة الوطن العربي ... وها هو اليوم يفضي إلى ربه ونحسبه شهيدا ولا نزكي على الله أحدا ,
عودة إلى كنت بصدد الكتابة حوله , فثمة من يقول اننا ضحايا إعلام مضلل يستهدف الزعماء العرب ويريد تشويه الحقائق ...
حسنا تعالوا نسلم بنوايا الإعلام الخبيثة , لكن كيف لنا أن نكذب ما يقوله الإعلام عن جرائم الحكام ونحن منذ عقود لم نر منهم سوى القتل أو السجن أو المطاردة ... كيف لنا أن نكذب الإعلام وهم منذ اغتصابهم للسلطة يمارسون على الشعب إقطاعا سياسيا وإعلاميا , ويحولون إعلام الدولة إلى فزاعة رعب تسبح بحمد النظام وتشنع على معارضيه .
من أين لنا الأعصاب التي تقوى على التلقي من إعلام السلطة الحاكمة وهي التي تحولت إلى حمام زاجل ينقل رسائل الرعب للناس , ويحلق بجناحين من الترغيب والترهيب , ويدخل البيوت منتهكا كل حرماتها .
كيف لنا أن نكون أغبياء ونحسن الظن بالزعامات وهم الذين يريدون من شعبهم أن يعمل كمضيفة طيران لتامين رحلات فجورهم , وأريكة توفر لهم متعة الاستلقاء تحت مظلة الحكم غالى الآبد ... يشربون في النهار نخب الشعوب , ويختمون ليلهم بدمها , ويسرقون على مدار الساعة اقو وأحلامها ... وإذا ما عارضت فثمة ختم بالشمع الحمر بانتظار فمك .
إذا ما كنت شاعرا فعليك التحول إلى قطيع الماشية التي جل همها استرضاء راعيها وإذا كنت كاتبا فعليك الانضمام إلى أجهزة التحلية لخطاباتهم المالحة , وتزيين مراهقاتهم السياسية والفكرية والإشادة بعبقرياتهم المجنونة .
على مؤسسات الدولة أن تغدو نملا يجرعربه الحاكم على ظهرها لتصنع له قوتا ورفاهية واستبدادا ...
خطاباته اللغة المتداولة في المجالس ... وانجازاته تملا السمع والبصر ... وطهارته تغطي عهر الواقع العفن ... يحمل جواز حكم ابدي مكتوب عليه : يجوز للحاكم ما لا يجوز لغيره .
في الوطن العربي وتحت سلطته الرشيدة يقاد الانسان الى محكمة امن الدولة ليدفع رسوما جمركية على أفكاره ... رسوما قد تطال راسة ورزقه ... يقتحم دفاترنا ويفرض على أفكارنا منع التجول ... ويريد لوعينا آن يدخل سن التقاعد المبكر وينسحب من حياة الناس بلا رجعه !!!
رغم سيرته الخالية من أية فضيلة فها هو ذا يمن علينا بان أسبغ علينا نعمة الوجع وعبقرية الحزن , ولو لا سياطه وسجونه لما أدركنا معنى الحرية أو الحياة .
يريد من الشاعر والكاتب والمفكر وكل ذي حس وعقل وقلب أن يبيع جلده لأمير المؤمنين ليصنع منه طبله يقرعها إرضاء لغروره ونرجسيته.
يجد في الحرية ضرته التي تنافسه على العرش وتسحب بساط الحكم من تحت منجزاته أو من بين أنيابه.
منذ ولدنا وولد آباؤنا وخيول القصر والسلطان ترقص على أجسادنا ثم تريد منا ألا نصدق أي شيء عن الحاكم
تعليق