في أحد معسكرات تدريب المجاهدين يواصل القائد الميداني في كتائب الشهيد عز الدين القسام المعروف بـ"أبو طلحة" مهامه الجهادية في الإعداد والتدريب العسكري, فعلى الرغم من أجواء التهدئة المشروطة التي طرحتها فصائل المقاومة الفلسطينية إلا أنه ما زال مرابطا على الثغور مستمرا في أداء عمله العسكري, ومع حذره من تحليق طائرات التجسس الإسرائيلية التي تنتشر بشكل مكثف في سماء قطاع غزة.كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس لم تتوقف عن تطوير وبناء قدرات عناصرها العسكرية والأمنية، فالعمل على تطوير الجهاز العسكري وفق أحدث الأساليب العسكرية والقتالية لم يتوقف لحظة, ولم يشعر مجاهدو القسام بأي درجة من الاطمئنان لقوات الاحتلال، فمراقبتهم المتواصلة للحدود الشرقية والشمالية من قطاع غزة الذي تسيطر عليها قوات الاحتلال تخبرك أنهم على أهبة الاستعداد للتعامل مع أي طارئ.
** أساليب قتالية جديدة
أبو طلحة تحدث في مكان أداء عمله الجهادي بحذر وبأجواء أمنية مشددة, وأكد على أن كتائب القسام مستمرة في زيادة عدد المجاهدين وتدريبهم عسكريا في خطوة لمواجهة قوات الاحتلال التي تزيد من جنودها وعدتها لممارسة عدوانها على الشعب الفلسطيني.وقد أطلعنا القيادي في كتائب القسام "أبو مصعب" على صورة الوضع العام للكتائب كأكبر جناح عسكري مقاوم على الساحة الفلسطينية, حيث قال:" بحمد الله تعالى كتائب القسام في وضع جيد وجميع أجهزتها العاملة متماسكة برغم الضربات الكثيرة التي تلقتها في الفترة السابقة ولكن كتائب القسام تخرج بعد كل ضربة أشد وأصلب وكلما أراد العدو كسرها كانت عصية عليه بل وخرجت له بالمزيد من المفاجآت".
وأضاف:" فكتائب القسام قدمت خلال معركة وفاء الأحرار (في غضون ستة شهور) ما يزيد على 120 شهيداً من بينهم العديد من القادة الفاعلين في الكتائب ولكنها ستظل عند عهدها مع الله ثم مع جماهير شعبها ولن تحيد عن طريق الجهاد والمقاومة قيد أنملة".
من المعهود على كتائب القسام أنها تستغل كافة الظروف والطاقات لتطوير قدراتها العسكرية, ومن أدلة ذلك المواقع العسكرية التي تنتشر في مدن قطاع غزة والتي أنشأتها الكتائب عقب الانسحاب الإسرائيلي من غزة، وتشير مصادر مقربة إلى أن هذه المواقع تستوعب العشرات من مجاهدي القسام الذين يتلقون تدريبات عسكرية على أيدي الخبراء.
وتشير مصادر خاصة إلى أن كتائب القسام أقامت بعد انسحاب جيش الاحتلال والمستوطنين من قطاع غزة مواقع التدريب العسكرية لتدريب مجاهديها وفق أسس التدريب العسكرية العلمية التي لم تكن متوفرة في زمن الاحتلال "، وأضافت:" الكتائب أخضعت معظم المجاهدين في دوراتنا التي أقمنا العشرات منها على مدار الأشهر السابقة، من أجل إعادة تأهليهم وبناء قدراتهم عسكريا وأمنيا".وفي هذا الإطار يؤكد القيادي أبو مصعب أن كتائب القسام تسعى إلى زيادة كفاءة مجاهديها بالحد الممكن وبما يتناسب مع حجم العدوان والمخططات الصهيونية، وبما ينسجم مع طبيعة الصراع مع العدو كونه صراعاً ممتداً ومستمراً، مشيرا إلى أن الكتائب تستخدم في ذلك كل ما توفر وأمكن من أساليب وفنون قتالية, وبما يتلاءم مع الواقع الصعب والظروف العسيرة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني.
وعن الأساليب القتالية الجديدة التي تتبعها كتائب القسام لتدريب مجاهديها, اكتفى أبو مصعب بالإشارة إلى أن الكتائب تتبع أساليب وفنون قتال جديدة يتم اختبارها وتقييم فعاليتها, حيث قال:"لا يمكن أن نتحدث بالتفصيل عن أساليب وفنون قتالية جديدة إلا بعد أن تكون ناضجة و قيد التنفيذ، وحتى ذلك الحين يمكن أن نقول أن ما نقوم به هو إعداد وتطوير لقدراتنا للوصول إلى درجة عالية من الكفاءة نسبة إلى ظرفنا الخاص فلسطين".
وذكر القائد الميداني أبو طلحة بعض التدريبات العسكرية التي تستخدم في تدريب مجاهدي كتائب القسام, ومنها :" اللياقة البدنية وتدريب الرماية وإطلاق الصواريخ والزحف تحت الأسلاك الشائكة وتسلق المناطق المرتفعة وعمليات الاقتحام والتدخل السريع للإنقاذ وغيرها من التدريبات".
** وحدات عسكرية
ويشير مراقبون إلى أن مقاتلي القسام لم يركنوا إلى الراحة في أي وقت من الأوقات، فهم منتشرون على طول الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة التي تفصله عن إسرائيل، لمراقبة أية تحركات من قبل جيش الاحتلال تجاه مناطق قطاع غزة, حيث أن وحدات كتائب القسام تعمل على مدار الساعة وبنشاط مستمر.
وعن الوحدات العسكرية التي تضمها كتائب القسام, أوضح أبو مصعب أن الجهاز العسكري لكتائب القسام يتكون من عدة وحدات, وهي: وحدة المرابطين التي تعتبر أكبر الوحدات، و هذه الوحدة تنقسم إلى خمسة ألوية في قطاع غزة (لواء الشمال- لواء غزة – لواء الوسطى – لواء خان يونس – لواء رفح) وينقسم كل لواء إلى كتائب وكل كتيبة إلى عدد من السرايا وكل سرية إلى عدة فصائل وكل فصيل إلى عدة مجموعات.
وفي هذا الإطار أفاد أحد مجاهدي كتائب القسام "أبو عياش" أن كل مجموعة من مجموعات الكتائب تضم أحد عشر مجاهدا, وتنقسم إلى زمرتين بحيث تضم كل زمرة خمسة مجاهدين بالإضافة إلى قائد المجموعة.
وأضاف:" مجاهدو كل مجموعة يتولون مهام جهادية مختلفة, حيث يتولى مجاهدان حمل قذائف الياسين, ومجاهدان آخران يتوليان مهمة القناصة, فيما توكل مهمة الهندسة العسكرية لاثنين من المجاهدين, ويبقى أربعة مجاهدين يتقلدون مهمة المشاة وإدارة المعركة, بينما يترأس كل مجموعة قائد يشرف عليها".
وعن بقية وحدات الجهاز العسكري أضاف أبو مصعب:" كذلك يضم الجهاز العسكري, وحدة التصنيع: وتنقسم إلى عدة دوائر( دائرة الصواريخ، دائرة القنابل والعبوات، دائرة مضادات الدروع، دائرة المتفجرات) وتضم كذلك قسم التطوير والتجارب والمختبرات, ووحدة الرصد, ووحدة الاستشهاديين, والوحدة الخاصة.
وأشار إلى أن المكتب الإعلامي يعتبر ضمن وحدات الجهاز العسكري, حيث يضم عدة أقسام, وهي, قسم البلاغات والبيانات والإحصاء، وقسم المونتاج والتصميم، وقسم الترجمة واللغات، بالإضافة إلى قسم التحرير, وقسم البرمجة والنشر الإلكتروني.
وفيما يخص اختيار وتدريب مجاهدين كتائب القسام, أوضح القائد الميداني أبو طلحة أن اختيار المجاهدين يتم بعد تأهيلهم وإعدادهم نفسيا وإيمانيا في المساجد, ومن ثم يتم الاختيار حسب القدرة والكفاءة, مشيرا إلى أنهم يخضعون لدورات عسكرية مختلفة حسب الوحدة التي ينضم إليها كل مجاهد, حيث يتم اختياره حسب توفر الكفاءة والقدرة التي تناسب الوحدة العسكرية.
** مواجهة العدو
في الاجتياحات الإسرائيلية الأخيرة لقطاع غزة, خاصة شمال القطاع وشرق حي الزيتون , استخدم مجاهدو الكتائب أساليب قتالية تمكنت من التغلب على مكر العدو في اقتناص المجاهدين, وعن ذلك يقول القيادي أبو مصعب:" لقد خضنا العديد من الاجتياحات في مختلف المناطق الفلسطينية خصوصاً في قطاع غزة, وقدمنا خلالها العديد من الشهداء, وفي كل مرة كانت قيادة الكتائب تدرس المعركة بكاملها وتستخلص منها الإيجابيات والسلبيات وكذا التضحيات التي قدمناها والخسائر في صفوف العدو".
وأضاف :" لقد عرفنا الكثير عنها وبالتالي تمكنا بفضل الله وتوفيقه تفادي الأخطاء التي وقعنا بها في التوغلات الأولى, إذ لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين وأبرز هذه الأمور القناصة وطائرات الاستطلاع حيث تمكنا من تقليل خطرهما على مجاهدينا في الميدان بطرق معينة نحجم عن ذكرها في هذا المقام".
وفيما يتعلق بالكيفية التي تواجه بها كتاب القسام قوات الاحتلال المدججة بالسلاح وأساليب الحرب الكبيرة, وأن تحقق تقدما في مواجهتها, أوضح القيادي في كتائب القسام أن الكتائب خاضت هذه التجربة وحققت فيها نتائج رائعة، وإنجازات عظيمة شهد بها العدو قبل الصديق.
وعن هذه الانجازات قال أبو مصعب:" الصواريخ التي بات العدو يعترف بفاعليتها الكبيرة وبدقة أهدافها والتي أجبرت سكان المغتصبات على الفرار والرحيل الجماعي والنزول إلى الملاجئ وإغلاق المدارس والمرافق العامة, وكذلك حرب الأنفاق التي أربكت العدو وزلزلت أمن جنوده وجعلته يعيش في حالة من الهستريا والخوف والرعب داخل تحصيناته".
وأضاف:" وضمن الانجازات التي حققتها الكتائب تفجير الدبابات, حيث استطعنا بفضل الله في عدة عمليات قتل جنود صهاينة داخل دباباتهم الأقوى تحصيناً في العالم, بالإضافة الى اختراق جهاز الأمن الصهيوني, مثل عملية (السهم الثاقب) و(ثقب في القلب) وغيرها، والتي استطعنا فيها اختراق أقوى الأجهزة الأمنية وزعزعة ثقة الجمهور الصهيوني بقيادته".
وتابع قوله:" كتائب القسام نفذت خطط خطف الجنود, وما عملية (الوهم المبدد) منا ببعيد، والتي تمت داخل نقطة عسكرية وعقدة أمنية في عملية هي الأكثر تعقيداً منذ بداية الانتفاضة، والتي تمت ضد موقع عسكري محصن".
** أرقام وتقديرات
وفيما يتعلق بتقديرات عدد مجاهدي كتائب القسام والعدة المتوفرة لدى الكتائب, أوضحت مصادر خاصة "للرسالة" أن هذه الأعداد تكون في تغير مستمر نتيجة انضمام عدد من المجاهدين إلى صفوف الكتائب, كذلك نتيجة تصنيع وإعادة تطوير بعض الأسلحة والقذائف.
وأشارت المصادر إلى أن القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف وخلال ظهوره في برنامج في ضيافة البندقية أفاد بأن عدد مجاهدي الكتائب في قطاع غزة من مدينة رفح حتى بلدة بيت حانون يقارب 15 ألف مجاهدا.
وتقديرات عدد الأسلحة كالتالي:
قذائف آ ر. بي. جي: 2000 قاذفة نظرا لاستيرادها من الخارج.
قذائف الياسين: عشرات الآلاف, نظرا لتصنيعها محليا.
صواريخ القسام: الآلاف منها, المخزون منها يكفي لفتح جبهة مع العدو.
الأسلحة الخفيفة: بما يغطي حاجة وعدد المجاهدين, وتقدر بعشرات الآلاف.
غادرنا موقع التدريب العسكري وبقى مجاهدو القسام أيديهم على الزناد مرابطين على حدود القطاع راصدين تحركات العدو, وسط أخذ أعلى درجات الحذر من الظهور المفاجئ لطائرات العدو, فعلى الرغم من التهدئة وإن استمرت, إلى أن كتائب القسام ستبقى ماضية في جهادها, تزيد من عدد مجاهديها وتطور من قدراتهم وفق أحدث أساليب فنون القتال الجديدة.
تعليق