بِسـْـــم الله الرحمن الرحيم
فـي داخلهم " أسامة " صغير ....
كَـتبوا تحت اسمه :
احذر اللمس , مادة قابلة للاشتعال !
أي شخصية تتجرأعلى المساس به تتعرض لظاهرة " أسـاميّة فريدة " اسمها :
الاحتراق الـــذاتي ...
أي كــائن بشري يتعرض لـ " أسامة ", يحترق فورا ,
تحترق مصداقيته ,
تحترق شعبيته ,
تحترق صورته ,
يحترق ضميره , يحترق وجدانه ,
يحترق فيه كل شيئ قابل للاشتــعال ,
أو غير قابل للاشتعــال ,
فاسم " أسامة " مادة حارقة ,
يحرق الأخضر واليابس ,
يحرق العملاء , يحرق المنافقين ,
يحرق المـُسْتأجرين ,
يحرق الضالين ,
يحرق المتأوّلين , يحرق الطاعنين ,
يحرق المخالفين ...
لهذا , لا يتعرض لأسامة إلا " المحــترقين "
يــَا لِجرأتي ...
فبعد أن نُـظِّمَـتْ في " أسامة " القصائد و المعلقات , بعد أن كتبت فيه المقالات و ألقيت الخطب العصماء , بعد أن جفّ المداد و أفلست الأفواه , وذابت الأقلام ,أتجرأ مرة أخرى للحديث عن " أسـامة " ,
الحديث عن أسامة مغامرة أدبية و مجازفة فكرية , فالناس لا يقبلون لأي شخص أن يتحدث في ذلك " العنوان" و قد أشبع بحثا ,
كلامك عن " أسامة " يعرضك للإحراج إن لم تأتِ بجديد , و على كل شخص يفكر في الحديث عنه أن يقبل هذا التحدي إن أراد لموضوعه النجاح ..
اليوم سأكتب إسم أسامة هكذا بين أقواس " " , لأن هذا الإسم عبارة مختصرة ,
تختصر عنوان المرحلة القادمة من الجهاد العالمي ,
تختصر طموح الأمة الصاعدة ,
تختصر الرجولة والشهامة و الشجاعة ,
" أسـامة " كلمة جامعة لرجل بأمة , و أمة برجل ,
كلمة " أسامة " مصطلح يجمع بين كلمتين : " أسٌ " و " أمـة ",
و تعني أسّ الأمة وأساسها ,
أسّ الجهاد ورأسه ,
انتظروا ..
أليس الأسّ يعني القاعدة !
.. في لسان العرب :الأُسُّ أصل البناء وقاعدتهُ
إذن ..حتى " القاعدة " موجودة في ذلك ال" أس أمة "
أي أنه قاعدة أمة ,
قاعدة جهاد ...
هو أسُّـــ...أُمـَّـــة
ضع في الفراغ " اس " أخرى ستجد أمامك أسَاسُ أمّة ,
لا ..ضع في الفراغ حرف السين وحده , سيظهر لك أسَسَّ أُمّة
بل , ضع حرف المــَدّ وحده , سيظهر لك : أسّى أمّة ,
و هل أسَّى الأمة و داوى جرحها مثل " أسامة "
ضع في الفراغ ما يحلو لك لتعرف ما يرمز هذا العَــلَــم للعالَم !
أسامة هو أسد أمة , فأسامة تعني الأسد...
هو أسلَمَـة أمة , فعلى يديه جدد الله للأمة إسلامها ,
" أسامة " هو جملة خبرية بمبتدئ و خبر , ولا أروع من مبتدئها و لا أصدق من خبرها..
, هو جملة فعلية و فعلها متعدي , يشمل أثره كل الأمة ...
يا لهذا الــ أسامة ,
ابحثوا في تاريخ الأمم الســالفة و المعاصــرة ,
قلبوا صفحات البداية و النهاية لابن كثير ,
نفلوا أوراق تاريخ الأمم و الملوك للطبري , و ابحثوا بين سطور تاريخ ابن خلدون ,
و قولوا لي هل هناك شخص في العالم أعلن الحرب على امبراطورية زمانه ؟
هل هناك شخص واحد عرض عليها الهدنة ؟
" أسامة " وحده , فعل هذا ....
هل رأيتم أمريكا أو أي إمبراطورية قبلها شكلت وحدة كاملة ضمن وكالة الاستخبارات , تتألف من مئات الأشخاص هدفها الوحيد القبض على شخص واحد كما فعلت أمريكا مع أسامة ؟
تخيل , مئات الأشخاص... بعضهم يلبس الكرافاته و يجلس في مكتب فاخر كمدير فرع أو دائرة , و بعضهم يلبس اللباس الأفغاني و ينغمس عينا على المجاهدين ,
بعضهم يجلس كل يوم ساعات طويلة فقط ليحلل موجات الراديو و الجوال ,
بعضهم يدرس في اليوم آلاف الرسائل البريدية و الإلكترونية ليصل إلى طرف حبل ,
بعضهم يجمع المعلومات المرسلة من الأقمار الصناعية التي تسبح في مدارات الأرض بحثا عنه ,
مباحث ...خبراء ...علماء...مدراء ....أمريكان , عرب , أفغان , باكستانيون , كلهم يبحثون عنه ولايجدوه ,
ثم تعلن أمريكا بعد سنين أن الوحدة لم تصل إلى أي نتيجة , و تقرر حل الوحدة توفيرا للمال و الوقت و الجهود ...
هل حدث هذا مع شخص آخر غير " أسامة " ؟
و الله لو لم أكن محبا للشيخ , لادعيت ذلك ,
هل تعلمون من هو مايكل شوير ,
هو المدير السابق لوحدة السي آي إيه المتخصصة في البحث عن أسامة ,
فقد وظيفته كمدير و بعد ذلك كعضو في السي آي إيه بعد فشله في الوصول إليه ,
يتوقع من هذا الشخص أن يكون أكثر رجل في العالم يكره أسامة ,
فلقد كان يقضي – لسنين طويلة - ثمان ساعات من يومه عدى ساعات العمل الإضافي في البحث عنه , و بعد أن فشل فشلا ذريعا في ذلك فقد كرسيه و سمعته و برستيجه المهني ,و قبل ذلك وحدته الملغاة ,
لكن شوير , عندما يتكلم عن أسامة , تجده لا يشفي غليل أعداء أسامة ,
الرجل يتكلم عن أسامة و كأنه يخفي شيئا عما يجول في قلبه ,
عندما أستمع لهذا الرجل , أشعر أنه لا يكره أسامة , بل ربما يتعاطف معه ,
كأن في داخله " أسامة صغير " , مختبئ في أعماق وجدانه ,
مستتر في أحشائه بعيدا عن الأنظار ,
علمت أن بعض زملائه في الوحدة كانوا يمازحونه ويقولون له :
لعل شيطان أسامة قد ركبك ؟
لكن شوير , الذي يعرف عن أسامة أكثر من أي أمريكي آخر ,
يعلم أن الذي اعتراه ليس شيطانا ,
و لولا قومه لقال في الرجل غير الذي يقول ,
فخوفه ممن حوله, أو حرصه على مكاسبه يمنعه من البوح عن " أسامة الصغير " الذي يخفيه في باطنه ,
عد إلى كتابه المسمى " الفوقية الإمبريالية , لماذا يخسر العالم الحرب على الإرهاب " لتجد عجابا ,
فكأن الرجل يقول كما قال جده هرقل عن نبينا صلى الله عليه وسلم :
لوددت أنني عنده فأغسل قدميه !
و انا متيقن من أن مايكل شوير لن يتأخر عن غسل قدمي أسامة إن مكنه الله من ذلك...
كيف لا و هو يقول في كتابه :
" بن لادن وجماعته يدافعون عن قيم يحبونها و يتمسك بها أيضا معظم المسلمين "
كيف لا و هو يرفض وصف أسامة بالإرهابي , و يقول عنه :
هو محارب و ليس إرهابيا ,
بن لادن شجاع وليس جبانا ,
بن لادن مؤمن , متدين ,
هذا ما يقوله قائد صليبيّ في السي آي إيه , قضى بضع سنين من عمره في مطاردة زعيم تنظيم القاعدة !
يقول شوير عن المجاهدين في مقابلته مع قناة الجزيرة :
لقد هزموا الاتحاد السوفياتي في أفغانستان , و هزمونا في العراق , و يبدو من المحتمل جدا أنهم سيهزموننا في أفغانستان ,
مسكين هذا الـ شوير , فقد بدأ عمله مطارِدا لأسامة , و انتهى به المطاف مطارَدا من قبل أسامة ..
لقد زرع أسامة في وجدانه بذرة إعجاب تقتات على ما بقي حيا من ضميره ,
لا يستطيع شويرالخلاص من شبح أسامة , و لعله يفكر فيه أكثر مما يفكر في أطفاله و أهله ,
يا أيها الصليبي المنصف ,
لا أعلم أمريكيا أقرب إلى دخول الإسلام منك!
, و إذا سمعتم يا أحبتي أن مايكل شوير قد أسلم يوما ما فاعلموا أنه أسلم على يدي أسامة الذي كان يطارده , مثلما أسلم سراقة بن مالك و هو يطارد رسول الله صلى الله عليه وسلم ,
و لا أعلم كم مرة سقط شوير من حصانه و هو يطارد أسامة قبل أن يعلم أنه على حق ؟
ليس مايكل شوير هو الصليبي المنصف الوحيد الذي يتمنى غسل أقدام أسامة , فهناك رجل آخر يتمنى الحصول على هذا الشرف ,
إنه روبرت فيسك ,
الصحفي البريطاني الذي نال جائزة أفضل صحفي بريطاني دولي سبعة مرات ,
روبرت فيسك يخفي في داخله " أسامة صغير " ,
هو خليط من الإعجاب و الاحترام و التقدير يحمله كل من التقى أسامة أو حتى رآه من ثقب الباب !
عبد الباري عطوان , جمال اسماعيل , جون وتر , بيتر أرنت , و ليس أخيرا روبرت فيسك ...
يقول روبرت فيسك في مقالة تحت عنوان " بن لادن و قد بلغ الخمسين " :
" عرضت علي مجلة التايم الأمريكية شراء صورة التقطتها لابن لادن مقابل مبلغ من المال , رفضت , ألح علي مدير قسم التصوير في المجلة لشراء الصورة و تعديلها بالكمبيوتر ليبدو أكبر سنا , رفضت مجددا "
يرفض فيسك بيع صورة بن لادن مقابل أي مبلغ مالي ! خاصة إن كان هناك من سيعبث بها ...
لعله اليوم لا يجرؤ على إعلان سبب ذلك , خوفا على منصبه و مكانته و سمعته في الغرب لعله يسرد أسبابا أخرى لذلك , إلا أنني لا أشك أن الرجل يخفي شيئا ما عن أسامة غير الذي يظهره ,
هل تعلمون لماذا شعر فيسك بقشعريرة غريبة – كما قال بنفسه - عندما سمع بن لادن يذكر اسمه في خطابه للشعب الأمريكي المؤرخ في 29 أكتوبر 2006 ؟
لقد قال عنه أسامة :
" و كذلك لقاءاتي مع روبرت فيسك , و هذا الأخير هو من جلدتكم و على ملتكم و أحسب أنه محايدا "
فلقد ذكره ذلك بحادثة مهمة حصلت معه في الماضي , نترك فيسك يرويها لنا :
" لقد كان ذلك الاجتماع الثالث بيني و بينه , عندما وصلت إلى خيمته , حضر و على وجهه ابتسامة عريضة لم ارتح لها , قال أسامة :
(لقد رأى أحد الإخوة في المنام أنك أتيت على حصان مرتديا لباس إمام مسلم , و واضعا عمامة على رأسك )
فرددت عليه و قلت : لست مسلما , أنا صحفي و وظيفتي إيصال الحقيقة "
ظن روبرت فيسك أنه قادر على نسيان هذه الحادثة , حتى جاء خطاب بن لادن الذي قال فيه أنه محايد ,
لقد كان وقع هذه الكلمة مزلزلا على روبرت فيسك , و أخاله شعر بما شعر به النجاشي عندما سمع وصف الرسول صلى الله عليه وسلم له بالملك الذي لا يظلم عنده أحد ...فكانت من أسباب اعتناقه للإسلام ...
و أرجو الله أن يهدي ذلك الصحفي المنصف و إن بقي من عمره يوما واحدا , فيطيله حتى يسلم و يركب ذلك الحصان معمما بعمامة الإسلام , فتصدق رؤيا ذلك المجاهد فيه ...
ليس فقط هؤلاء ,
بل هناك من أمتنا و أبناء جلدتنا , ممن خالفوا القاعدة في منهجها من العلماء و الدعاة , ممن يخفون في قلوبهم " أسامة صغير "...
منهم الشيخ الفاضل عبدالله بن جبرين , الذي قال عنه حينما سئل عنه :
" كان من أفراد هذه البلاد , فردا من الأفراد , من أولاد محمدبن لادن ....ثم إنه عزم على أن يغزو للجهاد , فتوجه إلى الأفغان , قبل عشرين سنة أو أكثر , وحصل له فوائد هناك وشجعه الذين يعرفونه ...ومدحوه الخاص والعام , ولم ينتقدوا عليه شيئا في القتال الأول , ثم لما حصلت وقعة فتنة الخليج و حصل أن دولتنا ودولة الكويت استقدموا الأمريكان , أنكر ذلك عليهم وكأنه تجرأ على أن هذا كُفر و أنكم قد كفرتم بذلك ونحو ذلك , فأُنكر عليه هذا التكفير الذي هو تكفير الدولة ومن حولها , هذا هو الذي أنُكر عليه , وهو مجتهد "
الشيخ ابن جبرين ليس من منظري القاعدة , و ليس ممن يحسب عليها , و لقد كان عضوا مفتيا في لجنة البحوث العلمية و الإفتاء في مملكة آل سعود , إلا أن الرجل يخفي في داخله " أسامة صغير " ..
هناك في أعماق بن جبرين , ستجدون حبا مستترا يعود إلى أسامة ,
ستجدون ضميرا غائبا حاضرا , تقديره هو ...
الصحفي عبد الباري عطوان , لم يدّع أحد أنه من القاعدة , بل إنه يحسب على القوميين المحافظين ,
عبدالباري عطوان يخفي ولاءه لأسامة بن لادن خلف ستار الحيادية و الموضوعية !
تجده يذود عنه باستماتة و هو يجلس في قلب لندن , عاصمة الحليف القوي لأمريكا في حربها على القاعدة ,
عبدالباري عطوان يخفي في نفسه " أسامة صغير " , يحفظه في داخله بين ضلوعه ,
أنا لا أعلم شخصا دافع عن أسامة بن لادن في الفضائيات العربية و الإنجليزية مثل عبد الباري عطوان ,
لقد نجى من أي حكم بالسجن أو الإدانة حتى بعد تفجيرات لندن المباركة , لأن حبه لأسامة مختبئ بين جوانحه , مستتر خلف عبارات الحياد و الموضوعية و الشفافية , و لو لم يكن حب أسامة جريمة في قوانين الدول الغربية و العربية على حد سواء , لرأيت من عبدالباري عطوان وغيره من " الحياديين الموضوعيين ! " غير ما ترونه ,
كذلك هو الصحفي الشجاع فؤاد حسين ... كذلك هو د. أكرم حجازي الذي كتب في إحدى مقالاته :
" ولأنني تكفلت، دائما، بتحليل بيانات القاعدة والسلفية الجهادية محاولا بيان لغة القوم بألسنتهم أو توصيف الواقع السياسي بأكثر ما يكون من الموضوعية دون تدخل مني، فقد اعتقد البعض أنني سلفي جهادي أو مؤيد للقاعدة، ولكنني لست مؤيدا ولا معارضا بقدر ما أنا قارئ أتخصص في هذاالأمر.."
ففي ظل الحملة المسعورة على تنظيم القاعدة , ظهرت لنا نخبة فكرية عربية تحاول التعامل مع القاعدة كنصير لقضايا الأمة الإسلامية و العربية دون أن تقع عرضة لقوانين أشبه بالعرفية , تصل أحيانا إلى محاكمة النوايا ,
لقد نجح هؤلاء بإيصال أفكارهم إلى الناس لمدة طويلة دون أن يغيروا مواقعم و تصنيفاتهم الآيديولوجية في وسائل الإعلام ,
لقد كان نشر صحيفة القدس العربي لمقالات د.أكرم حجازي مكسبا حقيقيا للصوت الحر الذي يرفض الإملاءات و التوصيات الغربية على الإعلام العربي , خاصة مع ملاحظتي للضعف الكبير في قدرة عبدالباري عطوان في قراءة الواقع العراقي بطريقة صحيحة كما يفعل حجازي , فكان قلم حجازي عنصرا مهما في إتمام الفراغ الشاغر في المادة الإعلامية التحليلية التي تقدمها صحيفة القدس العربي لقارئها العربي ,
ولو كنت في مكان عبدالباري عطوان , لوظفت معارفي في قناة الجزيرة كي تستضيف د.أكرم حجازي , كمحلل و مراقب سياسي محنك للوضع العراقي , يستطيع سبر أغوار السلفية الجهادية بنظرة ثاقبة , و إيصال وجهة نظر دولة العراق الإسلامية للناس بالشكل التي تريده دولة العراق ...
فكما كان صوت عبدالباري عطوان صادعا بالحق , و مبدعا في الذود عن القاعدة في أفغانستان و الشيخ أسامة بن لادن , فإن أكرم حجازي قادر على لعب نفس الدور و باقتدار , فيما يتعلق بدولة العراق الإسلامية ,
لو لم تكن هناك سجون , و قيود , و أعواد مشانق ,
لو لم تكن هناك قوانين تجرم الحرية باسم مكافحة الإرهاب ,
لو لم يكن سامي الحاج في غوانتنامو و تيسير علوني في السجون الإسبانية ,
لما التجأ الكثير من الصحفيين والمفكرين و المحللين إلى هذا الأسلوب الصارم في ضبط الكلمة و وزن العبارات ,
لما أخفى هؤلاء حب أسامة في داخلهم ,
لما سجنوا هذه العاطفة في عقلهم الباطن ,
لما اختبؤوا خلف الحيادية و الموضوعية تارة , و القومية و الوطنية تارة كما يفعل الكثير من الإعلاميين و المحللين الأحرار , ليمرروا دفاعهم و ذودهم عن أسامة و القاعدة , فيما يمكن لي أن أعتبره : " تبديل اللوحة التجارية لتهريب بضاعة ممنوعة "
كأنهم يؤمنون بنظرية واقعية تقول :
يسع القومي و الوطني ما لا يسع الإسلامي في الدفاع عن قضايا الأمة !ّ
نحن لا نعلم إن كان عبدالباري عطوان يصلي , أو كان يؤمن بالحاكمية لله أم لا , ولا نعلم تحديدا هل تاب نوري المرادي عن الفكر الشيوعي (نسأل الله ذلك ) , كل ما نعلمه أن تلك النخبة الفكرية الإعلامية , هي في صفنا ضد الأعداء , وهي في دعمها لقضية الجهاد تتراوح ما بين درجة مؤمن آل فرعون , و أبي طالب...
لو لم يرم أبو قتادة و أبو حمزة المصري إلى داخل السجون البريطانية بعد تفجيرات لندن ,
لو لم يلق محمد أبو فارس و رفيقاه في أبي غريب الأردن (الجفر) بعد عزائهم ذوي الزرقاوي ,
لو لم يسجن بن زعير خمس سنين بسبب خمس دقائق تحدث فيها على قناة الجزيرة ,
لولا كل هذه " اللوات " , لما اضطر الكثير ممن ترونهم على الساحة الإسلامية إلى كبح حبهم لأسامة و القاعدة ,
لولا ما سبق , لما اعتبر السكوت عن أسامة دعماً !
مجرد سكوت العالم أو الداعية عن القدح و التهجم على تنظيم القاعدة و الشيخ أسامة هو نوع من " المناصرة السلبية" للمجاهدين ,
و حتى هذه المناصرة السلبية محاربة في بلدان بلغت فيها محاربة المجاهدين مبلغا جد خطير , كما في الجزيرة العربية فك الله أسرها ,
بل لقد قالها الملك عبدالله بن عبد العزيز مدوية :
" الساكت يُتهم "
و هذه درجة من الجور و التسلط تعتقل آخر ذرة من الحرية الشخصية و الفكرية ,
و لهذا تجدهم يجمعون تواقيع العلماء تحت أي بيان يقدح في المجاهدين , و من يرفض ذلك , فإن غوانتنامو الحائر تقول هل من مزيد !
ما بين صليبي منصف , و صحفي محايد أو موضوعي , و عالم و داعية صامت , يسكن حب أسامة أو احترامه و تقديره في هؤلاء ,
يختبئ في وجدانهم " أسامة صغير " , يحملونه في أعماقهم , حيث لا يراه أحد ,
حيث لا قوانين مكافحة الإرهاب أو مذكرات اعتقال ,
هناك خبؤوه ,
سواء كان حبا أم احتراما أم إنصافا ,
سواء تستر بالحياد أو الموضوعية , أو لاذ بالصمت ,
ففي داخلهم أسامة صغير .......
" أبو دجانة الخراساني "
فـي داخلهم " أسامة " صغير ....
كَـتبوا تحت اسمه :
احذر اللمس , مادة قابلة للاشتعال !
أي شخصية تتجرأعلى المساس به تتعرض لظاهرة " أسـاميّة فريدة " اسمها :
الاحتراق الـــذاتي ...
أي كــائن بشري يتعرض لـ " أسامة ", يحترق فورا ,
تحترق مصداقيته ,
تحترق شعبيته ,
تحترق صورته ,
يحترق ضميره , يحترق وجدانه ,
يحترق فيه كل شيئ قابل للاشتــعال ,
أو غير قابل للاشتعــال ,
فاسم " أسامة " مادة حارقة ,
يحرق الأخضر واليابس ,
يحرق العملاء , يحرق المنافقين ,
يحرق المـُسْتأجرين ,
يحرق الضالين ,
يحرق المتأوّلين , يحرق الطاعنين ,
يحرق المخالفين ...
لهذا , لا يتعرض لأسامة إلا " المحــترقين "
يــَا لِجرأتي ...
فبعد أن نُـظِّمَـتْ في " أسامة " القصائد و المعلقات , بعد أن كتبت فيه المقالات و ألقيت الخطب العصماء , بعد أن جفّ المداد و أفلست الأفواه , وذابت الأقلام ,أتجرأ مرة أخرى للحديث عن " أسـامة " ,
الحديث عن أسامة مغامرة أدبية و مجازفة فكرية , فالناس لا يقبلون لأي شخص أن يتحدث في ذلك " العنوان" و قد أشبع بحثا ,
كلامك عن " أسامة " يعرضك للإحراج إن لم تأتِ بجديد , و على كل شخص يفكر في الحديث عنه أن يقبل هذا التحدي إن أراد لموضوعه النجاح ..
اليوم سأكتب إسم أسامة هكذا بين أقواس " " , لأن هذا الإسم عبارة مختصرة ,
تختصر عنوان المرحلة القادمة من الجهاد العالمي ,
تختصر طموح الأمة الصاعدة ,
تختصر الرجولة والشهامة و الشجاعة ,
" أسـامة " كلمة جامعة لرجل بأمة , و أمة برجل ,
كلمة " أسامة " مصطلح يجمع بين كلمتين : " أسٌ " و " أمـة ",
و تعني أسّ الأمة وأساسها ,
أسّ الجهاد ورأسه ,
انتظروا ..
أليس الأسّ يعني القاعدة !
.. في لسان العرب :الأُسُّ أصل البناء وقاعدتهُ
إذن ..حتى " القاعدة " موجودة في ذلك ال" أس أمة "
أي أنه قاعدة أمة ,
قاعدة جهاد ...
هو أسُّـــ...أُمـَّـــة
ضع في الفراغ " اس " أخرى ستجد أمامك أسَاسُ أمّة ,
لا ..ضع في الفراغ حرف السين وحده , سيظهر لك أسَسَّ أُمّة
بل , ضع حرف المــَدّ وحده , سيظهر لك : أسّى أمّة ,
و هل أسَّى الأمة و داوى جرحها مثل " أسامة "
ضع في الفراغ ما يحلو لك لتعرف ما يرمز هذا العَــلَــم للعالَم !
أسامة هو أسد أمة , فأسامة تعني الأسد...
هو أسلَمَـة أمة , فعلى يديه جدد الله للأمة إسلامها ,
" أسامة " هو جملة خبرية بمبتدئ و خبر , ولا أروع من مبتدئها و لا أصدق من خبرها..
, هو جملة فعلية و فعلها متعدي , يشمل أثره كل الأمة ...
يا لهذا الــ أسامة ,
ابحثوا في تاريخ الأمم الســالفة و المعاصــرة ,
قلبوا صفحات البداية و النهاية لابن كثير ,
نفلوا أوراق تاريخ الأمم و الملوك للطبري , و ابحثوا بين سطور تاريخ ابن خلدون ,
و قولوا لي هل هناك شخص في العالم أعلن الحرب على امبراطورية زمانه ؟
هل هناك شخص واحد عرض عليها الهدنة ؟
" أسامة " وحده , فعل هذا ....
هل رأيتم أمريكا أو أي إمبراطورية قبلها شكلت وحدة كاملة ضمن وكالة الاستخبارات , تتألف من مئات الأشخاص هدفها الوحيد القبض على شخص واحد كما فعلت أمريكا مع أسامة ؟
تخيل , مئات الأشخاص... بعضهم يلبس الكرافاته و يجلس في مكتب فاخر كمدير فرع أو دائرة , و بعضهم يلبس اللباس الأفغاني و ينغمس عينا على المجاهدين ,
بعضهم يجلس كل يوم ساعات طويلة فقط ليحلل موجات الراديو و الجوال ,
بعضهم يدرس في اليوم آلاف الرسائل البريدية و الإلكترونية ليصل إلى طرف حبل ,
بعضهم يجمع المعلومات المرسلة من الأقمار الصناعية التي تسبح في مدارات الأرض بحثا عنه ,
مباحث ...خبراء ...علماء...مدراء ....أمريكان , عرب , أفغان , باكستانيون , كلهم يبحثون عنه ولايجدوه ,
ثم تعلن أمريكا بعد سنين أن الوحدة لم تصل إلى أي نتيجة , و تقرر حل الوحدة توفيرا للمال و الوقت و الجهود ...
هل حدث هذا مع شخص آخر غير " أسامة " ؟
و الله لو لم أكن محبا للشيخ , لادعيت ذلك ,
هل تعلمون من هو مايكل شوير ,
هو المدير السابق لوحدة السي آي إيه المتخصصة في البحث عن أسامة ,
فقد وظيفته كمدير و بعد ذلك كعضو في السي آي إيه بعد فشله في الوصول إليه ,
يتوقع من هذا الشخص أن يكون أكثر رجل في العالم يكره أسامة ,
فلقد كان يقضي – لسنين طويلة - ثمان ساعات من يومه عدى ساعات العمل الإضافي في البحث عنه , و بعد أن فشل فشلا ذريعا في ذلك فقد كرسيه و سمعته و برستيجه المهني ,و قبل ذلك وحدته الملغاة ,
لكن شوير , عندما يتكلم عن أسامة , تجده لا يشفي غليل أعداء أسامة ,
الرجل يتكلم عن أسامة و كأنه يخفي شيئا عما يجول في قلبه ,
عندما أستمع لهذا الرجل , أشعر أنه لا يكره أسامة , بل ربما يتعاطف معه ,
كأن في داخله " أسامة صغير " , مختبئ في أعماق وجدانه ,
مستتر في أحشائه بعيدا عن الأنظار ,
علمت أن بعض زملائه في الوحدة كانوا يمازحونه ويقولون له :
لعل شيطان أسامة قد ركبك ؟
لكن شوير , الذي يعرف عن أسامة أكثر من أي أمريكي آخر ,
يعلم أن الذي اعتراه ليس شيطانا ,
و لولا قومه لقال في الرجل غير الذي يقول ,
فخوفه ممن حوله, أو حرصه على مكاسبه يمنعه من البوح عن " أسامة الصغير " الذي يخفيه في باطنه ,
عد إلى كتابه المسمى " الفوقية الإمبريالية , لماذا يخسر العالم الحرب على الإرهاب " لتجد عجابا ,
فكأن الرجل يقول كما قال جده هرقل عن نبينا صلى الله عليه وسلم :
لوددت أنني عنده فأغسل قدميه !
و انا متيقن من أن مايكل شوير لن يتأخر عن غسل قدمي أسامة إن مكنه الله من ذلك...
كيف لا و هو يقول في كتابه :
" بن لادن وجماعته يدافعون عن قيم يحبونها و يتمسك بها أيضا معظم المسلمين "
كيف لا و هو يرفض وصف أسامة بالإرهابي , و يقول عنه :
هو محارب و ليس إرهابيا ,
بن لادن شجاع وليس جبانا ,
بن لادن مؤمن , متدين ,
هذا ما يقوله قائد صليبيّ في السي آي إيه , قضى بضع سنين من عمره في مطاردة زعيم تنظيم القاعدة !
يقول شوير عن المجاهدين في مقابلته مع قناة الجزيرة :
لقد هزموا الاتحاد السوفياتي في أفغانستان , و هزمونا في العراق , و يبدو من المحتمل جدا أنهم سيهزموننا في أفغانستان ,
مسكين هذا الـ شوير , فقد بدأ عمله مطارِدا لأسامة , و انتهى به المطاف مطارَدا من قبل أسامة ..
لقد زرع أسامة في وجدانه بذرة إعجاب تقتات على ما بقي حيا من ضميره ,
لا يستطيع شويرالخلاص من شبح أسامة , و لعله يفكر فيه أكثر مما يفكر في أطفاله و أهله ,
يا أيها الصليبي المنصف ,
لا أعلم أمريكيا أقرب إلى دخول الإسلام منك!
, و إذا سمعتم يا أحبتي أن مايكل شوير قد أسلم يوما ما فاعلموا أنه أسلم على يدي أسامة الذي كان يطارده , مثلما أسلم سراقة بن مالك و هو يطارد رسول الله صلى الله عليه وسلم ,
و لا أعلم كم مرة سقط شوير من حصانه و هو يطارد أسامة قبل أن يعلم أنه على حق ؟
ليس مايكل شوير هو الصليبي المنصف الوحيد الذي يتمنى غسل أقدام أسامة , فهناك رجل آخر يتمنى الحصول على هذا الشرف ,
إنه روبرت فيسك ,
الصحفي البريطاني الذي نال جائزة أفضل صحفي بريطاني دولي سبعة مرات ,
روبرت فيسك يخفي في داخله " أسامة صغير " ,
هو خليط من الإعجاب و الاحترام و التقدير يحمله كل من التقى أسامة أو حتى رآه من ثقب الباب !
عبد الباري عطوان , جمال اسماعيل , جون وتر , بيتر أرنت , و ليس أخيرا روبرت فيسك ...
يقول روبرت فيسك في مقالة تحت عنوان " بن لادن و قد بلغ الخمسين " :
" عرضت علي مجلة التايم الأمريكية شراء صورة التقطتها لابن لادن مقابل مبلغ من المال , رفضت , ألح علي مدير قسم التصوير في المجلة لشراء الصورة و تعديلها بالكمبيوتر ليبدو أكبر سنا , رفضت مجددا "
يرفض فيسك بيع صورة بن لادن مقابل أي مبلغ مالي ! خاصة إن كان هناك من سيعبث بها ...
لعله اليوم لا يجرؤ على إعلان سبب ذلك , خوفا على منصبه و مكانته و سمعته في الغرب لعله يسرد أسبابا أخرى لذلك , إلا أنني لا أشك أن الرجل يخفي شيئا ما عن أسامة غير الذي يظهره ,
هل تعلمون لماذا شعر فيسك بقشعريرة غريبة – كما قال بنفسه - عندما سمع بن لادن يذكر اسمه في خطابه للشعب الأمريكي المؤرخ في 29 أكتوبر 2006 ؟
لقد قال عنه أسامة :
" و كذلك لقاءاتي مع روبرت فيسك , و هذا الأخير هو من جلدتكم و على ملتكم و أحسب أنه محايدا "
فلقد ذكره ذلك بحادثة مهمة حصلت معه في الماضي , نترك فيسك يرويها لنا :
" لقد كان ذلك الاجتماع الثالث بيني و بينه , عندما وصلت إلى خيمته , حضر و على وجهه ابتسامة عريضة لم ارتح لها , قال أسامة :
(لقد رأى أحد الإخوة في المنام أنك أتيت على حصان مرتديا لباس إمام مسلم , و واضعا عمامة على رأسك )
فرددت عليه و قلت : لست مسلما , أنا صحفي و وظيفتي إيصال الحقيقة "
ظن روبرت فيسك أنه قادر على نسيان هذه الحادثة , حتى جاء خطاب بن لادن الذي قال فيه أنه محايد ,
لقد كان وقع هذه الكلمة مزلزلا على روبرت فيسك , و أخاله شعر بما شعر به النجاشي عندما سمع وصف الرسول صلى الله عليه وسلم له بالملك الذي لا يظلم عنده أحد ...فكانت من أسباب اعتناقه للإسلام ...
و أرجو الله أن يهدي ذلك الصحفي المنصف و إن بقي من عمره يوما واحدا , فيطيله حتى يسلم و يركب ذلك الحصان معمما بعمامة الإسلام , فتصدق رؤيا ذلك المجاهد فيه ...
ليس فقط هؤلاء ,
بل هناك من أمتنا و أبناء جلدتنا , ممن خالفوا القاعدة في منهجها من العلماء و الدعاة , ممن يخفون في قلوبهم " أسامة صغير "...
منهم الشيخ الفاضل عبدالله بن جبرين , الذي قال عنه حينما سئل عنه :
" كان من أفراد هذه البلاد , فردا من الأفراد , من أولاد محمدبن لادن ....ثم إنه عزم على أن يغزو للجهاد , فتوجه إلى الأفغان , قبل عشرين سنة أو أكثر , وحصل له فوائد هناك وشجعه الذين يعرفونه ...ومدحوه الخاص والعام , ولم ينتقدوا عليه شيئا في القتال الأول , ثم لما حصلت وقعة فتنة الخليج و حصل أن دولتنا ودولة الكويت استقدموا الأمريكان , أنكر ذلك عليهم وكأنه تجرأ على أن هذا كُفر و أنكم قد كفرتم بذلك ونحو ذلك , فأُنكر عليه هذا التكفير الذي هو تكفير الدولة ومن حولها , هذا هو الذي أنُكر عليه , وهو مجتهد "
الشيخ ابن جبرين ليس من منظري القاعدة , و ليس ممن يحسب عليها , و لقد كان عضوا مفتيا في لجنة البحوث العلمية و الإفتاء في مملكة آل سعود , إلا أن الرجل يخفي في داخله " أسامة صغير " ..
هناك في أعماق بن جبرين , ستجدون حبا مستترا يعود إلى أسامة ,
ستجدون ضميرا غائبا حاضرا , تقديره هو ...
الصحفي عبد الباري عطوان , لم يدّع أحد أنه من القاعدة , بل إنه يحسب على القوميين المحافظين ,
عبدالباري عطوان يخفي ولاءه لأسامة بن لادن خلف ستار الحيادية و الموضوعية !
تجده يذود عنه باستماتة و هو يجلس في قلب لندن , عاصمة الحليف القوي لأمريكا في حربها على القاعدة ,
عبدالباري عطوان يخفي في نفسه " أسامة صغير " , يحفظه في داخله بين ضلوعه ,
أنا لا أعلم شخصا دافع عن أسامة بن لادن في الفضائيات العربية و الإنجليزية مثل عبد الباري عطوان ,
لقد نجى من أي حكم بالسجن أو الإدانة حتى بعد تفجيرات لندن المباركة , لأن حبه لأسامة مختبئ بين جوانحه , مستتر خلف عبارات الحياد و الموضوعية و الشفافية , و لو لم يكن حب أسامة جريمة في قوانين الدول الغربية و العربية على حد سواء , لرأيت من عبدالباري عطوان وغيره من " الحياديين الموضوعيين ! " غير ما ترونه ,
كذلك هو الصحفي الشجاع فؤاد حسين ... كذلك هو د. أكرم حجازي الذي كتب في إحدى مقالاته :
" ولأنني تكفلت، دائما، بتحليل بيانات القاعدة والسلفية الجهادية محاولا بيان لغة القوم بألسنتهم أو توصيف الواقع السياسي بأكثر ما يكون من الموضوعية دون تدخل مني، فقد اعتقد البعض أنني سلفي جهادي أو مؤيد للقاعدة، ولكنني لست مؤيدا ولا معارضا بقدر ما أنا قارئ أتخصص في هذاالأمر.."
ففي ظل الحملة المسعورة على تنظيم القاعدة , ظهرت لنا نخبة فكرية عربية تحاول التعامل مع القاعدة كنصير لقضايا الأمة الإسلامية و العربية دون أن تقع عرضة لقوانين أشبه بالعرفية , تصل أحيانا إلى محاكمة النوايا ,
لقد نجح هؤلاء بإيصال أفكارهم إلى الناس لمدة طويلة دون أن يغيروا مواقعم و تصنيفاتهم الآيديولوجية في وسائل الإعلام ,
لقد كان نشر صحيفة القدس العربي لمقالات د.أكرم حجازي مكسبا حقيقيا للصوت الحر الذي يرفض الإملاءات و التوصيات الغربية على الإعلام العربي , خاصة مع ملاحظتي للضعف الكبير في قدرة عبدالباري عطوان في قراءة الواقع العراقي بطريقة صحيحة كما يفعل حجازي , فكان قلم حجازي عنصرا مهما في إتمام الفراغ الشاغر في المادة الإعلامية التحليلية التي تقدمها صحيفة القدس العربي لقارئها العربي ,
ولو كنت في مكان عبدالباري عطوان , لوظفت معارفي في قناة الجزيرة كي تستضيف د.أكرم حجازي , كمحلل و مراقب سياسي محنك للوضع العراقي , يستطيع سبر أغوار السلفية الجهادية بنظرة ثاقبة , و إيصال وجهة نظر دولة العراق الإسلامية للناس بالشكل التي تريده دولة العراق ...
فكما كان صوت عبدالباري عطوان صادعا بالحق , و مبدعا في الذود عن القاعدة في أفغانستان و الشيخ أسامة بن لادن , فإن أكرم حجازي قادر على لعب نفس الدور و باقتدار , فيما يتعلق بدولة العراق الإسلامية ,
لو لم تكن هناك سجون , و قيود , و أعواد مشانق ,
لو لم تكن هناك قوانين تجرم الحرية باسم مكافحة الإرهاب ,
لو لم يكن سامي الحاج في غوانتنامو و تيسير علوني في السجون الإسبانية ,
لما التجأ الكثير من الصحفيين والمفكرين و المحللين إلى هذا الأسلوب الصارم في ضبط الكلمة و وزن العبارات ,
لما أخفى هؤلاء حب أسامة في داخلهم ,
لما سجنوا هذه العاطفة في عقلهم الباطن ,
لما اختبؤوا خلف الحيادية و الموضوعية تارة , و القومية و الوطنية تارة كما يفعل الكثير من الإعلاميين و المحللين الأحرار , ليمرروا دفاعهم و ذودهم عن أسامة و القاعدة , فيما يمكن لي أن أعتبره : " تبديل اللوحة التجارية لتهريب بضاعة ممنوعة "
كأنهم يؤمنون بنظرية واقعية تقول :
يسع القومي و الوطني ما لا يسع الإسلامي في الدفاع عن قضايا الأمة !ّ
نحن لا نعلم إن كان عبدالباري عطوان يصلي , أو كان يؤمن بالحاكمية لله أم لا , ولا نعلم تحديدا هل تاب نوري المرادي عن الفكر الشيوعي (نسأل الله ذلك ) , كل ما نعلمه أن تلك النخبة الفكرية الإعلامية , هي في صفنا ضد الأعداء , وهي في دعمها لقضية الجهاد تتراوح ما بين درجة مؤمن آل فرعون , و أبي طالب...
لو لم يرم أبو قتادة و أبو حمزة المصري إلى داخل السجون البريطانية بعد تفجيرات لندن ,
لو لم يلق محمد أبو فارس و رفيقاه في أبي غريب الأردن (الجفر) بعد عزائهم ذوي الزرقاوي ,
لو لم يسجن بن زعير خمس سنين بسبب خمس دقائق تحدث فيها على قناة الجزيرة ,
لولا كل هذه " اللوات " , لما اضطر الكثير ممن ترونهم على الساحة الإسلامية إلى كبح حبهم لأسامة و القاعدة ,
لولا ما سبق , لما اعتبر السكوت عن أسامة دعماً !
مجرد سكوت العالم أو الداعية عن القدح و التهجم على تنظيم القاعدة و الشيخ أسامة هو نوع من " المناصرة السلبية" للمجاهدين ,
و حتى هذه المناصرة السلبية محاربة في بلدان بلغت فيها محاربة المجاهدين مبلغا جد خطير , كما في الجزيرة العربية فك الله أسرها ,
بل لقد قالها الملك عبدالله بن عبد العزيز مدوية :
" الساكت يُتهم "
و هذه درجة من الجور و التسلط تعتقل آخر ذرة من الحرية الشخصية و الفكرية ,
و لهذا تجدهم يجمعون تواقيع العلماء تحت أي بيان يقدح في المجاهدين , و من يرفض ذلك , فإن غوانتنامو الحائر تقول هل من مزيد !
ما بين صليبي منصف , و صحفي محايد أو موضوعي , و عالم و داعية صامت , يسكن حب أسامة أو احترامه و تقديره في هؤلاء ,
يختبئ في وجدانهم " أسامة صغير " , يحملونه في أعماقهم , حيث لا يراه أحد ,
حيث لا قوانين مكافحة الإرهاب أو مذكرات اعتقال ,
هناك خبؤوه ,
سواء كان حبا أم احتراما أم إنصافا ,
سواء تستر بالحياد أو الموضوعية , أو لاذ بالصمت ,
ففي داخلهم أسامة صغير .......
" أبو دجانة الخراساني "
تعليق